خالد مع ابنه محمود
خالد مع ابنه محمود


في عيد الأم.. عندما يكون «بابا» هو «ماما»

إيمان طعيمه

الثلاثاء، 21 مارس 2023 - 11:59 ص

 

لا تقف تضحيات الأب عند حد معين، إذ يدور فى ساقية الحياة ليلبى متطلبات أسرته، يصيبه الحزن والإحباط إذا فشل فى ذلك، ويعود لبيته منهكًا متعبًا، لكن سرعان ما يزول تعبه بمجرد أن يرى ابتسامات أبنائه وبشاشة وجه زوجته، لا ينتظر عيدًا لتكريمه، تكفيه كلمة شكر وثناء من أسرته، يرى أن الحياة مشاركة بين الزوجين ليصلا إلى بر الأمان، فالأبوة مثل الأمومة تتطلب تضحيات كبيرة.. وأحيانًا تكون تضيحات الأب عظيمة لدرجة أنه يستحق لقب «سوبر بابا».

كم من آباء تحملوا مسئولية الأسرة وتربية الأبناء بمفردهم دون تبرم أو تذمر، فأصبحوا بمثابة الأب والأم معًا، بل ونسوا احتياجاتهم وسعادتهم، فكافأهم الرب بعطاياه ومنحه.. وفى السطور التالية نتحدث مع عدد من الآباء الذين قرروا أن يكونوا الداعم الأول لأسرهم ولأبنائهم موضحين أهم التحديات التى واجهتهم وكيف تغلبوا عليها.

أب «نبيل»
فى أحد أيام شهر يناير الباردة، قرّر «نبيل» السفر مع أسرته الصغيرة للاستمتاع بدفء شمس أسوان، وفى رحلتهم التى امتدت لأكثر من عشر ساعات، استسلم «نبيل للنوم أثناء قيادة سيارته، فاصطدم بشاحنة نقل عملاقة، أودت بحياة زوجته الشابة، ونجا بحياته هو وطفليه الصغيرين.
وبعد خروجه من المستشفى قرر خلع ثوب أنانية الرجال، وعزم على أن يتفرغ لتربية طفليه دون أن يفكر فى ذاته أو الزواج مجددا، وبمرور السنوات شعر بلذة المسئولية خاصة أنه كان يرى فى عينى ولديه نظرات الشكر والامتنان طيلة الوقت. ومرت الأعوام الطويلة ونجح نبيل فى توصيل ابنيه لبر الأمان، وبات مثالًا يُحتذى به سواء للآباء أو الأمهات.

تحمل المسئولية كاملة
أما محمد عبدالفتاح صبح، فهو أب لطفل عمره 9 سنوات وطفلة 5 سنوات، كانوا يعيشون حياة مستقرة حتى بدأت تحدث بعض الخلافات بينه وبين زوجته منذ ما يقرب من 4 سنوات ومع تزايدها يوما بعد يوم حدث الطلاق الفعلى منذ عامين ونصف، وحينها قررت الأم التخلى عن الأسرة بأكملها وأن تقتصر علاقتها بابنيها على الزيارات من حين لآخر وأن يتحمل الأب المسئولية كاملة، وهذا ما يسعى الأب بالفعل لتحقيقه جاهدا لتوفير حياة مستقرة كريمة لهما.
يعمل الأب فى مجال الأعمال الحرة ويحرص على تنظيم وقته جيدا بين متابعة أعماله وبين الأمور المنزلية ليوفر كل ما يحتاجه ابناه، فهو مسئول بشكل كامل عن مساعدتهما فى مذاكرة دروسهما وانتظامهما فى الدراسة وتحضير وجبات الطعام والذهاب والعودة بهما من وإلى المدرسة، فضلا عن مواعيد الدروس الخصوصية، ودائما ما يكون أول الحاضرين فى الحفلات المدرسية ليكون خير داعم لهما وتلبية احتياجاتهما النفسية وتعويضهما عن الشعور بتخلى الأم، بالإضافة لتحقيق بعض الرفاهية لهما فيصطحبهما للرحلات وممارسة الرياضة وأيضا يهتم بالجانب الدينى وتعليمهما الصلاة وحفظ القرآن الكريم، قائلا: «نفسى أطمن عليهم بس».
ومن أصــعب التحـــديات الـتــى يواجهها هو كيفية بناء شخصيتهما نفسيا وصحيا بطريقة سوية فى هذه السن الصغيرة، فدائما يرشدهما للصواب ويخبرهما بكيفية تناول الطعام الصحى ومخاطر الوجبات السريعة، ولا يغفل اختيار الملابس المناسبة لهمـــا وتعليمهمــا الأناقـــــة والرقـى واخـــتيار المناسـب لهما، ويــرى أنــه يعـيــش لهمــا فـقـط ويرفـض الــزواج خــوفا من أن يظلمهما أو يقصر فـى حقهمـا مستقبلا.

بعد وفاة الأم
أمــا خــالد فهـــو لا يملك إلا ابنــه محمــود البالغ مــــن العمـــر 14 عاما، والذى يرى أنه يعيش له فقط بعد أن توفيت الأم قبل 9 أشهر، فالأب يعمل مديرا عاما بإحدى الوزارات، ويذهب للعمل صباحا ويعود عند الثالثة عصرا ويظل بالمنزل بعدها ولا يضطر للخروج إلا فى حالة الضرورة القصوى فقط، وذلك ليظل متواجدا مع محمود بصفة مستمرة، فى محاولة لتخطى الأزمة والسيطرة على فكرة استحالة عودة الزوجة إلى الحياة مرة أخرى خاصة أنها كانت بالنسبة لخالد بمثابة الأم والأخت والصديقة، وذلك من خلال الحوار المستمر والتحدث بالعقل والاستعانة بالأمور الدينية، حتى أصبحا صديقين. ويرى محمود أن والده هو مثله الأعلى فى كل شيء، ولتخطى الأمر قررت خالة محمود مساندته قدر الإمكان فى محاولة منها لاستقرار المنزل من ترتيب مواعيد طعام محمود وتدريبه ومدرسته فهى تتولى المهام المنزلية كما كانت تقوم بها الأم، خاصة أن زوجها متوفى، لذا قررت أن تنقل حياتها للمساعدة فى توفير حياة كريمة لابن شقيقتها قدر استطاعتها.

الراحة النفسية
من جانبها، تقول الدكتورة منار حسن، الاستشارى النفسى والتربوى: الراحة النفسية لكل أفراد الأسرة تتحسن بمشاركة الأب فى المسئوليات، لأن دعمه يصل فى شكل أمان وحب واهتمام، وقد تحدث ظروف مصيرية تجعل الأب يقوم بالدورين وحده فى تربية الأبناء، التى تكون فيها الحياة ممتلئة بالصعوبات والتحديات، إذ يتولى الأب مهام لم يتعود عليها الرجال فى مجتمعاتنا، لكن رغم ذلك فإن الاعتياد رويدا رويدا يجعل الأبناء يستفيدون من نقاط قوة شخصية الأب التى تظهر فى المواقف اليومية، فضلا عن زيادة الثقة فى العلاقة بين أفراد الأسرة نتيجة ترابطهم بالمشاركة والتعاون الذى يضيف رصيدا إيجابيا يسمح بتحمل الصعاب والتحديات ومواجهة المواقف السلبية.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 22/3/2023

اقرأ أيضا: «قضايا المرأة السودانية» في ندوة فيلم «أجساد بطولية» بمهرجان الإسماعيلية

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة