محرر بوابة أخبار اليوم مع الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية
محرر بوابة أخبار اليوم مع الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية


مفتي الجمهورية: اجتمعنا بمشيخة الأزهر لوضع استراتيجية للحد من انتشار الطلاق| حوار

كرم من الله السيد

الخميس، 23 مارس 2023 - 11:12 ص

 أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن الشرع الشريف وضع ضوابط للتعامل مع الغلاء من خلال الحث على التكافل والتراحم مع ترشيد الاستهلاك فضلًا عن التشديد على منع الغش والتدليس والاحتكار والمتاجرة بأقوات الناس، وأوضح فضيلة المفتي في حوار خاص لبوابة أخبار اليوم، كما أكد فضيلته أن الفتوى الرشيدة لا تنفصل عن الواقع، حيث إن تنزيل الأحكام الشرعية وتطبيقها على واقع الناس أمر دقيق، لا بد معه من إدراك الواقع، والإحاطة به، من خلال منظومة كاملة من العلوم كما أجابت الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية علي كثير من القضايا التي تشغل الأذهان في  الحوار الاتي:

- دعنا نبدأ من موجة الغلاء التي تضرب البلاد في هذه الآونة، هل يجوز لمن وجبت الزكاةُ في ماله أن يخرِجَها مقسطةً في صورة دفعات شهرية على مدار العام إلى مَنْ يعرف أنهم يستحقونها لسدِّ حاجتهم شهرًا بشهر؟

يجوز شرعًا إخراج الزكاة مقسطةً على مدار العام بعد مرور الحول على ماله الذي بلغ النِّصاب إلى من يعرفهم من مستحقيها الذين يحتاجون إليها في سد احتياجاتهم شهرًا بشهر، مع مراعاة عدم بلوغ الحول التالي إلا وقد أخرجها كلَّها، ولا يُعَدُّ هذا من تأخير إخراج الزكاة عن موعدها كما نص عليه جماعة من الفقهاء، وهو ما عليه الفتوى.

- هناك مبادرات ظهرت على الساحة في الفترة الأخيرة مثل مبادرات إرسال زكاة الفطر للمغتربين بالخارج هل يجوز إرسالها لمصر؟

من المستقَر عليه في دار الإفتاء المصرية أنه يجوز نقل الزكاة إلى مصارفها الشرعية في غير بلدها عند الحاجة وللمصلحة، وبناءً على ذلك، وعملًا بالمقاصد الشرعية والمصالح المرعية: فإنه يجوز إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وفطرهم إليها، ومن باب أَوْلَى صدقاتهم وتبرعاتهم. بل نرى أفضلية ذلك، وأولويته في هذه المرحلة التي تحتاج البلاد فيها حاجة أكيدة إلى الإنفاق على مصارف الزكاة، وكفاية المحتاجين وسد حاجة المُعوِزين؛ فمصر وأهلها أولَى بمساعدة مواطنيها وأبنائها.

- هل وضع الشرع الحنيف معالجة لحالة الغلاء؟ وماذا عن مبادرات دار الافتاء في هذا الشأن؟

لا شك أن الشرع الشريف وضع ضوابط للتعامل مع الغلاء من خلال الحث على التكافل والتراحم مع ترشيد الاستهلاك فضلًا عن التشديد على منع الغش والتدليس والاحتكار والمتاجرة بأقوات الناس، وهناك العديد من المبادرات التي قامت بها الدار في هذا الشأن منها عمل الندوات واللقاءات وإصدار الفتاوى لبيان ذلك فضلًا عن المبادرات والحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.

- طل علينا مشايخ التدين " التيك واي" فهل هذا يضر بالعقيدة، وكذلك التدين سريع التحضير كما يطلق عليه البعض فما مدى تأثيره على المجتمع؟

إن أخطر المشاكل التي تواجه الشباب اليوم هو التدين الظاهري والشكلي؛ حيث يتم إغراؤهم بالشكل دون تعمق في الدين، وأن اهتمام الإسلام بالقلب يعطي انطباعًا راسخًا أنه يهتم بالجوهر أولًا، أما الظاهر والشكل إنما هو ترجمة عما وقر في القلب، فالمظهر ينبغي أن يكون متوافقًا مع ما استقر في النفس أما إذا كان التدين منفصلًا عن الجوهر فإنما يعبر عن خلل.

- كيف تصدت دار الافتاء لظاهرة الإلحاد؟

 أنشأنا وحدة حوار وهي وحدة مختصة بمواجهة الأفكار الإلحادية والرد على الشبهات المتعلقة بالعقيدة والإلحاد المعاصر، فتستقبل الوحدة أصحاب الشبهات ويتم التحاور معهم والرد على تساؤلاتهم وشبهاتهم في سرية تامة دون زجر أو تعنيف؛ فمنهم طائفة تعاني من مشاكل نفسية فننصحهم باللجوء لطبيب أو معالج نفسي متخصص، ومنهم طائفة عندها شبهات طفيفة وأغلبهم يقتنعون بعد معرفة الرد على شبهاتهم، وهناك طائفة أخرى مطلعة على شبهات دقيقة أغلبها تقوم على دراسات نوعية متعمقة فنستعين بالمتخصصين كل في مجاله للرد على شبهاتهم.

- يحتار البعض في اختيار من يؤخذ بفتواه فما هي الطريقة الأمثل لاختيار الفتوى الصحيحة؟

إن الفتوى الرشيدة لا تنفصل عن الواقع، حيث إن تنزيل الأحكام الشرعية وتطبيقها على واقع الناس أمر دقيق، لا بد معه من إدراك الواقع، والإحاطة به، من خلال منظومة كاملة من العلوم، وتحري الواقع الاجتماعي والفكري، ومعرفة عالم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار، وعلاقات تلك العوالم بعضها بالبعض، فمن كان معزولًا عن الواقع، أو لا يتابعه، أو يتابعه بصورة سطحية، فإن فهمه للشرع الشريف سيكون في المقابل منقوصًا ومشوَّهًا، ولذلك ينبغي اللجوء للمتخصصين وأهل العلم أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعت إليه، وذلك تأكيدًا على دور العلم والتخصص في حياة الناس وصلاح المجتمعات، وهذا ما تقوم به دار الإفتاء؛ فتستعين بالمتخصصين كل في تخصصه، لضمان أن تخرج الفتوى على أساس علمي مؤصل مبني على تصور صحيح مرتبط بالواقع

وأن منهجية دار الإفتاء المصرية في إصدار الفتاوى هي منهجية علمية موروثة، وعندما يرد سؤال إلى دار الإفتاء فلدى علمائها منهجية وخبرات متراكمة، حيث إن الدار تلجأ أحيانًا إلى المتخصصين في العلوم المختلفة مثل الطب والاقتصاد والسياسة وغيرها قبل أن تصدر فتوى في أمر يتعلَّق بهذا التخصص؛ لاستجلاء الأمر والإلمام بكافة تفاصيله، وهذه المنهجية العلمية لا تتوافر غالبًا في كثير ممن يتصدَّون للفتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة من غير المتخصصين في الشأن الإفتائي، ورأينا أنَّها غائبة تمامًا عن هؤلاء، فليس لديهم تَثبُّت، ولا إدراك للواقع ولا مآلات ما يصدرونه من فتاوى.

- بما تفسر عدم رد دار الإفتاء على كثير من الفتاوى الشاذة التي يتعرض لها المجتمع من بعض من يدعون أنهم دعاة؟

 يقوم مرصد الفتاوى التكفيرية الذي أنشأته الدار في عام 2014 لرصد الفتاوى الشاذة والمتطرفة، والرد عليها بأسلوب علمي وشرعي، حيث يعمل على مدار الساعة، وقد أصدر أكثر من 600 تقرير بلغات مختلفة، وكان بالمرصاد لكل الأفكار المغلوطة والشاذة، فضلًا عن وجود إدارات عدة في الدار تقوم برصد كل ما يطرح على الساحة من فتاوى شاذة كإدارة نبض الشارع وغيرها، بل تقوم وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهناك تأييد من جمهور عريض بلا شك، فضلًا عن وجود بعض التعليقات والتفاعلات المسيئة التي يقف خلفها أعداء الوطن من أصحاب الفكر الإخواني المتطرف وغيرهم، وقد أوضحنا كافة شبهاتهم في كثير من الفتاوى والإصدارات كالتأسلمالسياسي والدليل المرجعي، والأهم من ذلك كله وجود صنف ثالث من التفاعلات وهو صاحب النصيب الأكبر من الاهتمام والعناية، وهم أصحاب النقد البناء، فنحن نقدِّر ونثمِّن أي مقترحات أو نقد بنَّاء قائم على المنهجية والموضوعية يوجَّه للدار.

- في شهر رمضان يصيب البعض الفتور بعد النصف الأول من الشهر الفضيل فيما توصي في ذلك؟

إن المسلمَ الحقَّ لا يَمَلُّ من الطَّاعة والمداومة عليها وإنْ قَلَّتْ، ولا يعقب الصَّالحات بسيئات الأقوال ومنكرات الأخلاق، بل يواصل الخير بالخير والحسنات بالحسنات، فعلى المسلم أن يعلم أن فعل الخير، وأداء الطاعات شأنُهُما الاستمرارُ والدوام؛ فإن الخير والطاعة من المطلوبات على الدوام؛ كالإنفاق في سبيل الله، وإطعام الطعام، ومواساة المحتاجين، وسَدِّ حاجتهم، من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، وقد نَدَبَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى طلب الخير طول الدهر؛ فمواسم الخير ليست محصورةً في أول أيام شهر رمضان ولياليه، بل هي مبثوثةٌ طوال الشهر الكريم فضلًا عن غيرها من الأوقات والأيام على مدار العام؛ كالصلاة إلى الصلاة، ويوم الجمعة، وستة الأيام من شوال، والعشر الأُول من شهر ذي الحجة، وهناك يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وليلة النصف من شعبان، والثلث الأخير من كل ليلة.

- ينعم المجتمع المصري بالكثير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات التي تطلب التبرع فما المصدر الذي يرتاح إليه المجتمع للتبرع حتى يصل التبرع إلى مستحقيه؟

 نحن نعطي براحًا وخاصة في القرى؛ فغالبًا بعضهم يعلم حال بعض، ومن الحرج والصعوبة إخراجها لمكان آخر، ولكن الحال قد يختلف في المدن والحضر، فالأفضل إخراجها للمؤسسات أو الجهات الموثوق بها التي تقوم بأعمال نافعة للناس، وخاصة إذا لم يكن يعلم المزكي شخصًا بعينه يستحقها.

- في نقاط ماهي الإجراءات التي يلزم أن يفعلها المسلم للفوز بفضل شهر رمضان؟

علينا ونحن ننعم بهذا الشهر الكريم إلزام أنفسنا بأمور عدة لنكون إن شاء الله من الفائزين والداخلين يوم القيامة من باب الريان، منها أنه عند بداية الشهر علينا تعلُّم ما لا بد منه من فقه الصيام، وأحكامه وآدابه، والعبادات المرتبطة برمضان من اعتكاف وعمرة وزكاة فطر وصلاة التراويح وغيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".

ومنها عقد النية والعزم الصادق والهمة العالية على صلاح القول والعمل والاجتهاد في الطاعة والذكر وتعمير رمضان بالأعمال الصالحة، لأنه ما عزم عبد على طاعة الله ونوى بقلبه أن يؤديها فحال بينه وبينها حائل إلا بلغه أجرها.

كما أنه علينا الاجتهاد في الذكر والدعاء وقراءة القرآن واستلهام المواعظ من الصيام بتذكر الظمأ يوم القيامة، والفرح عند أخذ الكتاب باليمين، وصدق رسول الله صلى الله عليه والسلم حين قال: "للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه".

- هناك تباين بين نظرة المجتمع للمرأة وبين نظرة الإسلام إلىالمرأة تري ما السبب وراء ذلك؟

بفضل الله نظرة المجتمع للمرأة بدأت تتغير إلى الأفضل وخاصة في السنوات الأخيرة علما بأن قضايا وحقوق المرأة من القضايا التي حسمت في الشريعة الإسلامية من أول يوم، فالمرأة عزيزة ومكرمة، ويُتعامل معها في الإسلام من منطق المساواة بينها وبين الرجل، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "النساء شقائق الرجال"، وهي تربي الرجال؛ لذا فيمكن أن نقول إنها "كل المجتمع".
كما أن الإسلام ضمن للمرأة حقها في الميراث وحرم أكله بالباطل، لافتًا إلى أن العادات والتقاليد الفاسدة هي التي رسَّخت لمفهوم حرمان المرأة من الميراث، وينبغي أن نصحح ذلك لأن القرآن عندما نزل حدد للمرأة ميراثها وحقوقها، حتى لقد رأى العلماء أنه ينبغي الأخذ في الاعتبار نصيب الجنين في الميراث بحجز جزء من التركة حتى يتحدد مصيره بولادته.

- هل أثمرت مبادرات الإفتاء وعلى رأسها مبادرة تدريب المقبلين على الزواج؟

بالفعل فدار الإفتاء المصرية تحرص على نشر الوعي الزواجي الرشيد من خلال التأهيل الزواجي للمقبلين على الزواج الذي بدأت برامجه في عام 2014م، والتي لاقت إقبالًا كبيرًا وحققت أثرًا ملموسًا بين المتدربين، كما درَّبت الدار كذلك كل المأذونين على مستوى الدولة بالتعاون مع وزارة العدل المصرية في الفترة الماضية على مبادئ وأحكام وأسس تساعد على الحفاظ على كيان الأسرة المصرية، ونؤكد على أن الدار ماضية في التوسع في تقديم خدماتها في مجال تنمية الأسرة المصرية، ويظهر هذا في قيام الدار بإنشاء فروع جديدة.

- للتطرف الفكري في المجتمع انتشار ليس بالقليل فكيف تصدت الدار له؟

دار الإفتاء ماضية في حربها ضد كافة أشكال التطرف الفكري والسلوكي واللا ديني من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة الذي يرصد كلَّ ما يصدر عن الجماعات المتطرفة من أفكار وآراء وإصدارات، ويقوم بتحليلها والرد عليها وتفنيد فكرها المنحرف، وكذلك من خلال مركز سلام لدراسات التطرف وإصداراته ودراساته المهمة وبرامجه التي وضعها لمواجهة الفكر المتطرف بكافة أشكاله.

- البعض يرى أن المؤسسات الدينية في مصر ليس لديها تعاون في مجال الدعوة فما رد فصيلتك على هذا الادعاء؟

هذا الكلام غير صحيح فقد تعاونت الدار مع باقي المؤسسات الدينية الأخرى فمنذ شهور تم بمقر مشيخة الأزهر اجتماع لأعضاء اللجنة التنفيذية المشكلة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الافتاء المصرية، لوضع استراتيجية خاصّة بتنفيذ حوار مجتمعي للحد من انتشار مشكلة الطلاق في المجتمع، بالتعاون مع مؤسسات الدولة ذات الصلة، والإعلاميين والمفكرين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والمراكز البحثية، والدوائر القضائية، وسائر مؤسسات الدولة المعنية بقضايا الأسرة.

- العالم يعج بالحروب والانقسامات فما دور المؤسسات الدينية للحد من هذا؟

إن الإسلام قد أرسى قواعد وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، وجعل ذلك الأصل للتعاون والتكامل.

وما أحوجَ العالمَ إلى وجود منصاتٍ للحوار المبنيِّ على أصول راسخة، الحوارِ الذي يظل مُحترِمًا للخصوصيات ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر، بل يقوم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي؛ ذلك الحوار الذي لا ينقلب إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف بقدر ما هو محاولة لفهمه وبناء جسور التفاهم والتعاون معه، تنفيذًا لمراد الله عز وجل، فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوبًا وقبائل ليتعرف بعضُنا على بعضٍ كما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]".

وقد ساهمت دار الإفتاء المصرية في إطلاق "منصة الحوار الإقليمية للقيادات والمؤسسات الدينية في العالم العربي"؛ من أجل تعزيز العيش السلمي والمواطنة المشتركة، سيرًا على نهج من سبقه من علماء الأزهر الشريف من المفتين الذين وضعوا لبنات متكاملة في سبيل تعزيز الحوار الديني والتعايش المشترك.

- ما الهدف من مركز الرد على الفتاوى الشاذة الذي أطلقته الدار؟

مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 وأرهب العالم وأجبر الناس على الهجرة من أماكنهم، وقد استشعرنا هذا الخطر على الأمة وأنشأنا مرصد "الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة"، وأن هذا المرصد يعمل على مدار الساعة من خلال محاور ثلاثة: الأول وهو عملية رصدية لما يصدر من آراء وفتاوى تكفيرية وآراء متشددة، والثاني هو تحليل هذا المرصود من خلال وحدة التحليل الموجودة في دار الإفتاء المصرية، والأمر الثالث وهو إصدار تقرير عن عملية الرصد.

- يشكك البعض في قدرة المؤسسات الدينية المصرية في الريادة وهناك بعض الدول تحاول سحب البساط منها فما ردكم؟

هذا الأمر تغير تمامًا في السنوات الأخيرة وخاصة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي فكثرة الأسئلة الواردة إلينا في دار الإفتاء دليل على عودة ثقة الناس بالمؤسسات الدينية الرسمية بعدما سحبته الجماعات المتشددة خلال فترات سابقة

- يرى كثير ممن يهاجمون الدار بأنها لا تعمل على تحديث آلياتها في مواجهة القضايا؟

دار الإفتاء المصرية مؤسسة عريقة لها دور كبير متجذِّر في التاريخ ليس وليد اليوم؛ فهي تُعد بيتًا للخبرة في الفتوى والإفتاء ليس على مستوى مصر فحسب، ولكن على مستوى العالم منذ إنشائها في عام 1895م، وتمتلك ميراثًا كبيرًا في الفتاوى التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المجتمعي، ونسعى دائما لتحديث آليات العمل داخل الدار وخير شاهد على ذلك حصاد الإنجازات والأنشطة التي تصدر نهاية كل عام.

- بعض وسائل الإعلام تهتم بإبراز أصحاب الفكر المتطرف والشاذ فكيف تري ذلك؟

ربما تهتم وسائل الإعلام المتطرفة بذلك ولكن وسائل الإعلام المصرية والوطنية تدرك خطورة الفكر المتطرف ولذلك فهي تسلط الضوء أحيانًا على الفكر الشاذ من أجل علاجه وتبصير الناس به؛ فالإعلام رسالة سامية ووسيلة فعالة في نشر القيم الإيجابية الفعالة، والإعلام الراقي ركيزة أساسية من ركائز تقدم الأمم والشعوب، لأن الإعلام من أهم مؤسسات صناعة وتشكيل الوعي والاستنارة، ولست أبالغ إذا قلت إن حضارة الأمم والشعوب إنما تقاس بمدى ما يتمتع به إعلامها من مصداقية في الرسالة، وسمو في الغاية، ونبل في الهدف والوسائل بلا ميل ولا تحزب لغير الحق والحقيقة.

- كيف تسير خطة مركز سلام وهل حقق الهدف من إنشائه؟

مركز سلام لدراسات التطرف والإرهاب، هو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، قد حقق هدفه والهدف من إنشائه، وهو مركز منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم، وقد جاء تأسيس مركز سلام لدراسات التطرف كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دءوب لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي، وذلك باستخدام كافة الطرق العلمية الحديثة، والاستفادة من كافة وسائل التقنيات المعاصرة، وفي مقدمتها الشبكة العنكبوتية ووسائل السوشيال ميديا المختلفة، بمشاركة مجموعة من أمهر المتخصصين في المجال الفكري والشرعي والتقني والإعلامي، وبخاصة المتعلق بمكافحة التطرف الإرهاب.

- دائمًا تثير قضية الطلاق الجدل فكيف تتعامل الدار مع هذه القضية؟

دار الإفتاء تتخذ عدةَ تدابير وقائية من أجل تحصين بناء الأسرة؛ حيث أطلقت في الأعوام الأخيرة عدة دورات وبرامج متخصصة في هذا الشأن، كبرنامج "تأهيل المقبلين على الزواج" الذي يهدف إلى توعية المقبلين على الزواج، وكذلك إنشاء وحدة متخصصة للإرشاد الأسري والزواجي حيث تحال عليها المشكلات من إدارات الفتوى المختلفة، وكذلك إدارة فض المنازعات الأسرية. ويتمُّ في جلسات الإرشاد الأسري بحث مسائل الطلاق، بحضور ممثل شرعي من دار الإفتاء، إلى جانب متخصصين في علم النفس والاجتماع، فضلًا عن رصد أهم المشكلات والمستجدات المتعلقة بالأسرة، خاصة الطلاق لدراستها والعمل على حلِّها بإيجاد معالجة شرعية من خلال اعتماد اختيارات فقهية تعدُّ مخارجَ شرعية لكثير من حالات الطلاق؛ مراعاةً لأحوال الناس، وتحقيقًا لمصلحة بقاء العلاقة الزوجية.

- في رسائل قصيرة توجهها فضيلتكم إلى الآتي: مختلف وسائل الإعلام، جمعيات المجتمع المدني، التجار، منتقدي التراث، الدعاة؟

أتوجه بنصيحة إلى رواد مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني ووسائل الإعلام بعدم تناقل أو نشر أي معلومات أو أخبار دون التأكد منها والتحري عنها ومعرفة مدى أثرها على الناس والمجتمع، وكذلك أناشد التجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة، أما منتقدي التراث فأقول لهم إن التراث الفقهي ليس مقدسًا، ولكن لابد من احترامه؛ لأنه نتاج عقل علمي منضبط في إطار الاجتهاد، ومن العوار أن نستصحب من التراث ما كان لما هو كائن الآن وبعقل ليس فاهمًا، ومع ذلك فمن العسير التفريط بكل التراث العلمي المتراكم عبر القرون بدعاوى حرية الرأي والتفكير.

وأما منظمات المجتمع المدني التي تعمل تحت مظلة القانون فدورها ثمين ومؤثر وفعال طالما التزمت بالقوانين المنظمة لعملها، وبخصوص الدعاة فأنا أنصحهم بضرورة الاستزادة من العلم ومعرفة الواقع لأن الواقع متغير ومتطور.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة