أحد المطاعم السورية التى انتشرت فى مصر مؤخراً
أحد المطاعم السورية التى انتشرت فى مصر مؤخراً


أكثر من 7 ملايين عربي ينصهرون بالمجتمع المصري.. مصـر المـلاذ الآمـن للعرب

آخر ساعة

الأحد، 14 مايو 2023 - 12:34 م

أحمد جمال

بيت العرب الكبير أو الشقيقة الكبرى أو عمود الارتكاز فى المنطقة، جميعها مصطلحات يستخدمها الأشقاء العرب في وصف مصر التى دائما ما تكون فى صدارة المشهد الإنسانى والاجتماعي والسياسى أيضَا، والتي أضحت الملاذ الآمن وقبلة القاريين من الصراعات السياسية والأهلية العربية خلال العقد الأخير والباحثين عن الأمان والاستقرار، وهو ما يرسخ الصورة الحاضرة فى أذهان الشعوب العربية التى تقدر الجهود والأدوار المصرية الرسمية والشعبية على حد سواء.

لا تتعامل مصر مع المستنجدين بها بحثًا عن فرصة جديدة للحياة على أنهم أصحاب لجوء، وترفض إقامة المخيمات لإيوائهم، كما أنها لم تتاجر سياسيًا فى أىٍ من المرات بهذا الملف، ودائما ما يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن الأشقاء اضيوف وليسوا لاجئينب، وهو ما تكرر مؤخراً مع الأشقاء السودانيين الهاربين من نيران الصراع العسكرى، ما يجعل هناك قدرا أكبر من الثقة والألفة بين العرب والمصريين، وتظهر انعكاسات ذلك فى حالة الانصهار التام بين الجنسيات المختلفة المتواجدة على الأراضى المصرية.

البلد المفضل

لا تستقبل مصر فقط الفارين من الصراعات، لكنها تعد موطنًا محببًا لكثير من المهاجرين من جنسيات عربية مختلقة يأتون إليها لأسباب مختلفة تتراوح ما بين الاستفادة من السوق المصرى المفتوح والمشاركة فى أنشطة اقتصادية واستثمارية، وآخرون يتمتعون بحياة أكثر جودة ورفاهية وكذلك أقل فى التكلفة مقارنة بتكاليف الحياة المعيشية فى بلدانهم الأصلية، وكذلك البعض ممن يفضلون أن تكون لديهم عقارات أو أماكن إقامة بديلة للاسترخاء أو الاستمتاع بالمدن السياحية والمعالم الأثرية باعتبارها متنزها مناسبًا بالنسبة لكثير من العرب.

وتقدر االمنظمة الدولية للهجرة بـ (التابعة للأمم المتحدة) أعداد المهاجرين الذين يقيمون فى مصر بأكثر من 9 ملايين شخص ينتمون إلى 133 دولة بينهم 4 ملايين سودانى، و1.5 مليون سورى، ومليون يمنى ومليون ليبى وتشكل تلك الجنسيات الأربعة ما يفوق 80% من المهاجرين المقيمين فى البلاد، وهو ما يؤشر على أن أكثر من 7 ملايين عربى يقيمون فى مصر من تلك الجنسيات الأربعة ومن جنسيات عربية أخرى.

ورصدت المنظمة الدولية فى إحصائها الذى أعلنته فى أغسطس من العام الماضى، زيادة ملحوظة فى عدد المهاجرين منذ عام 2019 بسبب عدم الاستقرار الذى طال أمده البلدان المجاورة لمصر، ما دفع الآلاف من السودان، وجنوب السودان، وسوريا، وإثيوبيا، والعراق، واليمن إلى البحث عن ملاذ فى مصر.

مبادئ مصرية

وحدد إحصاء االدولية للهجرة بـ 5 محافظات رئيسية تضم 56% من المهاجرين وهي: االقاهرة، والجيزة، والإسكندرية، ودمياط، والدقهليةب، فيما يعيش باقى المهاجرين فى محافظات مثل: اأسيوط، أسوان، الغربية، الإسماعيلية، الأقصر، مرسى مطروح، المنوفية، المنيا، بورسعيد، القليوبية، قنا، والشرقية وسوهاج والسويس، ومحافظتى البحر الأحمر وجنوب سيناء (أعداد قليلة).

وتعتبر المنظمة أن االخطاب الإيجابى للحكومة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين على أنه عامل جذب للمهاجرين واللاجئين وطالبى اللجوء مؤخراً إلى مصر، ولطالما كانت مصر سخية فى إدراج المهاجرين واللاجئين وطالبى اللجوء فى النظم الوطنية للتعليم والصحة، على قدم المساواة مع المصريين فى كثير من الحالات، وإن إدراج السكان المهاجرين فى خطة التطعيم الوطنية ضد فيروس (كورونا) هو مثال حديث واضح على نهج الحكومة المصرية فى معاملة المهاجرين، على قدم المساواة مع المواطنينب.

تمنح الثقة الدولية والعربية فى الجهود المصرية لاحتواء المهاجرين مجموعة من العوامل الإيجابية للدولة المصرية، لأن الجهود الإنسانية أو ما يمكن وصفه بـاالكرم المصرىب في استقبال الباحثين عن الأمن والاستقرار تكون له انعكاساته الإيجابية سياسيًا على الأدوار المصرية لحل الأزمات والمشكلات التى تعانيها تلك الدول، وتقطع حالة التآلف بين المصريين وإخوانهم العرب كثيرا من أيادى الشر التى تحاول تحييد مصر عن ملفات ذات ارتباط مباشر بالأمن القومى المصري.

ولعل ما يدعم ذلك أن مصر دائما تؤكد أنها لا تتدخل فى الشئون الداخلية لدول الإقليم والجوار، ولم تتورط فى أى نزاعات مسلحة نشبت هنا أو هناك، ورفعت شعار االحل السياسى لأزمات المنطقةب منذ اندلاعها وحتى اضطرت كثير من الأطراف المتصارعة للبحث عن منافذ سياسية توقف الحروب التى هددت تماسك تلك الدول.. توهو ما يجعل اللجوء إلى مصر أمراً يحبذه الأشقاء العرب على مختلف انتماءاتهم السياسية، ودون أن يكون هناك تخوف من أى مضايقات أو أزمات قد تواجههم، وفى المقابل فإن ذلك يزيد من صلابة وقوة المواقف المصرية التى تعمل على تسوية الصراعات بما يحافظ على مؤسسات الدول الرسمية التى تحفظ تماسكها.

تداخل عائلي

وقال أحمد بدوى رئيس مجلس أمناء المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين، إن مصر على المستوى التاريخى والجغرافى لديها تجارب عديدة فى استضافة اللاجئين والمهاجرين ودعم انصهارهم فى المجتمع المصرى، وهو ما يدعم عملية استقبال أعداد كبيرة من الجاليات العربية خلال العقد الأخير، مشيراً إلى أن استقبال السودانيين يحمل أبعادا أخرى اجتماعية واقتصادية وقبائلية وعشائرية نتيجة التزاوج والتداخل الكبير بين البلدين.

ورغم أن الصراع كان في السودان مفاجئاً، وهرولت أعداد كبيرة من السودانيين إلى الحدود المصرية دون ترتيب أو تنسيق مع المؤسسات والمنظمات الدولية، إلا أن بدوى شدد على أن مصر أثبتت قدرتها على إدارة الملف رغم نزوح ما يقرب من 43 ألف سودانى بعد ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن مصر التى استطاعت احتواء أكثر من أربعة ملايين سودانى قادرة على أيضَا على التعامل مع الأزمة الراهنة، وأن الثلاثة أعوام السابقة كانت شاهدة على توافد ما يقرب من 400 سودانى بشكل يومى.

وأكد أن مصر بالنسبة للجاليات العربية هى ملاذ آمن يحظون فيه بكثير من الدعم الإنسانى والمجتمعى ولديهم القدرة على التعامل مع الثقافة المصرية المعروفة فى كثير من البلدان العربية بفضل القوة الناعمة المصرية، وعلى المستوى الرسمى فإن القاهرة تثبت أنها لديها القدرة على تأمين من ينزحون إليها ويختارون أراضيها للإقامة.

ولفت إلى أن وصول المهاجرين العرب إلى الأراضى المصرية ليس فقط بهدف الهروب من الصراعات، لكن الأرقام تشير إلى وجود أكثر من 400 ألف سعودى لديهم عقارات ويتواجدون فيها بشكل متقطع على مدار العام، إلى جانب 100 ألف ليبى فى محافظات مصرية مختلفة، إلى جانب استفادة رجال الأعمال العرب من السوق المصرية المفتوحة التى تشجع على مزيد من جذب الاستثمارات.

حضن للجميع

ومن جانبه أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن قوة التأثير المصرى فى المنطقة العربية ودورها الرائد فى حل مشكلات الإقليم عبر فترات تاريخية عديدة يجعلها قبلة العرب، وأن قدرتها على احتضان الجميع وعدم النظر إلى من يستنجدون بها على أنهم لاجئون ومعاملتهم مثل المصريين تقريبًا يدعم قيامها بهذا الدور.

وأوضح أن الدور الإنسانى المهم الذى تقوم به القاهرة يجعلها أكثر قدرة على التأثير من الناحية السياسية، سواء كان ذلك على المستوى الإقليمى بالمنطقة العربية أو على المستوى الدولى، وأن ذلك الدور يجعل مصر محل ترحيب وإثناء عالمى بشكل مستمر نظراً لجهودها المهمة، وهو ما يمنح تقديرا أكبر للدور المصرى على المستوى الدولى.

وأشار إلى أن الترحيب الشعبى لا يقل أهمية عن الجهود الرسمية، وأن استقبال ملايين العرب من جنسيات مختلفة يعبر عن عروبة وأصالة المصريين وارتباطهم بالقضايا العربية الملحة، وهو ما يدعم أواصر الصداقة بين المصريين والعرب سواء من يمكن أن تستقبلهم مصر على أراضيها أو بين الجاليات المصرية فى البلدان العربية المختلفة وشعوب تلك البلدان.

وشدد بدر الدين على أهمية أن يكون للمجتمع الدولى والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وشئون اللاجئين أدوار أكبر لمساعدة مصر على القيام بهذا الدور، بحيث تكون أكثر قدرة على الاستيعاب ومجاراة العوامل الإنسانية الصعبة التى يعانيها الفارون من الحروب.

خبرات متميزة

وقد تطرقت لذلك الأمر وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج، خلال مشاركتها فى الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب، وذلك لبحث ومناقشة تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية لدولة السودان إزاء الأوضاع التى تشهدها.

وأفادت القباج أن جمعية الهلال الأحمر المصرى قامت من خلال فريق عملها الدءوب ومن خلال المتطوعين بالتنسيق مع الهلال الأحمر السودانى واللجنة الدولية للصليب الأحمر والسفارة المصرية فى السودان، ومع أجهزة الدولة المصرية للوقوف على تطورات الأحداث أولا بأول، وتقديم خدمات الإغاثة الإنسانية والطبية والاجتماعية التى شملت؛ استقبال ومساعدة القادمين وإنهاء الأمور المادية وتجهيز وسائل النقل المختلفة إلى مدينة أسوان ومنها إلى الجهة النهائية، وتجهيز الإنترنت ووسائل الاتصال لإجراء الاتصالات المحلية والدولية لتواصل القادمين مع ذويهم وطمأنتهم.

أوضحت وزيرة التضامن الاجتماعى أن مصر من خلال عضويتها الدائمة فى المكتب التنفيذى لمجلس الشئون الاجتماعية العرب تعلن عن كامل استعدادها وبذل خالص الجهود فى شراء وتسليم المساعدات الإغاثية والاجتماعية التى سيقرها المجلس الوزارى، وذلك من خلال الهلال الأحمر المصرى فى ضوء خبراته المتميزة فى الإغاثة الإنسانية.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 10/5/2023

اقرأ أيضًا : شرق العوينات وتوشكى.. مشروعات جديدة تضيف أكثر من ألف فدان صالحة للزراعة

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة