د. حمدى أحمد محمود
د. حمدى أحمد محمود


استراحة الملك فاروق بوادي الرشراش.. كنز سياحي بالصحراء الشرقية| صور

محمد طاهر

السبت، 06 مايو 2023 - 11:36 ص

قال خبير الآثار د. حمدى أحمد محمود ، أستاذ المناهج وطرق تدريس الجغرافيا والعلوم الإنسانية بكلية التربية بجامعة حلوان، إن فكرة إنشاء تلك الإستراحة وما يُحيط بها من أبنية أخرى كثيرة ترجع إلى عام 1946.

أشار بعض العرب على الملك فاروق باتخاذ استراحة ملكية في أحضان الطبيعة، بعيداً عن الزحام ، وعندما سأل الملك عن المكان قيل له أبعد ما تكون عن القاهرة، وأشاروا عليه باتخاذ استراحة له أولاً في حلوان، باسم «ركن فاروق» - وتقع فى مدخل حلوان بالقرب من نهر النيل كما تم توضيح ذلك سابقاً - تكون تمهيداً للوصول إلي استراحة وادي الرشراش التي تقع علي بعد حوالى 30 كيلو متراً من طريق حلوان /الكريمات الدولي وبالقرب من قريتى الودى والديسمى بمركز الصف.

أقرأ أيضا :- وزير الخارجية: مصر نجحت في استعادة 29 ألف قطعة أثرية مهربة خلال 10 سنوات

صيد الغزلان

ويضيف د. حمدي أحمد أن استراحة الملك فاروق وملحقاتها بوادى الرشراش كانت مخصصة لصيد الغزلان، وحتى يمكن زيارتها يجب عليك استخدام سيارة دفع رباعي وذلك بسبب وعورة الطريق، وأيضاً لا يمكن لأي شخص أن يصل إلي الاستراحة من دون اصطحاب دليل خبير بالمنطقة، وإلا فالتيه في الصحراء مصيره الأكيد.

وتقع الاستراحة علي حوالي 30 فداناً ومكونة من 10 مبانٍ مختلفة الأغراض لكنها اتفقت جميعها في لون الطلاء «البيج» والقريب من لون الرمال، تم تقسيمها إلي جزءين أساسيين، الأول بعد بوابة الاستقبال وتقع فيه غرفة نوم الملك فاروق التي تبلغ مساحتها 200 متر وبها حمام بالسيراميك الإيطالي.

وتطل شُرفة الاستراحة المبنية علي الطراز الإيطالي البسيط علي حديقة خاصة بالغزلان حتي يستيقظ الملك علي رؤيتها فى صباح كل يوم ، وتبلغ مساحة هذه الشُرفة حوالي 6 أمتار.

دولاب الملك فاروق

وداخل الاستراحة نجد على يسار باب الإستراحة «دولاب» الملك، وهو ليس مصنوعاً من الخشب بل تم صنعه داخل أحد الحوائط المواجهة للشرفة، وتبلغ مساحتها حوالي 3 أمتار، وحتي يأمن الملك علي نفسه من شر الزواحف القاتلة، خاصة الأفاعي، تم تصميم سلم خشبي يوضع أسفل باب الاستراحة ويتم رفع السلم بعد صعود الملك إلي غرفة نومه وذلك حتي لا تتسلق الأفاعي عليه وإمعاناً في الحماية تم تصميم «حواف حديدية» بطول وعرض الاستراحة وتأخذ شكل «منحني» وذلك لأن الملك كان يعرف أن الأفاعي حتي تتسلق فإنها تأخذ الشكل المستقيم في الصعود وإذا صعدت ووجدت منحنيات فإن مصيرها السقوط علي ظهرها.

ولم تخل استراحة الملك من وجود 6 هوّايات قرب السقف تم حمايتها بأسلاك متشابكة مثل «المصفاة» حتي لا تدخل منها الحشرات.

في أعلي السقف «جنش» يوجد به أثر لإحدي «الثريات الملكية» المعروفة بالنجف، وفوق مكان الدولاب يوجد حتي الآن ثلاث «جنشات» في وضع هرمي، الأول لوضع صورته والإثنين الآخران لوضع صور أخري خاصة بالملك أو عائلته.

ويفصل الإستراحة عن حديقة الغزلان31 درجة سلم وعندها ستكون مضطراً للمرور عليها إذا فكرت في النزول إلي حديقة الغزلان التي أمر فاروق بتشييدها وهي مكونة من ثلاث قطع، الأولي عبارة عن «قفص» لوضع الغزلان التي كان الملك يصطادها داخله حتي يأمر بذبحها، أما الحديقة الأخري فهي خاصة بمجموعة النخل، حيث مازال هناك مجموعة من النخيل «الملكية» ويبلغ عددها 15 نخلة و3 من الجذوع وشجرة وحيدة تسمي شجرة «السيال» ويتم استخراج مادة من تلك الشجرة للعلاج مثل «المضادات الحيوية» وتم استقدام «الطين» لزراعة النخيل من منطقة تقع بجوار نهر النيل قرب العياط، وتم استخدام «الجمال» لنقل الطمي وجميع مواد البناء الخاصة بالاستراحات الملكية.

أما عن الجزء الثالث من الحديقة فإنه أيضاً يستخدم لوضع الغزلان ولكن الصغيرة منها لتربيتها حتي تكبر وتلحق بأخواتها علي أسياخ الشواء، كما يقع في الحديقة بناء يوضع فيه مولد كهربائي وأيضاً موتور لرفع المياه اللازمة للاستراحة.

أما عن المبني الثاني في محيط إستراحة الملك فاروق فهو مخصص لضيوف الملك فاروق وهم قلائل ،وهذا المبني بنفس طول الإستراحة حيث يبلغ طوله 6 أمتار وأكثر شخص أقام بهذا المبني كان أحمد حسنين باشا رفيق الملك ورئيس ديوانه.

المخزن

أما المبني الثالث وهو الأهم في محيط الاستراحة ويسمي «المخزن» حيث يوضع فيه مخزون الطعام اللازم للملك طوال فترة الصيد، ويبلغ طوله 3 أمتار تحت الأرض، ويتم النزول إليه بسلم خشبي به 18 درجة ويتكون من 10 أرفرف علي الجانبين لوضع المخزون من الأطعمة.

الفرن الملكي

وعلى مسافة 3 أمتار يقع «الفرن الملكي» ويتكون من طابقين، الأول لوضع «الحطب» والثاني لوضع الأطعمة المراد تحضيرها، وهو مصنوع علي الطراز الإنجليزي حيث تم بناؤه بالطوب الحراري ليكون صحياً، وتبلغ مساحة غرفة الفرن حوالي 60 متراً مربعاً وبطول 6 أمتار تحديداً ويوجد أعلى المبنى «مدخنة» لخروج الدخان.

وعن المبنى الرابع في محيط الاستراحة الملكية فهو «الإسطبل» وتبلغ مساحته حوالي 400 متر تدخل إليه عبر باب خشبي بطول 4 أمتار، وداخل هذا الإسطبل تجد على جانبيه 6 من أحواض يتم وضع العلف فيها ، ثلاثة في كل جانب ينقسم الحوض إلى اثنين الاول خاص بوضع طعام الخيول، والثاني خاص بالماء.


 وعن المبنى الخامس وهو استراحة الجنود والمصاحبين للملك ويبلغ طوله أيضاً 6 أمتار وبه 6 من النوافذ الطولية منها نافذتان تطلان على إستراحة نوم الملك مباشرة.

حوض المياه 

والمبنى السادس وهو خاص بالسايس الذي يقوم على خدمة الخيول وهو عبارة عن غرفة مساحتها 30 متراً بطول 6 أمتار وبجوارها يقع «حوض للمياه» يسقي منه السايس الحيوانات.

والمبني السابع عبارة عن «تكعيبة» كان يجلس تحتها الملك فاروق للاسترخاء ولمتابعة عمليات ذبح الحيوانات في «المذبح» الذي هو المبني الثامن في الاستراحة والمذبح عبارة عن مساحة من الأرض تبلغ مساحتها 20 متراً وبها «بلاط» محاط بسور صغير يقع في آخره «مصفي» لتصريف المياه والدماء.

أما المبني التاسع فهو ذات المكان الذي كان يربض فيه الملك لصيد الغزلان التي تقترب من المياه وهو عبارة عن سور دائري الشكل بمساحة 10 أمتار مربعة وطوله لا يتعدى 3 أمتار وبه صخرة كبيرة وفتحة كان ينظر منها الملك على الغزلان حتي لا تراه وعندما تقترب يقوم باصطيادها والمبني به باب خشبي يتم إغلاقه من الداخل.

أبراج الحمام

المبني الأخير في محيط الاستراحة هو عبارة عن 3 أبراج للحمام تم بناؤها بمساحات ومواصفات خاصة حيث يبلغ طول البرج حوالي 10 أمتار فوق سطح الأرض والأبراج الثلاثة صنعت بـ «المسطرة» حيث أن الأبراج متساوية الطول والمساحة حتي إذا نظرت إلي واحد منها من أي زاوية فإنك لن تلحظ الفرق إطلاقاً وكأنك تراه برجاً واحداً، ويقع 3أمامهم ثلاثة «مشارب» للحمام واحدة أمام كل برج وكان الملك يصعد إليها عن طريق سلم خشبي عفي عليه الزمن.

ويوجد محيط الاستراحة أيضاً برج حديدي يبلغ طوله 51 متراً لتوليد الطاقة الكهربائية ويقع آخره مروحة عتيقة وأهم شيء يلفت نظرك في الإستراحة وجود «بوصلة» في أعلي الجبل حتي يثبت للملك إتجاه الرياح ويمكنه تحديد مكان الغزلان حتي يذهب لصيد ما في حال خروجه من الإستراحة وهذه البوصلة ذات أربع إتجاهات وفي أعلاها يقع العلم الملكي ذو اللون الأخضر حيث هلال أبيض يحتضن النجوم الثلاث.

وفي الطريق المؤدي للإستراحة قبر يعود لأحد خُدّام فاروق وهو رجل من محافظة أسوان وتحديداً من قبيلة العبابدة، وقد وافته المنية أثناء مرافقته للملك في إحدي رحلاته فتم دفنه بجوار الطريق المؤدي إلي الاستراحة وقد كتبت علي قبره علامات ومنها علامة (1112) والتي معناها أنه من قبيلة العبابدة بأسوان.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة