المطران الدكتور سامى فوزى خلال حواره مع محررة «الأخبار
المطران الدكتور سامى فوزى خلال حواره مع محررة «الأخبار


رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية: الجمهورية الجديدة نموذج لقبول الآخر

سارة أحمد

الثلاثاء، 09 مايو 2023 - 07:20 م

في عام 1500 انشقت الكنيسة الأسقفية «الإنجليكانية» عن كنيسة روما، وتدريجياً انتشر أتباعها فى أكثر من 200 دولة، ليبلغ عددهم وفق الإحصائيات 90 مليوناً على مستوى العالم، العدد الكبير أثار فضولى لأعرف متى بدأ تواجد هذه الكنيسة على أرض مصر، واكتشفتُ أن وجودها يرجع لعام 1839.

خلال البحث استوقفتني كلمات المطران الدكتور سامي فوزي رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية، أثناء مراسم تنصيبه، حيث أكد أن الكنيسة خدمة اجتماعية وتعليمية وطبية وثقافية، تخدم المجتمع بكل اطيافه بدون تمييز على أساس جنس أو طائفة أو دين. وهو ما ظهر بوضوح فى حوار «الأخبار» معه، والذى أشاد فيه بدعائم المواطنة التى يحرص على إرسائها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

فى البداية حدثنا عن الكنيسة الأسقفية فى مصر وعدد من يتبع الطائفة؟

الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية كنيسة وطنية، بدأت خدمتها منذ عام 1839 من خلال عدد من الإنجليز المتواجدين فى مصر بداية القرن التاسع عشر، وانطلقت من مدينة الإسكندرية، وعندما زاد عددنا أعطى والى مصر محمد على باشا للطائفة قطعة أرض فى ميدان المنشية بالإسكندرية، لتكون أول كنيسة لها، وتسمى كاتدرائية القديس مار مرقس الذى بشر بالمسيحية فى مصر، وبعد ذلك توالى إنشاء الكنائس الإنجليكانية ليصل إجمالى عددها  إلي 28 كنيسة بجميع محافظات مصر، ويبلغ عددنا 90 مليون مواطن على مستوى العالم.

كيف يتم اختيار مطران مصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقى؟

الكنيسة الأسقفية لها دستور خاص بها، حيث يتم انتخاب المطران عن طريق مجمع الكنيسة العام، ويضم مجمع القساوسة الذى يتكون من قسيس من كل كنيسة ، بالإضافة إلى ممثلين من الكنيسة، وتجرى عملية الانتخابات والفوز بأغلبية مطلقة لمن يحصل على ثلثى الأصوات، ووفقًا لدستور الكنيسة فإن رئيس الأساقفة يتقاعد عند بلوغه سن المعاش ويتم تنصيب مطران آخر منتخب.

الرئيس عبدالفتاح السيسى حريص على تطبيق مبدأ المواطنة.. ما أهم الخطوات التى ترون أنها تدعم هذه الرؤية؟

أبدى الرئيس السيسى اهتمامه البالغ بأهمية العمل الثقافى ونشر قيم التنوع والمواطنة والسلام الاجتماعى، مما يسهم فى توطيد علاقة الكنائس بالدولة

المصرية فى السنوات الماضية بشكل غير مسبوق، وقرارات تقنين الكنائس بالإضافة لقرار رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة المركزية لمكافحة الطائفية، تدعيم عملى على أرض الواقع بحق المواطنة، وهى أولوية من ضمن أولويات الرئيس السيسى الذى يريد دعم المواطنة بكل الطرق بصرف النظر عن الانتماءات الدينية، وأضاف: أنه يمكن اقتلاع الطائفية من المجتمع المصرى من خلال تعاون الكنيسة والأزهر معًا، والإعلام يلعب دورًا مهمًّا للغاية فى توعية المصريين بأهمية وخطورة الطائفية.

ما تقييمكم لأحوال أقباط مصر فى ظل حكم الرئيس السيسى؟

العلاقة بين المسلمين والأقباط علاقة ود ومحبة، وقد لمسنا ذلك عندما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، والبابا تواضروس يشارك فى افتتاح مسجد الفتاح العليم، كما نلمس ذلك فى زيارات الرئيس بصفة مستمرة للكنيسة للتهنئة بالأعياد، وهى إشارة إلي أننا فى عصر جديد به قبول للآخر وعصر مواطنة والرئيس يقدر قيم المواطنة بين نسيجى الأمة.

هل تعتبر أن مصر قدمت نموذجاً يُحتذى به ويعم على دول المنطقة فى احترام حريات المسيحيين فى إقامة شعائرهم وعباداتهم؟

التطور امتد لدول عربية عديدة، ومصر بقيادة الرئيس السيسى وقيادته الحكيمة من أقوى الدول العربية، لهذا فإن اى تطور إيجابى وانفتاح على المسيحيين سيؤثر إيجابا على دول الجوار،  والتأثير المصرى على الجوار أكثر بكثير مما يعتقده المصريون أنفسهم، ومن وجهة نظرى تستعيد مصر مكانتها كقبلة لأنظار العرب والعالم الغربي.

فى الوقت الذى خرج معظم مسيحيى الشرق من بلدانهم بسبب الإرهاب، نجحت مصر فى الاحتفاظ بهم وحمايتهم وتطوير أوضاعهم، هل توافق على هذا الكلام؟

بالتأكيد، المسيحيون يعيشون فى مصر بكل أمان، يمارسون طقوسهم بحرية كاملة، ويقيمون شعائرهم وعباداتهم بكامل الحرية دون الخوف من التعدى عليهم أو الإساءة لهم بأى شكل، الرئيس السيسى وعد فأوفى، حيث وعد بالحفاظ على مسيحيى مصر وحمايتهم، وهو ما فعله حقا مما زاد ثقة المسيحيين فى رئيسهم، الذى تصدى للجماعات الإرهابية وعقولها المتطرفة، وقام بتدشين العديد من الكنائس لمختلف الطوائف فى عصر الجمهورية الجديدة، وساوى بين أبناء الشعب المصرى، وهذه هى المواطنة والمساواة طريقة التعايش السلمى وإشارة إلى الصحة والتعافى بين أبناء الوطن الواحد وتوطيد علاقة المسيحيين بأرضهم.

ما دور كنيستكم فى خدمة المجتمع المصري؟

أؤكد أن كنيستنا وطنية تعمل على خدمة المجتمع من خلال تقديم التعليم والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية مثل: المدارس والمستشفيات ومراكز خدمة المجتمع ودور النشر، وعدد مؤسسات خدمة المجتمع أكثر من عدد الكنائس، وتخدم جميع طوائف الشعب المصري. لدينا مدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة بمدينة منوف، ومدرسة للصم بمصر القديمة تقوم بتدريس مناهج للأطفال الصم، وتعد أفضل مدرسة على مستوى الجمهورية حيث حصلت على شهادات تقدير من المؤسسات العالمية المهتمة بخدمة الصم والبكم، ولدينا ايضا كنيسة مختصة بأبنائنا من الصم وبها قسيس من الصم أيضا ، وكذلك ننظم ورشاً فنية لدعم ذوى الاحتياجات فى توفير مصدر دخل لهم ولأسرهم.

وما طبيعة علاقتكم بالطوائف الأخرى؟

العلاقة بين الطوائف الأخرى جيدة لأنها تقوم على الاحترام المتبادل، فالكنيسة الأرثوذكسية هى الكنيسة الأم فى مصر، وهى أكبر طائفة والبابا تواضروس الثانى هو بابا مصر وليس الأرثوذكس فقط، وكل كنيسة لها عقيدتها والله يستخدم هذا التنوع وهو نفس الحال بالنسبة للطوائف الأخرى. هناك علاقة صداقة ومحبة تجمع الأسقفية بجميع الكنائس «الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية»، وتمتد تلك العلاقة إلى مئات السنين، كما أن هناك علاقات قوية من خلال مجلس كنائس مصر الذى يضم كل الكنائس الموجودة فى مصر.

هل هناك نية لتوحيد أعياد المسيحيين حول العالم؟

اختلاف موعد الاحتفال بالعيد اختلاف تقويم فقط، وليس له علاقة بالإيمان المسيحى، فالكنيسة الأرثوذكسية واليونانية تحتفلان فى ٧ يناير، والإنجيلية فى ٦ يناير، ونحن جزء من الكيان العالمى ونحتفل بعيد القيامة مع الأرثوذكس، ونتمنى أن يحدث توحيد للاحتفالات بالميلاد مثلما يحدث فى عيد القيامة، لنحتفل فى يوم واحد فى جو من البهجة والسعادة، ولكن تظل المشكلة فى الاحتفال بيوم عيد الفصح والذى يحتفل به طبقاً للتقويم اليوليانى، وهو ما يتسبب أحيانا فى اختلاف موعد الاحتفال بالعيد بين الطوائف المسيحية المختلفة.

ما تقييمك للمشروعات القومية التى تتم على أرض مصر؟

مصر تشهد تقدما ملموسا وواضحا على كافة أصعدة الدولة، على المستوى الاقتصادى والصحى والديمقراطى وفى قبول الآخر، وهناك العديد من المبادرات التى تعمل على توفير حياة كريمة لكافة المصريين وهذه المبادرة ستصنع طفرة أمام العالم ويستفيد منها الفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الجمهورية.

كيف تقيم العلاقة بين الأسقفية ومؤسسة الأزهر الشريف؟

اؤكد أن هناك حوارا وعلاقة شراكة بين الأسقفية ومؤسسة الأزهر الشريف، حيث تم توقيع مبادرة عام ٢٠٠١ بين شيخ الأزهر الراحل الدكتور سيد طنطاوى والكنيسة الأسقفية فى العالم، وتم عقد لقاءات دورية سواء فى الأزهر الشريف أو فى إنجلترا وكلها تهدف إلى أهمية العيش المشترك.

هل ننتظر قريبًا رسامة امرأة كاهنة فى الكنيسة الأسقفية بمصر؟

الكنيسة الإنجليكانية التى توجد رئاستها فى كانتربرى ليست كلها متفقة على رسامة المرأة كاهنة، وتركتها لحرية الكنائس فى شتى الأماكن، ولذلك حاليا يتم رسامة المرأة فى الكنيسة الأسقفية بالخارج فقط ، ولكن فى مصر لم يحدث حتى كتابة هذه السطور.

إلى أين وصل قانون الأحوال الشخصية؟

الطوائف المسيحية ما زالت مختلفة على القانون، ونحن كأسقفيين لسنا مختلفين، ولنا نظام خاص يسرى على مستوى الشرق الأوسط، وقد أودعنا القانون وزارة العدل لدراسته، وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين هو قانون موحد، لكنه فى حقيقة الأمر ينظر للاختلافات فى كل طائفة، فالأسقفية لها دستورها الخاص، كما أن كل الكنائس الأخرى لها خصوصية فى الزواج والطلاق، وحسب الأسقفية وتبعاً للكتاب المقدس يتم الطلاق فى كنيستنا لعلة الزنا فقط.. ولكن هناك لجان أحوال شخصية تدرس الحالات ولو هناك حالات تستحيل معها «العِشرة» يتم اتخاذ قرارات ويحدث انفصال، وأرى ان أكثر موضوع شائك هو الزواج والطلاق، فالدولة تعطينا سلطة التزويج والقسيس يمكن أن يوثق عقود الزواج فى الكنيسة التى يجب ان تعطى حق الطلاق، والكنيسة تبذل جهدها للمصالحة بين الزوجين، ولكن عندما تستحيل العشرة يتم الطلاق كنسياً، وبذلك نحل آلاف المشكلات والقضايا التى تملأ المحاكم.

تسلمت الأسقفية أمانة مجلس كنائس مصر لهذه الدورة.. هل تتوقع أن يكون لذلك نتائج إيجابية على أرض الواقع؟

هناك فرحة كبيرة لاستضافة الكنيسة الأسقفية للعيد العاشر لتأسيس مجلس كنائس مصر وتسلم أمانة المجلس، والذى يهدف إلى نبذ أى خلافات مذهبية ومحاربة التعصب والتطرف بين المسيحيين بعضهم البعض، ومن خلال المجلس أصبح لدينا مساحة للحوار المشترك والخدمات المتنوعة على مستوى الشباب ولجان المرأة واللجان الأخرى داخل المجلس، وأتمنى أن يشهد العامان المقبلان تفعيل جميع الأنشطة واللجان، وخاصة الخدمات الروحية والثقافات المختلفة التى تهم المجتمع، وهدفنا فى النهاية خدمة بلدنا وأن نعكس نور المجتمع الذى نعيش به، حتى يشعر المواطن بتأثيره، كما يسعى المجلس أيضا لزيادة التعاون والمحبة بين الكنائس دون التدخل فى معتقدات كل طائفة.

اقرأ أيضاً|الكنيسة الأسقفية تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة