حمدي الزامل وابنتة
حمدي الزامل وابنتة


الشيخ مصطفى إسماعيل كان يعده ابنًا له.. وقدّم بنفسه أوراق التحاقه بالإذاعة

ابنة القارئ حمدي الزامل: أم كلثوم أهدت أبى سلسلة ذهبية إعجابًا بصوته

عبدالهادي عباس

الأحد، 09 أبريل 2023 - 09:02 م

كان القارئ الكبير حمدى الزامل، أحد أعلام دولة التلاوة المصرية فى القرن الماضي، كما كان أبرز تلاميذ مدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل؛ وكان هذا الحوار مع «ميرفت حمدى الزامل» ابنة القارئ الكبير لتكشف لنا الكثير من أسرار والدها مع القرآن الكريم:
 

تقول ميرفت ابنة الشيخ حمدى الزامل: ولد أبى فى قرية منية محلة الدمنة بمركز المنصورة دقهلية عام 1929م لأبوين من عائلة تحفظ القرآن الكريم، وكان أهل القرية يُطلقون عليها: «عائلة المشايخ»، فكان والده الشيخ محمود إمامًا لمسجد القرية ووكيلًا للمعهد الدينى بالمنصورة، كما كان عمه قاضيًا، وخاله محفظًا للقرآن بالقرية، وهو الذى حفظ عليه القرآن الكريم، ثم أتم دراسته حتى حصل على الثانوية الأزهرية وتفرّغ لقراءة القرآن.

اقرأ ايضا ً | الطاروطي: الشيخ عبد الباسط عبد الصمد نشر القرآن فى العالم والناس تأثروا به

وعن الميزات التى كانت تحبها فى والدها تقول: إنه كان متسامحًا ومتواضعًا جدًا، وله فى ذلك مواقف كثيرة مشهورة؛ منها أنه أقام سرادقًا كاملًا على نفقته الخاصة وقرأ فيه بنفسه، حين وفاة عامل تصليح الأحذية الوحيد والغريب عن القرية، وحضر الصوان مئات من الناس ليستمعوا إلى الشيخ حمدي، وكانت قراءة لا ينساها أحد.

قصة الإذاعة

وتؤكد ميرفت أن والدها لم يكن يرغب فى دخول الإذاعة، وأنه كان يعتقد أن جمهوره خارجها يكفيه، ولكنه دخلها بالصدفة؛ وقد بدأ ذلك عندما عرف الموسيقار محمد عبد الوهاب أن قارئًا ليس بالإذاعة سيقرأ فى الأربعين لوفاة أم كلثوم، ورفض ذلك.

ولكن عمدة طماى الزهايرة قال له: «الميتم ميتمنا والشيخ حمدى سيقرأ»، فغضب عبد الوهاب وخرج من الصوان؛ ولكن عندما انتهى الشيخ مصطفى إسماعيل من القراءة أجلس أبى مكانه، وعندما بدأ القراءة فى الآيات الأولى انبهر عبد الوهاب بصوته وعاد إلى الصوان، بل وجلس بجوار كرسى القراءة من شدة تأثره وإعجابه بالشيخ حمدي؛ وبعد أن انتهى من القراءة، سأله: أين تعلمت الموسيقى يا شيخ حمدي؟ فردّ عليه قائلًا: هى موهبة من عند الله. فقال له عبد الوهاب: لا بد أن تلتحق بالإذاعة.

وتضيف أن هناك علاقة قوية نشأت بين القارئ الكبير مصطفى إسماعيل ووالدي، بدأت عندما كان الشيخ مصطفى يمر من أمام قريتنا وسمع قارئًا يقرأ، فأخبر السائق أن يوقف السيارة ليستمع إليه، ثم سأل عنه، فقالوا إنه شاب اسمه حمدى الزامل؛ فقال لهم: أخبروه أن مصطفى إسماعيل سمعك، وسيكون لك مستقبل مشرق؛ ومن وقتها كان الشيخ مصطفى إسماعيل يعدّ أبى ابنًا له وخليفته، لذلك أخذ أوراق والدى وقدّمها بنفسه إلى الإذاعة؛ ودخل أبى الاختبار وكانت اللجنة تتكوّن من كبار المشايخ، مثل الشيخ الحصري، والشيخ عثمان عامر، والشيخ رزق خليل حبة.

وقررت اللجنة أنه ليس على صوته أى ملحوظات، وتم اعتماده قارئًا بالإذاعة والتليفزيون عام 76، ولم يمكث إلا قليلًا حتى توفى 82، عن عمر 52 عامًا وخمسة أشهر تقريبًا؛ وبعد وفاته اهتمت الإذاعة بالبحث عن تراث والدى فى قراءة النصف ساعة من خلال برنامج تسجيلات نادرة وسرادق عابدين، وعقدت لجنة لاختبار هذه القراءات برئاسة الشيخ المعصراوي، ثم اعتمدتها وبدأت فى بثها، وهو ما حافظ على هذه التلاوات النادرة.

الشيخ والست

وعن علاقة الشيخ حمدى الزامل بأم كلثوم، أوضحت ابنته ميرفت، أن قريتهم لا تبعد كثيرًا عن قرية أم كلثوم، ولذلك كان على علاقة طيبة بأسرتها، كما كان صديقًا لعمدة طماى الزهايرة، ولخالد شقيق أم كلثوم، وفى إحدى زيارات الست للقرية طلبت من والدى أن يقرأ فبدأ فى القراءة، فأعجبت به جدا وأعطته سلسلة من الذهب لانبهارها بصوته، وأخبرته بضرورة الالتحاق بالإذاعة.

ولهذا فقد انتشر والدى جدا، وأصبح الناس يؤجلون العزاء انتظارًا له؛ حتى إننى أذكر أن بعض الداعين له أخذوا «خالد» أخى رهنًا لديهم حتى يضمنوا حضور أبي، وفى مرة أخرى أخذوا ساعته المذهبة، حبًّا له ورغبة فى تأكيد حضوره الحفل أو العزاء، ولأن الإقبال كان عليه كبيرًا فقد كان يكره السفر إلى خارج الوطن.

أمام السادات 

وتضيف أن الشيخ حمدى الزامل قرأ أمام الرئيس السادات عدة مرات فى بورسعيد، حيث كان يذهب إليها مع صديقه الشيخ نصر الدين طوبار بدعوة شخصية من الشيخ محمد الفقى رئيس الثروة السمكية هناك، إذ كان صديقًا لهما ويحرص على دعوتهما كل عام؛ ومن المواقف الطريفة أننى كنتُ أذهب أنا وأختى مع والدى إلى بورسعيد.

وكان الشيخ طوبار يُداعبنا وهو يضحك، ويقول: «لازم تخلصوا فلوس أبوكم النهاردة»، وهو يقصد أن نشترى ملابس كثيرة من المنطقة الحرة؛ ولكن آخر مرة قرأ أبى أمام الرئيس السادات كانت قبل استشهاده بأيام، وذلك حين زار المنصورة لافتتاح مستشفى الكلى.

علاقته بالقراء

وتقول ميرفت، إن والدى كانت تربطه علاقة قوية ومحبة مع باقى القراء، وأذكر أنه أقام عزومة كبيرة فى بيتنا حضرها كبار القراء لمناقشة فكرة تأسيس نقابة لهم، ولكنه توفى قبل اعتماد النقابة؛ كما أن زملاءه كانوا يُحبون الاستماع إليه فى الحفلات ويطلبون منه البدء فى القراءة.

وكان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يقول: «إذا قرأ الشيخ حمدى فلا يقرأ بعده أحد»؛ أما الشيخ محمود على البنا فكان صديقًا لوالدى وسمعته ذات مرة يقول له عندما كان يقرأ: «قول يا قوّال»، إعجابًا بقراءته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة