الجمعة، 17 مارس 2023 - 08:20 م

النقد هو الوجه الآخر للإبداع، والفن لا يزدهر إلا فى ظل انتعاش الحركة النقدية، وإذا كان الإبداع لا يتطور دون نقد، فإن النقد أيضاً لا ينشط دون إبداع، حتى لا يفقد «المادة الخام» التى يصقلها ويجلى بريقها، لذا فالعلاقة بين الناقد والكاتب علاقة متبادلة، وعليهما استثمارها لإثراء الواقع الجمالى والإبداعى لكل أطراف العملية الفنية من ناقد وفنان وجمهور.

لذلك أتوقف هنا أمام جائزة النقد الفنى التى استُحدثت فى العام الثانى لجوائز مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، تلك المسابقة السنوية التى شهدت تطوراً واستقطاباً شبابياً غير مسبوق، ليس فقط فى أعداد الأعمال المشاركة التى تزايدت عن العام السابق، أو أعداد الشباب الغفيرة فى تلك الاحتفالية التى بلغت عامها الرابع، وخلقت مناخاً محفزاً للإبداع لدى المواهب الشابة، وإنما فى الزخم والتطور الذى لمسته عاماً بعد الآخر فى مستوى الأعمال المقدمة، لنيل جوائز مؤسسة مجتمع مدني، تقدم رسالتها من أجل نشر روح الثقافة والإبداع، ودعم الشباب الموهوب الواعد بجوائز تصل إلى نصف مليون جنيه، وتشجع وترعى إبداعاتهم فى مختلف المجالات الفنية. 

وتأتى جائزة الاستحقاق الكبرى، أحدث الجوائز التى توجت تلك الاحتفالية الرائعة منذ العام الماضي، لتكون بمثابة اعتراف بإنجازات الموسيقار «هانى شنودة» أحد أعلام الموسيقى، وعرفاناً بمسيرته فى إثراء الموسيقى الشبابية وتطورها، والمبدع الذى ساهم فى تأسيس عدد من الفرق الموسيقية الشبابية، وفى ظهور ودفع أجيال شابة موهوبة، أضحوا نجوماً على الساحة الغنائية.

تلك هى بصمة الفنان فاروق حسنى المحفورة فى سجل التاريخ، وثمرة أفكار ورؤى شخصية فريدة تعلو  فوق المناصب، وترتفع عن مواقع المسئولية، شخصية محبة للوطن تبدع فى كنف الفن، وتفكر تحت ظلال الثقافة، وتعطى بلا حدود من روحها ومشاعرها وأموالها الخاصة، لتخلق حالة إبداعية ملهمة لشباب وفتيات مصر، وتصنع مناخاً محفزاً ينبض بالفنون والفكر والحضارة. 

لقد أحدثت المسابقة حراكاً فاعلاً لدى جيل جديد من المبدعين، وألقت الضوء على دور الحركة النقدية فى المجتمع، وأهمية النص النقدى باعتباره إبداعاً فكرياً يستحق التقدير مثل مختلف الإبداعات الفنية، حيث إن تضاؤل فرص النشر، وضيق دوائر عرض المنجز النقدي، يعنى تراجع التفكير النقدي، وإقصاء سلطة النقد، وذلك بدوره يؤدى إلى تهميش جانب مهم من عقل الأمة.