مصيدة قلب المفاعل فى الضبعة
مصيدة قلب المفاعل فى الضبعة


بعد وصول «مصيدة قلب المفاعل».. مصر تبدأ تحقيق «الحلم النووي»

آخر ساعة

الجمعة، 14 أبريل 2023 - 03:47 م

ياسمين عبدالحميد

بينما يُعانى العالم من ارتفاعات شديدة بأسعار الوقود محليًا وعالميًا، باتت مصر على بعد خطوات من تحقيق الحلم الأكبر بإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وهى المحطة التى تتكون من 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات، بواقع 1200 ميجاوات لكل مُفاعل، ومُقرر بدء تشغيل المفاعل النووى الأول منها عام 2028، ثم يتم تشغيل المُفاعلات الأخرى تباعا، وقد استقبل ميناء الضبعة البحرى التخصصى، أول معدة نووية طويلة الأجل ليتم تدشينها فى الوحدة النووية الأولى، وهى وحدة مصيدة قلب المفاعل النووى Core Catcher.

مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، برئاسة الدكتور سامى شعبان، وافق قبل أيام، على منح إذن إنشاء الوحدة الثالثة بمحطة الضبعة النووية، وبموجب القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1326 لسنة 2011، وما تضمنته المادة 13 من إجراءات مراحل ترخيص المنشآت النووية، وتعديلات القانون الصادرة بالقرار رقم 211 لسنة 2017، والذى حدد الإجراءات المُختلفة لتراخيص المنشآت النووية، اتخذت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية الإجراءات اللازمة للتحقق من توافر أقصى درجات الأمان للمشروع النووى بالضبعة وفق أعلى المعايير الدولية.

معايير السلامة

 

ووفقًا للدكتور سامى شعبان، رئيس الهيئة، فإن المعايير تتضمن عقد جلسات حوار مع ممثلى هيئة المحطات النووية لمناقشة تعقيب هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على نتائج المراجعة، والأخذ فى الاعتبار نتائج الحوار حول المراجعة والتقييم للوحدتين الأولى والثانية، عند إعداد تقرير المراجعة والتقييم للوحدة الثالثة، كما قامت هيئة الرقابة بتقييم أوجه الاختلاف بين الوحدة الثالثة والوحدتين الأولى والثانية بصورة دقيقة، وتم الرد على كافة استفسارات الهيئة من جانب ممثلى طالب الترخيص من خلال عقد اجتماعات مكثفة فى مقر الهيئة، ووفقًا لنتائج المراجعة والتقييم والتفتيش فقد تم التحقق من الأمان للوحدة الثالثة من المحطة النووية لتوليد الكهرباء بالضبعة، ولم يثبت وجود أى مخاطر تُهدد الإنسان والبيئة والمُمتلكات، لذا قرر مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية الموافقة على منح إذن الإنشاء للوحدة الثالثة بمحطة الضبعة النووية، ووفقًا للشروط الواردة بالإذن.

وأشار شعبان، إلى أن الهيئة ستوالى جهودها للتحقق من التزام هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء بشروط الإذن الممنوح والمُراقبة التنظيمية لأعمال تنفيذ مرحلة الإنشاء وتصنيع المُعدات، وإجراء عمليات التفتيش اللازمة، وذلك فى إطار قيام هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بدورها فى التحقق من سلامة الإنسان والبيئة والممتلكات على كافة الأراضى المصرية من الأخطار المُحتملة، وبما يضمن تعزيز الاستخدام السلمى الآمن للتكنولوجيا النووية فى شتى نواحى التنمية.

قلب المفاعل

كانت شركة روساتوم النووية الروسية، قد أرسلت 3 مكونات رئيسية من جسم مفاعل الوحدة الأولى فى محطة الضبعة النووية، والمعروفة باسم وحدة مصيدة قلب المفاعل، وهى المتعلقة بالتحكم فى أى حوادث طارئة يُمكن أن تحدث بالمفاعل، وتُعد تلك القطع أحد العناصر الرئيسية لأنظمة السلامة السلبية للمُفاعل، وهذه القطع عبارة عن وعاء على شكل مخروط فولاذى، يبلغ قطر غلافه 6120 مليمترًا، وارتفاعه 6110 مليمترات، ووزنه 744 ألف كيلو، وتم إنتاجه فى روسيا بمصنع خاص، وتُعد جزءًا أساسيًا من جميع وحدات الطاقة النووية الحديثة المُزودة بمُفاعلات VVER-1200 من الجيل 3+ التى تعاقدت عليها مصر مع الجانب الروسى، والتى تضمن سلامة البيئة والأشخاص فى أى سيناريوهات يُمكن أن تحدث داخل محطة الطاقة النووية، وقال وزير الصناعة والتجارة الروسى، دينيس مانتوروف، إن إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية فى مصر، أحد مشروعات شركة اروساتومب الروسية، يسير بصورة جيدة وقبل التوقيتات المُحددة.

واستقبل ميناء الضبعة البحرى التخصصى، أول مُعدة نووية طويلة الأجل، وهى وحدة مصيدة قلب المفاعل النووى - Core Catcher، بعد الانتهاء من عمليات الفحص والتفتيش التى تمت فى أكتوبر 2022 بشركة اتاجماشب بمدينة سيزران الروسية، وأُسندت مهمة تنفيذ محطة الضبعة النووية السلمية لتوليد الطاقة الكهربائية، لشركة اروس آتومب الروسية، بإجمالى استثمارات تتخطى 25 مليار دولار، وبقدرة 4800 ميجاوات، للمفاعلات النووية الأربعة التى تضمها المحطة، وجاء ذلك بعد قيام هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء من خلال التعاون المشترك مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذ الميناء البحرى التخصصى بالضبعة ليكون مخصصا لاستقبال المعدات النووية الخاصة بمشروع محطة، وأيضًا استيفاء كافة المتطلبات المتعلقة بتشغيل الميناء.

وتم اقتراح مفهوم أجهزة امصيدة قلب المفاعلب للمفاعلات الروسية من نوع الـVVER، كحاجز لمنع انتشار المواد المشعة فى البيئة المحيطة، وحصرها فى حالة حرارية وحالة طور محكومة حتى اكتمال التبلور، وتمتلك مصيدة قلب المفاعل أعلى معايير الأمان النووى، مثل مقاومة الزلازل والقدرة على الصمود فى مجابهة الأحمال الهيدروديناميكية والصدمات االأحمال الديناميكيةب، لضمان سلامة البيئة والأحياء مهما كانت سيناريوهات الحوادث النووية، وكل وحدة من وحدات الضبعة النووية الأربعة، تحتوى على مصيدة قلب المفاعل، وتقوم بدور هام فى حالات الحوادث الشديدة أى اانصهار قلب المفاعلب، حيث تقوم بالتقاط المواد المنصهرة وتحتفظ بها، وتعمل على تبريدها، وتمنع وصولها إلى جوف الأرض أى الوصول للبيئة المحيطة بالمحطة النووية، وتعمل على تقليل نسب تولد غاز الهيدروجين، والذى ينفجر عند اشتعاله عندما يتلامس مع أكسجين الجو، وكذلك تقلل من الضغط العالى الناتج من تسرب ضغط الدائرة الابتدائية احوالى 150 بارب والناتج من انصهار مواد قلب المُفاعل نتيجة فقد مياه تبريد الدائرة الابتدائية.

علامة فارقة

من جانبه، قال الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية، إن عملية تصنيع وشحن مصيدة قلب المفاعل التى تُعد أول مُعدة طويلة الأجل يتم تدشينها فى الوحدة النووية الأولى فى محطة الضبعة، تمت من خلال التنسيق المستمر بين هيئة المحطات النووية وشركة اأتوم ستروى إكسبورتب المقاول العام المُنفذ للمشروع، والتابع لشركة اروساتومب الروسية الحكومية، وأوضح أنه تم استيفاء جميع مُتطلبات التشغيل للرصيف البحرى بالضبعة من مُختلف الجهات الوطنية المعنية، وتم التعاقد مع هيئة ميناء الإسكندرية لإدارة وتشغيل الرصيف البحرى قبل استقبال المُعدات الثقيلة الخاصة بالمُفاعل النووى الأول، مُضيفًا أن تلك الخطوة تُعد علامة فارقة على مسار تنفيذ مشروع المحطة النووية وفق البرنامج الزمنى، بعد إتمام عمليات الفحص والتدقيق على المُعدة، وبعد الانتهاء من إجراءات الشحن، وحصول الهيئة على الموافقات والتراخيص اللازمة لبدء تشغيل الرصيف البحرى.

أضاف الوكيل، أنه جارٍ عمل التجهيزات اللازمة لتركيب مصيدة المفاعل الأول خلال يوليو المُقبل، لافتًا إلى أن تصنيع مصيدة قلب المُفاعل استغرق 14 شهرًا، حيث إن أعمال التصنيع بدأت بعد فحص الجاهزية بنجاح فى يوليو 2021، وجميع مراحلها الفنية تمت داخل روسيا، لافتًا إلى أن مصيدة قلب المفاعل تعتبر مُعدة مُميزة لمفاعلات الجيل الثالث المُتطور، والتى تنتمى إليه مفاعلات محطة الضبعة النووية، وهى عبارة عن نظام حماية فريد، وأول جهاز كبير الحجم يتم تركيبه فى مبنى المُفاعل أسفل قاع وعاء المفاعل، بهدف رفع درجة أمان وسلامة الوحدة حال حدوث أى أمر خارج إطار التصميم لالتقاط المواد الأساسية المُنصهرة فى حالة الانصهار غير المُحتمل، مما يمنعها من الهروب والتسرب من مبنى الاحتواء، ومن ثم تمنع أى ضرر مُحتمل، قد يلحق بوعاء الاحتواء، وكذلك تمنع انتشار المواد المُشعة فى البيئة، مُشيرًا إلى أن وصول أول مُعدة طويلة الأمد يعتبر أهم خطوة لخروج الحلم النووى المصرى للنور على أرض الواقع، والانتقال من مرحلة الإنشاءات إلى تركيب المُعدات، مُشددًا على أن مصر مُمثلة فى هيئة المحطات النووية هى المالك الوحيد والمُشغل للمحطة النووية بالضبعة لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجا وات، مؤكدًا أنه لا يوجد أى شروط على مصر من الجانب الروسى، وأن مصر لا تقبل بأى شروط على برنامجها النووى السلمى لتوليد الكهرباء.

أقرأ أيضأ : أول مصنع لتوليد الكهرباء من الطاقة الحيوية بالمنوفية

الأمان السلبى

من جانبه، قال الدكتور على عبد النبى، نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، إنه بوصول امصيدة قلب المفاعلب وتركيبه وفق الجدول الزمنى فى يوليو 2023، ستستمر عمليات الإنشاءات الخرسانية الخاصة بوعاء الضغط، ومولدات البخار الأربعة والضاغط، وباقى أجزاء الجزيرة النووية، مع العمل فى تنفيذ خرسانة وعاء الاحتواء، والذى سيحمى الجزيرة النووية من الأخطار الخارجية الشديدة والأخطار الداخلية، وبذلك ستستكمل إنشاءات الوحدة النووية السلمية الأولى، مُضيفًا أن امصيدة قلب المفاعلب تُعد من الأجزاء الرئيسية الهامة فى المحطات النووية، وتعبر عن اتباع أعلى معايير الأمان النووى فى نظم الأمان السلبى، مثل مقاومة الزلازل والقدرة على الصمود فى مجابهة الأحمال الهيدروديناميكية والصدمات، مُشيرًا إلى أن العمر التشغيلى لـامصيدة قلب المفاعلب يكون من عمر المحطة النووية، ويمكن أن يصل لـ100 عام.

أضاف، أن مشروع الضبعة كان حلمًا وبانتهاء البناء وبدء التشغيل سيعمل على توطين صناعة الطاقة النووية سلميًا كونها أحد مصادر الطاقة النظيفة المستدامة، وستكون مصدرا أساسيا ضمن مزيج الطاقة المصرى الذى يُعزز زيادة القدرات المتاحة بالشبكة المصرية وتصديرها إلى دول الجوار، كما أن إنتاج الكهرباء سيغذى المصانع والمناطق الصناعية المنتشرة فى ربوع الجمهورية، لافتًا إلى أن الاستثمار فى هذا المشروع العملاق يعطى انطباعًا وثقة ويحدث نقلة نوعية.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 12/4/2023

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة