استقبال السلطان هيثم بن طارق للرئيس السوري بشار الأسد في مسقط 
استقبال السلطان هيثم بن طارق للرئيس السوري بشار الأسد في مسقط 


أسامة عجاج يكتب: هل آن الأوان لحوار عربي سوري بعد قطيعة 12 عامًا 

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 27 فبراير 2023 - 10:01 م

"لاتشبه الليلة البارحة" فعندما سيتم كتابة تاريخ العلاقات العربية ومواقفها عواصمها من الازمة السورية والتعامل مع الحكومة فان زلزال 6 فبراير سيكون نقطة تفصل ما قبلها عن مابعدها حيث بدأت مرحلة جديدة في العلاقات تجاوزت الانساني من خلال المساعدات العربية العاجلة التي تم تقديمها من دول عديدة الي ما هو سياسي حيث بدأت بوادر مرحلة نشطة قد تنهي القطيعة مع سوريا وتحسم قضية عودتها الي الجامعة العربية ولعل المقارنة بين ماكان قبل الزلزال وما جري بعده يكشف تلك الحقيقة.

ولعلنا هنا نتوقف عند ماجري خلال الاعداد لقمة الجزائر في اول نوفمبر الماضي فلم يكن خافيا مدي الرغبة الجزائرية في ذلك الامر علي اساس ان سوريا من الدول المؤسسة للجامعة ولها دور مهم في المحيط العربي وعودتها جزء من استعادة التضامن العربي عزز تلك الرغبة التغيير في المواقف من عدد من الدول العربية تجاه الحكومة السورية وعودة اتصالاتها واعادة بعضها علاقاتها مع دمشق ولكن المشاورات كشفت ان الامر مازال محل خلاف عربي كبير وربط بعض الدول الرافضة لتلك الخطوة مشترطة انخراط سوري في المسار السياسي وضرورة قيامها ببعض الخطوات تجاه انهاء الازمة تماما بشقها السياسي والانساني ومخاوف بعض الدول من ان يكون وجود سوريا في الجامعة يمثل اختراق ايراني نظرا للعلاقات الاستراتيجية بين دمشق وطهران يضاف الي ذلك استمرار العقوبات الامريكية علي سوريا وفقا لقانون قيصر وعندما ادركت دمشق صعوبة تمرير الامر رفعت الحرج عن الجزائر مضيفة القمة وصاحبة الدور الابرز في عودتها باعلان وزير الخارجية رمطان لعمامرة تلقيه رسالة من نظيره السوري فيصل مقداد تتضمن بأن "دمشق لا تفضل ادراج مسالة عودتها الي الجامعة ضمن النقاشات التي تسبق القمة المقبلة حفاظا علي وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة" مما ساعد علي ازاحة احد العقبات الكبري امام انعقاد القمة. 

واختلفت الاوضاع بعد زلزال السادس من فبراير حيث شهدت الاسابيع الثلاثة الماضية اختراقا مهما علي الصعيد السياسي بعيدا عن البعد الاغاثي والانساني فهو واجب وضروري خاصة في ظل مايعانية الشعب السوري أصلا من ازمات حياتيه نتيجة الصراع الدائر منذ مارس 2011 وحتي الآن وتنوعت المواقف علي اكثر من صعيد ونتوقف عند ملامحها : 

أولا :عودة الاتصالات الشخصية لأول مرة منذ بداية الازمة مع الرئيس بشار الأسد ونرصد في ذلك اتصال الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن ملك البحرين حمد بن عيسي آل خليفة وهو الاول من نوعه بعد استئناف العلاقات بين المنامة ودمشق عام 2018 بعد الإمارات وكذلك الملك عبدالله ملك الأردن وان كان ليس الاتصال الأول بينهما فقد سبقه اتصال في أكتوبر الماضي. 

ثانيا: كثافة في الزيارات من وفود عربية عديدة الي دمشق ومنها وزير الخارجية سامح شكري الذي نقلته الي تركيا وكذلك الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي وأن كانت ليست الأولى فقد سبق له أن زارها دمشق من قبل عدة مرات ولكن الجديد في التغيير في الموقف اللبناني حيث شهدت الأعوام الـ12 السابقة التزاما لبنانيا واضحا بسياسة "النأي بالنفس" عن الأزمة السورية وتداعياتها فظلت الزيارات مرفوعة منذ ذلك التاريخ ماعدا زيارة وزيرة الخارجية زينة عكر في حكومة حسان دياب واقتصر فيها البحث علي ملف الكهرباء والغاز وتوفير احتياجات لبنان منه عبر سوريا من مصر والأردن ففور وقوع الزلزال اتصل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مع نظيره السوري للمواساة في المأساة وعرض المساعدات وتم الاتفاق على زيارة الوفد الذي ولا يقلل من أهميته أنه من لون سياسي واحد بعد رفض الوزراء السنة خاصة وزير الصحة ناصر ياسين ووزيران من الدروز المشاركة فكان البديل ضم رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير والأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي لتعويض غياب السنة والدروز ضم علي حميه وزير الاشغال من حزب الله ووزير الزراعة على عباس حسن ووزير الخارجية عبدالله حبيب وستشهد الأيام القادمة زيارة كلا من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ونبيه بري رئيس البرلمان الذي أرسل نائبه علي حسن خليل بشكلٍ مبدئي ونتوقف عند زيارة وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي ولعل أهميتها في أنها ناقشت في قضايا في العمق وبدي كما لو كان مبعوثا عربيا وليس مسئولا أردنيا فقط حيث نقل إلى الرئيس الأسد مطالب عربية لتطبيع العلاقات مع دمشق منها تغيير طبيعة العلاقات بين دمشق وطهران مع ابعاد الميلشيات التابعة لايران من الحدود مع الأردن والمتورطة في تهريب المخدرات إلى دول الخليج عبر الأردن حيث تري سوريا ان المواقف العربية مما جري في مارس 2011 خلق فراغا ولم يكن من المعقول رفض مساعدة ايران وكذلك السير بجدية في الحل السياسي للازمة علي اساس قرار مجلس الامن 2254 الصادر عام 2015 والذي يرسم خريطة طريق للتسوية السياسية تكون المعارضة جزءا منها وهناك تقارير تتحدث عن زيارة قريبة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الي دمشق والذي صرح   علي هامش منتدي ميونيخ للامن الاسبوع الماضي، بأن "الحوار مع سوريا مطلوب، ولا جدوي من حصارها".

 وأضاف "سترون" أن اجماعا ليس فقط بين دول مجلس التعاون الخليجي بل في العالم العربي علي أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار ويبدو أن الرياض حسمت امر الانفتاح علي سوريا من منظور أنه قد يكون مفيدا باتجاه احتواء نفوذ ايران في المنطقة وتوسيع الخيارات امام بشار الاسد بدلا من دفعه إلى الابقاء في تحالف استراتيجي وحيد مع طهران.  

ثالثا: إضافة عاصمة عربية جديدة استقبلت الرئيس بشار الأسد بعد الي الامارات زار أبو ظبي في مارس من العام الماضي هذه المرة سلطنة عمان الاسبوع الماضي حيث أجرى مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق وتم الاتفاق علي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين وتطورات الاوضاع في المنطقة.

ويذكر أن سلطنة عمان لم تقطع علاقاتها مع سوريا وعينت سفيرا لها في عام 2020 وكان أول سفير لدولة خليجية في دمشق بعد ان قطعت علاقاتها في عام 2011 وسحبت البعثات الدبلوماسية وزارها أكثر من مرة وزير الخارجية العماني السابق يوسف بن علوي وزار السلطنة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في اغسطس 2021. 

وكل التوقعات أن عواصم عربية عديدة قد تكون جاهزة لاستقبال الأسد في الفترة القليلة القادمة

رابعا: رفع مستوي العلاقات كما حدث مع تونس حيث الرئيس التونسي قيس سعيد عن تلك الخطوة تمهيدا لاستئنافها خلال الفترة القليلة القادمة. 

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التغيير؟ أظن أن الأمر يتعلق بأكثر من سبب الأول قدرة النظام السياسي علي الصمود طوال السنوات الماضية وتحقيقه لنجاحات في طريق استعادة سيطرته علي كامل التراب الوطني السوري مما خلق أمر واقعا لا يمكن إغفاله كما أن المعارضة السورية طوال 12 عاما فشلت في صياغة رؤية بديلة للنظام وتعثرت في كل الاستحقاقات والتحديات ولم تفلح في ان تكون معارضة حقيقة كما أن جهات فاعلة في الملف السوري قد تشجع مثل هذا الحوار كلا لمصلحته هو واشنطن علي سبيل المثال قد تستحسن مثل هذا التقارب باعتباره يوفر دعما عربيا وإقليميا لدمشق برزان الدعم الاقليمي الذي توفره إيران والروسي الذي تمثله روسيا وكذلك إيران التي ترى أنه في نهاية الأمر يعزز من مكانة دمشق ويساعدها على تجاوز ازمتها الاقتصادية الناتجة عن سنوات الأزمة.    

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة