نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

تكــريــم الرئــيس

نوال مصطفى

الثلاثاء، 21 مارس 2023 - 05:37 م

القصص التى عشتها ولا أزال تملأ صفحات كتاب ضخم، لكن الشيء الذى انتظرته طويلا وتحقق هو تكريم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لى على مشوارى الطويل.

أن تنتظر طويلًا شيئًا مهمًا جدًا بالنسبة لك، ولا يأتى.. أن تسأل نفسك مرارًا وتكرارًا.. لماذا؟ وكل الأحداث، والإنجازات، والاعتراف بما تحققه تجاه القضية التى نذرت لها حياتك من نتائج وخطوات مؤثرة تم الاعتراف بها من قبل أكبر الحكومات والمؤسسات الدولية، ليس هذا فحسب بل إنك حصلت بالفعل على جوائز وتكريمات رفيعة المستوى عربيًا ودوليًا، تقديرًا لجهدك المستمر وإصرارك العنيد فى المضى قدمًا، دون كلل أو ملل فى الرسالة التى وضعها الله فى طريقك، لتصبح محورًا أساسيًا، وهدفًا رئيسيًا فى حياتك.

أما الشيء الذى انتظرته طويلًا فهو اعتراف مصر، بلدى الحبيب بإنجازى فى قضية أعطيتها فعلًا من قلبى قبل وقتى، ومن فكرى قبل مجهودى. قضية أطفال السجينات، وأمهاتهم من سجينات الفقر. شاء قدرى أن أراهم قبل ثلاثين عامًا فى فناء سجن القناطر، وجوه جميلة، وعيون عميقة ناطقة بالسؤال، مسكونة بالشرود فى مستقبل غامض، لا يعلمه إلا الله سبحانه. خطفت تلك العيون قلبى، أوصتنى تلك الوجوه البريئة ألا أتركهم وحدهم لهذا المصير، أن أفعل شيئًا، أن أنقل صوتهم خارج القضبان.

وهذا ما حدث، خرجت محملة وأنا صحفية صغيرة السن والتجربة ـ فى ذلك الوقت-بالمسئولية التى ولدت فى تلك اللحظة داخلى، وكان الرقيب، المحفز المراقب لى طول الوقت هو ضميرى، ومسئوليتى الأخلاقية تجاههم.

ماذا تحقق خلال الثلاثين عامًا الماضية، منذ خفق قلبى لأجمل كائنات الكون، أطفال السجينات؟ الكثير بفضل الله، وتيسيره لأمرى، ووقوفه جانبى فى أصعب الظروف، وأعقد التحديات، ثم بإيمان عائلتى الصغيرة بما أفعل، وأكافح من أجله، وتأتى عائلتى الكبيرة التى دعمنى أفرادها بتبرعات سخية لأبدأ مشروعى الإنسانى النبيل.

كونت فريق عمل على مدار السنين بدأ بشخص واحد هو أنا، بدأت بلا مقر، ولا عنوان، إلا عنوانًا وحيدًا مكتوبًا على جدران قلبى هو «عنبر أمهات الأطفال» بسجن النساء بالقناطر. شجعنى الصحفى القدير الراحل أستاذ سعيد سنبل رئيس مجلس إدارة الأخبار وقتها، رحمه الله وطيب ثراه، بأن وافق على شهر الجمعية الوليدة على عنوان مكتبى فى أخبار اليوم، ووافقت وزارة الشئون الاجتماعية (سابقًا) التضامن (حاليًا) وشهرت جمعية أطفال السجينات.
عشت الرسالة، وليس مجرد الإحسان أو العمل الخيرى، كبر فريق عملى سنة بعد سنة، وأصبح كل فرد فيه جزءًا منى، يؤمن برسالتنا، ويدافع عنها باستماتة، لا يتضمن فريق العمل عندى موظفين، بل داعمين، مشاركين فى الرسالة العظيمة التى نعمل جميعًا من أجلها، وهى «فرصة أخرى للحياة لسجينات الفقر وأطفالهن». أسميت مشروعنا الكبير الذى بدأناه منذ 8 سنوات الآن مع مؤسسة دروسوس للتنمية التى آمنت برسالتنا وقررت دعمها بقيادة الدكتورة وسام البيه، المديرة الإقليمية للمؤسسة فى مصر «حياة جديدة».

الرحلة طويلة والإنجازات كثيرة والشركاء يزدادون يومًا بعد يوم وسنة تلو أخرى، فالعمل الجاد، الصادق يجذب القلوب المليئة بالحب والعطاء، نحن لا ننفق مليمًا واحدًا فى إعلانات التليفزيون أو الراديو، نوفره لعمل مشروع نفتح به باب رزق لسيدة من بطلاتنا اللاتى عبرن الخط الفاصل بين عتمة الحياة ونورها.
كان لى الشرف أن أكون الأولى التى سلطت الضوء على قضية «سجينات الفقر» الغارمات سنة 2007 وبفضل الله ساهمت فى فك كرب أول سجينة فقر هى «أميمة» لتعود إلى أولادها بعد شهور من الدموع والوجع خوفًا على ابنتها التى تركتها عند الجيران لحظة تنفيذ الحكم عليها. كانت أميمة ضامنة لأبيها العامل الأرزقى، اشترى أجهزة كهربائية لأخت أميمة ثم مات وترك أميمة تدفع الثمن سنوات من عمرها.

القصص التى عشتها ولا أزال تملأ صفحات كتاب ضخم، أتمنى أن يعطينى الله العمر كى أنجزه، لكن الشيء الذى انتظرته طويلًا وتحقق فجأة أمس الأول هو تكريم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لى على مشوارى، وإنجازى الملموس فى القضية التى يضعها الرئيس على قمة أجندته، ويسعى بقوة لإيجاد حلول لها من الجذور، قضية الغارمات والغارمين فى مصر. وأكثر ما أسعدنى فى احتفالية الأم المثالية والمرأة المصرية بمركز المنارة هو القرارات التى أعلن عنها الرئيس والخاصة بملف الغُرم فى مصر، فقد أصدر عفوًا رئاسيًا عن كل الغارمين والغارمات الموجودين فى السجون المصرية، وتم تنفيذه على الفور ليعود هؤلاء إلى أولادهم وبيوتهم قبل رمضان الكريم. شكرًا فخامة الرئيس لتكريمى فى أعياد المرأة المصرية 2023 . أتأمل شهادة التقدير التى تسلمتها (يتقدم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى السيدة نوال سيد مصطفى عطية على ما قدمته من جهد وعطاء لبناء وخدمة الوطن سائلين الله العلى القدير دوام التوفيق والعطاء). شكرًا لأنك تتبنى بكل إنسانية ونبل وإصرار قضية عمرى.

المصريات والمستحيل

المرأة المصرية سطرت بنجاحاتها، كفاحها، صمودها، إصرارها، أروع الصفحات، أتوقف كثيرًا عند قصص تفوق الخيال، قصص واقعية بطلتها امرأة.

جينات النساء فى مصر قادرة على مواجهة الصعب، وخلق طاقة أمل صغيرة فى عتمة الأحزان. قوة نسائنا فى إرادتهن التى لا تعرف المستحيل. لذلك تحتفل مصر بأعياد المرأة، تتعدد الاحتفالات والمجالات التى يتم خلالها تكريم نساء تركن بصمة، حقيقية واضحة فى نطاق عملهن، أو حاولن تغيير الواقع إلى الأفضل. صانعات التغيير فى مصرنا الحبيبة كثيرات، منهن من قاومت أفكارًا عقيمة، هدامة مثل ختان الإناث، وأقنعت أهل قريتها أو منطقتها بها، ونجحت فى ذلك، ومنهن من ساهمت فى تعليم أطفال قريتها الذين تسربوا من التعليم، كثيرات صنعن قصص نجاحهن رغم قلة الموارد، وقسوة الظروف. فعلن كل ذلك بقلب مشحون بالإيمان والإرادة.

أهلًا رمضان

ينفرد شهر مارس هذا العام عن سابقيه، بتصادف أعياد كثيرة اجتمعت فى أيامه، تتشارك جميعها فى كونها حميمة، قريبة من القلب، محفزة للمشاعرالعميقة داخلنا. أولها أعياد المرأة، ثم عيد الأم، وبعدهما مباشرة عيد الأعياد، المفجر لكل الروحانيات رمضان الكريم.

أما عيد الأم، فهو العيد الذى يعيد إلينا إحساسنا بإنسانيتنا، استدعاء الذكريات التى كونت شخصياتنا، أحداث عشناها مع أمهاتنا، كلمات قالتها وحفرت فى وجداننا، جمل لها وقع ومغزى، لا تزال تتردد بين جدران قلوبنا وذاكرتنا، تزداد قيمتها كلما مضت بنا الأيام والسنون، ندرك كم كانت أمينة، مخلصة، محبة فى كل كلمة قالتها، ربما أغضبتنا وقتها، لكننا مع نضج العمر والتجارب فهمنا ماذا قصدت، وكيف رأت الموقف وقتها بعين قلبها وإحساسها.

ويأتى رمضان، لحظة الأذان، تواشيح النقشبندى، مولاى يا مولاى، صوت يفتح نوافذ الروح، لمة الأحباب، فرحة العطاء، الإحساس بالضعفاء، الفقراء، التكافل بين كل الطبقات، الرغبة فى أن يعيش الكل مستورًا، راضيًا، شاكرًا لربه على كل عطاياه ومنحه وهى كثيرة. اللهم امنحنا الرضا، السكينة، والحب لكل مخلوقاتك يا كريم يا رب.

شارلى شابلن فى مصر

ذهبت لمشاهدة العرض المسرحى الموسيقى «شارلى شابلن» وداخلى مشاعر هى خليط من الترقب، التوقع، وأخيرًا التمنى. السبب فى ذلك هو أن المسرحية عن شخصية من أهم الشخصيات العالمية التى أثرت فى تاريخ المسرح العالمى، وفى الفن بشكل عام. تم تجسيدها فى عروض عالمية كثيرة على أكبر مسارح برودواى وكذلك أكبر مسارح أوروبا. أى أنها قدمت بمعالجات درامية مختلفة، لكنها المرة الأولى التى تظهر كمنتج عربى، برؤية مصرية خالصة. القالب الاستعراضى الموسيقى هو الشكل الفنى الذى قرره صناع العمل، وهذا الشكل يحتاج إلى دقة واتقان عالٍ، كذلك اعتمد الحوار على الشعر وهذا تحدٍ آخر نجح فيه باقتدار الدكتور مدحت العدل. أن تكتب قصة حياة شارلى شابلن بكل زخمها وغناها، وما تحويه من لحظات الحزن والألم، الوهج والمجد، قسوة الحياة، والانتصار على محاولات الكسر والهزيمة. ربما كان سؤالى قبل مشاهدة العرض «هل يمكن أن يكتب هذا شعرا؟».

ذهبت، شاهدت، وفعلًا استمتعت بعرض غنى بكل عناصر الدراما، القصة التى جعلتنا نعيش مع شارلى شابلن طفولته شديدة القسوة، أفكاره، أحلامه التى ولدت فى رأسه ووجدانه واستطاع بإرادة فولاذية تقاوم الصعاب أن يحولها إلى حقيقة وواقع يفخر به كل من ارتبط اسمه بهذا الفنان العملاق، ويسعد به كل من استمتع بأفلامه وعروضه المسرحية.

الموسيقى النابضة بالحياة من تأليف إيهاب عبد الواحد، وتوزيع موسيقى نادر حمدى، رقصات واستعراضات وأداء حركى مبهر صنعها فنان حقيقى هو عمرو باتريك، يحسب له خروج الاستعراضات بهذه الدرجة الرائعة من الاتقان، مما يؤكد أن وراء هذا العرض المبهر تدريبات طويلة، جادة، وشغف حقيقى، ورغبة فى الكمال من كل الممثلين وصناع العمل. الجميل فعلًا أن معظم المشاركين فى العرض من الشباب، ابتداءً من صاحب الحلم الفنان محمد فهيم الذى تمنى أن يلعب شخصية شارلى شابلن، فأقنع صديقه المخرج الموهوب جدًا أحمد البوهى بالفكرة، وبدأا معًا التحضير لها، حملا الفكرة إلى الدكتور مدحت العدل الذى تفاعل معها، وبدأ العمل فورًا، وسرت عدوى الشغف والحماس لإنتاج عمل موسيقى، استعراضى مصرى عالمى عن شارلى شابلن، تحمس المنتجان هانى نجيب وأحمد فهمى، غامرا بمالهما وهذا بالطبع يحسب لهما فى ظل الظروف الإنتاجية الصعبة ومع فكرة بهذا الحجم، وتكلفة باهظة تطلبها ديكور عالمى صممه حازم شبل، وإضاءة رائعة لجون هيوى، وتصميم ملابس ريم العدل. المخرج المنفذ أسامة فوزى، بطولة محمد فهيم، نور قدرى، أيمن الشيوى وآخرين. إخراج أحمد البوهى. العرض يعلن عن ظهور ممثل من العيار الثقيل، أدى دوره ببراعة وتمكن هو محمد فهيم، ومخرج حالم، طموح، يتنفس فنًا، هو أحمد البوهى.

النتيجة فعلًا تفرح، تؤكد أن الفن المصرى بخير، وأن جينات الفن الأصيل فى بلدنا تتوارثها الأجيال، فقد قدم العرض أولًا فى موسم الرياض، ولاقى نجاحًا كبيرًا هناك، ثم بدأ يعرض فى مصر ولكن مرة واحدة فقط فى الأسبوع كل يوم جمعة، لكنه كما عرفت من مؤلف المسرحية دكتور مدحت العدل، سوف يزداد عدد مرات عرضها فى مصر إلى أربعة أيام ولكن بعد نهاية شهر رمضان الكريم إن شاء الله. كذلك أعلن فى نهاية العرض أن الفرقة سوف تعرض فى لندن وأوبرا دبى وقطر. ألم أقل لكم إنه عرضٌ عالمىٌ عن شارلى شابلن؟

اشتهر تشارلى تشابلن بشخصيته «الصعلوك» - والمعروفة كذلك باسم «المتشرد» أو «المتشرد الصغير» - وهو الرجل الصغير المرح بقبعته الدائرية المشهورة وشاربه وعكازه. كان تشارلى صاحب شخصية مبدعة وأيقونة عصر السينما الصامتة وأحد أوائل نجوم الأفلام، وساهم بعمله فى رفع مستوى صناعة الأفلام بأفكار سبقت عصره.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة