عيد تحرير سيناء
عيد تحرير سيناء


بمناسبة عيد تحريرها.. خبير أثري يسرد تاريخ سيناء عبر العصور

محمد طاهر

الإثنين، 24 أبريل 2023 - 09:36 ص

عيد تحرير سيناء أو ذكرى تحرير سيناء هو اليوم الموافق 25 أبريل من كل عام، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد. وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التي استردت لاحقا بالتحكيم الدولي في 15 مارس 1989م.

وأكد دكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة جامعة الوادي الجديد، أن الدولة المصرية بدأت طريق العمل السياسي والدبلوماسي بداية من المفاوضات والمباحثات حتى تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وتلاها توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979، وعلى مدار 3 سنوات، حققت الدولة المصرية هدفها وتم الحصول على سيناء بعد الانسحاب الإسرائيلي وذلك يوم 25 أبريل عام 1982، في يوم ‏25‏ إبريل ‏1982‏ تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء.

سيناء أرض الفيروز ومعبر الأنبياء

وأشار د. محمود الحصري إلى أن الله عز وجل أقسم بأرض سيناء قبل أن يقسم بمكة المكرمة، وذلك في قوله تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ»، وهنا يقصد جبل الطور في سيناء، ثم قال بعدها «وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ»، وهي تعني مكة المكرمة». فسيناء أرض الأنبياء ومعبر الديانات السماوية كرمها الله تعالى بذكرها في القرآن الكريم، وكرمها بعبور أنبيائه أرضها قاصدين وادي النيل، فعبرها الخليل إبراهيم عليه السلام، وعاش فيها موسي بن عمران وفيها تلقي الألواح من ربه، وعاش وتربي فيها يوسف عليه السلام، وعبرها السيد المسيح والسيدة مريم. فتاريخها حافل بالأمجاد والبطولات فعلى رمالها دارت أشهر المعارك، وتعتبر مدينة سيناء العظيمة هي من أقوي الأسوار القوية التي تحمي بلادنا وباقي المدن المجاورة لها، فلا يوجد شخصاً على تلك الأرض لا يعرف القيمة العظيمة لمدينة سيناء. حيث إن لا يمكن أن يكون هناك غدراً أو حدوث أي كارثة إلا وستعبر من سيناء، ولهذا فهي من أهم المدن التي يتم تقديم دوريات متفاوتة حتى لا تترك تلك المدينة بلا أمن وأمان، أرض سيناء هي المصدر للقوة لأهل مصر، فلا يوجد منزل لم يوجد به أب، جد شارك في حرب سيناء.

أسماء سيناء في النصوص المصرية القديمة

وترجع أهمية المناطق الأثرية بسيناء إلي اعتبارها أماكن لتعدين الفيروز في العصر الفرعوني، حيث تعددت أسماء سيناء في النصوص المصرية القديمة حيث عرفت باسم (تا مفكات)، أي: (أرض الفيروز)، و: (ختيو مفكات)، أي: (مدرجات الفيروز)، و: (ﭽو مفكات)، أي: (جبل الفيروز)، و: (خاست مفكات)، أي، (صحراء الفيروز). كما عرفت باسم (تا شسمت)، أي: (أرض المعدن الأخضر)، أما اسم سيناء فهو مشتق من اسم إله القمر لدى الساميين، الإله (سين)، وقد قامت عدة بعثات هامة بالكشف والتنقيب عن الفيروز في هذه المنطقة. ويوجد بسيناء مجموعة كبيرة من الآثار الهامة والتي تلقى اهتماماً خاصاً عند أصحاب الديانات الثلاث، وتم تقسيم المواقع الأثرية بسيناء إلي شمال وجنوب سيناء. 

اقرأ أيضا :- في ذكرى تحرير سيناء.. «حماة الوطن»: ستبقى راية الوطن خفاقة مرفوعة الرأس

تاريخ سيناء عبر العصور 

 العصور الأولي منذ عصور ما قبل الأسرات حتي العصر العتيق فقد استوطن الإنسان سيناء منذ العصر الحجري القديم الأعلى، وأصبحت شواهد الاستيطان في العصر الحجري الحديث، والعصر الحجري النحاسي والعصر البرونزي، وتشير الأدوات النحاسية التي ترجع للعصر الحجري النحاسي (والتي عثر عليها في حضارات هذه الفترة) إلى نشاط المصريين في استخراج النحاس في هذه الفترة المبكرة من تاريخ مصر، ومع بداية الأسرة الأولى في مصر استمر النشاط في سيناء لاستخراج النحاس والفيروز، وتشير إلى ذلك قطعة العاج التي عثر عليها في أبيدوس، والتي تخص الملك "عج إيب" من ملوك الأسرة الأولى.

الدولة القديمة 

خلال الدولة القديمة كانت هناك صلة وثيقة بين سيناء ووادي النيل، حيث لعبت سيناء في ذلك التاريخ دوراً مهما كما يتضح من نقوش وادي المغارة وسرابيط الخادم، فكانت سيناء بالفعل "منجماً" للمواد الخام كالنحاس والفيروز الذي يستخرج المصريون القدماء منه ما يحتاجونه في الصناعة، فتشهد الأسرة 3 اهتمامًا واضحًا بها، فقد عُثر على نقشين يخصان الملك "سانخت" أول ملوك الأسرة 3، وعثر كذلك على نقش من عهد "زوسر"، وتزايد اهتمام ملوك الأسرة 4 بمناجم ومحاجر سيناء، وهو ما يعبر عن الرغبة في الحصول على مزيد من النحاس والفيروز ومعادن أخرى.

الدولة الوسطي 

لقد بدأ اهتمام ملوك الدولة الوسطى واضحاً في سيناء فعندما استردت مصر وحدتها وكيانها في الأسرة الحادية عشرة، استأنفت نشاطها في سيناء، وكان من بين أهداف الملك "منتوحتب نب حبت رع" استرداد هيبة مصر في هذه المنطقة، وخطا ملوك الأسرة 12 خطوة أخرى نحو التأمين، تمثلت في إقامة الحصون والقلاع ونقاط للمراقبة، وهكذا فعل الملك أمنمحات الأول الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بحدود مصر الشرقية.

الدولة الحديثة 

لقد أدرك ملوك الأسرة الثامنة عشر بعد محنة الهكسوس في غزو البلاد أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وأنه لابد من تأمين حدود مصر، وإشعار الدول المجاورة بأن مصر قادرة على الدفاع عن حدودها، ولم يعد لسيناء مجرد الدور الاقتصادي المتمثل في التجارة عبر أراضيها، أو في استغلال مناجمها ومحاجرها، وإنما أصبح محتمًا أن تلعب دورًا عسكريًا يتناسب مع ما يجري على مسرح الأحداث في منطقة الشرق القديم، ومع زحف الجيوش المصرية لتكوين إمبراطورية مترامية الأطراف، ولهذا ظهر ذلك الطريق الشهير الذي يعرف بطريق حورس الحربي، والذي سهل كثيرًا من تحركات الجيش المصري.

العصور المتأخرة

ظلت سيناء تلعب دورها كجزء من أرض مصر طوال العصور المتأخرة، رغم انحسار المد العسكري المصري. وبين الحين والآخر كان الجيش المصري في فترات الصحوة يجتاز سيناء للتعامل مع الدول المجاورة إذا ما فكرت في الاعتداء على مصر.

العصر البيزنطي 

 كانت سيناء أيضاً معبرا للعائلة المقدسة التي تحركت من بيت لحم إلى الخليل ثم بئر سبع حتى الوصول لسيناء عبر الطريق الساحلي بشمال سيناء، كما أن حركة الرهبنة في القرن الثالث الميلادي بدأت من سيناء، ونشأت عدة مجتمعات رهبانية في منطقة الجبل المقدس جبل سيناء (منطقة سانت كاترين حالياً).

العصر الإسلامي 

عند دخول الإسلام مصر كان لسيناء دوراً كبيراً أيضًا؛ فقد دخل «عمرو بن العاص» مصر عبر الطريق الذي سلكه قبله قمبيز والإسكندر، مُجتازًا سيناء مارًا بِالعريش والفرما، ثم توجه إلى بلبيس فحصن بابليون الذي كان أقوى حُصون مصر الروميَّة، وما أن سقط حتَّى تهاوت باقي الحُصون في الدلتا والصعيد أمام الجُيوش الإسلامية، وقد تم لعمرو بن العاص الاستيلاء على مصر بسقوط الإسكندريَّة في يده سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، وعقد مع الروم مُعاهدة انسحبوا على إثرها من البلاد وانتهى العهد البيزنطي في مصر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة