المشردين
المشردين


سكان الرصيف| الحضن الدافئ للمشردين في موسم البرد

آخر ساعة

الأحد، 26 فبراير 2023 - 12:38 م

أعد الملف: آية فؤاد - إيثار حمدى - ياسين صبرى - ياسمين عبدالحميد - ندى البدوى 

فى موسم الشتاء ومع انخفاض درجات الحرارة، يلوذ الجميع بالبيوت الدافئة، يختبئون فى أحضان الأسِرَّة، ويتدثرون بالأغطية، فيما يلتف بعضهم حول المدافئ وفى أياديهم مشروب ساخن، بينما يتابعون برنامجهم المفضل على التلفزيون، وعلى بُعد أمتار من هذه البيوت وفى شوارع باردة لا تعرف الرحمة يفترش أحد المشردين الرصيف أو يتكوّم مثل كرة كاوتشوك أسفل جسر، يعُد اللحظات التى تسير ببطء تحت حبات المطر.. ويمضى به الوقت طويلًا فى مواجهة لفحات البرد القارس.


ثمة رحماء يمدون يد العون لمَنْ فقدوا مقومات حياتهم، فتجد من يرق قلبه ويتبرع لهم بالملابس والبطاطين والطعام.. وبعض منظمات المجتمع المدنى تفتش عنهم فى الشوارع والأزقة والحارات، لتمنحهم مأوى جديدًا يليق بإنسانيتهم.. ومِن فوق كل هؤلاء تهبط عليهم مظلة الحكومة لتحجب عنهم موجات البرد وزخّات المطر وتنتشلهم من قسوة الشارع وتنقلهم إلى رحاب حياة آدمية.


فى السطور التالية نرصد الظاهرة التى تتنامى فى فصل الشتاء عن قُرب، وحكايات من فوق الأرصفة، كما نلقى الضوء على كل أيادى الخير التى تصافح الضعفاء وتمنحهم الأمل من جديد.

أرادت «آخرساعة» أن ترصد أحوال سكان الرصيف وأسفل الكباري، لتنقل حكاياتهم بما فيها من معاناة شديدة فى موسم البرد والمطر، فقمنا بجولة شملت عِدة مناطق فى القاهرة. وفى بداية الجولة توقفنا عند مشهد لرجل نائم وهو مختبئ تحت بطانية قديمة لتحميه من غزارة المطر المنهمر على جسده. اقتربنا منه لنعرف حكايته.

عمر، يتهم زوجته بأنها سبب نكبته، حيث قال لنا إنه التقاها للمرة الأولى قبل سنوات وحينها حكت له ظروفها القاسية، التى حرمتها من العيش مع أمها وأبيها، حيث تربت فى دار أيتام متواضعة، وهنا أشفق عليها عمر وتزوجها فى عام 2017، وأنجب منها ثلاثة أولاد، وبعد فترة قصيرة تعرّض لحادثٍ مؤلم، ظل على إثره لفترة طويلة داخل أحد المستشفيات لتلقى العلاج، وفى هذه الأثناء فوجئ بطلبها الطلاق، فتحدث إلى والدتها وقبِل جميع شروطهما لمواصلة الحياة بينهما حفاظًا على الأسرة، ووفر لها ولأولاده مسكنًا جديدًا، ومع أول خلاف وقع بينهما هربت من المنزل وأخذت الأبناء معها ولم تكتفِ بذلك بل سرقت أمواله وأوراق هويته ولم يعرف لها مكانًا حتى الآن، وعندما تواصل مع أمها أخبرته أنها (طفشت) ولا تعلم عنها شيئًا. يقول عمر: «أنا الآن أصبحت رجلًا بلا هوية، ليس لى مكان سوى الشارع، وليس عندى هدف فى الحياة سوى البحث عنها وعن أولادي».

غدر العائلة
أما محمد فقد تهدّم بيته منذ فترة، وحتى لا يُثقِل على أبناء أخيه الفقراء، اختار أن ينام أمام أحد المساجد، وكلما اشتد به الجوع يذهب إليهم ليعطوه ما يسد رمقه على قدر استطاعتهم، لكنه مع مرور فترة أصبح متحرجًا منهم، فكان إذا وجد مساعدة من الشارع اشترى طعامًا، وإذا لم يجد لا يأكل، حتى هداه الله لأن يخدم فى أحد المساجد ويساعد العمّال هناك، فيرتزق من رزق الله للحصول على ما يسد جوعه ويلبى احتياج يومه. عرضنا عليه المساعدة ولكننا وجدناه عفيف النفس.. سألناه إذا كان يريد أن يلتحق بدار رعاية أو مكان للإيواء لكنه رفض ذلك بسبب تأقلمه مع ظروفه.

قسوة الحياة
أما محمود، فكان متزوجًا من امرأة وله منها ابن، لكنها سببت له ألمًا نفسيًا نتيجة معاملتها القاسية له، فقرر أن يترك لها كل شيء ويرحل إلى الشارع وبدأ يبيع «شباشب بلاستيك»، وذات يوم سُرقت منه بضاعته أثناء نومه فى الشارع، ولأنه لا يملك المال لشراء بضاعة جديدة، اضطر أن يقبل مساعدات الآخرين رغم عِزة نفسه، والموجودون فى المكان يعرفون عنه ذلك، فيساعدونه بقدر الإمكان، ويوصون الناس بالشراء منه، على أمل أن يتخطى ظروفه الصعبة بعد أن أضحى الشارع بيته الوحيد.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ ٢٢/٢/٢٠٢٣

أقرأ أيضأ : محافظ أسيوط يتابع خطة القطاعات لمواجهة مخاطر الأمطار

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة