أحمد الإمام
أحمد الإمام


يوميات الاخبار

لماذا تكذب الأمهات؟!

أحمد الإمام

الأحد، 05 مارس 2023 - 07:43 م

«كنت أظن أن الأمهات لا يكذبن أبدًا حتى كبرت وعرفت الحقيقة المؤلمة»

كان المخرج السورى العالمى مصطفى العقاد شديد التعلق بأمه التى تحملت ما لا يتحمله بشر من أجل تعليمه وتلبية كل طلباته، وكان أكثر ما يؤلمه أنه لم يتمكن من رد الجميل لأمه التى رحلت قبل أن تتحسن أحواله المادية ويعوضها عن سنين الفقر والحرمان..
ويقول المخرج الراحل فى مذكراته الشخصية التى نشر الروائى والباحث السورى «غسان محمود» مقتطفات منها عبر حسابه الشخصى على تويتر وأعجبتنى بشدة لذا أعيد نشرها هنا: كنت أظن أن الأم لا تكذب ولكنى أدركت أن ظنى خاطئ بعدما كبرت وعلمت أن أمى كذبت عليّ ثمانى كذبات.
وإليكم أكاذيب أمى لتعرفوا كيف تكذب الأم..


تبدأ القصة عند ولادتى، فكنت الابن الوحيد فى أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا، وعندما كنا نأتى بأرز قليل لنسد به جوعنا كانت أمى تعطينى نصيبها وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقى كانت تقول: يا ولدى تناول هذا الأرز فأنا لست جائعة.
''وكانت هذه كذبتها الأولى'.
وعندما كبرت أنا شيئا فشيئا كانت أمى تذهب للصيد فى نهر صغير بجوار منزلنا، لتأتى لى ولو بسمكة واحدة أسد بها جوعى وفى مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين، أسرعت إلى البيت وأعددت الغداء ووضعت السمكتين أمامى فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا، وكانت أمى تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك، فاهتز قلبى لذلك ووضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها، فأعادتها أمامى فورًا وقالت يا ولدى ألا تعرف أنى لا أحب السمك.
''وكانت هذه كذبتها الثانية''
وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة، ولم يكن معنا من المال ما يكفى مصروفات الدراسة، ذهبت أمى إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هى بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات، وفى ليلة شتاء ممطرة، تأخرت أمى فى العمل وكنت أنتظرها بالمنزل، فخرجت أبحث عنها فى الشوارع المجاورة، ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت، فناديتها: أمى هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلى العمل فى الصباح. فابتسمت أمى وقالت لى: يا ولدى، أنا لست مرهقة.


''وكانت هذه كذبتها الثالثة''
وفى يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة، أصرت أمى على الذهاب معى ودخلت أنا ووقفت هى تنتظر خروجى فى حرارة الشمس المحرقة، وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتنى بقوة وبشرتنى بالتوفيق من الله تعالى، ووجدت معها كوبا فيه مشروبا كانت قد اشترته لى كى أتناوله عند خروجى، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها: اشربى يا أمى، فردت: يا ولدى اشرب أنا لست عطشانة.


''وكانت هذه كذبتها الرابعة''
وبعد وفاة أبى كان على أمى أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة، وأصبحت مسئولية البيت تقع عليها وحدها فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعانى الجوع، كان عمى رجلًا طيبًا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيئ إلى أسوأ، نصحوا أمى بأن تتزوج رجلًا ينفق علينا فهى مازالت صغيرة، ولكن أمى رفضت الزواج قائلة: أنا لست بحاجة إلى الحب.


''وكانت هذه كذبتها الخامسة''
وبعدما انتهيت من دراستى وتخرجت فى الجامعة، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكى تستريح أمى وتترك لى مسئولية الإنفاق على المنزل، وكانت فى ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل، فكانت تفرش فرشا فى السوق وتبيع الخضراوات كل صباح فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبى، فرفضت أن تأخذه قائلة: يا ولدى احتفظ بمالك، إن معى من المال ما يكفينى.
''كانت هذه كذبتها السادسة''
وبجانب عملى واصلت دراستى كى أحصل على درجة الماجستير، وبالفعل نجحت وارتفع راتبى، ومنحتنى الشركة الألمانية التى أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسى لها بألمانيا، فشعرت بسعادة بالغة، وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة، وبعدما سافرت وهيأت الظروف اتصلت بأمى أدعوها لكى تأتى للإقامة معى، ولكنها لم تحب أن تضايقنى وقالت: يا ولدى.. أنا لست معتادة على المعيشة خارج وطنى.


''وكانت هذه كذبتها السابعة''
كبرت أمى وأصبحت فى سن الشيخوخة، وأصابها مرض السرطان، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها، ولكن ماذا أفعل فبينى وبين أمى الحبيبة بلاد، تركت كل شىء وذهبت لزيارتها فى منزلنا، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية، عندما رأتنى حاولت أمى أن تبتسم لى ولكن قلبى كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة، ليست أمى التى أعرفها، انهمرت الدموع من عينى ولكن أمى حاولت أن تواسينى فقالت: لا تبكى يا ولدى فأنا لا أشعر بالألم.
''كانت هذه كذبتها الثامنة''
وبعدما قالت لى ذلك، أغلقت عينيها، لم تفتحهما بعد ذلك أبداً.
ماسرده المخرج العالمى مصطفى العقاد عن أكاذيب أمه لا تختلف عن كل الأكاذيب التى تختلقها كل أم على أبنائها لتخفى كم هى ضعيفة وتحتاج إلى كلمة طيبة، ويد حانية، وحب صادق، وحنان متدفق.


رحم الله أمهاتنا جميعا وغفر لهن أكاذيبهن اللطيفة التى صنعت لنا جنة ظللن خارجها يراقبننا من بعيد مستمتعات برؤيتنا ونحن سعداء بدونهن.
السكن فى التجمع
عندما تتخذ قرارك بالانتقال للسكن فى التجمع فهذا يعنى أنك قد قبلت بدون أن تقصد شروطا غير مكتوبة مترتبة على هذا القرار.
سيكون عليك أن تتقبل فكرة أن أى سلعة ستقوم بشرائها ستكون أغلى من مثيلتها فى أى منطقة سكنية أخرى بالقاهرة، ربما لأن أصحاب المحلات يتعاملون مع سكان التجمع باعتبارهم من الأثرياء وعلية القوم بالرغم من أن معظمهم ربما يكون اشترى شقته بالتقسيط أو جمع تحويشة العمر أو نصيبه فى ميراث عائلى لتوفير مستوى سكنى أرقى لأولاده.
سيكون عليك أن تتصالح مع فكرة استهلاك أعلى لبنزين سيارتك لبعد التجمع عن باقى مناطق القاهرة حيث مقر عملك وحيث يقيم أقاربك وأصدقائك.
عليك أن تتحمل الانقطاع المستمر للمياه وهى مشكلة مزمنة يعانى منها سكان التجمع منذ سنوات ويبدو أن كل الأجهزة المتعاقبة بالقاهرة الجديدة لا تملك حلا جذريا لها.


وسيكون عليك أيضا أن تتحمل برودة الجو الشديدة باعتبار أن القاهرة الجديدة كلها مرتفعة نسبيا عن سطح الأرض ويحيطها ظهير صحراوى شاسع يسمح للهواء بالاندفاع بكل عنفوانه دون عوائق أو حواجز بصورة دفعت معظم السكان لتسميته بالتجمد الخامس وليس التجمع الخامس.
ياترى لسه نفسك تسكن فى التجمع؟!
سوء النية
استوقفنى خبر مكتوب على أحد المواقع الالكترونية يقول عنوانه «المصريون ينفقون تريليون جنيه سنويا على الأكل والشرب».
طبعا كل من يقرأ الخبر سيخطر على باله من أول لحظة أننا شعب «مفجوع همه على بطنه» ينفق مبالغ طائلة على الأكل والشرب فقط.
ولكن من يبحث فى تفاصيل الخبر سيكتشف سوء نية كاتبه وتعمده تصدير صورة سلبية عن الشعب المصرى.
المعلومة قد تكون صحيحة ولكن صياغتها بهذا الشكل مغرضة وهدفها غير برىء.
طريقة كتابة الخبر بهذه الطريقة مقصود بها منح الناس شعورا بالذنب وأن همهم بس على بطنهم وأنهم بيكسبوا كتير جدا بس مضيعين فلوسهم ع الأكل.
دعونا نحلل تفاصيل الخبر سنجد أن مبلغ التريليون جنيه عند توزيعه على عدد السكان سيكون متوسط نصيب الفرد 10 آلاف جنيه فى السنة أكل وشرب، يعنى حوالى ٨٣٠ جنيه فى الشهر، يعنى ٢٧ جنيه فى اليوم.. يعنى من الآخر الأخ الصحفى كاتب الخبر عاوزك تستكتر أن المواطن المصرى بياكل ويشرب بـ ٢٧ جنيه فى اليوم ثلاث وجبات!
الخلاصة إن المواطن المصرى وفقا لهذا الخبر ينفق أقل من دولار واحد على الأكل والشرب يوميا.. يعنى المواطن ده بطل وقنوع وراضى بقليله، وليس مفجوع وعينه فارغة كما يزعم صاحب الخبر المشبوه.
شوفتوا نموذج لسوء النية وتصدير الإحباط أكتر من كده؟!

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة