كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أصوات خالدة

كرم جبر

الأربعاء، 22 مارس 2023 - 06:49 م

مصر التى يسرى الإسلام فى عروق شعبها كجريان النيل فى أرضها، تستقبل رمضان بكل البهجة والسرور.. مصر التى تعشق إسلام الحياة والخير والخضرة والنماء، وأضفى شيوخها الأجلاء من روحهم على المناسبات الدينية معانى البهجة والفرح والخشوع، خصوصاً فى الشهر الكريم الذى تضرب محبته أوتار القلوب وتحلق أيامه ولياليه فى رحاب السماء والخشوع، شهر التسامح والرحمة والمغفرة، وليس تهديد الآمنين المصلين.

الله يحفظ مصر وشعبها وشبابها، ويردنا إلى الإسلام الرحيم الذى تهفو فيه القلوب لذكر الله وحبيب الله، وشيوخ الزمن الجميل الذين غرسوا فى قلوبنا نفحات روحانية، إنها مصر التى قال عنها رسول الله إن أهلها فى رباط إلى يوم القيامة.

يأتى شهر رمضان المعظم وتتلألأ أصوات مشاهير القراء، حيث تضم مدرسة التلاوة المصرية العديد من الأسماء البارزة التى تعدت شهرتها حاجز الزمان والمكان.. أصوات من الجنَّة تشدو على الأرض، يمتازون بحلاوة الصوت ووضوح المخارج والتمكن من الأحكام والضوابط، فمصر هى مهد التلاوة الجميلة التى تسمو بالمشاعر الدينية وترتفع بها لتعانق السماء.

سُئل الشيخ محمد متولى الشعراوى عن رأيه فى أصوات القراء وهم: الشيخ محمود خليل الحصرى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد رفعت؟ فقال: إن أردنا أحكام التلاوة فالحصرى، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعاً فهو محمد رفعت.

"صوته من أسباب تعطيل المرور فى الفضاء، لأن الطير السارح فى السماء يتوقف إذا استمع لصوته" هذا ما قاله العالم الأزهرى الجليل عبد العزيز البشرى، عن إمام المنشدين الشيخ على محمود المتوفى سنة 1948 عن 68 عاماً، وصاحب مدرسة عريقة فى التلاوة القرآنية وابن الجمالية بحى الحسين، وتتلمذ على يديه العمالقة الكبار طه الفشنى وكامل يوسف البهتيمى ومحمد الفيومى، ومن أعضاء بطانته إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، والله عليك يا مصر التى امتزج تسامحها بروح الإسلام، فأنتجت فناً دينياً مصرياً خالصاً، يرتبط بحب الله والتقرب إليه والصفاء الروحى.

أما الشيخ محمد رفعت، فصوته يأتى إلينا بطقوس رمضان واتسمت طريقته بتجسيد المعانى الظاهرة فى القرآن، ويبدأ بالاستعاذة الله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته، فهو خفيض فى بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل "عالياً"، ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآيات الذكر الحكيم، فنفذ صوته إلى أعماق الناس فأبكاهم وأشجاهم، وكانت طبقات صوته ونغماته حقيقية مأخوذة من واقع الناس ومن فنونهم ومن أسواقهم وندواتهم وأفراحهم البسيطة وأحزانهم، أسماء وأسماء ملأت الدنيا بالمحبة والخشوع، وظلت أصواتهم خالدة على مر الزمان.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة