الجرائم فى الطريق العام
الجرائم فى الطريق العام


بعد ذبح سيدة على يد طليقها في الشارع.. سبب اللامبالاة عند مشاهدة الجرائم في الطريق العام

أخبار الحوادث

الأحد، 16 أبريل 2023 - 12:28 م

هبة عبد الرحمن

 فيديو مدته لا تتعدى دقيقة و9 ثوانى أثار الرعب والاسى فى نفوس مشاهديه؛ رجل ممسك سكين في يده، يهرول وراء امرأة شابة، امام المارة وسط السوق فى الشارع بأكتوبر فى وضح النهار، حتى امسك بها وانقض عليها ولم يتركها الا جثة هامدة، بعد ان أغمد سكينه في أنحاء متفرقة بجسدها بوحشية ودون رحمة لتوسلاتها، ودون تدخل ايضًا من المارة لاستغاثتها ونجدتها، هذا الفيديو وغيره من جرائم قتل أخرى وقعت في الشارع، يطرح سؤالا مهمًا: لماذا هذه اللامبالاة والسلبية؟، هذا ما سوف يجيب عنه أساتذة الطب النفسي وعلم الاجتماع في السطور التالية.

الفيديو المرعب الذى قلب مواقع التواصل الاجتماعى الاسبوع الماضى رأسًا على عقب، كان لـ»كهربائى» قتل طليقته في منطقة ابناء الجيزة في أكتوبر، وبعد استماع النيابة العامة الى أقوال ابنة المجني عليها وشهود عيان في مسرح الحادث وقت ارتكاب الجريمة؛ تبين أن المجنى عليها طليقة المتهم وأنه كان دائم التعدي عليها قبل الانفصال، وخرجت للعمل بائعة للخضراوات في تلك المنطقة للإنفاق على ابنائها، ويوم الواقعه تعقبها هي وابنتها من زيجة سابقة»13 عاما»، اوقفها طالبًا منها العودة اليه لكنها رفضت، فأخرج سكينا من ملابسه وبادرها بعدة طعنات، حاولت الهرب منه وسط صرخات السيدات اللائى كن محيطات بها، لكنه لحق بها حتى تمكن منها مرة اخرى وباغتها بعدة طعنات أخرى ثم نحر عنقها وأنهى حياتها، فلحق به شقيق المجنى عليها الذي حضر مسرعًا ومعه الاهالي وتعدوا عليه بالضرب، حتى اتى رجال المباحث وتم القبض عليه.

 

الجريمة البشعة أعادت إلى الاذهان تفاصيل جريمة أخرى مشابهة لها فى الأحداث؛ وكانت على مسمع ومرأى من المارة فى الشارع، تعود أحداثها إلى عامين فى منطقة بولاق الدكرور، امام إحدى المدارس الخاصة، عندما قتل زوج خمسينى زوجته المدرسة، وذلك على إثر خلافات زوجية بينهما بعد أن انتهى عمله فى إحدى الدول العربية فى فترة تفشى كورونا، وأصبح بلا عمل وزادت الخلافات بينهما، حتى فوجئ بأنها تقدمت ضده بدعوى خلع، فحمل سكينا وذهب إلى زوجته فى مقر عملها وانتظرها حتى خروجها، وهرول خلفها فى الشارع وبادرها بعدة طعنات ولم يتركها إلا جثة هامدة، وجلس بجوار جثتها يدخن سيجارة وسط بركة من دمائها ينتظر رجال الشرطة للقبض عليه، وهو يبرر فعلته للناس الموجودين فى الشارع قبل إلقاء القبض عليه!

ولن ننسى الجريمة الأكثر شهرة التى راحت ضحيتها الطالبة الجامعية «نيرة اشرف» على يد زميلها محمد عادل، وتسجل الكاميرات أبشع مشاهد هزت القلوب رعبًا، وهو يطاردها بالسكين وطعنها ثم نحرها من عنقها على باب الجامعة وسط ذهول المارة.

أسئلة حائرة

تلك الجرائم المأساوية الغريبة على مجتمعنا تتشابه جميعها فى مشهد محدد، وهو أن قتل الضحية وطعنها وذبحها يكون فى الشارع فى وضح النهار امام المارة، ودون أن يتدخل احد في محاولة لمنع الجريمة، فقط يكتفون»بالفرجه» فى ذهول، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هي حالة من اللامبالاة او السلبية؟!، ام انه رغمًا عنهم بعد أن شلت المفاجأة أيديهم؟!، السؤال توجهنا به إلى خبراء النفس والاجتماع للإجابة عليه.

بداية تقول الدكتورة سامية حضر استاذ علم الاجتماع:هى لا تعتبر حالة من اللامبالاة لكن يمكن القول بأنه ليس هناك مجال امام المارة للدخول فى مشاجرات، خاصة إذا كان فيها اسلحة وهم لا يعرفون حتى سبب المشكلة، فلن يكون التدخل سريعًا ولكن ربما يستغرق بعض الوقت على الاقل حتى يجتمع عدد اكبر من الاشخاص فى المكان ولا يدافع شخص واحد وهو يدرك أنه إذا تدخل بالتأكيد سوف ينال طعنة أو أي إصابة ربما تودي بحياته، وفى رقبته اسرة وابناء ينتظرون عودته، فيكون لديه رادع من الاقتراب من احد يحمل سكينا ويقتل بطريقة عشوائية، لكن السؤال دائمًا يدور حول دور الشخص الذى يسجل الفيديو فلما اذا ينتظر كل هذا الوقت يصور دون أن يحرك ساكنا؟!

الدراما 

وتتساءل د.سامية: لماذا لا نحافظ على كرامة بعضنا البعض حتى فى حالات الانفصال والطلاق بين الازواج، لكن تكرار حالات القتل بهذا الإجرام الوحشى، يشير دائمًا إلى المتهم الاول والمساهم الكبير فى الانهيار الاخلاقى الذى وصلنا اليه وهى الدراما، فكما نتحدث عن التغير المناخى بسبب الملوثات، لابد أن نلقى الضوء على تغير مناخ المجتمع المصرى نتيجة تغير المحتوى الدرامي؛ شاهدت بعض مشاهد من احد مسلسلات رمضان بالصدفة، وكانت صدمتى كبيرة كلها وصلة «ردح» واسفاف فى الكلام ونماذج من الشباب لا يمثلون شباب مصر بالمرة، والانسان هو كائن مقلد بطبعه، واذا قدمت هذا النموذج وانت فى مجتمع 65% منه شباب فأنت بذلك تدمر افكار جيل وتلوثها، إضافة أن كل ما يقدم عن المرأة يكون فى منتهى الدونية رغم كل ما وصلت اليه المرأة من تحقيق ذات وكيان، فى عصرنا الحالى.

لذلك أنا اتوجه بسؤال لكتاب الدراما؛ اذا كان رئيس الجمهورية يشير إلى نساء مصر انهن عظيمات مصر، ويأتى قلة من هؤلاء الكتاب فيأخذون العظيمات اللائى اصبحن طبيبة ومعيدة وقاضية ونائبة يعتلين المناصب، ويجذبونها إلى هبوط فني مستمر وعدم احترام لأنوثتها، بل ويصل الامر إلى القتل والذبح، وكأن الدراما في وادي آخربعدها نسأل الناس لماذا لم تتدخلوا للدفاع عن امرأة تُقتل أو تُضرب أو تُهان في الشارع؟!

حالة من الصدمة

وتقول الدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي وزميل الكلية الملكية البريطانية للطب النفسي:الموضوع لا يتعلق باللامبالاة، لكن له عدة عوامل نفسية، فقديما الناس في كل منطقة يعرفون بعضهم البعض، واذا حدثت مشكلة بين طرفين سرعان ما يتجمع الناس بمجرد أن ينادوا على بعضهم ويتدخلون لإنهائها سريعا، وكان الجميع يستمعون الى من له كلمة مسموعة أو كبير المنطقة، أما الآن أصبح الناس يعيشون في منطقة واحدة لكنهم لا يعرفون بعضهم خاصة في المناطق الجديدة، فنجد الذي يقف على مقربة من الواقعة لا يعرف يستغيث بمن، لذلك هذا الأمر خارج عن إرادة الناس، الشجاعة احيانا تضر صاحبها وهو ليس شخص يتشاجر مع آخر لكن الامر لم يأخذ اكثر من 10 ثوانى فالوقت ضيق لم يكن هناك امام احد فرصه لاتخاذ إجراء، وتجمع الناس لكن بعد ما الموضوع خلص وانتهت الجريمة.

كما أن البعض منا لديهم الفكر القبلي الذي يقول لنفسه انه ربما يكون شقيقها أو زوجها يدافع عن شرفه لارتكابها أى جرم أخلاقي، فلا يعرف الحقيقة وراء تعديه عليها فلا يتدخل، الامر الآخر أن عملية القتل لم تأخذ اكثر من 10 ثواني خلالها أصيب المتفرجون بحالة صدمة، ويختلف رد فعل كل شخص عن الآخر في الاستجابة لاتخاذ موقف في هذه اللحظة، فهناك اشخاص يقفون في أماكنهم ولا يعرفون ماذا يفعلون، خاصة أن هناك ما يسمى بغريزة حفظ الذات، وكثيرا ما سمعنا عن ناس ماتت بعد ان تدخلت لفض مشكلات، وكل شخص يشاهد السكين في يد حامله يخاف ليلقى نفس المصير. 

وتستطرد د.هالة حماد كلامها قائلة:لقد شاهدت الفيديو الذي يقتل فيه الرجل طليقته في أكتوبر، وهو لم يتعد عليها مثلا بالضرب في البداية فيتدخل الناس، لكنه طعنها من فوره بسكين، ومشهده وهو يمشي ممسكا بالسكين يظهر انه كان لديه هدف دون أى تردد، وسوف يقتل أى شخص يقف في طريقه، كما انه لم يكن هناك سوى رجل واحد يقف في الموقع ومعظم الموجودين سيدات كن يصرخن راجين الابتعاد عنها لكنهن لم يقدرن على فعل اكثر من ذلك، المشكلة تكمن فيمن يصور الفيديو لانه بدلا من تصوير الواقعة طالما أن لديه ثبات انفعالي للتصوير كان من الممكن استغلال هذا الانفعال لتجميع الناس والإسراع له لمنع الجريمة.

أما الشخص القاتل فيجب أن يخضع للدراسات النفسية، فقد يكون شخص غير سوي واحتمال يكون متعاطي للمخدرات، وفي علم النفس الخاص بالقتل؛ عندما تزداد عدد الطعنات يكون القتل هنا انتقاميًا، وبالطبع مشاهدته وهو يسدد لها الطعنات المتتالية وهرولته ورائها ليقضي عليها يؤكد عدوانيته وإصراره على قتلها وكأن لسان حاله يقول: «انا مش جاى اوجعها انا جاى اقتلها». 

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 13/4/2023

أقرأ أيضأ : بعد واقعة كلب المذيعة.. جرائم قتل تسببت فيها فصيلة البيتبول

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة