الأحد، 05 مارس 2023 - 08:19 م

منجاة هى القراءة من صنوف الهموم، وعلاج ناجع للإحساس بالضيق والملل والفتور، لذلك لا يصرفنا عن التذكير بفضلها شئ، ودائمًا ما نلفت الأنظار عبر هذا المقال إلى فضيلة القراءة، كما حدث الأسبوع الماضى حيث تكلمنا عن التطواف فى عوالم القراءة، ونكمل اليوم.. حيث يسعك أيضًا ان تنعطف عند تلال التاريخ المهيبة لتعيش من جديد أحداث البشرية الجسام، ووقائع مصائر الأنام، مثلما حدث لى هذا الأسبوع بدعوة كريمة من المؤرخ الكبير ومحقق التراث القدير وخبير المخطوطات الشهير د. أيمن فؤاد سيد الذى أهدى إلىَّ ثمرتين ناضجتين من جنى حصاده أولاها: واحدة من ذرى منجزه كمؤرخ، وهو سفره القيم «كتابة التاريخ» الذى يسبر أغوار آثار المؤرخين العرب والمسلمين وتراثهم العلمى الهائل فى التاريخ، ويذكرك كتابه هذا برائعة المستشرق الألمانى الأشهر «فرانز روزنتال»..

«التاريخ عند المسلمين» الذى ظل ولايزال مرجعًا فى بابه منذ صدوره حتى الآن، وكتاب عالمنا المصرى الذى يشغل منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ينافس مرجع «روزنتال» فى شموله، ودقته، وعمقه، وغوصه، أما الكتاب الثانى الذى أهدانيه د. أيمن فهو نسخة من الطبعة الأصلية لنشرته العلمية المدققة لأثر عميد مؤرخى مصر «تقى الدين المقريزى».. التلميذ الأنجب لابن خلدون علاّمة التاريخ العربى الإسلامى ومؤسس علم الاجتماع الإنسانى، ورائد علم فلسفة التاريخ، ويحمل كتاب المقريزى الذى حققه د. أيمن فؤاد سيد من جديد عنوان «إتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا» وهذه الطبعة صادرة عن معهد الدراسات  الإسماعيلية بلندن، بالتعاون مع المعهد الفرنسى للشرق الأدنى، والكتاب يؤرخ فيه «المقريزى» للعصر الفاطمى بعمق بالغ، وإحاطة شبه كاملة، وكان د. أيمن فؤاد سيد قد أصدر طبعة لندن من نشرته العلمية المحققة ثم أتاحها بعد ذلك فى مصر عبر الطبعة الصادرة عن دار الكتب المصرية بالقاهرة حتى تتوافر أمام الباحثين المصريين والعرب، ومع أن طبعات هذا الكتاب المرجع للمقريزى قد تعددت إلى أن نشرة عالمنا الكبير تبدو الأقرب إلى الدقة والأكثر تحقيقًا وتعبيرًا عن نص «المقريزى»، وروحه.. ذلك المؤرخ البعلبكى الأصل المصرى النشأة، والإقامة، والدار، والانتماء أيضًا، فقد عشق مصر وأرَّخ لعصورها المختلفة فضلًا عن تطوافه فى أمكنتها ومدنيتها وعمارتها ومعالمها الحضارية والأثرية فى كتابه الذائع الصيت: «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأخبار» المعروف اختصارًا بخطط «المقريزى».