الجمعة، 28 أبريل 2023 - 07:34 م

لا يتحقق نجاح العمل الفنى من فراغ وإنما لأسباب عديدة وعناصر متباينة، واجتمعت لمسلسل «تحت الوصاية» كافة العناصر المتميزة، وقد تطرقت لبعضها فى مقال سابق، لكننى أتوقف هنا عند السيناريو القوى المتماسك الذى كتبه الشقيقان شيرين وخالد دياب، وكأنهما تلبستهما روح واحدة فجرت طاقات الإبداع، وأتاحت  لفريق العمل كله هذا القدر من الإجادة.

اختار الكاتبان قضية لم يسبق طرحها فى أعمال درامية، ورغم مأساويتها قدماها بشجن وإنسانية، وبحثا كل تفاصيلها بدقة، بدءاً من قانون الوصاية ومعاناة النساء عبر تجارب حقيقية استمعا لها من أصحابها، مع معايشة موقع التصوير فى رحلة قطعاها حتماً عشرات المرات لمحافظة دمياط  لدراسة حركة البحر، والإقتراب من عالم الصيادين وأحاديثهم وطقوس الصيد ومواسمه وأماكنه، منذ بداية «السرحة» وحتى نهايتها، ورسما خطوطاً درامية شديدة المصداقية والثراء لهذا العالم الذى تعيشه البطلة وتلك الشخصيات التى تلتقيها، وما يُعتمل فى نفوسهم من خير أو شر.

أجاد السيناريو فى رسم ملامح كل منهم بدقة لتصبح شخصيات من دم ولحم، نتأثر بكل ما يؤرقهم وتدمع عيوننا لأجل الظلم الذى يقع عليهم، لذا لاعجب أن يطالب قطاع من الجمهور بتقديم جزء ثان من المسلسل، لمعرفة مصير البطلة بعدما انتصر المؤلفان فيها للواقع وللقانون المجرد الذى «لا يعرف حنان، مثلما لا يعرف زينب ولا عائشة»، فكان مصيرها السجن، لكن العمل الفنى من ماهيته إلا يجيب عن كل التساؤلات، أو يحلل كل النتائج، بل لابد أن يترك جانباً لخيال المتفرج، وتفتق ذكاء المؤلفين عن نهاية توافقت مع هدفهما الأهم، وهو تعديل القانون وكسب تعاطف المشاهد مع العمل.

لقد كان بإمكان المؤلفين كتابة المسلسل فى ثلاثين حلقة، لكنهما اختارا أن يطرحا قضيتهما فى 15 حلقة فقط دون زيادة أو نقصان، بعيداً عن آفة المط والتطويل، لذا احتفظ العمل بإيقاعه المناسب.

كان المخرج الأمريكى ألفريد هيتشكوك مولعاً بالنص السينمائي، وحينَ سُئِل عن كيفية صناعة فيلم جيدً، قال «تحتاج ثلاثة أشياء، السيناريو والسيناريو والسيناريو»، وقد انطلق نجاح مسلسل «تحت الوصاية» من سيناريو جيد ومخرج موهوب «محمد شاكر خضير» قاد العمل بحرفية بالغة واختيارات واعية لأبطاله وعناصره الفنية ليقدموا أفضل أداء أمام وخلف الكاميرا.