علاء عبد الكريم
علاء عبد الكريم


بداية

شيخ ضد التعصب

أخبار الحوادث

الثلاثاء، 21 مارس 2023 - 01:38 م

..شيوخ الأزهر كانوا وما زالوا وسوف يظلون حائط صد ضد الأفكار التكفيرية الهدامة..؛
هو واحد من رجال الفكر الإسلامي المستنير، ملأ الدنيا علمًا وفضلاً؛ هو الشيخ حسنين مخلوف، كان أبوه الشيخ محمد حسنين مخلوف، وكيل الأزهر الأسبق، تزوج وهو لا يزال طالبًا بالأزهر الشريف وأقام لفترة في أم الغلام في حضن المشهد الحسيني وهو خال الوزير الأسبق المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وواحد من المفكرين الذين جسدوا بحق معنى الإسلام الوسطي.

أتم الشيخ مخلوف حفظ القرآن الكريم بالجامع الأزهر وهو في سن العاشرة ودرس علوم الأزهر، من التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والأدب، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، على أيدي علمائه الكبار، وبعد تخرجه عمل بالتدريس في الأزهر الشريف من عام 1914 إلى عام 1916 ثم عُين قاضيًا بالمحاكم الشرعية في محاكم ديروط والقاهرة وطنطا وصار رئيسًا للتفتيش الشرعي عام 1942، وأسهم الشيخ حسنين مخلوف في وضع قوانين المحاكم الشرعية والمجالس الحسبية، ومحاكم الطوائف المحلية، وتولى منصب الإفتاء مرتين.
ومثل غيره من شيوخ الأزهر الذين ناضلوا من أجل الحق؛ رفض عزل الشيخ مصطفى المراغي وشارك مع الشيخ أحمد حسن الباقوري في ثورة الشيوخ للمناداة بعودته للمشيخة عام 1935، وهاجم القوانين الاشتراكية ورفع شعار حرية الملكية في الإسلام مع اشتراط حل المصدر وإخراج الزكاة وكان هذا الاختلاف مع الزعيم جمال عبد الناصر سببًا في عدم ترشيح الشيخ حسنين مخلوف لمنصب شيخ الأزهر بعد انتهاء الفترة الثانية لشغله لمنصب الإفتاء سنة 1954، وعندما شن البعض هجمة على الأزهر بعث الشيخ مخلوف بهذه الرسالة الى الأمة عن مكانة الأزهر وفضله قال فيها: «إن مهمة الأزهر الشريف منذ قرون متطاولة نشر الإسلام وعلومه بأسرها في سائر الأقطار، والدعوة إلى مجد الإسلام وعزته، وصيانة حرماته وأوطانه من عدوان أعدائه بعزم وإخلاص وقوة وكفاية، وأبناء الأزهر وعلماؤه منبثون في جميع الأقطار الإسلامية يؤدون رسالته العظمي خير أداء، ويستنكرون بشدة كل ما يُضار بالإسلام من مبادئ وأفكار ونحل مهما اختلف اسماؤها، فكلها فتن وضلال».
ولفهم شخص جيدًا عليك أن تقف على مفاتيح شخصيته، ومفاتيح شخصية الشيخ حسنين مخلوف فيما يحكيه هو بقوله: «في طفولتي لم أعرف اللعب، فقد كان والدي يصحبني معه الى المسجد أتابع دروسه، وأرقب طريقته في الإلقاء، أرى سماحة صدره وهو يناقش ويصل بالمفاهيم الدينية إلى أبسط فلاح في قريتنا، يتواضع مع الناس كلهم، ويحبب إليهم حضور دروس العلم، والاشتراك في المناقشة بلا خجل أو خوف».
المفتاح الثاني في شخصية الشيخ مخلوف ما جاء على لسانه قائلاً: «استفدت من معركة إصلاح الأزهر التي قادها الشيخ محمد عبده الذي كان صديقًا لوالدي، الدرس الأول الذي تلقنته من هذه المعركة، أن الإنسان الذي يؤمن بمبدأ لابد وأن يدافع عنه، الدرس الثاني أن أكون دائمًا في غنى عن الناس، ولا أحتاج الي مخلوق من خلق الله».
ومن الكتب النادرة للشيخ حسنين مخلوف ويكاد يكون مجهولاً لكثيرين ولا توجد منه نسخ في أي من المكتبات، كتاب الرفق بالحيوان في الشريعة الإسلامية، يقول في مبرر صدور الكتاب: «وبعد فقد أمرني والدي صاحب الفضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف مدير الأزهر والمعاهد الدينية بجمع ما تيسر من النصوص الشرعية في الرفق بالحيوان لحاجة كثير من الناس إلى معرفة حكمه في الشريعة الإسلامية، فصدعت بالأمر متوخيًا سبيل الإيجاز ومستعينًا بالله، لا تكمل فضيلة المرء حتى يكون لين الجانب رؤوفًا بالضعفاء شفيقًا على البؤساء رفيقًا بمن يجمل به الرفق من الخلق، حتى ليكاد يتصور أن ليس في بني الإنسان من يرضى أن يقسو على من يرحم، ويغلظ على من يرفق به».
طالت الحياة بالشيخ حسنين مخلوف حتى تجاوز المائة عام، قضاها مناضلاً في خدمة دينه داخل مصر وخارجها، فقد لقي ربه في 19 رمضان الموافق 15 ابريل سنة 1990.
< < <
في كتاب «علم القلوب» وهو من الكتب القديمة لمؤلفه أبو طالب المكي قرأت عن الصوفي جعفر الخلدي، الذي يتناول كلمة «الصمد» حرفًا حرفًا ليستشف قواها الكامنة في حروفها؛ فيقول الصوفي جعفر الخلدي: «إنها من حروف خمسة ال ص م د،؛ فأما «الألف» فدليل على أحديته، و»اللام» دليل على إلهيته؛ وهما مدغمتان لا يظهران على اللسان ويظهران في الكتابة، فانطق بلسانك عبارة «الله الصمد» تجد أول حرف ورد على لسانك بعد اسم الجلالة هو حرف «الصاد»، وأما الألف واللام فيختفيان في النطق، لماذا؟، لأن أحديته وإلهيته خفية مستورة الحقيقة، وذلك لأنه لا يدرك بالحواس ولا يُقاس بالناس فخفاؤه في اللفظ دليل على أن العقول لا تدركه ولا تحيط به علمًا؛ وأما إظهاره في الكتابة فدليل على أنه يظهر على قلوب العارفين، ويبدو في أعين المحبين في دار السلام؛ ثم ينتقل المتحدث الصوفي جعفر الخلدي إلى الأحرف الثلاثة الباقية من كلمة «الصمد»، فيقول إن حرف «الصاد» تشير إلى أنه – سبحانه – صادق وإن الميم تدل على أنه مالك الملك، وأن كل ملك غير ملكه زائل، وأن «الدال» معناها دوامه – تعالى – في أبديته وأزليته.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة