محرر «الأخبار» يتحدث إلى طفلين عقب وصولهما أرض الوطن
محرر «الأخبار» يتحدث إلى طفلين عقب وصولهما أرض الوطن


«ولاد مصر فى عنينا»| الأخبار مع المصريين العائدين من السودان

عمر عبدالعلي

الثلاثاء، 25 أبريل 2023 - 06:59 م

الدولة تنفذ أكبر عملية إجلاء لرعاياها فى السودان من ثلاثة مطارات

الناجون من الموت: نشكر الرئيس السيسى.. والمحروسة ستظل آمنة

علاء: الاشتباكات حاصرتنا.. ومحمد: شكّلنا خلية أزمة مع السفارة

الطفل محمد: أنا فرحان قوى .. وخالد: الحمد لله إنى فى حضن بابا وماما

نسرين: مصر بلد الأمن والأمان .. وأميرة: مش مصدقة إنى رجعت

المكان: قاعدة شرق القاهرة العسكرية. الزمان: مساء الرابع والعشرين من أبريل، عشية الاحتفال بالذكرى الـ41 من تحرير سيناء، أما الحدث فهو استقبال المئات من أبناء مصر العائدين من السودان.

المشهد الأول كان خارج أسوار المطار، الأهالى فى انتظار عودة أبنائهم والسيدات ينتابهم القلق على أزواجهن، الصغار يلهون بعد أن هدد الوقت براءتهم، فحاولوا كسر ملل الانتظار باللهو، لكن عيون الجميع كانت متشبثة بمدرج هبوط الطائرات ظنا منهم أن إحداها ربما تحمل الأحباب، فمواعيد اللقاء اختلفت ولا أحد يعلم على وجه الدقة أى طائرة تضم فلذات الأكباد.

المشهد الثانى كان داخل أسوار المطار وتحديدا عند مدرج هبوط الطائرات، فجنود مصر البواسل اصطفوا فى صفين حاملين الأعلام المصرية وباقات الورود والشيكولاتة استعدادا لاستقبال أبناء مصر الأبرار، وعلى أرض المطار تلاحمت عجلات الطائرات مع أرضية المهبط وصوت أزيز طائرة يعلن عن ثبوتها ورسوها على الأرض فى تمام الثامنة والربع مساء، من بعيد ينتظر الآباء والأمهات والزوجات والأطفال عيونهم معلقة ترجو محرك الطائرة أن يتوقف حتى يتسنى لها أن تفتح أبوابها ويخرج الغائبون، وقلوبهم تشتاق إلى رؤية ذويهم ممن عصفت بهم الأيام واشتد بهم الكرب وانقطعت عنهم الاتصالات فى شوارع الخرطوم التى تحولت إلى  ساحة حرب، لحظات وهبطت الطائرة، توجهت الأبصار وتلتها القلوب بشغف نحو سلم الطائرة الذى طال افتتاحه لدقائق  وكأنها دهر، انتظاراً للترحيب بالعائدين من جحيم النار إلى نعيم الأمن والأمان، من صوت البارود والمدافع إلى حضن الوطن الدافئ.

تلاحم القلوب

لحظات أخرى ويتدلى سلم الطائرة وتظهر معادن المصريين عندما تتشابك الأيدى  وتتلاحم القلوب بالأحضان لأعز الأحباب ، دموع يسبقها فرحة وتتخللها زغرودة حلوة، فالطائرة تحمل بين طياتها عددا كبيرا من أولادنا العائدين ، وعادت الفرحة من جديد ، وارتسمت البسمة على الشفاه ، إيذانا باستقبال ولاد مصر من السودان وفى جعبتهم قصص وروايات من الخيال تتعلق بمغامرات نقلهم من مناطق الاشتعال والنار من خلال ممرات آمنة وفرتها المخابرات المصرية بالتنسيق مع سفاراتنا المصرية بالخرطوم حتى وصولهم إلى نقطة التجمع المتفق عليها ثم نقلهم بسيارات إلى مطار دنقلة الدولى قبل إجلائهم مرة أخرى من خلال الطائرة العسكرية المصرية إلى أرض الوطن الرحب .

موقف مصر من إعادة المصريين العائدين من السودان أثبت «بما لا يدع مجالاً للشك» أن هذا الملف الشائك والحساس تمت إدارته بعناية فائقة وتضافرت فيه جميع الأجهزة المعنية وعلى رأسها: القوات المسلحة ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة حتى تمكنت مصر برجالها المخلصين من تنفيذ عملية الإجلاء لأكبر جالية فى السودان والتى تتخطى الآلاف من خلال التنسيق المستمر والمتواصل مع وزارة الخارجية والبعثة الدبلوماسية فى السودان التى يرأسها السفير هانى صلاح.

«الأخبار» تنقل روايات وقصص العائدين من الجحيم خلال السطور التالية، وكيف نفذت مصر القوية برجالها الأشداء وسواعد أبنائها البواسل أكبر عملية إجلاء للمصريين فى الخارج؟ وهو النجاح المستمر لمصر مثلما كان الحال فى إجلاء مصريين من قبل فى دول طالتها صراعات داخلية مثل: أفغانستان وأوكرانيا .

طلاب علم

«اطلبوا العلم ولو فى الصين « هى سيدة الموقف للعديد من الطلاب المصريين الذين حرصوا على الالتحاق بالعديد من الجامعات السودانية وخاصة كليات الطب البشرى وطب الأسنان، وبسبب الصراع الدامى الذى تشهده العاصمة السودانية الخرطوم والعديد من الأقاليم والولايات بها على مدار الساعة ، توقفت الجامعات السودانية عن العمل ، بل حاصرت الاشتباكات المتبادلة المئات من الطلاب وكان طلابنا المصريون فى قلب الحدث ، فلم يكن لهم مفر إلا العودة إلى تراب الوطن ، فالموت يواجههم دون سابق إنذار.

هكذا بدأ علاء شعبان أبو المكارم ، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب البشرى بجامعة إفريقيا العالمية حديثه ويروى تجربته مع عدد من زملائه الذين تمكنوا من الفرار من مسرح الأحداث تحت وطأة أصوات الرصاص والمدافع حتى وصولهم لمطار دنقلة قبل عودتهم إلى مصر أرض السلام والرخاء .. حيث يقول : كانت أياماً صعبة وشاقة علينا ، نجونا من الموت بإعجوبة بعدما حاصرتنا الاشتباكات وكُتب لنا النجاة ومصر أنقذتنا، نحن طلاب الطب من مصر المنتشرون فى جميع الجامعات السودانية ، متفوقون على الجميع هناك ، قبل الحرب بأيام سمعنا أن هناك توترات بين القادة ، وفى طليعة أول يوم للمعارك ، لم نستطع الخروج من أماكن إقامتنا فى الخرطوم ، بل تعرض عدد كبير من الطلبة إلى الاحتجاز داخل حرم الجامعة لأيام نظراً لشدة المواجهات بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع على أسوار الجامعة ، فكرنا فى الهروب خوفاً من موت محقق يحيق بنا.

تواصلنا مع بعضنا كطلاب مصريين ، ونسقنا مع السفارة المصرية فى الخرطوم التى أبلغتنا بضرورة التجمع فى نقطة ما لحين الانتقال مرة أخرى إلى مطار دنقلة الدولى ، بالفعل .. اتفقنا مع سيارات ملاكى تابعة لمواطنين سودانيين على نقلنا إلى خارج الخرطوم وهذا ما تم بالفعل ، ثم ركبنا سيارات أخرى نقلتنا إلى مطار دنقلة حيث وجه الجيش السودانى بتسهيل إجراءات دخولنا للمطار بالتنسيق مع القوات المسلحة المصرية التى أخبرتنا من خلال السفارة أن طائرة مصرية عسكرية سوف تنقلنا إلى الوطن مصر، وبفضل الله نحن الآن على تراب مصر الطاهر .. شكرا جزيلا لمصر والرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لم ينس أولاده فى الغربة ..هى دى مصر الكبيرة.

تحيا مصر

 .. تحيا مصر .. تحيا مصر ، هكذا علا صوت أميرة عبدالحميد شلبى الطالبة بكلية الطب البشرى بجامعة شرق السودان عقب نزولها من الطائرة العسكرية المصرية أرض مطار شرق القاهرة حيث قالت : مش مصدقة والله .. دى إعجوبة .. إحنا كنا وسط النار .. محدش كان قادر يمشى فى الشارع من كتر الرصاص .. الحمد لله مصر بخير وولادها بخير والشكر للسفارة المصرية فى الخرطوم فور تسجيل اسمائنا تواصلوا معنا ومن خلال ممرات آمنة تمكنا من الهروب من العاصمة الملتهبة من الاشتباكات ثم انتقلنا بعدها مع  زميلاتى إلى مطار دنقلة حيث كانت مصر وجنودها البواسل فى انتظارنا للعودة إلى أرض الوطن .. وأضافت بابتسامة الفرحة .. أنا سعيدة إنى فى بلدى مصر .

ومن كلية الطب إلى الهندسة ، ومن جامعة السودان العالمية ، عبر محمد عبدالعزيز الطالب بالكلية ، عن  تقديره وشكره للرئيس عبدالفتاح السيسى ورعاية القوات المسلحة المصرية وجميع الأجهزة المعنية وخاصة السفارة المصرية بالخرطوم على حسن الرعاية والاهتمام بالطلبة المصريين فى السودان حيث يروى حكايته قبل العودة إلى مصر الكنانة فيقول : تم تشكيل خلية أزمة هناك وكنا على تواصل مع زملاء لنا فى كافة الجامعات السودانية من أجل التنسيق والتشاور فى كيفية تأمين وجودنا فى الخرطوم حتى تتنسى لنا فرصة العودة إلى أرض الوطن بسلام وأمان وعندما أعلنت السفارة المصرية عن وجود طائرات عسكرية مصرية لنقلنا إلى بلدنا مصر الحبيبة ، عمت الفرحة جميع الطلبة وسجلنا الأسماء وفى غضون ساعة تم التواصل معنا والتنسيق للتواجد فى مكان معين فى سبيل نقلنا إلى مطار بورتسودان ومنه ركبنا الطائرة التى تحمل علم جمهورية مصر العربية حتى وصولنا إلى أرض الوطن مصر الكنانة ، وأنهى حديثه بكلمة : « أقولها بالفم المليان مصر أمن وأمان « .

مصر بخير

 ويقول أحمد شوقى عبدالعزيز الطالب بكلية طب الأسنان بجامعة شرق السودان : الحمد لله .. تحيا مصر أم الدنيا .. فعلا مصر بخير طالما فيها رجال مخلصون مثل الرئيس السيسى وأبطال مثل جنود القوات المسلحة البواسل .. لقد تم انتشالنا من وسط النيران هناك .. لم نكن نصدق أننا سوف ننجو من الموت المحقق .. الحمد لله .. الحمد لله .. عودتنا إلى أرض الوطن فرحة لا تُوصف ولا تُقدر بثمن ومعى على الطائرة أكثر من 15 طالباً بكليات طب الأسنان تمكنا من العودة بفضل الإرشادات التى وضعتها السفارة المصرية فى الخرطوم والتسهيلات التى قامت بها القوات المسلحة المصرية وتقديم الرعاية لنا حتى وصولنا إلى بلد الأمن والأمان مصر .

من جانبه وجه هشام مرسى الموظف فى المصرف العربى للتنمية الاقتصادية فى أفريقيا، الشكر والتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى والقوات المسلحة، لمجهوداتهم داخل وخارج مصر، وقال مؤكدا: إن السفارة كانت تتابع معهم الأمور خطوة بخطوة وكانت تطمأنهم وطلبت منهم توخى الحذر والحيطة حتى يتم توفير وسيلة نقل آمنة لعودتهم الى مصر .

.. من بعيد كانت تمسك بيد والدتها المسنة وتسير ببطء شديد ربما كان عناء الهروب من جحيم الموت تحت وطأة الرصاص قد أتعبهن .. اقتربنا منها وقالت : الحمد لله .. الحمد لله .. أنا فرحانة أنى رجعت بلدى مصر أم الدنيا .. أنا نسرين صالح مصرية وأحمل الجنسية السودانية وهذه والدتى الحاجة فريدة أمين على .. ربنا كتب لنا النجاة والعودة بعد سنوات طويلة فى الغربة .. نعمة الأمن والأمان التى تتمتع بها مصر مش موجودة فى بلاد الدنيا كلها.

واضافت: إحنا كنا فى وسط النيران والبلد هناك صعبة بعد ما كانت مستقرة وأهلها طيبين .. أنا حزينة على السودان واللى بيحصل فيها .. أدعو الله أن يحفظ مصر وشعبها ويديم عليها نعمة الأمن والأمان .. بجد إحنا فى نعمة كبيرة لازم نشكر ربنا عليها ونحافظ على تلك النعمة من الضياع إذا فرطنا فيها .. شكراً لمصر وللرئيس السيسى إنه حط ولاده فى الخارج نصب عينيه وقال: سلامتهم بكل الدنيا .. فيما قالت الحاجة فريدة على « 71 عاما» : أنا روحى رجعتلى لما شفت مصر بلدى .. الحمد لله .

بلدنا مفيهاش حرب

وضمن الطائرة المصرية العسكرية القادمة من مطار دنقلة بالسودان ، كانت هناك أسرة مصرية مكونة من أم وأطفالها الثلاثة والجميع كانوا يحملون الأعلام المصرية التى علت تعانق السماء فرحاً برجوعهم إلى أرض الوطن حيث عبر الطفل محمد محمد ممدوح «10سنوات « عن سعادته الكبيرة بالرجوع إلى مصر قائلا : أنا فرحان قوى .. مصر حلوة وانا بحبها .. وشكراً للرئيس السيسى والجيش المصرى .. بلدنا مفيهاش حرب .. فيه سلام وأمن وأمان .

على الجانب الآخر ارتسمت على وجه الطفل خالد زين بالصف الثالث الابتدائى، الفرحة والسعادة عقب نزوله من سلم الطائرة إلى أرض الوطن وهو يحمل علم مصر قائلا : تحيا مصر .. الحمد لله رجعنا بلدنا بالسلامة مع بابا وماما وشكراً للرئيس السيسى .

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة