مواجهة قسوة الشتاء بأقل التكاليف
مواجهة قسوة الشتاء بأقل التكاليف


شتاء مصرl يواجهون البرد بأقل التكاليف.. لحاف الغلابة أكل وشرب ونار ورياضة

آخر ساعة

السبت، 25 فبراير 2023 - 12:41 م

أعد الملف: آية فؤاد - إيثار حمدي - ياسين صبري - ياسمين عبدالحميد - ندى البدوي  

إذا كان المصري القديم قد روّض الطبيعة وصنع منها حضارته العظيمة التى لا مثيل لها فى العالم، فإنه أيضا علّم أحفاده التكيف مع المناخ وابتكار طرق وأساليب خاصة لمواجهة الحر والبرد بأقل التكاليف الممكنة، فى الملبس، والمأكل والمشرب، ليشعر الجميع بالدفء.. فى هذا التحقيق نتعرف على شطارة المصريين فى جلب الدفء بأشياء بسيطة، وقدرتهم على مواصلة الحياة بروح عالية رغم قسوة الشتاء، وهم يتغلبون عليه، بكوب من السحلب فى المنزل أو الجلوس حول نيران تلتهم أعواد الحطب فى الشارع.

مصطفى عبدالمبدى، شاب من قنا، يقول إنه يحب الشتاء ولا يبالى بدرجة حرارته المنخفضة، لأنه يجلس مع أسرته كل مساء حول النار التى يشعلونها لينضم إليهم الجيران، وتبدأ حواديت لا تنتهى وهم يشربون الشاى الثقيل المغلى على الحطب.
ويشير إلى أن جذوع النخيل وأعواد الحطب، وقوالح الذرة، وأخشاب السنط متوفرة فى كل مكان، وكل بيت يستطيع الحصول عليها، لأنها متاحة للجميع بدون مقابل، إضافة إلى الأكلات الصعيدية الخاصة التى تجلب الدفء بأقل التكاليف مثل طبخة الأرز بالطماطم، وفتة الفول النابت، و«المديدة» وهى عبارة عن دقيق مذاب فى ماء مغلى مضاف إليه السمن البلدى والسكر.
فيما تقول عزة عبدالواحد، إنها لم تشعر ببرودة هذا الشتاء لأنها استعدت له قبلها بشهر كامل حين ذهبت إلى أسواق الجملة، والبالة، واستطاعت الحصول على «جواكت ثقيلة» بخامات عالية الجودة وبأسعار زهيدة لها ولزوجها وابنتيها، إضافة إلى أنها لا تتخلى عن شوربة العدس، التى تشعرهم بسريان الدفء فى أوصالهم، مع كوب السحلب التمام.

سمير أبوالمجد (موظف) والمشكلة التى تواجهه فى كل شتاء أنه يشعر بالتجمد، ولا يريد أبدا أن يخرج من البيت، أما الفكرة التى اقترحها عليه أحد أصدقائه، هى أن يشترى دراجة حتى تساعده فى أن يدب النشاط فى أطرافه، ويشعر بالحرارة، وبالفعل أصبح سمير الآن كما يقول رياضيا، لا يستطيع الاستغناء عن دراجته فى الشتاء، ما يجعله يتعرق فى الوقت الذى يكون الناس من حوله «يتكتكون» من البرد.
وترى الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، أن المصريين نظرا لتاريخهم الحضارى الطويل تمكنوا من معرفة مناطق القوة والضعف فى الحياة، ومن أهمها التغيرات المناخية، وقد اكتشفوا فى وقت ما أن الجو العام فى مصر حار جاف صيفا ودافئ ممطر شتاء، فتكيفوا مع المطر واستفادوا منه فى الزراعة، وفى الحياة بصفة عامة ابتكروا أطعمة ومشروبات غير مكلفة، وفى نفس الوقت تساعدهم على جلب الدفء مثل شوربة العدس والبطاطا المشوية وشوربة الفول النابت وحمص الشام.
ومن ناحية أخرى يقوم الناس خاصة فى القرى الريفية بإشعال النار يوميا أمام منازلهم باستخدام أى شيء مثل جذوع النخيل أو أعواد الحطب والبوص وقوالح الذرة، وهو ما يحمل لهم الكثير من الدفء وبأقل التكاليف، ويشربون الشاى الذى يصنعونه على هذه النار، فالمصريون كانوا ومازالوا قادرين على التوصل لأفضل الطرق لممارسة الحياة بأقل التكاليف.
ويشير الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إلى أن المصرى دائما معروف بأنه ابن نكتة وذكى ويستطيع أن يتغلب على المشكلات التى تواجهه فى حياته اليومية بمزيد من الفكاهة، والقدرة على برمجة الأحداث وتطويعها لتوفير سبل صالحة للحياة.

ويوضح أن المواطن المصرى البسيط استطاع التغلب على البرد القارس فى ظل الأزمة العالمية وارتفاع الأسعار بشكل كبير، فقرر شراء ملابس تساعده على التدفئة وفى نفس الوقت بأسعار رخيصة، من أسواق مثل الوكالة بوسط القاهرة، وهناك من قام بتجديد ما كان يمتلكه من ملابس قديمة وتظبيطها للتناسب مع هذا الشتاء.
وعلى صعيد آخر، فيما يخص الطعام، سنجد أن معظم الأكلات الشعبية الرخيصة هى من أهم الأطعمة التى تساعد على الشعور بالدفء مثل الكشرى والعدس والفول السودانى، والبرتقال واليوسفي، والبطاطا، والمشروبات مثل السحلب والقرفة بالزنجبيل والشاى، وتقوم السيدات بالخبز فى الشتاء خلال الأجواء شديدة البرودة، حيث يساهم الفرن فى انبعاث كميات كبيرة من الحرارة فى المنزل، وهو ما يسرب الدفء للمنزل بالكامل.
واستطاع المصرى التغلب على ارتفاع الأسعار، ويستبدل كل ما هو غالٍ بغيره يكون فى متناول يديه، فالتراث الشعبى المغروس فى وجدان الشعب المصرى قادر على جعله يتغلب على أقسى الظروف المعيشية وارتفاع أسعار الغذاء وخلق الدفء لنفسه ولأسرته بأقل التكاليف.
وأشار إلى أن المصريين فى الريف وحتى يومنا هذا حريصون على إشعال النيران للتدفئة بها فى ليالى الشتاء الباردة، وحتى حراس العقارات فى المدن يقومون بهذا الفعل يوميا أمام العمارات.

 

أقرأ أيضأ : حتى لا تقع ضحية للقاتل الصامت.. طريقة التعامل الآمن مع «الدفاية»

 

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ ٢٢/٢/٢٠٢٣

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة