د. أحمد السعيد
د. أحمد السعيد


قضية ورأى

ماذا تفعل الصين؟

الأخبار

الخميس، 16 مارس 2023 - 07:11 م

استيقظ العالم على مفاجأة من العيار الثقيل، مفاجأة سارة على غير المعتاد من أخبار العالم مؤخرًا، وهى نجاح المصالحة السعودية الإيرانية بوساطة صينية، وفى نظر المتابعين فالصين هى الرابح الأكبر من هذا الإعلان، مع أن الأمر لا يخص الأراضى الصينية بشكل مباشر ولا مصالحها التجارية، ويصب نفع هذه المصالحة وعودة العلاقات مباشرةً فى أمن الشرق الأوسط، والسلام العالمي. وفى الجملة الأخيرة كلمة السر.

حيث أتت الوساطة الصينية متوافقة ومحققة لوعد الصين بمبادرتها التى أطلقها الرئيس الصينى لتحقيق السلام العالمي، وبالطبع، فالسلام يحتاج إلى تنحية الخصومات وفض النزاعات، والمعروف أن الخلاف الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط، التى هى محط أنظار العالم ومسرح للكثير من عملياته السياسية والعسكرية، والاقتصادية؛ بالطبع لوجود البترول، والتجارية؛ لوجود سوق كبير وحركة تجارة وموقع متميز على خريطة العالم.

بالطبع فازت منطقة الشرق الأوسط كثيرا من هذه المصالحة، بل وفرحت أيضا؛ لأن المصالحة لم تأت عن طريق وسيط أمريكى أو أوروبي؛ لأننا فى الشرق الأوسط فقدنا الثقة فيهما من زمن، وزاد انعدام الثقة بعد ما يُعرف بالربيع العربي، الذى حولته مخططات أمريكا وبعض دول أوروبا فى المنطقة إلى خريف.
وفرحة شرق أوسطية أخرى بالوساطة الصينية سببها مختلف، وهو عودة الأمل فى إعادة طرح حلول واقعية قابلة للتنفيذ فى قضية العرب الكبرى (القضية الفلسطينية)، وسبب الأمل هو الصين؛ فالصين لا تملك ماضيًا سيئًا بأى شكل فى المنطقة، وتحظى باحترام كافة الأطراف وثقتهم، وتجربتها فى أفريقيا ناجحة وتُبشر بالثقة فيما تفعله الصين وتطرحه، سواء منذ طرح مبادرة الحزام والطريق التى تدخل عامها العاشر، أم بالمبادرات الدولية الكبرى لشى جين بينغ، مثل: مجتمع المصير المشترك للبشرية، وإحلال السلام العالمي.

هذا الأمل الذى أحيته الصين فى القلوب العربية، يُمثل نجاح الصين الدبلوماسى ومساعيها السلمية، ويُمثل مصداقيتها، وهى الأهم فى العلاقات الدولية. هناك صين واحدة فى العالم بخطاب دبلوماسى واحد، تعد وتفى وتلتزم وتنفذ، ولهذا تفتح لها أبواب الشرق الأوسط وتحظى باحترامه. 

ومن وجه آخر، فما يبدو جليًا أن نهج الصين بالنسبة للعالم، هو إصلاح ما أفسدته أمريكا منذ تولت مقاليد منظمات العالم الدولية، ونصبت نفسها شرطيا غير عادل على العالم. 

فالصين أسست بنكا للتنمية، وشقت الطرق ومشروعات البنية التحتية فى العديد من دول العالم، وافتتحت مشروعات صناعية ساعدت الكثير من الدول على حل مشاكل داخلية، مثل: البطالة والتمويل، فى حين زرعت أمريكا الألغام (واقعيا ومعنويا) التى ما زلنا ننفجر فوقها فى الشرق الأوسط، ووطدت للكراهية والانقسام العرقى والديني، فى العديد من الدول (العراق - اليمن - سوريا - ليبيا - السودان... وما زال القوس مفتوحا.

كاتب ومترجم متخصص فى الشأن الصينى


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة