أميمة كمال
أميمة كمال


لذا لزم التنويه

التاريخ عندما يُسطره قاض جليل

أخبار اليوم

الجمعة، 24 مارس 2023 - 08:06 م

عندما علمت بنبأ رحيل المستشار حمدى ياسين نائب رئيس مجلس الدولة السابق ، منذ أيام قليلة ،عدت إلى كتابه الأشهر «الخصخصة الفاسدة» ليتبين لى أن القاضى الجليل لم يشأ أن يغادر دنيانا،  قبل أن يُسطر لنا بقلمه جانبا من تاريخنا القريب.

ويترك لنا حكايات عن رؤساء وزراء ،ووزراء لامعين، وقيادات شركات ذات أسماء رنانة، وأصحاب مكاتب أجنبية ومحلية شاركوا جميعا فى إهدار المال العام من خلال صفقات الخصخصة فى التسعينات ومابعدها، والتى كشف بأحكامه عن فسادها. أحكام قضت بعودة شركات قطاع عام بعد خصخصتها إلى الدولة. منها شركة المراجل البخارية التى كانت صرحا للصناعة الثقيلة التى تمد 67 صناعة أخرى باحتياجاتها، وكانت جزءًا من برنامج مصر النووى.

فتحولت بفعل الخصخصة الفاسدة إلى قطعة أرض فضاء، بعد غلق المصنع، وبيع المشترى للأرض، لإقامة مشروع سياحى. وحكايات الفساد التى صاغها القاضى الجليل أغرب من الخيال. منها شركات بيعت بدون أراض.

فما كان من أولى الأمر أن استباحوا لأنفسهم إهداء المشترين أراضى فضاء، ومصايف العمال، وعقارات لم ترد فى العقد . والحقيقة أنه كشف لنا ماكان خافيا علينا، من تغير موقف (ممثل هيئة قضايا الدولة) الذى كان من المفترض أن يقف مدافعا عن قرارات الحكومة، إلا أن المستشار حمدى ياسين يقول «إن محامى الحكومة أثناء جلسات دعاوى الخصخصة، اتخذ موقفا شريفا سيسجله التاريخ. حيث رفض فساد الخصخصة، وفوض المحكمة فيما تراه محققا للصالح العام».

ولكن بعد ذلك جاءت الحكومة ورفضت استرداد الشركات، وفضلت أن تقدم طعونا ضد الأحكام التى تقضى باستعادة الشركات .

ولكن خابت ظنون الحكومة ،بعد أن أيدت المحكمة الإدارية العليا أحكام المستشار الذى صاغ جملته الشهيرة بأن الحكومة تنظر إلى المال العام «وكأنه رجس من عمل الشيطان يستوجب التخلص منه».

وكان إهداء الكتاب من نصيب «الذين وقفوا بالمرصاد، ومازالوا يقفون دفاعا عن المال العام». واللافت أن  نهاية حيثيات أحكامه تقضى بأنه من حق كل من له منفعة من تنفيذ الحكم، أن يحصل على الصيغة التنفيذية للحكم، وعليها بالطبع خِتم المحكمة .

وكأنه كان يعرف أن الذين وقفوا بالمرصاد لحماية المال العام ،هم وحدهم الذين سيسعون لتنفيذ الأحكام، واستعادة الشركات.

رحم الله المستشار الجليل الذى غيبه الموت، وسنظل نأنس بكلماته.  

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة