كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

وهل تذكرون ؟

كرم جبر

الأربعاء، 15 مارس 2023 - 07:03 م

هل تذكرون القاتل "طارق الزمر"، رئيس حزب البناء والتنمية، عندما وضعه مرسى فى صدارة صفوف احتفالات السادس من أكتوبر، بينما غاب أبطال العبور الحقيقيون، وزعموا أن استيلاءهم على الحكم هو العبور الثالث فى تاريخ مصر؟.

وهل تذكرون البيان الذى أصدره الزمر يوم 29 يونيو 2013، يقول فيه بالحرف الواحد إن جماعته "سوف تنصب أعواد المشانق فى الميادين العامة، استعداداً لاستقبال رءوس العلمانيين الكفرة والصليبيين، وإطعام جثثهم النجسة للذئاب والكلاب المسعورة"؟.

وكانت البلاد تسير فى اتجاه مذبحة مروعة لرموزها على غرار ما تفعله داعش فى سوريا والعراق، لبث الذعر والهلع فى قلوب المصريين، وإشعال فتن تقود إلى حرب أهلية تغرق البلاد فى بحور الدماء، وتفكك أركان الدولة ومؤسساتها، لتقوم على أنقاضها خلافتهم المزعومة.

وكانت ميليشيات خيرت الشاطر تجهز أسلحتها وتعلن "النفير العام" ومعناه الحرب، ورصدت الأجهزة الأمنية والمخابراتية، محاولات تسلل جماعية من عناصر حماس لدخول سيناء والاشتراك فى "أم المعارك" كما أسموها، بنفس سيناريو 25 يناير.

وأعد مكتب الإرشاد قائمة طويلة بأسماء سياسيين وقضاة ومسئولين وإعلاميين وعسكريين ورجال أمن وشخصيات عامة، ليتم اعتقالهم فى حملة ترويع غير مسبوقة فى تاريخ مصر.

ووقف الزمن يحبس أنفاسه بعد أن أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى إنهاء حكم المعزول، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووقف العمل بالدستور الإخوانى المشبوه، فإما أن تضيع مصر، أو أن تنقذها العناية الإلهية وجيشها البطل، وكانت يد الله فوق أيدى المتآمرين الذين أضمروا لمصر شراً.

وأفلتت مصر من المؤامرة التى استهدفت تفتيتها وتسليم جزء منها للجماعات الإرهابية، فى مقابل تحويلها إلى مستنقع للحرب الأهلية، وبقية شريط الذكريات ممتلأ بأوجاع وآلام وقنابل ومتفجرات وودماء.

واستدعت البلاد احتياطى القوة الكامنة فى أعماقها لمواجهة الخطر الداهم الذى يهدد وطنا عظيما، واستبداله بميليشيات دموية قتلت من المسلمين عشرات الآلاف، ولم تقتل من أعداء المسلمين فرداً واحداً، واستغلوا الدين الإسلامى السمح أسوأ استغلال، ولم يدركوا أن مصر لم تكن يوماً إلا ميداناً للأبطال يحميها جيش من فلذات كبدها.

وكتب لمصر عمر جديد، وانفجرت مظاهرات الفرح فى الشوارع فى 30 يونيو، وعادت الابتسامة للوجوه الحزينة والقلوب الخائفة، فمن كان يتصور أن الليل الدامس سوف ينجلى، وأن الوطن الطيب سيعود لأهله وناسه، وأن الدولة التى حاولوا تفكيك مفاصلها، سوف تتماسك وتقف على قدميها، وتسترد قوتها وهيبتها واحترامها.

إنها ذكريات بدأت حزينة وانتهت رائعة، بعد أن انزاح الكابوس وغربت الشمس عن القوى الانتهازية وفلاسفة التحاليل السوداء، الذين كانوا منتشرين فى الفضاء مثل الجراد المتطاير.

لماذا أتذكر هذا الآن؟

لأنه: لا مستحيل عند أهل العزيمة، والوطن الذى عبر المأساة الكاملة يستطيع أن يقهر الظروف الطارئة مهما كانت صعوبتها، فلنا وطن يحتوينا ونعيش بين جدرانه ونستظل بسمائه ويجب أن نحافظ عليه، ولا نسمح أبدا بعودة الفوضى.

لقد كان ثمن الاستقرار كبيرا والتضحيات عظيمة، بأرواح الشهداء والخسائر الفادحة التى كان يمكن أن تسهم فى تفريج كثير من الأزمات، ولكن قدر الله وما شاء فعل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة