عيد تحرير سيناء
عيد تحرير سيناء


في ذكرى تحريرها.. خبير آثار: سيناء خط الدفاع الأول عن مصر عبر العصور

محمد طاهر

الثلاثاء، 25 أبريل 2023 - 08:49 ص

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن التاريخ العسكري لسيناء يشهد بأن هذه الأرض الطاهرة قهرت كل من سولت له نفسه تدنيسها، فعلى أرضها دحر المصريون الهكسوس ملوك الرعاة، وواجه رمسيس الثاني (1304-1237 ق.م.) تمرد مملكة خيتا التي حرضت سكان سوريا ضد مصر وسارت جيوش رمسيس الثانى عبر الطريق الحربى بشمال سيناء لإخماد الفتنة.

ويعد الطريق الساحلي بشمال سيناء من أقدم الطرق حيث كانت التجارة والغزوات تفضله لقلة رمله واعتدال هوائه، كما تسهل حمايته من ناحية البحر مما جعل له أهميته الحربية في الفترة الرومانية واليزنطية وازدادت أهميته في عهد الإمبرطور جستنيان في القرن السادس الميلادي الذي اهتم بتأمين حدود مصر الشرقية.

وأوضح الدكتور ريحان، أن الفرما تعتبر المفتاح الاستراتيجي لسيناء، والتي تبعد 35 كم شرق مدينة القنطرة شرق على شاطئ البحر المتوسط عند قرية بلوظة، وكانت مدينة محصنة فى العصر الرومانى، وفي العصر الإسلامي بنى بها الخليفة العباسي المتوكل على الله حصنًا على البحر تولى بناؤه عنبسة بن اسحق أمير مصر في سنة 239هـ /853م عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس.

وتعرض الفاطميون لخطر الصليبيين، حين تقدم  بلدوين الأول (512هـ / 1118م) بجيش عن طريق شمال سيناء ووصل إلى غزة ثم العريش وبحيرة سربنيوس التى عرفت فيما بعد باسمه (بحيرة البردويل) وعجز أن يتابع سيره داخل مصر فعاد من حيث أتى ومات بسيناء ثم حمل جثمانه للقدس ودفن بكنيسة القيامة.

اقرأ أيضا :- شوشة: سيناء تدخل عهدًا جديدًا للتنمية بعد القضاء على الإرهاب | حوار

وتابع الدكتور ريحان، أنه في عهد الأيوبيين خرج صلاح الدين عام (566 هـ / 1170م) عن طريق سيناء بمراكب مفككة حملها على الإبل، ولما وصل إلى أيلة (العقبة حاليًا) ركّب تلك المراكب وأنزلها البحر ونازل أيلة برًا وبحرًا حتى فتحها وترك بها حامية أيوبية وعاد إلى مصر، كما شيد صلاح الدين بسيناء قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون وقلعة الجندى برأس سدر وكان له طريق حربى بسيناء وهو الممر الرئيسي لجيوشه من القاهرة ويبدأ من السويس إلى وادي الراحة بوسط سيناء ثم عين سدر عند قلعة الجندي ثم إلى التمد حيث يتفرع فرعان أحدهما يسير جنوب شرق إلى قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون والآخر يستمر شرقا حتى يلتقى بدرب الحج عند نقب العقبة.

ويروى الدكتور ريحان قصة دحر أكبر حملة على قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا ودور الحمام الزاجل في سرعة توصيل رسائل الاستغاثة  وهى حملة الأمير أرناط صاحب حصن الكرك بالأردن عام1182م، وقد حمت قلعة صلاح الدين بطابا سيناء كلها من أكبر هجوم للصليبيين هدد طريق الحج والحجاج المتجهين إلى مكة المكرمة.

حين حاصر أرناط قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا مانعًا حاميتها من الوصول إلى مصادر مياه الشرب، فيما أكمل باقي الأسطول طريقه إلى عيذاب، ووصل بعضهم إلى باب المندب وعدن، وأحرق الأسطول ستة عشر مركبًا للمسلمين.واستولوا على مركبًا لنقل الحجاج في عيذاب، كما استولوا على مركبين محملين بتجارة وبضائع من اليمن ودمروا مؤن الحجاج في ساحل عيذاب.

بعث قائد الحامية بالقلعة إلى القيادة بقلعة صلاح الدين بالقاهرة عن طريق الحمام الزاجل فتم بناء أسطول في الإسكندرية، وقام قائد الأسطول حسام الدين لؤلؤ بحل المراكب مفككة على الجمال وأشرف على تجميعها في يناير 579هـ ، 1183 م ، قسّم حسام الدين لؤلؤ الأسطول إلى قسمين، الأول غادر إلى قلعة أيلة واستولى على المركبين والقسم الثاني ذهب إلى عيذاب، لنجدة الحجاج المسلمين، ثم عاد لؤلؤ إلى رابغ، ليواجه الصليبيين في ساحل الحوراء، وكان عدد رجال أرناط أكثر من ثلاثمائة بقليل، ولدى وصول لؤلؤ، قتل معظم رجال أرناط  وتم صد أكبر حملة هددت القلعة وموكب الحجاج.

وأردف الدكتور ريحان، بأن برج الحمام الزاجل في الجزء الشرقى من التحصين الشمالى لقلعة صلاح الدين بطابا، وعثر بداخله قبل أعمال الترميم عام 1986 على بيوت الحمام " بنانى الحمام"، وبها بقايا حبوب من الشعير والفول.

وكان أول من نظّم الحمام الزاجل لنقل رسائل الحكومة السلطان نور الدين محمود، الذى ولى حكم الشام عام 1146م وأنشأ محطات للحمام الزاجل فى أهم طرق السلطنة، ونظّم نقل البريد بواسطة الحمام الزاجل بين القاهرة ودمشق عن طريق غزة والقدس وكذلك بين القاهرة والاسكندرية. 

ويتميز الحمام الزاجل بقوة عضلاته وصدره العريض وعينيه الواسعتين، ويستطيع أن يطير ألف كيلو متر دون توقف واستخدم الحمام الزاجل فى الحرب العالمية الأولى والثانية واستخدمته وكالة رويتر فى بداية عملها.

وعن الحمام الزاجل توضح الباحثة الآثارية آية وليد  أن البريد الجوي فى العصور الإسلامية كان يتم عن طريق "رسائل الحمام الزاجل" أو "بطائق الحمام" وقد أطُلق عليه هذا الاسم؛ لأنه كان يحمل الرسائل الصغيرة، وهذا الحمام يشتهر بسرعة الطيران واستخدمت الطيور في حمل الرسائل منذ عصر سيدنا نوح عليه السلام عندما أرسل حمامة  من الفلك أثناء الطوفان فعادت إليه بغصن من شجر الزيتون في منقارها.  

وأن رسائل الحمام الزاجل وسيلة من وسائل المخابرة، وكان له شأن عظيم عندهم، وكان يُرسل من أبراج القلعة في العصر الأيوبي، وكان بقلعة الجبل بالقاهرة أقدم مطار وهو "برج المطار" الذي كان يُرسل منه الحمام، وقد بلغ عدد الحمام المستخرج لهذه الغاية فيها ألف وتسعمائة طائر، وكان لها عمال يناط بهم أمر العناية بها.

 وكان بكل مركز برج للحمام في سائر أنحاء المملكة بمصر والشام والعراق، ومن أسوان إلى الفرات، كما كانت في الثغور والطرقات الشامية والمصرية، وجميعها تُدرج وتنقل من القلعة إلى سائر الجهات.

وكانت ترسل رسائل الحمام بوضعها تحت جناح الحمامة أو تشّد إلى ذيلها، ولزيادة الثقة كانت تكتب الرسالة مرتين تُرسلان مع حمامتين تُطلق أحدهما بعد ساعتين من إطلاق الأخرى حتى إذا ضلت إحداهما أو قتلت أو افترستها إحدى الجوارح أمكن الاعتماد على الأخرى، وجرت العادة على ألا يُطلق الحمام في الجو الماطر ولا يُطلق قبل تغذيته التغذية الكافية.

وتابع الدكتور ريحان، بأن سيناء شهد فصولًا من الصراع العربي الإسرائيلي ابتداءً من مايو 1948 عندما بدأت وحدات من المتطوعين تعبر سيناء في طريقها لفلسطين للمشاركة في درء الخطر الصهيوني ثم تقدمت وحدات الجيش المصري عبر سيناء لمقاومة إنشاء دولة إسرائيل، وشهدت طرق سيناء عام 1956 العدوان الثلاثي مستخدمين عدة محاور بسيناء وأخضعت إسرائيل سيناء للحكم العسكري حين احتلالها عام 1967 وقسمتها لمنطقتين هما شمال سيناء وألحقتها بقطاع غزة وجنوب سيناء ووضعتها تحت إدارة مستقلة وعينت حاكمًا عسكريًا على كل منطقة وأقامت في سيناء المستوطنات أهمها أوقيرا بجوار شرم الشيخ، ذى هاف قرب دهب، زاحارون 10كم شرق العريش، ياميت 7كم قرب رفح.

ثم جاءت حرب 1973 لدحر العدوان وفتح الطريق لاستعادة سيناء وتم توقيع اتفاقية كامب دايفيد في 26 مارس 1979، وبدأت مراحل استعادة أرض سيناء كا آخرها استعادة المضايق بوسط سيناء والمنطقة شرق المضايق من العريش حتى رأس محمد في 25 أبريل 1982، واستعادة رفح وشرم الشيخ في سبتمبر 1988، والتحكيم في المنطقة المتنازع عليها في طابا مارس 1989، وانسحاب إسرائيل من طابا حتى 19 مارس 1989 ورفع العلم المصري على طابا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة