مدينة طابا
مدينة طابا


عودة طابا.. قصة 7 سنوات من جهود الدبلوماسية المصرية أرجعت الأرض لأصحابها

هبة عبدالفتاح

الجمعة، 17 مارس 2023 - 05:47 م

7 سنوات لم تكل ولم تمل جهود الدبلوماسية المصرية لاسترداد آخر كيلو متر من أرض سيناء الحبيبة، فقبل 41 عامًا خاضت الدبلوماسية المصرية واحدة من أعرق وأنبل المعارك لاستعادة «طابا».. آخر النقاط العمرانية المصرية على خليج العقبة.

ورفع الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك علم مصر على طابا، آخر بقعة تم تحريرها من أراضي سيناءفي19 مارس 1989، ومُنذ ذلك التاريخ وتحتفل مصر بعيد تحرير طابا في ذلك اليوم من كل عام، وذلك بعد استردت «طابا» بالتحكيم الدولي في 15 مارس 1989.

وتقع طابا على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى، وتبعد عن مدينة شرم الشيخ حوالي 240 كيلومتر باتجاه الشمال، وتجاورها مدينة إيلات الإسرائيلية، وتمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالًا وشرم الشيخ جنوبًا أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية بجنوب شبه جزيرة سيناء.

اقرأ أيضًا: «أبو جالوم» و«طابا».. أفضل وجهات سياحة الغوص في مصر

التزييف الإسرائيلي والعلامة 91

بدأت معركة الدبلوماسية المصرية في استرداد طابا عقب توقيع معاهده السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، والتي نصت على سحب إسرائيل يكامل قواتها من شبه جزيرة سيناء في موعد غايته 25 أبريل 1982.

وتصاعدت حدة الخلافات بين مصر وإسرائيل بشأن مواقع 14 علامة حدودية، كان أهمها موقع العلامة 91 التي توجد على حدود الشريط الأخير في طابا.

وأدعت إسرائيلفي ديسمبر 1981، معلومات غير صحيحة عن العلامة 91، في محاولة منها لضم منطقة طابا إلى إقليمها، ومن هنا بدأت الدبلوماسية المصرية في البحث عن حل مقبول يسمح بإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد، مع البحث عن وسيلة مقبولة لحل الخلافات القائمة حول العلامات المعلقة دون حسم.

واستمرت إسرائيل في تزييف الحقائق والتاريخ، ومن هنا قررت مصر ألا تفرط في شبر أرضها، وبعد مفاوضات استمرت كثيرًا دون جدوى، وهو ما دفعها للتحكيم الدولي لاسترداد طابا.

وبناءً عليه طبقت مصر المادة السابعة من معاهدة السلام التي تم تطبيقها مع إسرائيل، والخاصة بأي خلاف حول الحدود، والتي تنص خلاصتها بأن يتم الحل عن طريق المفاوضات، وفى حالة فشلها يتم اللجوء إلى التوفيق أو التحكيم.

وكثيرًا ما رفضت إسرائيل ذلك؛ حتى اضطرت للرضوخ إليه.. تم توقيع مشارطة للتحكيم بين مصر وإسرائيل في 11 سبتمبر 1986، وبناءً عليها أحيل النزاع إلى هيئة تحكيم دولية تشكلت من خمسة محكمين.

7 سنوات من المفاوضات الدبلوماسية

وخلال 7 سنوات من المفاوضات، قاضت الدبلوماسية المصرية حربًا شرسة من أجل استراد آخر كيلو مترًا من أراضي سيناء، ومنذ تشكيل هيئة التحكيم في سبتمبر عام 1986 وحتى 29 سبتمبر 1988.

وقدم الفريق المصري أسانيد ووثائق تمتد من عام 1274،تؤكد حق مصر التاريخي في منطقه طابا، كما قدم وثائق تاريخية من المندوب السامي البريطاني إلى وزارة الخارجية المصرية، والمخابرات المصرية يعود تاريخها لعام 1914، هذا بخلاف تقارير مصلحه الحدود في عام 1931.

وقدمت وزارة الخارجية حينها 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا، وتمكنت من جمع خرائط ووثائق من الأرشيف المصريوالبريطانيوالتركي، وقدمت 10 خرائط من الأرشيف الإسرائيلي نفسه، تثبت تبعية طابا للأراضي المصرية.

قال الدكتور مفيد شهاب، عضو هيئة الدفاع المصرية لاستعادة طابا، خلال الفيلم الوثائقي، إن اللجنة التي تم تشكيلها لاسترداد طاباضمت ما يقرب من 20 شخصية مابين أساتذة قانون وجغرافيا وتاريخ وخبراء من شتي المجالات .

وأضاف الدكتور مفيد شهاب أن حدودنا معمولة من سنة 1906 لما كانت مصر جزء من الامبراطورية العثمانية ثم حصلت مصر على الاستقلال الذاتي وبقي ليها حاكم خاص بها وتم عمل خريطة سنة 1906 لحدود مصر.

وأكد وزير الخارجية الأسبق الدكتور نبيل العربي، أن إسرائيل أخفت عن عمد ما قامت به من إزالة جزء من هضبة شرق وادى طابا سرًا لتشق طريقًا يربط طابا بميناء إيلات على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع مصر، رغم علم مصر بقيام إسرائيل بشق هذا الطريق وببناء فندق.

حكم تاريخي

أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكم تاريخي في 29 سبتمبر 1988، ليسدل الستار بإنهاء تلك النزاع وحسمه لصالح مصر، في جلسة علنية عقدت في قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف في حضور وكيلي الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين معلنة عودة طابا إلى مصر.

وذلك بعد إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد، وإثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة، وأمتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات إسرائيل في التنفيذ إلى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشآتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليم طابا في 15 مارس 1989 ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس من نفس العام.

ويعتبر استرداد طابا بهذا الشكل من التحكيم والقضاء الدولي أول قضية يتم فيها تسوية النزاع الحدودي بين إسرائيل ودولة عربية.

نص الاتفاق بعودة طابا

بعد أن حسمت اللجنة الخماسية قرارها لصالح مصر في اتفاق روما.. تم الاتفاق على ثلاث بنود تتضمن..

أولا: اتفاقية تختص بالنشاط السياحي، وذلك بتعويض إسرائيل بمبلغ 37 مليون دولار وبأسعار ذلك الوقت تدفعه مصر مقابل تسليمها المنشآت السياحية في فندق "سونستا طابا" والقرى السياحية، وذلك على غرار ما حدث في كل من: دهب ونويبع وشرم الشيخ من قبل.

ثانيا: كان الاتفاق الثاني يختص بتحديد موعد الانسحاب الإسرائيلي النهائي من طابا وتوصيل خط الحدود إلى شاطئ الخليج "النقطة 91" وتحدد 15 مارس 1989.

ثالثا: الاتفاق الثالث فقد كان يتعلق بنظام مرور الإسرائيليين إلى ومن طابا إلى جنوب سيناء، فقد اتفقت الأطراف على السماح للسياح الإسرائيليين بالدخول لطابا وفي حالة دخول السيارات يتعين أن يلصق على السيارة كارت خاص، كذلك يسمح بالدخول والخروج من طابا إلي إيلات في زيارات متعددة خلال 14 يوما، وأن يحمل كل سائح جواز السفر الخاص به وأن يقوم بملأ بطاقة بيانات تختم بمعرفة السلطات المصرية في طابا وتكون صالحة لمدة 14 يوما.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة