يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

على خُطى فاطمة!

أخبار اليوم

الجمعة، 10 مارس 2023 - 07:54 م

 مازالت الحاجة فاطمة تأتى كل نهار من قريتها الصغيرة قُرب الفيوم إلى سوق قريب من الجيزة لكى تعرض بضاعتها من البيض البلدى الطازج والجبن القريش صنعة إيديها والقشطة مع برطمانات من المربى التى تطبخها فى بيتها.

 خمسة وثلاثون عاما وهى تفعل ذلك ستة أيام فى الأسبوع، تخرج من بيتها بعد الفجر تبسمل وهى تنظر للسماء التى لم تُشرق شمسها بعد، تمشى مسافة نصف ساعة لكى تصل إلى موقف سيارات أجرة تنقلها إلى السوق وهى تحمل بحرص بضاعتها وأمانيها أن تعود وقد باعتها كلها ولو خسرت جزءاً من ثمنها.

فاطمة ليس عندها قصة لأنها هى ذاتها قصة، قصة كفاح لشابة صغيرة فقدت زوجها وكان عمرها لم يتجاوز العشرين وفى يدها طفلتين، فى اليوم التالى كانت قد اتخذت القرار بالتجارة فى البيض والجبن والقشطة لكى تربى طفليها، وفى هِمة وضبت بضاعتها وسافرت تكتشف باب رزقها .

 علمت نفسها أشياء كثيرة لم تكن تعلمها، علمت نفسها الحساب والقراءة ولو على القد وشيلة البضاعة فى السفر واظهار الغضب فى السوق المزدحم وقت اللزوم والتعامل مع زبونات السوق حتى أصبحت محل ثقتها.

 ربت الطفلتين وزوجتهما واشترت كم قيراط أرض فى البلد، وصيغت يدها بكم اسورة ذهب، لكن يظل أهم ما فى قصتها هو تكرار نفس الرحلة اليومية بشكل منتظم دون انقطاع مهما كان الأمر، لم تغب يوما واحدا عن مكانها فى السوق حتى فى أيام أفراح ابنتيها أو أقاربها، هذا الدوام المُنظم من وجهة نظرى هو أجمل مافى القصة، وهو ما يفعله العظماء فى حياتهم ورحلاتهم، تكرار الحدث بنفس القوة والشغف دون شكوى أو ملل أو غياب يفسر النجاح بدرجاته، كل الناجحين انتظموا فى رحلة أحبوها، رحلة من اختيارهم، درجات يصعدونها فى فرح أو خطوات يمضون فيها إلى أهدافهم.

جزء من قصة فاطمة شغف بالنجاح وجزء فيها يكمن الرضا، ونصف قصتها الأهم رؤية الطريق.

من يريد النجاح .. لابد أن يسير على خُطى فاطمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة