منصورة عز الدين تكتب : كأن الديستوبيا هى الأصل
منصورة عز الدين تكتب : كأن الديستوبيا هى الأصل


منصورة عز الدين تكتب: كأن الديستوبيا هي الأصل

أخبار الأدب

السبت، 06 مايو 2023 - 12:42 م

بينما أتصفح موقع تويتر سريعًا، لفتت نظرى جملة فى تغريدة لدار نشر فابر، فابر البريطانية الشهيرة: «نتطلع للترحيب بكم فى فندق تيرموش!»، على الفور ضغطت الرابط المرفق بها وأنا أتساءل: هل أنشأت الدار فندقًا؟ وإن كان الأمر كذلك، هل السبب أنها تعانى من مأزق مالى ما ورأت فى هذا حلًا لزيادة أرباحها وبالتالى عدم الإغلاق؟ لكن لماذا تعلن عنه فى حساب مخصص لإصداراتها؟

لوهلة لم يُجِب الرابط الذى فتحته على أسئلتي، بل ضاعفها. بدا الموقع الذى انتقلت إليه أقرب بالفعل إلى موقع ترويجى لفندق ما: تتصدره صورة تشبه تلك التى نراها فى مواقع الفنادق الشهيرة، وإشارة لمزايا المكان وما يوفره لنزلائه، بل حتى وآراء عدد منهم.

اقرأ ايضاً

 أحمد الزناتى يكتب : مسارات متوزاية عن مشوار حياة

«أهلًا بكم فى تيرموش! تيرموش منتجع ساحلى فخم لا يشبه أى منتجع آخر. اكتشفوا المزيد عمّا يمكننا تقديمه، من طعام راقٍ إلى فريق استطلاع داخلى» .

كانت تلك هى العبارة الترحيبية، يليها:

«رجاءً ضعوا فى اعتباركم أنه بينما سيفعل فندق تيرموش كل شىء ممكن كى يكفل سلامة نزلائه إلا أننا لا يمكننا ضمان النجاة» .

وبدأت الأمور تتضح. لا يمكن أن يكون الأمر متعلقًا بمنتجع حقيقى، إذ أى نجاة تلك التى لن يضمنها لنزلائه. تأكد هذا بعد ضغطى على أيقونة مرفقة بجملة: «لاكتشاف المزيد عن مجموعة النجاة الخاصة بنا»، والتى أحالتنى إلى صفحة أخرى تابعة لدار النشر وتحوى المعلومات المألوفة عن أى إصدار جديد.

وفكل ما سبق كان دعاية لرواية على وشك الصدور عنوانها «تيرموش» ، وهى للروائى الدنماركى الراحل سفين هولم، وكانت قد صدرت بالدنماركية عام 1967، وأصدرت فابر فابر طبعتها الإنجليزية عام 1969، وها هى الدار تعيدها إلى الصدارة عبر طبعة جديدة صدرت قبل أيام مصحوبة بهذه الحملة الدعائية اللافتة.

الحقيقة لم أكن قد سمعت بالرواية أو كاتبها من قبل، وربما هذا ما ضاعف من فضولى واهتمامى، لكن أظن أنه حتى فى حالة معرفتى بهما كانت طريقة التسويق لتثير اهتمامى بالدرجة نفسها.

رواية هولم – بحسب المكتوب عنها - ديستوبيا نهاية عالم تدور فى منتجع يوفر الحماية لمجموعة من الأثرياء خلال وبعد كارثة نووية، لكن هذا الملجأ ليس مُنقِذًا بالمعنى الكامل للكلمة، إذ مع تطور الأحداث تتعقد الأمور وتطرح الرواية أسئلة مركبة عن مفهوم النجاة وعن الميثاق الأخلاقى فى وقتٍ إشكالى.

مؤكد أنه فى زمن كتابتها كانت الكوارث النووية هى الخطر الأكبر المحدق بالعالم، ومصدر الفزع المهيمن على خيالات الكتاب وغيرهم على حد سواء، لكن يبدو أن هذا الخطر ما زال مهيمنًا على البشر حتى الآن، أو ربما عاد من جديد مع الحروب وموجات العنف الأخيرة.

وقد يكون هذا ما دفع دار فابر & فابر لاستعادة رواية «تيرموش» مجددًا، مع التأكيد فى الدعاية لها على أنها راهنة ولم تتقادم. كأنها تقر ضمنيًا بأن الديستوبيا والكوارث ومحاولات النجاة اليائسة هى محور حياة البشر، على مر العصور.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة