المنصات إلكترونية
المنصات إلكترونية


خبراء: ضحايا التطبيق الإلكتروني معرضين للحبس وغرامة 10 ملايين جنيه

أخبار الحوادث

الأحد، 12 مارس 2023 - 12:38 م

محمد طلعت

أكبر جريمة نصب في تاريخ مصر، منصة إلكترونية حصلت على مليارات الجنيهات من المواطنين واختفت من الوجود، ورغم القبض على بعض أفرادها إلا أن هناك معوقات قانونية وتكنولوجية قد تمنع عودة تلك الأموال لأصحابها المعرضين أيضا للمساءلة القانونية وفقًا لآراء قانونيين وخبراء أمنيين سألناهم عن ذلك، بالإضافة لمحاولاتنا البحث عن كيفية تكرار مثل تلك الجرائم خلال السنوات الأخيرة بنفس الصورة والسؤال الأهم الذي نطرحه وهو؛ لماذا لم يتعلم الضحايا من سابقيهم وتأثير ذلك نفسيًا عليهم، كل تلك الاسئلة حاولنا الإجابة عليها في السطور التالية.

يقول تامر محمد خبير تكنولوجيا المعلومات وسكرتير شعبة الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية؛ إن الاغراء بالمكاسب الضخمة في وقت قصير هو الوسيلة التي تم استخدامها من قبل تلك المنصات لجذب الضحايا، فكان الضحية وفقًا للإعلانات التي تم الترويج لها يستطيع أن يدفع ١٠٠٠ جنيه ويحصل على أرباح ٤ دولار في اليوم، وهذا أمر خيالي لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع؛ فالربح اليومي إذا جمعناه سيصل لـ١٢٠ دولار في الشهر وهو رقم يصل لأربع أضعاف اصل المبلغ في شهر واحد وبالتالي معروف أن تلك المنصة تقوم بالنصب والاحتيال وهو أمر متكرر وحدث أكثر من مرة ولا يتعلم أحد من أخطاء الغير، فجميعنا نتذكر النصب والاحتيال الذي كان يحدث في مسألة التسويق الشبكي وأسلوب الشجرة الذي كان يتم قديمًا ووقع فيه آلاف الأشخاص وضاعت ملايين الجنيهات على الضحايا نتيجة لذلك التسويق الشبكي فهو يعتبر طريقة النصب البدائي الذي على أساسه أكملت مسيرته منصات مثل هوج بول في النصب على الضحايا، وبعد اكتشاف النصب تختفي تلك التطبيقات مثلما حدث مع منصة هوج بول فقد تم حذف التطبيق الخاص بها من على بلاي ستور.

مستريح إلكتروني
ويضيف خبير تكنولوجيا المعلومات؛ أن تلك المنصة مماثلة في فعلها بأسلوب المستريح الذي يوهم الناس بالحصول على أرباح مهولة ثم يقوم بالنصب عليهم، والفرق الوحيد هو أن تلك المنصة استخدمت التكنولوجيا في النصب فقط لكنها بكل تأكيد مستريح إلكتروني فهذه المنصات ليس لها كيان قانوني أو سجل تجاري لأنها تعمل في أعمال منافسة للقانون من الأساس فتعدين العملات الرقمية محرم قانونًا في مصر ويتم من خلال سرقة الكهرباء في الأساس.

وأشار إلى أن التعدين في العملات الرقمية هو عملية تشغيل العمليات الحسابية الرياضية المعقدة وتولد هذه العملية عملات معدنية ولكنها تتطلب موارد ضخمة مثل أجهزة كمبيوتر ضخمة بالإضافة لاعتمادها كما قلنا على الكهرباء بصورة كبيرة جدا ولأن سوق تلك العملات غير مستقر لذلك تم تجريم العمل فيه وفقًا لأغلب القوانين في العالم فتلك العملات يتم من خلالها ارتكاب افعال مجرمة قانونيًا مثل تجارة المخدرات والسلاح والإتجار في البشر، ومن يحصلون على أرباح من مثل هذه العملات يجب أن يكونوا على علم بأن اغلب الأعمال المنافية للقانون يتم من خلال أموالهم.

ويشير تامر محمد خبير تكنولوجيا المعلومات؛ إلى أنه مع ارتفاع تكلفة الكهرباء في العالم أصبحت عملية التعدين في العملات الرقمية غير مربحة لذلك يتم اللجوء لسرقة الكهرباء في تعدين تلك العملات المعدنية لأنه إذا تم دفع ثمن الكهرباء الفعلي فتلك العملات ستخسر أموالا طائلة، ورغم سرقة الكهرباء وكل ما يحدث لا يمكن أن يكسب من يعمل في تلك العملات الرقمية سنويا أكثر من ٢٠% وقد لا يصل لـ ٥ % لذلك قصة الأرباح الخيالية التي يتحدثون عليها هو نصب من بدايته وليس له أي أساس من الصحة، لكن الأمر السيئ هو أنه يتكرر ويقع كل فترة ضحايا جدد لا يتعلمون مما يحدث، فأي وسيلة على الإنترنت لا يبذل فيها مجهود ويتم دعوته من قبل أشخاص للاستثمار فيها؛ تكون نتيجته النهائية عملية نصب تقع على الضحية.

ويؤكد خبير تكنولوجيا المعلومات؛ أن حوادث النصب على الإنترنت أصبح أمرًا واقعًا ويحدث يوميا نتيجة اعتماد الجميع على الشبكة العنكبوتية في كل شيء، فأي شخص بالتأكيد تعرض لمحاولات نصب عليه سواء من يدعوه لتحويل أموال بسيطة لا تزيد عن 2 دولار لاستثمارها أو حتى الوصول لتحويل الأموال الضخمة، كما حدث مع ضحايا تلك المنصة الإلكترونية، وهؤلاء يتم جذبهم عن طريق الفضول للتجربة والاغراء بالمكاسب الكبيرة حتى تقع عملية النصب لذلك يجب عدم التعامل مع مثل هذه المنصات الإلكترونية التي تقوم بالنصب بالطريقة الحديثة.

السجن المشدد
أما محمد ميزار المحامي بالنقض فيقول: إنه مع التطور التكنولوجي اللامحدود على الشبكه العنكبوتية لم يعد مفهوم النصب والاحتيال مقتصرًا على الوسائل التقليدية وعلى المظاهر الخارجية التي يتبعها الجاني لإتمام جريمته والاستيلاء على أموال الضحية بل وصل الأمر إلى حقيقة عدم معرفة الضحية شخص الجاني أو حتى اسمه.

وأشار المحامي بالنقض، إلى أن النص الوارد بقانون العقوبات لم يعد وحده هو الواجب التطبيق في جريمة النصب التقليدية، بل إن الجريمة يحكمها أيضا النصوص العقابية الواردة بقانون مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات وخاصة في قضية مثل التي وقع ضحيتها مئات الأشخاص الذين تم النصب عليهم من منصة هوج بول التي ادعت قدرتها على استثمار أموال الناس في تعدين العملات الرقمية واستطاعت هذه المنصة من خلال عمليات احتيال وتحايل قامت بها لجذب الضحايا عن طريق اعلانات وهمية حصلت من خلالها على ملايين الدولارات منهم ثم قامت بالنصب عليهم.

ويؤكد المحامي بالنقض؛ أن هناك أكثر من تهمة يمكن أن يتم توجيهها للمتهمين الذين باعوا الوهم للضحايا وفقا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر برقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨  وتحديدًا المادة ٢٧ والتي نصت على:«أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار أو استخدم موقعًا أو حسابًا خاصًا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا».

ذلك الأمر ينطبق على المتهمين في تلك القضية؛ فالإتجار في العملات الرقمية محرم قانونا وفقا لقانون البنك المركزي الصادر بالقانون رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠ والذي يغرم هؤلاء المتهمين ١٠ ملايين جنيه إذا ثبت تعاملهم في تلك المعاملات عن طريق الإتجار أو الترويج لها.

وأشار المحامي بالنقض إلى أنه أيضا يمكن أن يقع المتهمون تحت سيف المادة ٢٢ من قانون مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات والتي نصت على: «أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن ٣٠٠ ألف جنيه ولا تجاوز ٥٠٠ ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حاز أو أحرز أو جلب أو باع أو أتاح أو صنع أو أنتج أو استورد أو صدر أو تداول بأي صورة من صور التداول، أي أجهزة أو معدات أو أدوات أو برامج مصممة أو مطورة أو محورة أو (أكواد) مرور أو شفرات أو رموز أو أي بيانات مماثلة، بدون تصريح من الجهاز أو مسوغ من الواقع أو القانون، وثبت أن ذلك السلوك كان بغرض استخدام أي منها في ارتكاب أية جريمة من المنصوص عليها في هذا القانون أو إخفاء آثارها أو أدلتها أو ثبت ذلك الاستخدام أو التسهيل أو الإخفاء».

وأشار محمد ميزار، إلى أن المتهمين يعاقبوا بذلك لأنهم ادعوا عن طريق الاعلانات التي روجوا لها قيامهم بتأجير عددا من الآلات الخاصة بتعدين العملات الرقمية، وهو الأمر المجرم قانونا، ولكن بسبب تأثير تلك الجريمة وأضرارها بالسلام الاجتماعي قد يصل الأمر للسجن المشدد للمتهمين وفقا للمادة ٣٤ من قانون مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات؛ فهؤلاء المتهمين قاموا من خلال ارتكابهم لتلك الجريمة الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر؛ حيث أضروا بمركز البلاد الاقتصادي، فما يتم تداوله عن الخسائر ووصولها لمليارات الجنيهات أضروا بالوضع الاقتصادي لذلك قد تكون العقوبة للمتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم وفقا لبيانات وزارة الداخلية السجن المشدد.

الضحايا أيضًا
ويفجر المحامي بالنقض مفاجأة وهي؛ أن هناك مسؤولية جنائية على ضحايا مثل تلك المنصات ايضًا؛ فقد حظر قانون البنك  المركزي الصادر بالقانون رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠ التعامل في العملات المشفرة من خلال إصدارها أو الإتجار بها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ أنشطة متعلقة بها، ويعاقب من يخالف تعليمات البنك المركزي وفقا للقانون بالحبس وبغرامة لا تقلّ عن مليون جنيه ولا تتجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى العقوبتين، لذلك فتلك العقوبة السابقة من الممكن أن يتم توجيه اتهام لضحايا تلك المنصة بالإتجار بتلك العملات ويقعون تحت طائلة القانون.

ويشيرالمحامي بالنقض إلى أنه مع انتشار حالات النصب التي يتعرض لها أشخاص داخل المجتمع من مثل هذه المنصات الإلكترونية عبر الشبكة العنكبوتية فإن هذا الأمر يستوجب تحرك منظمات المجتمع المدني والإعلام والمواقع الصحفية للتوعية بخطورة هذا النوع من الجرائم المستحدثة داخل المجتمع حتى لا تتكرر.

إدمان
أما الدكتور ابراهيم مجدي استشاري الطب النفسي فيقول: إن النصاب يعمل على جذب ضحاياه عن طريق الاغراء بلعبة المكاسب السريعة حتى يتم جذب آخرين، ويتحول الأمر لشبكات من الضحايا المشتركين في نفس الأمر، وهؤلاء نتيجة للإغراءات التي يقعوا فيها من النصابين فيمكن أن يغامروا بكل شيء يملكوه وقد يتحول الأمر لدى البعض منهم لعملية إدمان للمكسب السريع ويتم اللعب على «دوبامين» المخ لهؤلاء الضحايا فشهوة المكسب مثل شهوة المخدرات بالضبط فتجعل هؤلاء لا يدركون العواقب وراء ذلك الأمر، حتى تصل للنتيجة النهائية بكشف عملية النصب لكن بعد فوات الآوان وتكون النهاية صدمة صعبة جدا لهؤلاء ويمكن أن تسبب ضررا نفسيا وجسديا من الصعب أن يتخطاها البعض منهم.

ويضيف الخبير النفسي إلى أن سياسة القطيع هى التي تحكم تلك العملية؛ فالوعي الجمعي يقول إن هناك مكاسب من وراء تلك الشركات أو المنصات فيذهب الجميع وراء المكسب أو نقدر نقول إنهم يذهبون وراء إدمانهم حتى تقع الكارثة.
أما بالنسبة للنصاب فهو يعلم أن الضحايا لا يتعلمون مما حدث لغيرهم لذلك فهو يعمل عن طريق عملية الاغراء فبدون طماع لن يكون هناك نصاب، ويشير استشاري الطب النفسي إلى أن النصاب يعمل على اجتذاب فئات معينة وذلك لكي يروجوا لمصداقيته كي ينتشر بشكل واسع وسريع ويعتمد الأمر في الوقت الحالي على الانتشار عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وهؤلاء الذين يجذبهم في فخه يسهلون له عملية جذب آخرين في شبكته لكي يحقق أكبر مكاسب في فترة قصيرة لكن ذلك النصاب يسرع يهرب إذا ما شعر بأنه في خطر، فالمجرم لديه شعور سريع بتعرضه للخطر وقلق طول الوقت من السقوط لذلك مع اول استشعار للخطر يختفي فورا حتى لا يسقط تحت طائلة القانون.

«البرلمان» يتحرك
ولأن الأمر أكبر من أن يمر مرور الكرام فقد وصل لمجلس النواب؛ حيث تقدمت النائبة الدكتورة هالة ابو السعد وكيل لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بطلب إحاطة للحكومة في تلك الواقعة التي نصبت من خلالها تلك المنصة الإلكترونية على مواطنين في مليارات الجنيهات، تواصلنا مع النائبة والتي قالت: إنها طالبت الحكومة بالكشف عن أسباب انتشار مثل تلك المنصات التي تخدع المواطنين وتستولي على أموالهم مطالبة الحكومة تبرير عمل تلك المنصة خاصة أن تلك المنصة استطاعت أن تجذب آلاف الضحايا لكي يتكسبوا منها ارباح دولارية وصلت لـ ٤ دولارات يوميا مقابل إيداع مبلغ ١٠٠٠ جنيه فقط وهى ارقام خيالية وسقط فيها كثير من الضحايا فأين دور الحكومة في إيقاف تلك الشركات قبل أن تقع تلك الجريمة من الأساس، وتساءلت النائبة عن كيفية عمل تلك المنصات بشكل غير قانوني ودون حصولها على تراخيص ولذلك الآن من الصعب التواصل مع القائمين عليها لكي يتم إرجاع أموال ضحاياهم.

إشكالية قانونية
ويقول اللواء محمود الرشيدي مساعد وزير الداخلية الأسبق للمعلومات: أنه رغم ما تقوم به أجهزة الدولة المختلفة سواء الأمنية أو الإعلامية بالتوعية بخطورة التعامل مع أية مواقع أو منصات إلكترونية غير موثوق بها وليس لها أي مرجعية رسمية لكن هناك من يسقط في تلك الشبكات التي تقوم بالنصب على المواطنين ثم يندمون في نهاية الأمر لكن بعد أن يكونوا خسروا أموالهم.
ويؤكد مساعد وزير الداخلية الأسبق؛ أن هؤلاء النصابين الإلكترونيين لا يستطيعون النصب والتعامل بتلك الطريقة إلا عن طريق جهل الضحية والذي يصر على أن لا يعلم خطورة تلك التعاملات وطمعه للحصول على مكاسب سريعة، وأغلب الضحايا من فئة الشباب الذين يريدون الحصول على مكاسب بصورة سريعة ودون عمل.

ويؤكد اللواء محمود الرشيدي؛ أن اغلب المنصات أو الصفحات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي ليس لها أي مرجعية قانونية أو رسمية وغير آمنة في التعامل معها وان مسألة التعامل في العملات الرقمية من الأساس مجرم قانونا وغير معترف بها والضحايا سقطوا في فخ التعامل بتعدين العملات الرقمية.

ويضيف مساعد وزير الداخلية للمعلومات سابقا؛ إلى أن أجهزة وزارة الداخلية تقوم بواجبها في تتبع أصحاب تلك المنصات، لكن المشكلة الأكبر إذا ما كانت تلك المنصات يتم بثها من خارج البلاد وطبقا لمبدأ إقليمية القوانين لا يمكن معاقبة المتهمين إذا كانوا يعملون من خارج البلاد، فالقانون المصري يطبق داخل مصر فقط ، أما إذا كان ذلك الموقع والادمن الخاص به يتم بثه من داخل مصر فسيتم تطبيق القانون المصري عليه.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 9/3/2023

أقرأ أيضا: صنّاع محتوى على يوتيوب.. مفاجأة مدوية بشأن جريمة نصب «هوج بول» |تفاصيل

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة