عمالة الأطفال - صورة أرشيفية
عمالة الأطفال - صورة أرشيفية


«عمالة الأطفال.. بين التجريم القانوني والواقع المعايش»| تقرير

مروة العدوي

الثلاثاء، 28 مارس 2023 - 03:06 م

قالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن ظاهرة عمالة الأطفال تتفاقم بشكل كبير وخطير في مختلف أنحاء العالم، وباتت واحدة من أهم القضايا التي يسعي المجتمع الدولي للقضاء عليها، حيث تعتبر عمالة الأطفال من الظواهر الإجتماعية التي أخذت أبعاد خطيرة في الوقت الراهن على كافة المستويات وذلك نظرا للآثار السلبية والنتائج الوخيمة التي تترتب عليها سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمع ككل. 

فعمالة الأطفال هي الأعمال التي يقوم بها الطفل وتؤثر بشكل سلبي على الطفل جسديا ونفسيا واجتماعيا وعقليا، بالإضافة إلى إعاقته عن تعليمه. ولها العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تؤدي إلى توغلها في المجتمعات بشكل كبير. 

كما أنه يوجد العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تجرم عمالة الأطفال، ليس هذا فحسب ولكن يوجد العديد من التشريعات في القانون والدستور المصري التي تجرم عمالة الأطفال، وتحدد السن القانوني للعمل.

مصر اتخذت عدد من اجراءات وخطوات هامة لمواجهة عمالة الأطفال 

واقع ظاهرة عمالة الأطفال في مصر يشير إلى عدد كبير فقد وصل عدد الأطفال العاملين في مصر وفقا لأخر إحصائية رسمية في عام 2010م نحو 1.6 مليون طفل. 

ولهذا قامت مصر باتخاذ عدد من الإجراءات والخطوات الهامة لمواجهة تلك المشكلة، لما لها من آثار وخيمة على المجتمع المصري؛ ومن أبرز تلك الإجراءات "الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال في مصر 2025"، بالإضافة إلى سن العديد من القوانين والمواد الدستورية، وإضافة وحدة جديدة باسم "إدارة التفتيش على عمل الأطفال" بديوان وزارة القوى العاملة ووحدات رعاية الأطفال بمديريات القوى العاملة. 

ماهية عمالة الأطفال

لكي نتمكن من حماية الطفل ومنحه حقوقه، فإنه يجب أولا أن نعرف من هو الطفل المشمول بهذه الحمايةـ وما هو المقصود بعمالة الأطفال. 

تعريف الطفل: 

عرف القانون الدولي الطفل على أنه "كل طفل لم يبلغ سن الثامنة عشر من عمره". 
كما تم تعريفه في المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل على أنه "هو كل إنسان لم يبلغ سن الثمانية عشر، ولم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون".

 تعريف عمالة الأطفال

يوجد أكثر من تعريف لعمالة الأطفال ويمكن توضيحهم كما يلي: 

وفقا لمنظمة الأمم المتحدة: قد تم تعريف عمالة الأطفال على أنها "هي الأعمال التي تضع عبء ثقيل على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، ويوجد في ذلك انتهاك للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل". 

اقرأ ايضا.. بعد استجابة الرئيس.. برلمانية: الحوار الوطني سيكون أحد أهم أحداث 2023

وفقا لاتفاقية حقوق الطفل الخاصة بمنظمة اليونيسيف: مصطلح عمالة الأطفال يعرف على أنه "عمل يحرم الأطفال من طفولتهم ومن إمكاناتهم وكرامتهم، ويضر بنموهم البدني والعقلي. بالإضافة إلى أضرار عقلية أو جسدية أو اجتماعية أو أخلاقية للأطفال. ويعمل على حرمان الأطفال من الحصول على تعليمهم عن طريق إجبارهم على ترك المدرسة قبل الأوان، أو مطالبتهم بمحاولة الجمع بين الحضور إلى المدرسة والعمل الشاق المفرط ". 

تصنيفات عمالة الأطفال

لا يجب تصنيف جميع الأعمال التي يقوم بها الأطفال على أنها عمالة أطفال. حيث يوجد هناك عدة تصنيفات لعمالة الأطفال أبرزها هو تصنيفها إلى: 

عمل إيجابي: ويقصد بالعمل الإيجابي هو كافة الأعمال التطوعية أو حتى المأجورة التي يقوم بها الطفل والمناسبة لعمره وقدراته. ويمكن أن تكون لها انعكاسات إيجابية على قدراته العقلية ونموه الجسدي والذهني. حيث تعتبر مشاركة الأطفال أو المراهقين في العمل الذي لا يؤثر على صحتهم ونموهم الجسدي والذهني أو يتعارض مع تعليمهم أمرا إيجابيا. ويشمل هذا العمل مساعدة والديهم في الأمور المنزلية أو الأعمال التجارية العائلية، أو كسب مصروف الجيب أثناء العطلات المدرسية وخارج ساعات الدراسة. وتلك الأنواع من الأنشطة تساهم في نمو الأطفال وتزويدهم بالمهارات والخبرة والتي تساعد في إعدادهم ليكونوا أعضاء منتجين في المجتمع خلال حياتهم البالغة.

عمل سلبي: هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل ويهدد صحته ورفاهية، وهو الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه، كما أنه العمل الذي يستغل عمالة الأطفال كعمالة رخيصة وبديلة عن عمالة الكبار، وهو العمل الذي يعيق تعليم الطفل ويغير حياته ومستقبله. وتشمل عمالة الأطفال التي يجب القضاء عليهاما يلي؛ أسوأ أشكال عمالة الأطفال المطلقة التي عرفت دوليا بالاستعباد والاتجار بالبشر وجميع أشكال العمل الإجباري وتوظيف الأطفال في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة جبرا. بالإضافة إلى العمل الذي يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات. 

ثانيا: أسباب عمالة الأطفال 

ترجع أسباب ظاهرة عمالة الأطفال إلى عدة عوامل مختلفة ومتنوعة ومتشابكة ومتداخلة ومترابطة، حيث يتحكم في مدى انتشار وتوغل ظاهرة عمالة الأطفال داخل مجتمع ما عدة عوامل مختلفة منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والأسرية وغيرهم.

ويمكن توضيح ذلك فيما يلي: 

العامل الاجتماعي:

هناك عدد من العوامل الاجتماعية التي تؤثر تأثيرا مباشرا على ظاهرة عمالة الأطفال وعلى رأسهم؛ التفكك الأسري وخاصة الطلاق وتنصل الطرفين من المسئولية مما يؤدي لتشرد الأطفال واضطرارهم للعمل في سن مبكر، بالإضافة إلى زيادة عدد أفراد الأسرة عن المعدل الطبيعي الأمر الذي يثقل كاهل رب الأسرة ويجعله عاجرا عن توفير متطلبات الحياة ومن ثم خروج الأبناء للمساعدة في سد تلك الاحتياجات. انتشار الجهل ونقص المعرفة بمخاطر عمالة الأطفال وانتشار الأمية في المجتمع. 

العامل الاقتصادي: 

يعد الفقر من أبرز الأسباب المؤدية لإنخراط الطفل بالعمل، ويتناسب عمل الطفل عكسيا مع دخل الأسرة، فكلما زاد دخل الأسرة قلت فرصة الخروج للعمل. وأيضا الديون المتراكمة التي يعاني منها العديد من الأسر الأمر الذي يدفع الأطفال للعمل لسد تلك الديون. كما يعد الفقر نتيجة لعمالة الأطفال أيضا حيث تمثل عائق لانتظامه في التعليم وبالتالي خروج أجيال واقعة في مستنقع الجهل، الأمر الذي يجعل المجتمع يقع بين فكي كماشة الجهل والفقر بالإضافة إلى أن الأزمات الاقتصادية والمالية الطاحنة التي تمر بها البلاد وتؤثر في غالبية الأسر والتي نتجت غالبا عن الحروب أو غيرها من العوامل الأخرى، أدت إلى خروج الأطفال للعمل وذلك لسد الحاجات الأساسية لهم ولأسرتهم ولزيادة دخل أسرتهم للوصول إلى حد الكفاف من المعيشة. 

العامل التعليمي: 

ترتبط عمالة الأطفال ارتباطا وثيقا بالتسرب من التعليم أو عدم الالتحاق به من الأساس. ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل والتي من أهمها ما يلي: 

ضعف المناهج الدراسية والتي تتسم بالعقم وعدم الاهتمام بتطويرها لمواكبة متطلبات العصر التكنولوجي الحديث، مما يؤدى إلى عدم تنمية فكر الطفل وصقل مهاراته وإبداعاته. 

الأساليب التربوية في المدرسة، وأنها تعرض الطفل للتوبيخ والضرب من قبل المعلمين أمام زملائه. 
عدم قدرة الطفل على التكيف في المدرسة بسبب تعرضه للتنمر من زملائه سواء تنمر جسدي أو لفظي. 
الفشل الدراسي، وعدم تحقيق الطفل أي إنجاز بسبب عدم امتلاكه المؤهلات العقلية والذهنية الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة الفهم ومن ثم ترك التعليم والاتجاه للعمل. 

قلة عدد المدارس وبعدها عن المساكن، بالإضافة إلي تكاليف التعليم الباهظة. 

 العامل القانوني:

غياب التشريعات القانونية الصارمة والملزمة بشكل كافي سواء على المستوى المحلي أو الدولي والتي تحول دون عمالة الأطفال وتجرمها. حيث أن النصوص القانونية لم تضع الضمانات الكافية لحماية الأطفال من الاستغلال وبالتالي عدم وجود عقوبات رادعة للمخالفين. وتتمثل الإشكالية القانونية هنا في غض الطرف عن جميع الأطراف المسئولة عن انتشار عمالة الأطفال وعلى رأسهم أصحاب العمل وأولياء الأمور وضعف المسائلة الجنائية عليهم. وعدم قيام الدولة بدورها من حيث مراقبة ومتابعة تنفيذ الإلتزامات المفروضة على أصحاب العمل الذين يلجئون إلى الأطفال كأيدي عاملة رخيصة، وأيضا عن متابعة الآباء الذين يتخلون عن التزماتهم تجاه أبنائهم. 

ثالثا: الآثار السلبية لعمالة الأطفال "مخاطر عمالة الأطفال"

يترتب على عمالة الأطفال العديد من النتائج التي تؤثر بشكل سلبي ليس على الطفل فحسب ولكن على مستوى المجتمع ككل وتخرب بنيان المجتمع بشكل عام في الحاضر والمستقبل، فمشكلة عمالة الأطفال متشعبة ومعقدة وتؤثر في عدد كبير من الجوانب الجسدية والنفسية ووالاجتماعية والمعرفية وغيرهم.

 وفيما يلي أهم النتائج الملموسة لعمالة الأطفال: 

الآثار الجسدية: 

يتعرض الطفل لظروف عمل قاسية تؤثر على التطور والنمو الجسدي المتوزان له، حيث تتسبب في الكثير من الأضرار الجسدية بحق الأطفال والتي تنتج عن الأعمال الخطيرة التي لا تتناسب مع سن هؤلاء الأطفال مثل العمل على آلات ثقيلة ووسائل حادة. والتي تسبب إصابات جسدية جسيمة وجروح وكدمات بالإضافة إلى الإصابة بأمراض التهابات الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية والأمراض البصرية وذلك بجانب إصابتهم بالعدوى نتيجة اختلاطهم بغيرهم من العاملين الأكبر سنا مع ضعف مناعتهم، وخاصة مع عدم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم وسوء التغذية. 

الآثار النفسية: 

تختلف الآثار النفسية من طفل لآخر تبعا لاختلاف نوعية العمل وظروفه والظروف الأسرية للطفل، فبعض الأطفال يبدو عليهم الإحساس بالرضا لما يقدمونه من دعم لأسرتهم، ولكن على الرغم من ذلك فإنهم يعيشون في صراع نفسي بين رغبتهم بأن يكونوا مع أصدقاء من نفس عمرهم يشاركونهم اللعب وبين إحساسهم بالمسئولية الاقتصادية والاجتماعية تجاه أسرتهم. 

ولكن الأغلبية العظمى من الأطفال العاملين يعانون من أمراض نفسية مثل الخوف والقلق والاكتئاب والإحباط بسبب تعرضهم للاستغلال والجهد والقسوة والإرهاق وعدم توفر أي نشاط ترفيهي لهم، بالإضافة إلى حرمانهم من التعليم وتأسيس مستقبل حقيقي عن طريق الدراسة، والحرمان من التعليم أيضا يشعرهم بالقهر الاجتماعي وإنعدام العدالة الاجتماعية. وذلك بالإضافة إلى عدم الشعور بالأمان والاستقرار النفسي لهم نتيجة لبعدهم عن أسرتهم لساعات طويلة، وافتقادهم لشعور الحب والعطف الأسري والذي يتمتع به غيرهم من الأطفال الذين يعيشون في كنف أسرتهم. 

الآثار الاجتماعية والأخلاقية: 

إن بقاء الأطفال خارج منازلهم لفترات طويلة يتيح لهم التعامل مع أصناف مختلفة من البشر، كما يؤثر ذلك بشكل سلبي في شعورهم بالإنتماء إلى الجماعة وقدرتهم على التعاون مع الآخرين والإندماج في المجتمع بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ. ويؤدي ذلك إلى تعلمهم إلى عدد من السلوكيات المشينة مثل التدخين وتعاطي المخدرات وشرب الحكوليات وتداول الألفاظ البذيئة. كما أن هؤلاء الأطفال يعدوا بمثابة أرض خصبة لاستغلالهم جنسيا واستدراجهم للتورط في الانضمام للجماعات الإرهابية والمسلحة وذلك نتيجة بعدهم عن التوجيه الأسري وحاجتهم للمال، ومن ثم توفر لهم تلك الجماعات احتياجاتهم مقابل الإنضمام إليها والوفاء لها. بالإضافة إلى ظهور أطفال الشوارع وعصابات الأطفال. 

الآثار المعرفية والعاطفية: 

يتأثر تطور الطفل المعرفي نتيجة تسربه من التعليم أو تغيبه المستمر عن المدرسة، مما يؤثر على قدرته على الكتابة والقراءة والحساب وغيرهم من العمليات العقلية الأخرى الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على مستقبله في تحسن تطوره المعرفي. بالإضافة إلى الأثر السلبي على المجتمع من خلال زيادة نسبة الأمية في وقت يتوجه فيه العالم نحو تحقيق هدف أساسي من أهداف التنمية المستدامة آلا وهو القضاء على الأمية والحق في التعليم الشامل. 

أما بالنسبة للجانب العاطفي فإن غياب الطفل عن منزله لفترات طويلة يؤثر بشكل سلبي على تطوره العاطفي وتأثر علاقته بالأسرة والمجتمع ككل. بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الزواج المبكر أو زواج الأطفال. 

رابعا: الاتفاقيات والمواثيق الخاصة بتجريم عمالة الأطفال

يوجد العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر بالإضافة إلى عدد من التشريعات الوطنية التي تجرم عمالة الأطفال وتحد من انتشارها بشكل كبير، وفيما يلي سوف نعرض بشيء من التفصيل الدقيق أبرز تلك الاتفاقيات والتشريعات: 

الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تجرم عمالة الأطفال: 

في إطار الأمم المتحدة: 

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل عام 1989، وصادقت مصر عليها عام 1991، وأكدت الاتفاقية على ضرورة السعي لمنع استغلال الطفل اقتصاديا، وحمايته من أداء أي عمل قد يكون خطرا أو قد يعرضه لإعاقة تعليمه ويمثل ضررا على صحته ونموه الجسدي والعقلي والنفسي، وألزمت الدول الأطراف باتخاذ عدد من الإجراءات التشريعية التي تكفل هذه الحماية وعلى رأسها وضع حد أدنى لسن الإلتحاق بالعمل والظروف الملائمة لهذا العمل، بالإضافة إلى فرض عقوبات تضمن تطبيق تلك التشريعات. 
كما أنه تم إقرار الإعلان العالمي لحقوق الطفل في نفس العام، والذي ينص على وجوب حماية الطفل من كافة ضروب القسوة والإهمال الاستغلال وعلى الا يتم استخدامه قبل بلوغ 18 عاما، وعدم تولي حرفه تضر صحته أو تعوق تعليمه. 

في إطار منظمة العمل الدولية: 

أصدرت منظمة العمل الدولية 8 اتفاقيات تمثل المعايير الأساسية لحقوق الإنسان في العمل، وتلتزم جميع الدول بالنصوص الواردة في تلك الاتفاقيات والوفاء بالالتزامات المترتبة عليها، وانضمت مصر لهذه المنظمة عام 1926م. وشنت المنظمة في عام 2002 يوم 12 يونيو من كل عام اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال.

أبرز اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بمكافحة عمل الأطفال:

اتفاقية العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدني لسن الاستخدام: وتهدف هذه الاتفاقية للقضاء على عمالة الأطفال بشكل كامل على المدى البعيد، ووضعت حد أدنى لسن العمل وهو إتمام الطفل مرحلة تعيمه الإلزامي، والذي لا يقل عن 15 عاما. كما أنها منعت عمل الأطفال تحت سن 18 عاما في الأعمال التي يحتمل أن تكون خطر على صحتهم. 

اتفاقية العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال: جاءت مكملة لاتفاقية رقم 138، وقد حثت على القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال.

 وحددت تلك الأشكال فيما يلي: 

كافة أشكال الرق والاستعباد والاتجار بالبشر كبيع الأطفال، والعمل سدادًا لدين وسائر أشكال العمل الجبري. 
التجنيد الجبري للأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة. 

- العمل الذي يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات.

- العمل الذي يهدد الصحة الجسدية والفكرية والنفسية للطفل.

- العمل الذي من شأنه إعاقة تعليم الطفل ونموه التام. 

كما أكدت هذه الإتفاقية على أهمية التعليم الأساسي المجاني، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الأطفال العاملين والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع، مع العناية باحتياجات أسرهم. 

الاتفاقيات العربية التي تجرم عمالة الأطفال: 

منظمة العمل العربية: 

أصدرت هذه المنظمة 19 اتفاقية حتى الآن بالإضافة إلى 8 توصيات، تضمنت معظمهم نصوص حول الأطفال. وخاصة الاتفاقية العربية رقم (1) لسنة 1966 بشأن مستويات العمل، والتي وضعت الإطار التشريعي المحلي للدول العربية في مجال العمل فقد نصت على عدم جواز تشغيل الأطفال تحت سن 12 عام. والاتفاقية العربية (18) لسنة 1996 بشأن عمل الأحداث، والتي تعد الاتفاقية الأولى من نوعها المتخصصة في مجال عمل الأطفال على المستوى العربي.

الإطار التشريعي المصري الخاص بتجريم عمالة الأطفال 

اهتم التشريع المصري بشكل كبير بسن قوانين لتنظيم عمل الأطفال ومن أبرز تلك التشريعات ما يلي: 
القانون رقم (14) لسنة 1959 في المادة (124)؛ والتي تنص على أنه لا يجوز تشغيلأي طفل يقل عمره عن 12 عام. 

قانون العمل رقم (137) لعام 1981؛ والتي تنص على عدم جواز عمل الأطفال بين سن 12 إلى 15 عام أكثر من 6 ساعات يوميا. 

قانون الطفل رقم (12) لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم (126) لسنة 2008 واللائحة التنفيذية له الصادرة بالقرار رقم (2075) لسنة 2020؛ والذي يشمل عدد من البنود التي تنظم عمل الأطفال وعلى رأسها حظر عمل الأطفال تحت 14 عام وألا تزيد عدد ساعات العمل عن 6 ساعات ويحظر تشغيلهم عدد ساعات إضافية أو في أيام العطلات أو بعد الساعة 11 ليلا. 

القرار الوزاري رقم (118) لسنة 2003 والتي أصدرته وزارة القوى العاملة بشأن حظر اشتغال الأطفال بالأعمال الخطرة بالإضافة إلى أن الدستور المصري لعام 2014 قد عمل على تنظيم عمل الأطفال من خلال بعض المواد الدستورية والتي من أبرزها؛ المادة رقم (80) والتي حظرت تعليم الأطفال قبل بلوغ سن التعليم الإلزامي، والمادة رقم (19) وتنص على الحق في التعليم الإلزامي والمجاني، والمادة رقم (20) وتنص على الحق في الحصول على التدريب الفني والمهني، والمادة رقم (17) والتي تنص على توفير الضمان الاجتماعي. 

خامسا: واقع عمالة الأطفال في مصر 

وفقا للمسح القومي الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري لعام 2010 لعمل الأطفال والبرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال تبين أن هناك نحو 1.6 مليون طفل بين عمر 12 عام إلى 17 عام يعملون في مصر، أي ما يعادل نحو 9.3% من أطفال مصرـ وذلك بمعدل طفل من كل عشرة أطفال تقريبا. 

ونسبة 82.2% منهم يتعرضون لظروف عمل قاسية وغير آمنة، والذكور تمثل النسبة الأعلى مقارنة بالإناث بواقع 83.5%، كما بلغت نسبة الأطفال العاملين لعدد ساعات أكثر من المسموح بها نحو 16.9% من إجمالي الأطفال العاملين وكانت النسبة الأعلي للأطفال الإناث بواقع 22.2%. 

كما تبين أن هناك علاقة طردية بين عمر الطفل وتعرضه لظروف عمل سيئة وقاسية، حيث وصلت نسبة الأطفال الذكور العاملين الذين يتعرضون لظروف عمل قاسية بين سن (12 : 17) عام إلى 83%، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 89% في الفئة العمرية بين (15 : 17) عام. وترتفع النسبة في الإناث لتصل 93% في الفئة العمرية بين (15 : 17) عام. 

ترتفع معدلات عمل الأطفال في المناطق الريفية عن المدن وتبلغ ذروتها في ريف وصعيد مصر، ثم في الوجه البحري وبعدها المحافظات الريفية الواقعة على الحدود. وجدير بالذكر أن أكثر القطاعات التي تتضمن عمالة الأطفال هو قطاع الخدمات، حيث الأطفال يبيعون في الشوارع، بالإضافة إلى الأطفال العاملين كمضيفين يقدمون مشروبات في المقاهي. ومن هنا نجد أن عمل الأطفال في الشوارع هو الأكثر شيوعا والأكثر خطورة في الوقت ذاته. 

والإشكالية الرئيسية في عمل الأطفال في مصر هي أنه يوجد بالفعل قانون عمل يحظر عمل الأطفال تحت سن 14 عاما، ولكن هذا القانون ينحصر تطبيقه فقط في القطاعات الحكومية حيث تخضع هذه القطاعات للرقابة وخاصة المصانع الكبرى، بينما القطاعات الخاصة ينتشر بها عمالة الأطفال بشكل كبير حيث تمثل عمالة رخيصة لهم. 

ومن هنا سوف يتم رصد لبعض الحالات التي تمثل انتهاك لحقوق الأطفال، حيث يوجد العديد من الأطفال الذين وقعوا ضحايا لقمة العيش في مصر، فقد انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال بقرى ومراكز المحافظات، الأمر الذي يراه الأطفال فرصة لجني الأموال من خلال العمل في الأرض الزراعية والمناجم والورش. 

عدد من الحوادث التي راح ضحيتها عدد من الأطفال ما بين موتي ومصابين: 

في 8 فبراير 2023، اسفرت حادثة انقلاب سيارة ربع نقل على طريق الإسماعلية السويس الصحراوي محمله بأطفال عن مصرع طفلين وإصابة 40 طفلًا آخرين من العاملين بالمزارع بإصابات مختلفة، ما بين كدمات وسحجات وكسور وجروح، نتيجة انقلاب السيارة التى يستقلونها على طريق وصلة أبوسلطان. 
وفي 15 يناير 2023 أثناء مشهد يومى اعتاد عليه أطفال قرية المطيعة التابعة لمركز أسيوط حيث يقومون بترك قريتهم كل صباح فور وصول مقاول الأنفار بسيارته الربع نقل، لينقلهم إلى الأراضي الزراعية بالطريق الصحراوي ويعود بهم لقريتهم في نهاية اليوم، إلا أنهم لم يعودوا في هذا اليوم إلا جثثا محمولة على الأعناق ومصابين يتلقون العلاج بعد انقلاب السيارة التى يستقلونها بنطاق مركز القوصية، ليفارق 5 من مستقلى السيارة الحياة بينما نجا 22 آخرين من الموت. 

وفي 24 سبتمبر 2022، ألقت قوات الأمن القبض على صاحب مطعم بدائرة قسم شرطة النزهة في القاهرة، بتهمة استقطاب واستغلال مجموعة من الصبية الأحداث، وتشغيلهم فى أعمال لا تتناسب مع أعمارهم فى المطعم وملحقاته، مقابل منحهم أجورا مالية قليلة لزيادة عائده المالي بمخالفة القانون. 

وفي مايو 2022 لقي ثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً مصرعهم غرقاً في ترعة نيلية، كما تم إصابة 6 آخرون، أثناء عودتهم من العمل فجراً في قرية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة. 

وفي أبريل 2022 في حدث مماثل عاش المصريون صدمة خبر وفاة ثمانية أطفال تراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً، في حادث انقلاب سيارة سقطت في النيل، لدى انتقالهم ضمن مجموعة ضمت 24 طفلاً وبالغاً من مزرعة على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي إلى قرية طليا بمركز أشمون في محافظة المنوفية بدلتا مصر. 

19 يناير 2022 أسفر حادث غرق سيارة ربع نقل من أعلى معدية منشأة القناطر عن مصرع وإصابة 24 طفلًا ما بين صبيان وفتيات، لا يتجاوز أعمارهم الـ15 عامًا، يعملون بمزرعة دواجن. حيث انزلقت سيارة النقل من أعلى المعدية، مما أسفر عن سقوط مستقليها بالنهر، وذلك حال عودتهم من العمل. 

تعد هذه الحوادث عينة عشوائية من حالات ضحايا عمالة الأطفال في مصر والتي شاع حدوثها بشكل كبير في الآونة الأخيرة في أرجاء البلاد، والتي يتعرض لها الأطفال نتيجة خروجهم للعمل وسعيهم وراء لقمة العيش للمساهمة في تخفيف أعباء المعيشة عن أسرهم. 

سادسًا: الخطوات التي تم اتخاذها لمواجهة مشكلة عمالة الأطفال في مصر 

يوجد العديد من الخطوات الجادة التي تساهم بشكل فعال في الحد من ظاهرة عمالة الأطفال في مصر؛ ولم تقتصر هذه الخطوات على المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني فقط، ولكن أيضا كان للدولة دور فعال في وضع العديد من الخطط والآليات التي تعمل على مكافحة عمل الأطفال في مصر كما يلي: 

دور الدولة المصرية في مكافحة عمالة الأطفال: 

تقوم الدولة المصرية بالعديد من الجهود الفعالة لمكافحة عمالة الأطفال والحد منها ووضع استراتيجيات وآليات للسيطرة عليها في مصر ومن أبرز تلك الجهود ما يلي: 

تم وضع الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال في مصر ودعم الأسرو (2018 – 2025)، وذلك في إطار الجهود الوطنية لمكافحة عمل الأطفال وذلك بالتعاون بين منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة العمل الدولية بالإضافة إلى وزارة القوى العاملة في مصر لتنفيذ المشروع. ويتم ذلك عبر تحسين سبل المعيشة المستدامة وتعزيز السياسات وفرص التعليم. وترتكز إستراتجية تنفيذ هذه الخطة على عدة محاور، تتمثل في إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومستدامة عن عمل الأطفال وأسوأ أشكاله، وإنشاء أجهزة تنسيق وطنية وإقليمية لمكافحة عمل الأطفال، مع تحديث قائمة المهن الخطرة. 
دأبت الحكومة المصرية على تنفيذ مشروعات بعينها ومن أبرز تلك المشروعات برنامج "تكافل وكرامة"، حيث أن البرنامج ينقسم إلى قسمين؛ الأول تكافل وهو موجه لأسر الأطفال من سن يوم وحتى 18 عام، حيث أنهم يحتاجون إلى الرعاية ومصروفات للإنفاق على تعليم الأطفال غير القادرين وصحتهم ومن ثم الحد من عمالة الأطفال. والثاني كرامة وهوموجه لكبار السن غير القادرين فوق ال 65 عام. 

تم إضافة وحدة جديدة تحت اسم "إدارة رعاية الأطفال" بديوان عام وزارة القوى العاملة بموجب القرار الوزاري رقم 169 لسنة 2001م وتم تغيير اسمها إلى "إدارة التفتيش على عمل الأطفال"، بالإضافة إلى وحدات رعاية الأطفال بمديريات القوى العاملة. 

الخطة الوطنية للطفولة والأمومة  (2018 – 2030) التي وضعتها المجلس القومي للطفولة والأمومة، مع تخصيص باب كامل لمناهضة عمل الأطفال. وعمل المجلس على حماية الأطفال العاملين في مدينة الحرفيين، ونقل المنخرطين في الأعمال الخطرة إلى عمل آمن بمنشية ناصر وغيرها العديد من الجهود الفعالة الأخرى. 

سابعًا: مقترحات المنظمة المصرية لحقوق الإنسان للحد من ظاهرة عمالة الأطفال

في إطار الجهود المبذولة والمقترحات التي تقدم للحد من عمالة الأطفال في مصر، تسعى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بطرح عدد من المقترحات القدمة عبر السطور التالية للحد من عمالة وتجريمها الأطفال كما يلي: 

توفير إعانات لأسر الأطفال العاملين لمساعدتهم في تربية أبنائهم والإنفاق عليهم، بدلا من تشغيلهم. 
إصدار تشريعات وسن قوانين صارمة على أصحاب العمل وأولياء الأمور للحد من عمالة الأطفال. 
تحسين المستوى المعيشي للأسر، عبر سعي الحكومة المصرية لزيادة الحد الأدنى للأجور وتأمين العمل اللائق لهم، وخاصة الأسر الفقيرة. 

محاربة التسرب المدرسي، واعتماد مناهج تعليمية متميزة تساعد الأطفال على الابتكار وتشجعهم على الإلتزام بالحضور إلى المدرسة. ومن خلال توفير تعليم مجاني وإلزامي.

نشر الوعي لمخاطر ظاهرة عمالة الأطفال، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الإعلام وذلك للحد من انتشار هذه الظاهرة أكثر من ذلك. 

يجب على الحكومة التأكد من تسجيل جميع المواليد، وذلك لضمان تمتع هؤلاء الأطفال بكامل حقوقهم. 
تحديث البيانات المتعلقة بهذه الظاهرة بشكل دوري، من خلال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، ووضع الاستراتيجيات اللازمة والملائمة مع ظروف الدولة المصرية وأفراد المجتمع لتقليص عدد عمالة الأطفال. 

الاهتمام بتطوير الأرياف والصعيد وإنشاء مدارس بها، والمتابعة الدورية لأعداد الأطفال العاملين بها وتحسين مستوى المعيشة لأسرهم، بالإضافة إلى زيادة التوعية للأهالي بمدى مخاطر عمالة الأطفال وما تتسبب بها من أمراض قد تصبح مزمنة مع الطفل وخاصة مع الأعمال الخطيرة حيث تعد هي المناطق الأكثر بعمالة الأطفال. 

الخاتمة 

من خلال ما تم عرضه خلال السطور السابقة يتضح لنا جليا مدى أهمية قضية عمالة الأطفال والأسباب المؤديه إلي انتشارها ومدى تأثيرها السلبي وآثارها الوخيمة على حقوق الإنسان. فعمالة الأطفال قضية اجتماعية هامة لها آثار اقتصادية وسياسية واخلاقية على حياة الطفل والمجتمع بشكل مباشر وغير مباشر.

ووفقا لما تم عرضه فإنه يوجد العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية التي تهتم بشؤون الطفل بشكل عام وتهتم بقضية عمالة الأطفال في مصر بشكل خاص كما أنه قد تم عرض دور تلك المنظمات في مصر. 
 ومن هنا تكمن أهمية التصدي لظاهرة عمالة الأطفال بأقصى سرعة وبذل كافة الجهود والتدابير اللازمة لوقف آثارها وأضرارها وعلى رأسهم الأعمال الخطيرة للأطفال.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة