الدكتور سعيد أبو على الأمين العام المساعد لشئون فلسطين
الدكتور سعيد أبو على الأمين العام المساعد لشئون فلسطين


حوار| الدكتور سعيد أبو علي: مصر لم ولن تغيب يوما عن القضية الفلسطينية

أسامة عجاج- نادر غازي

الأربعاء، 26 أبريل 2023 - 06:15 م

تعددت العوامل وراء إضافة أهمية للحوار مع الدكتور سعيد أبو على الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين فى الجامعة العربية، فى المقدمة منها التوقيت الذى تزامن مع أخطر تحدٍ يواجه القضية الفلسطينية فى ضوء التصعيد غير المسبوق من الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا فى تاريخ إسرائيل تجاه المساس بالقدس كمدينة والأقصى كمسجد هو القبلة الأولى لمليارات المسلمين فى أنحاء العالم وثالث الحرمين من اعتداءات على المصلين فى ليالى شهر رمضان الكريم ومنعهم من ممارسة الشعائر الدينية والسماح باستباحة المتطرفين والمستوطنين لساحاته بأعداد كبيرة عامل آخر يتعلق بتجربة خبرات.

وعمل الدكتور سعيد أبو على والتى تنوعت بين العمل الأكاديمى فهو حاصل على الدكتوراه من جامعة تولوز فى فرنسا فى المنظمات الدولية والعمل التنفيذي من خلال توليه مناصب عديدة على صعيد العمل فى المحليات فى السلطة الوطنية الفلسطينية ووزيرا للداخلية والأمن الوطنى لسنوات طويلة.

الحوار تناول العديد من القضايا المطروحة على الساحة الفلسطينية والمخاوف من تبعات التصعيد الإسرائيلى الأخير على الاستقرار فى المنطقة خاصة بعد الهجمات على قطاع غزة ولبنان وسوريا وحقيقة المخطط الإسرائيلى لتهويد القدس وفرض التقسيم الزمانى والمكانى على المسجد بعد تجربة المسجد الإبراهيمى والمواقف العربية والدولية من الأزمة الأخيرة. 

وهذا نصه
 

ماذا عن المشهد الحالى المؤسف  على صعيد التصعيد الإسرائيلى فى القدس والمسجد الأقصى؟

دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيلى على تصعيد ممارساتها وانتهاكاتها الممنهجة خلال شهر رمضان فى الأعوام السابقة وخاصة فى محيط وباحات المسجد الأقصى، وهذا العام ومع تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة وبعض وزرائها العنصريين الذين يحرضون على استهداف المسجد الأقصى فى رمضان، الذى تزامن هذا العام مع الأعياد اليهودية الدينية، وفقد تكرر مسلسل اقتحام المسجد الأقصى بصورة منتظمة وبأعداد  أكبر بكثير من قبل جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين بشكل سافر.

إضافة إلى ملاحقة المرابطين والمرابطات، والتضييق على المعتكفين لمنع الاعتكاف التقليدى بالأقصى، واستمرار محاولات الترويج والضغط من أجل تقديم القرابين داخل المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودى. لقد صعدت سلطات الاحتلال فى هذا المشهد المرفوض والمدان وخاصة خلال يومى الرابع  والخامس من أبريل الحالى  من ممارساتها واعتداءاتها على المعتكفين بصورة وحشية، وملاحقة المصلين والمعتكفين وإفراغ المسجد القبلى منهم، ومحاولات إدخال قرابين للذبح فى باحات المسجد. 

أعتقد أن ذلك يتم بصورة مخططة وممنهجة فى إطار تصعيد مستمر لاحداث تراكم خطوات ووقائع جديدة، تغير من الوضع القائم التاريخى والقانونى فى المسجد الأقصى، ووصولاً إلى تحقيق هدف التقسيم الزمانى والمكانى للأقصى.

كما حصل للأسف بالحرم الإبراهيمى بالخليل إثر المذبحة المعروفة، وما يتم تطبيقه اليوم، هو الانتقال من التقسيم الزمانى الذى يسمح لليهود والمستعمرين المتطرفين بزيارة باحات الأقصى بأوقات زمانية يومية محددة، وفى كل عام تضاف حلقة جديدة بأمر واقع جديد، وتكريس هذا الجديد للبناء عليه لاحقاً أو مستقبلاً، وسلطة الاحتلال تتحكم بأبواب الدخول للأقصى والسيطرة الخارجية المطلقة بما يمكنها من تحديد أعمار وأعداد المسلمين المسموح لهم دخول الأقصى. 

هذا العام بدأت سلطات الاحتلال بتكثيف محاولات السيطرة والتحكم داخل الأقصى وصولاً إلى منع الاعتكاف بالمسجد، وهى السنة الحميدة المتبعة بصورة دائمة خاصة بشهر رمضان المبارك من كل أنحاء فلسطين، فاتخذت قراراً بتحديد الأعمار والأعداد المسموح لها بالصلاة، وعزلت كل القدس وليس فقط الأقصى.

ثم عملت على إخلاء المسجد مباشرة بعد صلاة التراويح لخفض أعداد المصلين بصلاة الفجر، والتمكن من إخلاء المسجد تماماً قبل اقتحامات المستوطنين بحراسة الشرطة كل صباح كما ذكرنا، وذلك بأعداد أكبر وبحرية أكثر ودون وجود مسلمين بالمسجد، ليتسنى لهم إقامة شعائرهم، وإدخال قرابينهم كما يعلنون، والسيطرة الكاملة على الساحات جميعها، وخاصة تلك الواقعة فى الجهة الشمالية المتصلة بحائط البراق، الذى يسمونه حائط المبكى، إمعاناُ فى إحداث التقسيم المكانى، والاستيلاء على الساحات المكشوفة فى المسجد الأقصى  .

انفجار شامل 

هل تعتقد أننا أمام أزمة غير مسبوقة تهدد الاستقرار فى المنطقة فى ضوء ماحدث من توتر على صعيد الجنوب اللبنانى وسوريا وبالطبع فى قطاع غزة؟

يا سيدى نحن فى سياق حرب إسرائيلية شبه معلنة، ولكنها رسمية وممنهجة ضد الشعب الفلسطينى، الموضوع يتجاوز مستوى الأزمة مسبوقة أو غير مسبوقة، إنها تدفع باتجاه انفجار الأوضاع الأمنية فى جميع الساحات وليس فقط فى القدس، الضفة الغربية وقطاع غزة. إن الاعتداءات الوحشية التى نفذتها شرطة الاحتلال فى المسجد الأقصى، وقبلها فى جنين ونابلس وحوارة المهددة بالحرق والإزالة فى تصريحات الوزراء الإسرائيليين، رغم تحركات الأطراف المعنية، وجهود الوساطة، والضغوط الدولية والإقليمية، التى تصطدم وما تزال بطبيعة الحكومة الإسرائيلية التى من شأنها أن تضيف لزخم سياسة الحرب المفتوحة التى تشنها سلطات الاحتلال فى الأراضى الفلسطينية المحتلة كافة، بما يهدد قطعاً بانفجار شامل، ويفتح الآفاق والجبهات أمام كل الاحتمالات تحت خارطة إسرائيل من النيل للفرات التى تنكر وجود الشعب الفلسطينى، وتمضى قدماً فى مخططات الضم الزاحف.

التصعيد وهذا الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى فى هذه الحرب التى تواصل شنها الحكومات  الإسرائيلية المتعاقبة، والتى أدت لغاية الشهر الماضى إلى  ارتقاء أكثر من 100 شهيد فلسطينى، ليست مجرد أزمة، وما تصفه بالتوتر فى المنطقة هو نذير انفجار شامل يأتى بسبب ذلك التصعيد الاسرائيلى الذى تتعرض له فلسطين عامة والقدس خاصة، وعلى المسجد الأقصى فى هذه الأيام، وفى شهر رمضان، الأمر الذى يعنى استهدافا مباشرا وسافرا للعقيدة والمقدسات الإسلامية، وهذا خط أحمر لأمة الإسلام والمسلمين ولكل المعنيين بالسلام، ثم بالأمن والاستقرار فى هذه المنطقة، الذى تعبث فيه سلطات الاحتلال بتحدى صارخ لإرادة المجتمع الدولى.

صمت دولى 

الاعتداءات على الأقصى لم تكن مفاجأة لأحد فى ظل تصريحات بن غفير قبل شهر رمضان بفترة ليست قليلة حول إغلاق المسجد خلال أيام عيد الفصح اليهودى لمدة عشرة أيام فكيف تقرأ المواقف الدولية المتخاذلة تجاه ما حدث؟

إن الجرائم التى ترتكبها سلطات الاحتلال بالأرض الفلسطينية المحتلة من قتل وتنكيل وهدم واستباحة واستيطان، بما فى ذلك الجريمة التى ارتكبها جيش الاحتلال فى الأقصى استفزت مشاعر كل الفلسطينيين والمسلمين والعرب، فى كل العالم، فمن حق الشعب الفلسطينى أن يدافع عن نفسه فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى وعدوانه وفق الشرائع الدولية التى كفلت له الحق قى ذلك، وعلى المجتمع الدولى دور هام فى التدخل الفورى لمنع تلك الجرائم والخروج من سياسة الكيل بمكيالين، بما يشمل توفير الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطينى من تلك الجرائم التى توجب مساءلة مرتكبيها طبقاً لمبادئ القانون الدولى وأحكامه، وعدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب، وإنصاف الشعب الفلسطينى فى تحقيق الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس كباقى شعوب العالم.

لذا المطلوب من هذه الدول وقف سياسة «الكيل بمكيالين»، والخروج من دائرة التعامل غير المؤثر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو عدم التفاعل الإيجابى فى التصدى للانتهاكات وجرائم الاحتلال والمستوطنين، وبتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفرض العقوبات على الكيان الإسرائيلى . 

حقيقة أزمة إسرائيل الداخلية 

هل تعتقد أن التصعيد الإسرائيلى مقصود للهروب إلى الأمام من الأزمة الداخلية حول الإصلاحات القانونية التى سببت شرخا حقيقيا فى المجتمع الإسرائيلى؟ هل تعتقد أنه يمكن التعويل على الانقسام الداخلى فى إسرائيل فى إحداث تغيير فى مواقفها تجاه عملية السلام؟ 

ربما يحاول نتنياهو الهروب إلى الأمام، وتصعيد أزمته الداخلية بافتعال أزمات على عدة جبهات تزامنا  مع حربه ضد الفلسطينيين والممارسات الوحشية للقوات الإسرائيلية ضد المصلين فى المسجد الأقصى بالقدس، بدون مراعاة لحرمة المكان، أو لشهر رمضان المبارك. وقد يستفيد نتنياهو من ذلك بتخفيف الضغط الداخلى، ومع ذلك فإن التصعيد بالأساس غير مرتبط بأزمة نتنياهو الداخلية، كما أن الأزمة الداخلية لا تنسحب على القضية الفلسطينية والشأن الفلسطينى لدى طرفى الأزمة الداخلية الإسرائيلية، فالتصعيد والممارسات الإسرائيلية مستمرة ومتواصلة منذ الحكومة السابقة برئاسة يائير لابيد ، وكان العام الماضى هو العام الأكثر دموية واستيطاناً من حكومة المعارضة الحالية. أما حكومة نتنياهو الحالية فهى تواصل تنفيذ مخطط مسبق تم إقراره من أطراف الائتلاف الحاكم قبل مباشرة الحكم ونشوء الأزمة الداخلية، وهذا الأمر لا يجب أن يغيب عن التحليل والرؤية السياسية لما يجرى فى إسرائيل.

حيث لم تكن الإصلاحات القضائية أو الانقلاب القضائى كما تقول المعارضة هو سبب التصعيد هى الأزمة الوحيدة التى تواجه نتنياهو، مع أن الصراع القضائى هو ستار للضم الزاحف للأرض الفلسطينية واعتبارها أرض إسرائيل لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، ووصلاً لتكريس إقامة دولة الفصل العنصرى والأبرتهايد، ووضع الفلسطينيين أمام خيار من ثلاثة الإذعان أو التهجير أو القتل، بل تزامنت معها تصريحات عنصرية وتحريضية لوزراء يمينيين بحكومته.فوزير المالية سموتريتش، اليمينى المتطرف تسبب فى 3 أزمات خلال شهر مارس/آذار الماضى، الأولى كانت بسبب تصريحاته بشأن محو قرية حوارة بنابلس شمالى الضفة الغربية، الثانية ادعاؤه الكاذب فى خطاب ألقاه بالعاصمة الفرنسية باريس، بعدم وجود «شىء اسمه الشعب الفلسطينى سموتريتش كان يلقى الخطاب على منصة أمام خريطة تضم الأردن إلى حدود إسرائيل، وهو ما فجر الأزمة الثالثة.

كما لحقت وزيرة المستوطنات، أوريت ستروك، بسموتريتش، حين زعمت أن «إسرائيل ستعود إلى غزة ولو بعد حين باعتبارها جزءا من أرض إسرائيل. وقالت إن «دولة إسرائيل فى طور التوبة عن خطيئة فك الارتباط، أى الانفصال عن غزة وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التى كانت على أرضها.

مواقف دولية غير كافية 

فى رأيك لماذا لم تدافع واشنطن عن نتائج الاجتماعات الأمنية التى رعتها وضمت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل والتى قال عنها بن غفير أنها لا تعنيه؟ 

مع أن السؤال ينبغى أن يوجه للإدارة الأمريكية نفسها، إلا أن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من سن وتشريع المزيد من القوانين الاستيطانية والاستعمارية العنصرية والتصريحات التحريضية، إلى جانب تصعيد الاعتداءات والممارسات العدوانية الإرهابية خلافاً لكل التفاهمات والالتزامات، يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة كعادتها تتنكر لجميع الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطينى برعاية دولية وأمريكية، بما فيها التفاهمات الأخيرة فى كل من العقبة وشرم الشيخ. ويعد ذلك دليلًا قاطعًا على طبيعة سلطات الاحتلال الحقيقية وعلى غياب شريك السلام الإسرائيلى، ونحن نلحظ هذا أيضاً من خلال غياب السلام والمفاوضات السياسية عن برنامج حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، وهو استمرار لسياسة تحلل الحكومات الإسرائيلية من أى التزامات بما فيها تلك التى قد تؤدى إلى إحياء مسار سلام حقيقى قد تكون الإدارة الأمريكية اتخذت بعض المواقف المعارضة أو الرافضة بالتصريحات العلنية، ولكن وعلى الرغم من الرد المتقدم والإيجابى فى صيغة ردود الفعل والمواقف الدولية بما فيها الأمريكية والأوروبية خاصة تجاه انتهاكات الاحتلال خاصة ما صدر عن الدول من مواقف تجاه تصريحات الوزير الفاشى سموتريتش وتجاه إقرار كنيست الإسرائيلى بتعديل ما بات يعرف بقانون الانفصال أو بخصوص شرعنة البؤر الاستيطانية، إلا أنها تؤكد أن تلك المواقف غير كافية ولا ترتقى لمستوى تنكر الحكومة الإسرائيلية للاتفاقيات الموقعة وانتهاكاها لقواعد القانون الدولى ومحاولاتها المتواصلة للالتفاف على تفاهمات العقبة وشرم الشيخ.

والمطلوب ضغط دولى وأمريكى حقيقى وفاعل يلزم إسرائيل بوقف جميع إجراءاتها الأحادية غير القانونية ويفرض عليها إرادة السلام الدولية ويلزمها الانخراط فى مفاوضات سياسية جادة مع الجانب الفلسطينى وفقاً لمرجعيات السلام الدولية .

جهد عربى مستمر 

هل تعتقد أن الموقف العربى الذى اكتفى باجتماع على مستوى المندوبين استمر مدة قصيرة كافٍ للتعامل العربى الجدى مع أزمة غير مسبوقة؟ 

بشكل عاجل وبتحرك أردنى فلسطينى مصرى سريع عُقد الاجتماع الطارئ بتاريخ 5/4/2023 فى مقر جامعة الدول العربية، بحضور مندوبى الدول الأعضاء، وقد بحث الاجتماع العدوان الإسرائيلى المتصاعد على المسجد الأقصى المبارك، وخاصة فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، 
كما بحث الاجتماع آليات وطرق التحرك العربى والدولى لمواجهة الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على حياة ومقدسات الشعب الفلسطينى فى مدينة القدس، عاصمة دولة فلسطين، واتفقت الدول الأعضاء على إصدار بيان عن مجلس جامعة الدول العربية حمل فيه إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مسئولية ما ينتج عن جرائمها وانتهاكاتها الفاضحة لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. وحذر المجلس من أن هذه الجرائم تنذر باشتعال دوامة من العنف تهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم .

فى الواقع كان ذلك فى إطار العمل الجماعى وآليات العمل العربى المشترك فى الجامعة العربية، وبالتزامن كانت هناك جهود الدول المنفردة والمنسقة مع الجهات الدولية الفاعلة، ولعبت الدبلوماسية الأردنية المصرية الفلسطينية، كما العربية والإسلامية دوراً فاعلاً فى التصدى للعدوان الإسرائيلى كما العربية والإسلامية دوراً فاعلاً فى التصدى للعدوان الإسرائيلى.

الرباعية إضافة مهمة

قد يكون مفهوم التغييب الخاص باللجنة الرباعية الدولية للبحث فى الأزمة فى ظل الأزمة بين الغرب وروسيا فماذا عن اللجنة التى تضم فرنسا وألمانيا ومصر والأردن؟

تجمع صيغة ميونيخ فى عضويتها بين أطراف عربية وأوروبية مشاركة ومؤثرة فى القضية الفلسطينية وعلى الصعيد العربى تضم رباعية ميونيخ دولا تتمع بدور وحضور قوى على صعيد كامل ملفات العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية، والفلسطينية- الإسرائيلية كما هو الوضع بالنسبة لمصر، وعلى صعيد القدس والمقدسات الإسلامية كما هو الوضع بالنسبة للأردن.  وعلى الصعيد الأوروبى تجمع صيغة ميونيخ فى عضويتها دولا تمثل قاطرة الاتحاد الأوروبى.

كما أنها أطراف مؤثرة فى عملية التمويل والتنمية ودعم المؤسسات فى الأراضى الفلسطينية بشكل مباشر وعبر الاتحاد الأوروبى والمعونات المقدمة للمؤسسات الدولية والمحلية، وجهود الوساطة والتحركات المختلفة فى أوقات التصعيد والتهدئة. 

 صيغة رباعية ميونيخ إضافة مهمة بشكل عام وفى الظروف التى أعلنت فيها والأوضاع الحالية بشكل خاص، وتمثل صيغة ميونيخ فرصة للحفاظ على القضايا المهمة على أجندة الاهتمام الدولى والإقليمى فى أوروبا والمنطقة العربية، وتساهم فى الحفاظ على جوهر قضايا الحل والتسوية وأسباب الصراع دون تغيير رغم التحديات. 

حل الدولتين 

هناك موقف دولى داعم لحل الدولتين حتى من واشنطن ولكن ليس هناك أى إرادة حقيقية فى اتخاذ أى خطوات حقيقية فى تحقيق ذلك؟

نعم لقد أخفقت آليات دولية عديدة ومبادرات دولية كثيرة لتحقيق حل الدولتين، بسبب التعنت الإسرائيلى والتاريخ حافل بمثل هذه المبادرات والآليات بما فيها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. فى الحقيقة يؤمن المجتمع الدولى بمبدأ حل الدولتين الذى تعيش بموجبه إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب فى سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فى ظل ممارساتها الممنهجة استيطاناً واقتلاعاً وتهجيراً وحرماناً وقتلاً تحول دون حل الدولتين، والصحيح والحقيقة أنها تحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967. 

والحقيقة الأخرى التى لا يمكن التقليل من أهميتها وخطورتها، أن سلطة الاحتلال تعمل بكل الوسائل وبجميع الاتجاهات والمستويات لتقويض حل الدولتين، وخلق واقع قسرى جديد يتعذر مع أى إمكانية لتحقيق حل الدولتين، بمعنى إنهاء فرص وإمكانات هذا الحل نهائيا..

وفى هذا الإطار تتسارع مخططات الاستيطان ونهب الأراضى وتهويدها بصورة غير مسبوقة وبتكريس واقع استيطانى استعمارى يفرض معه نظاماً للفصل العنصرى والأبرتهايد.

حيث يوجد أكثر من 700 ألف مستوطن فى القدس الشرقية وباقى الضفة الغربية المحتلة وبناء  المستوطنات اللاشرعية يمضى بوتيرة غير مسبوقة. وهذا تقويض ممنهج لحل الدولتين، الذى أجمع العالم على أنه السبيل الوحيد لتحقيق السالم العادل والشامل.

نجاح مؤتمر دعم القدس  

أنجزت الجامعة العربية مؤتمرا مهما حول القدس شهد زخما عربيا ودوليا هل تم اتخاذ أى خطوات باتخاذ تنفيذ المقررات والقرارات الخاصة بتنمية المدينة وتوفير فريق حقوقى للدفاع عن عمليات التهجير القسرى وهدم المنازل فى المدينة المقدسة؟

شكل المؤتمر الدولى حول القدس بمشاركة زعماء كل من الأردن ومصر وفلسطين دعما قويا لأهلها فى مواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلى والانتهاكات والاعتداءات التى تمس بالطابع الروحى المتميز للقدس، ومثل دعما قويا لمشروعية قضية القدس. وشكل مناسبة لبحث الأوضاع فى القدس بأبعادها السياسية والاقتصادية والقانونية والمعيشية وفرص دعم جهود أهاليها على مختلف الأصعدة.

وأكد أن قضية القدس تظل جوهر الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، على الرغم من تبنى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نهج سياسات متعارضة مع أحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى فى ظل تنفيذ مخططات تهدف إلى تغيير البنية السكانية للمدينة المقدسة، والتهجير القسرى للفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم وهدمها، فضلا عن اتخاذ إجراءات باطلة لتشويه هويتها العمرانية والتاريخية والحضارية والثقافية.

كما كان الهدف من عقد المؤتمر هو عرض قضية القدس على الرأى العام العالمى خاصة ما يجرى من انتهاكات وجرائم إسرائيلية ممنهجة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى بهدف إفراغ المدينة من سكانها الفلسطينيين بالإضافة إلى المحاولات الخبيثة لتهويد المسجد الأقصى.

حرصت الجامعة العربية أن يكون صوت فلسطينى من أهل المدينة ومن الخبراء والناشطين السياسيين  حاضرا بهدف توصيل صوتهم من خلال المؤتمر الهام للعالم أجمع لشرح كافة تفاصيل ما يحدث فى مدينة القدس وأهداف وخطورة الاحتلال الإسرائيلى على الوضع التاريخى والقانونى للمدينة خاصة البلدة القديمة وفرض واقع جديد وتغيير الوضع القائم بالمدينة وطمس الهوية العربية الإسلامية والمسيحية.

كما كان المؤتمر منبراً مهماً للانتقال بالدعم العربى والإسلامى المادى والتنموى من خطط إلى مشاريع قابلة للتنفيذ، من خلال ما تم عرضه وتبينه من مشاريع تنموية بمختلف احتياجات القدس والمقدسيين، دعماً لصمودهم ودفاعهم عن هوية وعروبة المدينة.

حيث تواصل الأمانة العامة التنسيق المباشر مع دولة فلسطين ومع كافة الجهات التى شاركت بالمؤتمر لاستثمار مخرجات المؤتمر بما يعزز صمود  أهل القدس وخاصة فى البعد التنموى بالتوازى مع البعد السياسى والقانونى من خلال كل من له علاقة بالتنمية والاستثمار فى العالم العربى .

هل تعتقد فى صحة وجود مخطط إسرائيلى لتحويل الأزمة السياسية إلى مواجهة دينية؟

وذلك ما تدفع باتجاهه علناً وبصورة منتظمة الصهيونية الدينية الشريك الرئيسى بالائتلاف الحكومى القائم اليوم، والذى يعمل على كشف وتكريس الهوية الدينية للدولة، كما الأطماع والأساطير الدينية اليهودية التوراتية.

الدور المصرى  

وماذا عن الجهود المصرية فى احتواء أحداث الأقصى وتخفيف حدة التوتر؟

أعربت مصر رسمياً عن موقفها وتصديها للممارسات والاعتداءات الإسرائيلية رفضا وإدانة، محذرة من المخاطر البالغة التى تحيق بالمنطقة إذا استمرت موجة العنف الحالية.

وعلى الفور بدأت اتصالات مكثفة مع أطراف فلسطينية وعربية وإسرائيلية وأخرى ودولية وإقليمية عدة فى محاولة لاستعادة التهدئة، وعدم انهيار الموقف كلياً، من خلال ممارسة ضغط أكبر على الحكومة الإسرائيلية من أجل تنفيذ التزاماتها بما فيها الا خيرة فى اجتماعَى العقبة وشرم الشيخ، وما تم التوصل إليه من تفاهمات واضحة لعدم التصعيد خلال شهر رمضان المبارك.

حيث تبذل مصر منذ مطلع العام جهوداً مكثفة لخفض حدة التصعيد فى الأراضى المحتلة. لكن المشكلة دائما لدى سلطة الاحتلال الإسرائيلى التى لا تحترم أى اتفاقات أو عهود مع الفلسطينيين، فهم يعلنون دائما عن التزامهم بهذه الاتفاقات والتى كان آخرها اتفاق العقبة، وقمة شرم الشيخ التى تم تبرعاية أمريكية مصرية أردنية، لكنهم فى ذات اليوم يواصلون العدوان فى جنين ونابلس والمسجد الأقصى.

ومع ذلك فإن لمصر مواقفها المبدئية التاريخية الراسخة تجاه القضية الفلسطينية التى تعتبر قضية أمن قومى مصرى دعما وإسنادا وحماية، حتى يحقق الفلسطينيون حقوقهم الوطنية فى الاستقلال والحرية والعودة، كما عبر عن ذلك فخامة الرئيس السيسى بمؤتمر القدس، وهو يعلن أنه مهام جدت وأيا كانت الظروف فإن مصر لن تتخلى عن الفلسطينيية حتى يحققوا أهدافهم باستقلال دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية خلاصة الأمر أن مصر لم ولن تغيب يوماً عن القضية الفلسطينية .

إقرأ أيضاً|أمين منظمة التعاون الإسلامي: المسجد الأقصى مكان عبادة خالص للمسلمين

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة