الأم والإبنة
الأم والإبنة


مفاجآت في مذبحة الأب «الشيطان» قاتل زوجته «الصيدلانية» وابنتيه بطنطا

أخبار الحوادث

الأربعاء، 29 مارس 2023 - 08:49 م

 محمد عوف

حالة من الصدمة والذهول انتابت جميع أقارب وأصدقاء وجيران الصيدلانية منى السروجي صاحبة السمعة الطيبة والتي لفظت أنفاسها الأخيرة الأسبوع الماضي هي وابنتيها زينة وجميلة على يد الزوج الذي هانت عليه العشرة، فقرر التخلص منهم جميعاً في آن واحد ليضع حداً للمشاكل الزوجية المتزايدة والأزمات المالية التي تحاصره، ثم حاول الانتحار إلا أن نفسه لم تطاوعه فتراجع عن ذلك وفر هاربًا من المنزل لإبعاد الشبهة عنه، ولتظهر الواقعة كما لو كانت قضاءً وقدر لكن التحريات كشفت خطته الشيطانية وتورطه في الحادث وألقت الشرطة القبض عليه وأمرت النيابة بحبسه، التفاصيل في السطور التالية.

بينما كانت عقارب الساعة تقترب من الثامنة مساء الاثنين الماضي، كانت الأجواء في شارع الحمزاوي بدائرة أول طنطا تسير بشكل طبيعي وهادئ، إلا أن المؤشرات داخل منزل أسرة الصيدلي (عاطف) كانت تُنبئ بحدث جلل سوف يحدث، لا سيما بعد مشاجرة نشبت بين الزوج وزوجته الصيدلانية عقب علمها بقيامه بسحب مبلغ مالي قدره 6 آلاف جنيه من الفيزا الخاصة بها بدون علمها، ولم يستطع إيجاد مبرر مقنع يقوله لها بعد أن فكر في كل المبررات خاصة مع تراكم الديون عليه؛ فألهمه تفكيره الشيطاني للتخلص من زوجته وعشرة عمره، وابنتيهما "زينة - 17 عاما - طالبة بالمرحلة الثانوية"، و"جميلة - 7 سنوات - بالصف الثاني الابتدائي"، بعد أن تملك منه الشيطان ونزع من قلبه الرحمة وأبدلها بغل دفين بداخله، فجلس في الصالة يفكر ماذا يفعل، في تلك الأثناء دق جرس الباب وقام بفتحه ليجد طفلته الصغيرة وقد أتت لتوها من الدرس، احتضنها الشيطان وقبل رأسها وكأنه يريد أن يودعها ويعتذر لها عما سوف يفعله، تركته الصغيرة ودخلت إلى أمها التي كانت في غرفتها لتستريح وبجوارها الابنة الكبرى، فغلبهم النعاس جميعاً، دخل الزوج عليهن فوجدهن نائمات، هنا وسوس له الشيطان ووجدها فرصة لكي ينفذ خطته! 

اقرأ أيضًا | تشييع جثمان صيدلانية وابنتيها المختنقين بالغاز والتحفظ على الزوج| صور

أسرع بالدخول للمطبخ وقام بفتح غاز البوتاجاز ثم ترك المنزل على الفور لإبعاد الشبهة عنه وانتظر ما يزيد عن ساعة حتى يتأكد من وفاتهن جميعاً، في تلك الأثناء حضر والد المجني عليها وشقيقتها للاطمئنان عليها بعد علمهما بنشوب مشادة بينها وبين زوجها وعدم ردها على اتصالاتهما المتكررة مما جعل القلق يتسلل بداخلهما، وقاما بطرق الباب بشدة بعد أن اشتموا رائحة غاز تنبعث من الداخل حتى انتبه الجيران واتصلوا بالزوج الذي عاد لتوه وكأنه لا يعلم شيئاً وأسرع بفتح الباب ليكتشفوا الواقعة ويصابوا جميعاً بحالة من الذهول والصدمة ومعهم الزوج الذي تظاهر بالفزع والحزن بل أسرع بإبلاغ الشرطة بحدوث تسريب غاز في شقته ووفاة زوجته وابنتيه، لينتقل ضباط المباحث على الفور للمعاينة وأخذ أقوال الزوج الذي كانت تبدو على وجهه علامات التوتر ويتلعثم كثيراً عند الإجابة على أسئلة الضباط مما آثار الشبهات حوله، وبعد الانتهاء من المعاينة قام رجال الإسعاف بنقل الجثامين لمشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة التي انتقلت لمكان الواقعة وكلفت الطبيب الشرعي بتوقيع الكشف الطبي على الجثامين الثلاثة؛ لإعداد الصفة التشريحية ومعرفة سبب الوفاة بينما قام خبراء المعمل الجنائي بالفحص؛ ويتبين عدم وجود آثار عنف في الأبواب أو النوافذ مما يوضح أن الشقة لم يدخلها أي شخص غريب عن الأسرة، وأن وصلات الغاز الطبيعي سليمة وليس بها أي تسريب بحسب الفحص الفني لشركة الغاز، وأنّ الغاز فُتح بفعل فاعل، وبمراجعة كاميرات المراقبة التي رصدت خروج الزوج الصيدلي من المنزل، لعدم إلصاق التهمة به، وبإعادة مناقشته ومواجهته بأدلة الاتهام وأن نوافذ الشقة محكمة ولم يدخلها أي شخص غريب عن الأسرة، انهار واعترف بجريمته مدعيًا أن تراكم الديون عليه كان سببًا في سوء حالته النفسية وتفكيره في ارتكاب تلك الواقعة وجرى التحفظ عليه، وقررت النيابة حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد وقرر قاضي المعارضات تجديدها 15 يوماً أخرى وأفادت مصادر مقربة من أسرة الطبيبة الضحية؛ أن الزوج المتهم حاول التخلص من حياته بعدما تم ضبطه بقطع شرايين يده، ولكنه لم يتمكن من ذلك.

تشييع جثامين الضحايا
وفي مشهد جنائزي مهيب شيع الآلاف من الأهالي بمدينة طنطا جثامين الطبيبة الصيدلانية وابنتيها ضحايا الحادث عقب أداء صلاة الجنازة بمسجد عوارة ودفنهم بمقابر العائلة، ووقف الأب المكلوم يتقبل العزاء في دار المناسبات وقلبه يعتصر ألماً على فقدان ابنته وحفيدتيه على يد زوج منعدم الرحمة مردداً "حسبي الله ونعم الوكيل" مطالباً بالقصاص من المتهم، وقال والد المجني عليها: أن زوج ابنته كان كثير الخلافات معها، وحاول كثيرًا حل الأزمات بينهما على خلفية تعرضه لأزمات اقتصادية وضائقة مالية ولكن بلا جدوى، وأضاف أن ابنته كانت تتمتع بسيرة طيبة وسط الجيران مشيراً أن آخر ما كتبته عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، دعاء إزاحة الهم والحزن "إذا أصابك هم أو غم أو حزن فقل اللهم إني عبدك ابن عبدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك"، كما كانت الراحلة تحرص على نشر ورد قرآني بشكل يومي.

سفر الابن طالب الهندسة إلى الإسكندرية أنقذه من المذبحة

 

الابن طالب الهندسة
ومن مفارقات القدر في تلك الواقعة نجاة الابن الأكبر "أحمد" طالب الهندسة من الموت؛ فوجوده خارج المنزل ساهم في نجاته وقت واقعة مقتل والدته منى السروجي وشقيقتيه زينة وجميلة خنقًا بالغاز على يد والده الذي نفذ الجريمة انتقامًا من أسرته بزعم أنَّه يمر بضائقة مالية بعد أن تراكمت الديون عليه؛ حيث عاد طالب الهندسة إلى المنزل مهرولاً بعد اتصال هاتفي من والده أخبره بوجود تسريب غاز في المنزل واختناق والدته وشقيقتيه، ووجد الطالب جثامين أسرته ملقاة في صالة المنزل الأمر الذي أصابه بحالة من الذهول وظل شارد الذهن من هول المفاجأة حتى انكشفت الجريمة المروّعة وتبين أنَّ والده هو من دبر لتلك الجريمة، وقال الطالب الناجي من الموت في تحقيقات النيابة إنَّه لم يكن موجودًا في المنزل وقت حدوث الجريمة وأنه كان في المدينة الجامعية بالإسكندرية، فهو طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة وأنه تلقى اتصالًا من والده يطلب منه الحضور بسرعة وأبلغه بالحادث.

بيان النيابة العامة
تلقتِ النيابةُ العامةُ إخطارًا بوفاةِ المجنيِّ عليها منى السروجي (42 عاماً) وابنتيْهَا الطفلتيْنِ داخلَ مسكنِهِم بدائرةِ أولِ طنطَا، وتلقتْ محضرًا من الشرطةِ مُفادُه انتقالُ قوةٍ منها لمسرحِ الواقعةِ عقبَ تلقيهَا البلاغَ، إذ تبينتْ تبعثرَ محتوياتِ المسكنِ وتكسيرَ زجاجِ مِنضدةٍ فيه، وعلى ذلكَ شكلتِ النيابةُ العامةُ فريقًا للانتقالِ لمعاينةِ مسرحِ الحادثِ ومناظرةِ الجثامينَ، وسألتِ النيابةُ العامةُ ذوي المجنيِّ عليها (شقيقتَها وابنيْها ووالدَ زوجِ المجنيِّ عليها) فشهِدُوا بأنّهم على إِثرِ ما انتابَهُم من قلقٍ لعدمِ إجابةِ المجنيِّ عليها وزوجِها وابنتِهِما على اتصالاتِهِم، توجّهُوا لمسكنِهِم فاشتمُّوا منه رائحةَ غازٍ فكسرُوا بابَهُ واكتشفُوا وفاةَ المجنيِّ عليهِنَّ وتبينُوا تهشّمًا وتكسيرًا بالمسكنِ، فاتهمتْ شقيقةُ الأمِّ المجنيِّ عليها زوجَ الأخيرةِ بقتلِها وابنتيْها. 

وعلى ذلكَ أمرتِ النيابةّ العامةّ بإلقاءِ القبضِ على زوجِ الأمِّ المجنيِّ عليها، وبضبطِهِ واستجوابِهِ أقرَّ في تحقيقاتِ النيابةِ العامةِ بقتلِهِ المجنيِّ عليهِن لتراكمِ ديونِهِ، إذ راودتْهُ فكرةُ قتلهِنَّ فأجهزَ عليهِنَّ خنقًا، ثم حاولَ الانتحارَ بوسائلَ مختلفةٍ منها تسريبُ الغازِ بالمسكنِ، ولكنْ لم تطاوعْهُ نفسُه. 

ولذلكَ أمرتِ النيابةً العامةُ بحبسِه احتياطيًّا أربعةَ أيامٍ على ذمةِ التحقيقاتِ، وندبِ خبراءِ الإدارةِ العامةِ لتحقيقِ الأدلةِ الجنائيةِ لرفعِ الآثارِ من مسرحِ الحادثِ، وندبِ الطبيبِ الشرعيِّ لإجراءِ الصفةِ التشريحيةِ على جثامينَ المجنيِّ عليهنَّ بيانًا لسببِ وكيفيةِ وفاتِهِنَّ، وطلبتِ النيابةُ العامةُ تحرياتِ الشرطةِ حولَ الواقعةِ، واتخذتْ إجراءاتٍ أخرى في سبيلِ تحقيقِ الواقعةِ وجمعِ الدليلِ فيها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة