الثلاثاء، 11 أبريل 2023 - 06:58 م

تُجسد أعياد المسلمين والمسيحيين فى هذه الأيام الطيبة معانى سامية، أهمها «الهدوء الآمن» فى المساجد والكنائس والشوارع وكل مكان، وكنا منذ سنوات نعيش الخوف وندعو الله أن تعود إلينا مصر.

كنا نقول «مصر وحشتنا»، وما أصعب أن تعيش فى وطن تشعر فيه بالغربة، غربة البيوت والمقاهى والأسواق والأفكار المتطرفة والفتاوى الغريبة والممارسات العنيفة، وطقوس زرع الفتن بين مصريين يعيشون فى وئام.

كنا نسمع من يُفتى بتحريم تهنئة المسيحيين فى الأعياد، ومن يعتبر شم النسيم رجسا من عمل الشيطان، ومن يستبيح حرق كنيسة، ومن يعتدى على جاره المسيحى، كنا وكنا.

والآن نعيش حالة من السلام الاجتماعى غير مسبوقة، يصوغ ملامحها رئيس يؤمن بدينه ووطنه وشعبه ويرفع روح المحبة والإخاء، ليس تزلفا ولا خداعا رسميا ولا فى إطار الشكليات، وإنما نتاج حقيقى لفهم معنى «مصر»، بمكوناتها المتسامحة وسماتها الطيبة.

ولنا مع اخوتنا دائما ذكريات، هى نتاج لتعايش آمن تحت مظلة وطن واحد يجمعنا ونحمل جنسيته وهويته، فلم يكن منا من يقول «أنا مسلم» أو «أنا مسيحى» ولكن «أنا مصرى».. ونهتف منذ طفولتنا فى طابور الصباح «تحيا جمهورية مصر العربية».

وتغير المزاج بعد تغلغل الإخوان واستشراء سطوتهم ابتداء من سبعينات القرن الماضى، وبالتحديد منذ خروجهم من السجون ورغبتهم فى الثأر، عادوا لينتقموا وليس ليعيشوا وبدأت ملامح الحياة تصطبغ بالتطرف، وأخذ السلام الاجتماعى فى النزف قطرة قطرة، وشهدنا بعد ذلك أحداث الزمن الصعب.
كان مقدرا لمصر بعد يناير 2011 أن تدخل دائرة النار، ببث الفتن الدينية بين أبنائها، وتعرض المسيحيون لاعتداءات مدبرة ومحاولات للتهجير، وأكبر عدد من حرائق الكنائس، وكان ذلك مصحوبا بأفكار وفتاوى شديدة التطرف ضد شركاء الوطن.

لم يكن صدفة أن يتحدثوا فى ذلك الوقت عن تقسيم مصر، بل فى إطار السيناريو المعد سلفا لإشعال حرب دينية، تدفع الغرب للتدخل فى شئون البلاد لحماية الأقباط وإعطائهم قطعة من الوطن لتكون لهم وطنا.

وهنا أصبح الخوف على مصر هو الذى يدافع عن مصر، انطلق صوت الإمام الطيب «الإسلام دين الرحمة والمسيحية دين المحبة»، وارتفع صوت البابا تواضروس «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، وتصدى أبناء الوطن للكراهية البغيضة، تحت مظلة دولة قوية وعادلة، ورئيس تحدى الصعب لتعود مصر لشعبها.