آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

محامى الفقراء.. يُبعث وحده!

آمال عثمان

الجمعة، 14 أبريل 2023 - 05:31 م

من أجمل ما قرأت، قصة الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى، واسمه الحقيقى جندب بن جنادة بن سفيان، من قبيلة غفار التى تقع على طريق القوافل بين اليمن والشام، وكان يخرج وأخوه مع رجال القبيلة، ليقطعوا الطريق على القوافل ويسطون عليها، بينما رفض عبادة الأصنام، وحين سمع عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، طلب من أخيه أنيس أن يتوجه إلى مكة ويأتيه بخبر الديانة الجديدة.

عاد أخوه بعدما التقى بالنبى صلى الله عليه وسلم، فسأله بلهفة عن النبى، فقال: لقد رأيتُ رجلاً يدعو إلى مكارم الأخلاق، ويقول كلامًا ما هو بالشعر، ويقولون عنه ساحر وكاهن وشاعر، فقال أبو ذر: إنك ما شفيت لى غليلاً، ولا قضيت لى حاجة، وتوجه بنفسه إلى مكة، وحين دخل على الرسول، حياه بتحية الإسلام، فطلب منه النبى أن يكتم إسلامه فقال إنه لن يبرح مكة حتى يجهر بإسلامه، ثم ذهب إلى الكعبة، ونادى بأعلى صوته: «يا معشر قريش إنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله»، فضربوه وكادوا يقتلونه، وحين علم الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: «ألم أقل لك أن تكتم إسلامك يا أبا ذر»، فقال للنبى: والله إنها حاجة فى نفسى، فطلب منه أن يرجع إلى قبيلته ويدعوهم للإسلام.

وأثناء غزوة تبوك أصر على الخروج مع الرسول، وخرج بناقته وعندما تعثرت تركها، ومشى يحمل متاعه على ظهره، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا ذر يمشى فوق الرمال فى قيظ الصحراء قال: «يمشى وحده ويموت وحده ويُبعث وحده».

عُرِف أبو ذر بالزهد فى الدنيا، وشدة التواضع، ودفاعه عن الفقراء، لذلك سمى محامى الفقراء، ترك المدينة المنورة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى الشام، وهناك لم تعجبه أحوال البذخ والترف، وبُعْد أهلها عن مساعدة الفقراء، فانتقل إلى منطقة بعيدة تسمى الربذة، وحين اشتد عليه المرض أوصى امرأته، إذا مات أن تغسله وتكفنه إذا مات، ثم تضعه على الطريق، وبعد وفاته جلست زوجته تبكى، فمر بها ركب من أهل الكوفة، وفيهم عبدالله بن مسعود رضى الله عنه، فلما عرفوا أنه من صحابة الرسول خلع واحد منهم رداءه وكفنوه به، وتولى ابن مسعود دفنه وبكى قائلاً: «رحم الله أبا ذر يمشى وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة