مصر.. البيت الكبير
مصر.. البيت الكبير


سودانيون: مصر بلدنا الثاني.. العلاقة بين القاهرة والخرطوم «أبدية»

لمياء متولي- هويدا أحمد- أحمد عبيدو

السبت، 06 مايو 2023 - 06:56 م

الكبير هو الذى يظهر معدنه فى الشدائد ومصر كبيرة جدا، فمنذ تصاعد أحداث الخريف العربى أخذت مصر على عاتقها منذ اللحظة الأولى عدم التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد مهما كان قربها لنا.

ولأن مصر لديها شرف كبير أبت أن يتحول سكان تلك الدول إلى لاجئين عند الدول الأوربية أو غرقى فى سواحل البحر المتوسط، فقد فتحت مصر أبوابها أمام أشقائها العرب الفارين من جحيم الحرب التى أثبتت أن المستفيد الأول منها قوى خارجية وإقليمية وليس العرب، من هنا انتهجت مصر سياسة «أهلا بضيوفنا وأشقائنا فى بلدكم الثانى مصر».

وبالفعل حضر العراقيون في أكتوبر وتمركز معظمهم هناك وأتى السوريون إلى حى الهرم بينما الأخوة والأشقاء أولاد النيل الواحد فقد سكنوا حى فيصل ومازالت مصر تفتح ذراعيها لكل من جاء يحتمى بها. فبالفعل مصر هى أم الدنيا وبيت العرب وصاحبة البيت الكبير ..

«الأخبار» فى هذا الملف ترصد مع الجاليات العربية المتواجدة فى كل ربوع الجمهورية المصرية العربية كيفية استقبال المصريين لهم ليحكوا لنا ما تفيض الدمع منه فرحا بعلاقة مصر بأشقائها.

ريان: الأخوة ممتدة.. ولا نشعر بالغربة
عجب: هناك علاقات نسب ومصاهرة  
جبران: بيت العرب ومحاولات الوقيعة بين الأشقاء تحطمت

يكفى أن تستقل سيارة أو ميكروباصا وتتجه إلى مدينة الجيزة وبالأخص شارع فيصل لتعرف حجم قوة العلاقة بين المصريين والسودانيين، فهناك لا موطئ لقدم إلا وتجد فيه ابن النيل جاء إلى بلد الأمن والأمان «مصر»، ليس هذا فحسب فالسودانيون أكدوا على حفاوة وكرم المصريين فى استقبالهم ولم يظهر منهم أى امتعاض بسبب مجيئنا إلى أم الدنيا، فالبعكس تماما الاستقبال من جانب الأخوة المصريين كان رائعا للغاية واندماجنا مع المصريين لم يستغرق سوى بضعة أيام لدرجة شعرنا فيها بأننا فى بلدنا الثانى، وأننا لا نعانى من الغربة..

«الأخبار» التقت بعدد من السودانيين فى القاهرة الكبرى ورصدت كيفية تعامل المصريين معهم.

فى البداية التقينا مع ريان هاشم -صحفية سودانية ومقيمة فى القاهرة- والتى أكدت أن العلاقة بين البلدين «مصروالسودان» هى علاقة ذات نموذج فريد، حيث استمر الود بينهما أكثر من 50 عاما موضحة أن العلاقة بين البلدين علاقة كاملة الأركان لاعتبارات متعلقة بالتاريخ واللغة والمصالح المشتركة.

وتضيف ريان أن هذه العلاقة ممتدة حتى وقتنا هذا لأسباب متعددة، تمثلت فى التغير الفلسفى القانونى للعلاقات بين البلدين سياسيا، أما عن العلاقات الإنسانية بين الشعبين فهى علاقة انجذاب عاطفى بدأت ونمت من جانب الشعبين من دون الحاجة لسلطة تدعمها، والخلافات التى تظهر أحيانا ماهى إلا خلافات الأشقاء مثل ما يحدث فى كل بيت.

عادات متشابهة

وتشير ريان إلى أن كل البيوت السودانية تأكل نفس الأطباق التى يأكل منها الشعب المصرى، بإضافة نكهات سودانية خالصة، وتردد نفس الحكى والحواديت والقصص المصرية مضيفة أن مصر ظلت منذ وقت باكر حلما يراود فكر كل سودانى عرفها، بتاريخها وثقافتها التى تباينت فى مشاربها ومدارسها الفنية، وقبل ذلك تاريخها الفرعونى الذى استهوى العديد من الأشخاص على مستوى العالم وأنا واحدة منهم.

وتوضح: أكن حبا خالصا لأم الدنيا نشأ معى منذ الصغر، فكيف لا نحبها وهى حكايات بطعم الشهد والدموع وقصص رحلة أبو العلاء البشرى وضمير أبلة حكمت وليالى الحلمية وزيزينيا وارابيسك والزعيم«اللى عمره لم يفشل فى إضحاكنا»، مشيرة إلى أنها جاءت من السودان لتعيش فى مصر وتحذو حذو من سبقوها لتستقى من ذات النبع لترتوى، ولكن لا اكتفاء من فيض يتجدد كل ساعة وحيوات تتجدد أفكارًا ورؤى.

وتختتم ريان حديثها قائلة: كطالبة بالدراسات العليا بجامعة القاهرة كلية الإعلام فهذا باب يمكننى أن أستفيض فيه لأيام أو شهور ولكنى أعى أنى لم ولن أوفيها حقها، فالقاهرة هى (هوليوود) الشرق، وإعلاميّاً سبقها لا يحتاج مثلى لإثباته، فكم من دول ترقى إعلاميوها عبر ردهات وقاعات ووسائل الاتصال الإعلامى بمصر.

تركنا الصحفية ريان وانتقلنا إلى عم «عجب» أحد أشهر السودانيين فى منطقة فيصل بالجيزة، فالرجل متواجد منذ عدة سنوات فى الجيزة، وكما يؤكد أنه لم ير إلا كل خير من المصريين الذين ضربوا أروع الأمثال فى كيفية استقبال ضيوفهم وبالأخص أبناء النيل، فنحن نحب مصر الشقيقة الكبرى للسودان ونحب شعبها وعاداتها وتقاليدها وأطعمتها المميزة ولدينا علاقات نسب ومصاهرة مع المصريين.
الشقيقة الكبرى

عم عجب يسترزق الآن بفتح محل لبيع الملابس فى منطقة «كعبيش» بشارع الطوابق المتفرع من شارع فيصل الرئيسى، مشيرا إلى أنه يتواجد منذ عدة سنوات في القاهرة ولم يتعرض إلى مشكلة واحدة حتى وقتنا هذا، مضيفا أن كثيرا من السودانيين عبروا معبر أرقين ودخلوا إلى القاهرة وأسوان والأقصر وغيرها من المحافظات ليتم استقبالهم من جانب المصريين كأنهم أصحاب البلد، وهذا الأمر هو ما نريد التأكيد عليه، فنحن بيننا علاقات نسب ومصاهرة، وإن حدث بعض الخلافات فى بعض الأوقات فهى اختلافات متعلقة بوجهات النظر وسرعان ما تلتئم المشكلة ويتم حلها.

ويلتقط طرف الحديث شاب سودانى فى منتصف الثلاثينيات يدعى حسن جبران  ليؤكد انه وزوجته جاءا إلى مصر من أجل الدراسة والعمل، فهو مطرب ومدرب فروسية وزوجته تعمل بإحدى المدارس كمدرسة للغة الإنجليزية مشيرا إلى أن المصريين يتمتعون بــ «جدعنة» كبيرة جدا، وهذا ما لمسناه طيلة الشهور الماضية أثناء تواجدنا فى القاهرة وحتى الآن.

وأكد جبران أن مصر والسودان يمثلان بعدًا أمنيا وقوميا فى المنطقة وكلاهما ينعمان بالأمن والأمان لذلك جاء عدد كبير من السودانيين إلى القاهرة بعد اندلاع الحرب بين الجيش الوطنى السودانى و«شوية» مرتزقة يقولون على أنفسهم أنهم قوات الخراب السريع وليس قوات الدعم السريع.

وأضاف جبران أنه لن تفلح محاولات الوقيعة بين المصريين والسودانيين شعبا وحكومة وقيادة، وتحطمت هذه المحاولات على صخرة «الكرم المصرى»  داعيا الله بأن يمن على مصر بالخير الوفير لما تقدمه من خدمات وغيرها لأشقائهم السودانيين.

إقرأ أيضاً|باحث سياسي: أتوقع نزوح 3 ملايين شخص من السودان لمصر وتشاد وأوروبا

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة