تجمع من اللاجئين السوريين فى أحد مخيماتهم فى لبنان
تجمع من اللاجئين السوريين فى أحد مخيماتهم فى لبنان


لبنان.. مخاوف من «انفجار قنبلة» اللاجئين السوريين «الموقوتة»

أسامة عجاج- الأخبار

السبت، 06 مايو 2023 - 07:54 م

الأزمات لا تأتى فرادى هكذا هو التوصيف الصحيح للوضع اللبنانى الذى يعانى من مشاكل سياسية عنوانها البحث عن رئيس فى ظل شغور المنصب من أكثر من نصف عام وأزمة اقتصادية عاصفة وتوتر فى العلاقات مع دول الجوار إسرائيل تحديدا وها هو يواجه تحديا جديدا عنوانه الرئيسى اللاجئين السوريين فى لبنان والذين تتجاوز أعدادهم وفقا للعديد من التقديرات حوالى مليونى سورى والذين تحولوا إلى كرة ثلج تتدرج فى ظل مخاوف من انفجارها بعد أن تحولت إلى حلبة صراع بين التيارات السياسية اللبنانية وفقا لموقفهم من الوضع فى سوريا.

 حقيقة الأمر أن لبنان الرسمى منذ بداية الأزمة السورية اتخذ موقفا سياسيا أطلق عليه يومها (النأى بالنفس) وهو ما التزمت به الدولة والدبلوماسية اللبنانية فى كل تحركاتها الخارجية ولكن ذلك لم يمنعها من المعاناة من لعنة (الجوار الجغرافي) التى تصيب دولا فى مناطق نزاعات أزمة اللاجئين أو النازحين السوريين فى لبنان مطروحة منذ سنوات ليست قليلة فى ظل مواقف الرئيس السابق ميشال عون رفض إقامة مخيمات على الحدود للسوريين.

كما فعلت دول أخرى وإن كان الأمر قد تغير منذ عام  ٢٠١٣ بمطالبته ومعه وزير خارجيته باسيل جبران بوقف تدفق استقبال النازحين السوريين وهو ما لم يتم تنفيذ أو الإصرار عليه لاعتبارات تتعلق بحقوق الإنسان وهو ما تحول مع الأيام إلى أزمة انفجرت مؤخرا وبشكل كبير بعد الحملة التى قام بها الجيش اللبنانى فى الأسابيع الماضية واستهدفت ترحيل العشرات من السوريين تنفيذا لقرار تم اتخاذه منذ أبريل عام ٢٠١٩ للمجلس الأعلى للدفاع بتكليف الجيش بترحيل كل السوريين الذين لا يملكون إقامات شرعية فى البلد وقد طرحها رئيس الوزراء نجيب ميقاتى على الصعيد الدولى أكثر من مرة.

حيث أرسل رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة نهاية العام الماضى أشار فيها إلى (أن ما يواجه لبنان يقتضى مقاربة مختلفة فى التعاطى مع أزمة النزوح السورى قبل أن تتفاقم بشكل يخرج عن السيطرة) مطالبا بتنفيذ الآليات الدولية المعتمدة حول عودة اللاجئين ومرة أخرى فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضى حيث خاطب قادة العالم (فى المدة التى اقضيها فى نيويورك هناك زيادة فى عدد النازحين حوالى ٧٠ ألفا)
وتتنوع مظاهر العبء الذى يمثله للاجئين والنازحين على لبنان. هو كما يلي: 

١- على الصعيد الاقتصادى حيث تكشف بعض الأرقام الرسمية عن تكبد الموازنة اللبنانية خلال عشر سنوات ٤٧ مليار دولار مقابل دعم أممى لم يتجاوز ٩ مليارات دولار فقط خاصة فهناك حوالى أكثر من ٨٠٠ ألف نازح سورى هم من يتمتعون برعاية المفوضية العليا لشئون اللاجئين من بين مليونى لاجى ونازح  كما أنهم يمثلون عبئا على الخدمات وارتفاع عدد مواليدهم مع استنزاف لحصيلة الدولار الشحيحة أصلا من خلال  تحويلاتهم إلى ذويهم فى سوريا. 

٢- على الصعيد الأمنى فهناك احصائيات كشف عنها المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم من أن حوالى ٤٠ بالمائة من السجناء فى سجون لبنان من السوريين وهناك مخطط لتسليمهم إلى السلطات السورية وتقارير أخرى ترفع الرقم إلى ٧٠ بالمائة وهناك اتجاه لزيارة وفد من وزارة العدل اللبنانية لدمشق للبحث فى الملف.

٣- على صعيد التغيير الديمغرافى مع مخاوف من أحزاب من تعاظم الأعداد ووصولهم إلى مليونى سورى يشكلون خطرا ديمغرافيا خاصة مع فكرة طرحها الرئيس بشار الأسد أكثر من مرة تحت عنوان (المجتمع السورى المتجانس)(وأن من خرج لن يعود) وكان خروجهم ضرورة لقيام المجتمع السورى الجديد ويذكر فى هذا الشأن أن معظم اللاجئين من مناطق سنية سورية مما يصعب من إجراءات عودة اللاجئين السوريين والسعى إلى توطينهم فى لبنان مع رفض المجتمع الدولى إيجاد أى حل ودعوته إلى دمجهم فى المجتمع اللبنانى وتصل الأزمة إلى ذروتها مع وجود حالات انتحار بين النازحين السوريين.

وشهدت الأسابيع الماضية اتهامات متبادلة بين الفرقاء اللبنانيين حول التعامل مع هذا الملف حيث انطلقت حملة تحت شعار (تحرير لبنان من الاحتلال الديمغرافى السوري) ودعت إلى التظاهر ردا على دعوة السوريين برفض عمليات الترحيل القسرى ووصل الأمر إلى أن رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مروان خورى وصف النزوح بالاحتلال خصوصا أن هناك امتدادا جغرافيا على ٨٠ بالمائة من الحدود المشتركة بين البلدين وقد حذر نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلى الفرزلى مما اسماه (الاقتتال السورى اللبناني) وقال الأمين العام  لحزب الكتائب أن بلاده لم تعد تحتمل وجود اللاجئين بعد أن استقبل لبنان مليونا و٨٠٠ ألف خاصة أن الأعمال القتالية توقفت وهناك فرصة لعودتهم وطالب الحزب الجامعة العربية والأمم المتحدة بالتدخل لدى الرئيس السورى لتأمين سلامة عودة اللاجئين.

كما انضم إلى الجهات الرافضة للوجود السورى فى لبنان كل من التيار الوطنى الحر والكتائب ونواب فى تكتل لبنان القوى بينما تظهر مواقف مغايرة تماما ومنها كنموذج الحزب التقدمى الاشتراكى الذى  استنكر عمليات الترحيل القسرى والعشوائى مطالبا بالالتزام التام بموجبات حقوق الإنسان وقال إن إعادة النازحين لا يمكن أن تتم سوى ضمن العودة الطوعية والآمنة وفى انتظار حل سياسي.

ويبدو أن الحكومة اللبنانية مصرة على السير بخطوات جدية لمحاولة نزع فتيل تلك القنبلة الموقوتة من خلال تحركات سريعة تمثلت فى عقد رئيس الوزراء نجيب ميقاتى اجتماعين على اجندتهما فقط قضية النازحين السوريين مع كل المعنيين بهذا الملف على المستوى السياسى والأمنى والاقتصادى والاجتماعي.
وأعقبها إجراءات جديدة قامت بها الدولة اللبنانية كشف عنها وزير الشئون الاجتماعية هكتور حجار بملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية وغير الحائزين على وثائق ثبوتية والإسراع فى خطة أعلن عنها  وزير المهجرين عصام شرف فى أغسطس الماضى عن خطة إعادة ١٢ ألف سورى شهريا. 

ويبدو أن هذا  الملف يحتاج إلى حوار ثنائى لبنانى سورى من ناحية وجهد دولى للبحث عن إنهاء لتلك الأزمة برمتها خاصة أن لبنان والأردن يشكوان من ذلك مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك عبر خطط تشجع العودة الاختيارية وتوفير ضمانات لها بعدم الملاحقة. 

إقرأ أيضاً|ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار قنبلة في نيجيريا إلى 54 قتيلا

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة