صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


صرخة خرساء.. وحكاية زواجها العرفي

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 15 مارس 2023 - 10:31 ص

الزوج أخرس.. الزوجة خرساء.. وقفا أمام محكمة شمال القاهرة للأحوال الشخصية يتنازعان بنوة طفلة، حيث الزوج يطالب بنفي نسب الطفلة التي انجبتها الزوجة بعد شهرين من الزواج.

بينما وقفت الزوجة تصرخ، وترفع اصابع يدها مشيرة بما يدل على رقم 6 بمعنى أنها ولدت ابنتها بعد ستة أشهر من زواجها وليس شهرين كما يدعي زوجها.

اقرأ أيضا|  المشدد 3 سنوات للمتهم بالشروع في قتل شخص لاعتراضه على طريقة ملابسه بالقاهرة

تعود أحداث الواقعة عندما اختلط على القاضي فهم لغة الزوجين وعجز عن فك مضمونها فقام باستدعاء خبير في فهم لغة الصم والبكم ويؤجل القضية لحضور الخبير.

وفي الجلسة حضر الزوجان والخبير الذي وقف في مواجهة الزوجة يتحدث إليها بالإشارات، وبدأ يشرح للمحكمة يقول:

إن قصة حب جمعت بينهما وعاشا فترة طويلة، وان حبيبها تقدم لأبيها الذي طلب منه مهرا كبيرا مغاليا فيه، خاصة وأنه فقير ويعمل نجارا في ورشة، لكنها صممت على الزواج منه رغم أنف أبيها، ولم تكلفه بزواجه منها قرشا واحدا، واصطحبته إلى أحد الفقهاء الذي حرر لهما عقدا عرفيا، وعاشرت زوجها وحملت منه.

وبعد مضي شهور استطاع أن يجمع مبلغا من المال بكده وعرقه وعمله المتصل، وتقدم إلى أبيها وطلب يدها مرة أخرى، وتم زواجهما رسميا، وكانت حاملا منه في ستة أشهر.

التفت الخبير إلى الزوج الذي قال: أنها كاذبة في كل ماادعته، وانه دفع لأبيها المهر الذي طلبه، وتم زواجهما رسميا وبعد شهرين فوجئ بها تضع الطفلة وتنسبها إليه، وأنه تقدم بشكوى ضدها في قسم الشرطة.

وحكمت محكمة أول درجة بنفي نسب الطفلة، وقالت في أسباب حكمها، حيث أن الثابت في محضر الشرطة الذي تقدم به الزوج المدعي يفيد بأن الطفلة جاءت بعد شهرين من الزواج، وقد أجابت النيابة المدعي إلى طلبه، وطلبت في مذكرتها إلى المحكمة بنفي نسب الطفلة، ولأن الإقرار بالمعاشرة قبل الزواج هو إقرار غير مشروع، وتحريم بهذه العلاقة غير الشرعية.

استأنفت الزوجة الحكم أمام محكمة الاستئناف بدار القضاء العالي التي أصدرت حكمها بإلغاء حكم محكمة أول درجة بنفي نسب الطفلة وقالت في أسباب حكمها، من أن الحكم المستأنف قد انتفى عن مدلول تاريخ ميلاد الطفلة الصغيرة، ولم يلتفت إلى مرور المدة، وسكوت المدعي عن إقامة دعواه ٤ أشهر بعد ميلاد الطفلة، وأنه عملا بما جاء في الفقه الحنفي بأنه يجب النفي عقب الولادة مباشرة أو بعدها بيوم او يومين لأن النفي يصح في مدة قصيرة، ولا يصح في مدة طويلة، فمرور هذا الوقت يعتبر سكوتا، واعترافا منه بثبوت النسب وإقراره به.

وقد جانب التوفيق في الحكم المستأنف في كيفية حساب مدة الستة أشهر بثبوت النسب، وحيث أن الزوجين مصابا بعاهة الصم والبكم ويجهلان القواعد الشرعية منذ تزوجا عرفيا على يد أحد الفقهاء، وقد اخطأ الحكم المستأنف بعدم تعديله على الزواج الذي تم عرفيا بينهما قبل الزواج الرسمي.

وقد ولدت الصغيرة لأكثر من ستة أشهر من عقد الزواج العرفي، والشريعة الإسلامية توجب الاحتياط في الانساب، وهي تثبت بالمعاشرة حتى وإن كانت فاسدة، والأصل في الاحتياط بالنسب أن يثبت بالشك، ويبنى على الاحتمالات النادرة والمتناقضة التي يمكن تصورها وذلك حملا للمرأة على الصلاح.

ومن ثم تقضي المحكمة بإلغاء حكم محكمة أول درجة، وبنسب الصغيرة إلى المستأنف ضده.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة