أحمد الإمام
أحمد الإمام


يوميات الاخبار

وهات العمر من الأول

أحمد الإمام

الأحد، 14 مايو 2023 - 07:12 م

 

"لا تحاول أن تخدع الأم أو تكذب عليها فلديها حاسة لا تخطئ"

يمضى قطار العمر بأقصى سرعته دون أن يتوقف إلا فى محطاته المحددة، حيث يغادره بعض الأحباب تاركين مقاعدهم فى قلوبنا شاغرة تئن من الحنين الذى لا ينقطع، حتى يصل القطار إلى محطته الأخيرة لنلحق بهم حيث سبقونا.


هنا يمر شريط الحياة أمام أعيننا فى صورة لقطات سريعة على طريقة الفلاش باك نرى فيها أجمل سنوات الطفولة والصبا والشباب.. نشاهد لحظات الفرحة والسعادة التى اختلسناها من دنيا بخيلة اعتادت أن تأخذ أكثر مما تعطي.


هنا تكون أمنية واحدة مستحيلة يتمناها كل من يصل إلى محطته الأخيرة.. يتمنى أن يعود العمر من تاني.. يتمنى أن يحقق كل ما عجز عن تحقيقه.. يتمنى أن يتجاوز الأخطاء والخطايا التى انزلق فيها.. يتمنى أن يصوب كل قراراته الخاطئة التى جلبت له التعاسة والشقاء.


إعادة شريط الحياة ظلت حلما بعيد المنال لكل البشر الذين تغنوا به فى ليالى السمر رغم علمهم أن العمر المقضى لن يعود وعجلة الزمن لن تدور للخلف أبدا.
فاكرين كوكب الشرق أم كلثوم عندما تغنت برائعة مرسى جميل عزيز «فات الميعاد» مغردة بصوتها العذب «وعايزنا نرجع زى زمان.. قول للزمان ارجع يا زمان.. وهات لى قلب لا داب ولا حب.. ولا انجرح ولا شاف حرمان».


كانت «الست» تريد قلبا بحالة الزيرو لم ينبض من قبل ولم يعرف طعم الحزن ولوعة الحرمان.
وفى نفس الاتجاه سار عمنا الكبير «صلاح جاهين» فى أزجاله الخالدة:
« أجيب لك إيه وأنا جى ؟
هات لى مخدة أحط عليها راسى أنام.
هات لى قلب يزعل بس يصفى قوام.
هات لى حبيب فارقنى وبشوفه بس فى الأحلام.
هات لى ساعة راحة بال وحبة فرح ولو بريال.
وهات أقفال أقفل بيها باب الحزن.
وهات م الحب مليون حضن.
وهات لى معاك شوية صبر.
هات صورة لذكرى ف قلبى محفورة.
هات لى أمان وضحكة طالعة باطمئنان.
أقول لك.. علشان ما تتلخبطش.
هات لى زمااااااان.
وهات العمر من الأول وهات حبايبنا من تاني.
وهات العزوة واللمة وهات الجيرة والصحبة.
وهات قلب ما يسودش وعيون جميلة ما تحسدش وعيش وملح ما يتخانش.


وعلى الرغم من أن فكرة عودة العمر من الأول ظلت حلما مستحيلا لكل البشر فى كل العصور، إلا أن نظرية النسبية للعبقرى إينشتين جعلت السفر عبر الزمن فكرة مقبولة نظريا وعلميا.


والنسبية هى النظرية التى أضافت الزمن كبعد رابع للمادة بالإضافة إلى الأبعاد المكانية الثلاثة، تقول إن الزمان والمكان مرتبطان معًا ولا يمكن أن يوجد أحدهما بمعزل عن الآخر.
نسبيًا، نعلم أننا نستطيع أن نتحرك فى هذه الأبعاد -المكانية- بكل حرية حيث نستطيع السير يمينا أو يسارا أو إلى الأمام أو الخلف أو إلى أعلى أو أسفل.
ويمكننا ركوب آلات مثل الطائرة أو الصاروخ التى تنقلنا فى البعد المكانى الثالث «الارتفاع» ومن هذه الفكرة البسيطة عن الأبعاد يتضح أنه بإمكاننا أن نتنقل عبر الزمن بهذه الصورة.
لكن النظر إلى ما سبق يعد مفهومًا كلاسيكيًا فحسب حيث يفترض أن الزمن مقياس مطلق لسرعة حركة هذه الأجسام.
فى النسبية يبدو الزمن نفسه على أنه دالة فى السرعة النسبية بين الأجسام ويتباطأ أكثر فأكثر كلما كان الفرق فى السرعة النسبية بين الأجسام أقرب إلى سرعة الضوء ويمكن أن يتوقف تمامًا إذا ما وصلت هذه السرعة النسبية إلى سرعة الضوء.
لو افترضنا أن رائدا للفضاء غادر الأرض وعمره 25 سنة آنذاك، وترك أخاه الصغير البالغ من العمر 22 سنة وغاب فى رحلته الفضائية مدة عشر سنوات بحسب توقيته على الصاروخ المسافر بسرعة قريبة جدًا من سرعة الضوء بحسب ما يرصد أخوه، فإنه يجد نفسه عند عودته من رحلته فى سن 35 سنة بينما يكون أخوه الذى كان أصغر منه عمرًا قد أصبح فى سن الأربعين أو الخمسين على حسب سرعة الزمن التى تحرك بها.


الخلاصة أن عودة العمر من الأول لم تعد مجرد حلم، وممكن فى يوم من الأيام تصبح حقيقة ونسافر لأيام الصبا والشباب.

عيون القلب

لا تحاول أن تخدع الأم أو تكذب عليها فلديها حاسة لا تخطئ فى كل ما يتعلق بأولادها أو يحيط بهم.
أذكر عندما كنت صغيرا وكنت أحاول التذاكى على أمى رحمها الله إلا أنها كانت تكشف أكاذيبى بصورة لا تصدق تفوق أجهزة كشف الكذب فى أعتى أجهزة المخابرات.
كانت أمى ترفض بإصرار تناولى أطباق الكشرى خارج المنزل وتحاصرنى بالتنبيهات كل يوم قبل ذهابى إلى المدرسة «بلاش تاكل كشرى بره البيت»، ولكننى كنت أتجاهل بالطبع كل هذه التنبيهات بسبب عشقى للكشرى بالدقة والشطة، ولكن بمجرد عودتى للبيت أجد نفسى على كرسى الاعتراف ومن أول «زغرة عين» أنهار سريعا واعترف بجريمتى ومقسما بأغلظ الأيمان أننى لن أضع حبة مكرونة واحدة فى فمى مجددا، وهو قسم قصير المفعول لا يمتد إلا أياما قليلة وتعود ريما لعادتها القديمة.


وعندما كانت أمى تحذرنى من أحد أصدقائى وتطالبنى بالابتعاد عنه لأنها لا ترتاح لصداقتنا كنت أكتشف بعد فترة كم كانت محقة فى مخاوفها.
وحتى بعد أن كبرت كانت أمى تعرف من صوتى إن كنت مريضا أم سليما، وكانت تدرك من نظرة عينى أننى حزين أو مهموم.
الأم ترى أبناءها بعيون القلب وبنور البصيرة، تشعر بهم دون أن يتكلموا، تفرح لفرحتهم وتبكى لحزنهم وينخلع قلبها فى اليوم الواحد عشرات المرات خوفا عليهم.
إذا كانت أمك على قيد الحياة احتفظ بها داخل مقلة عينك، فربما تغمض عينك وتفتحها فلا تجدها.

مياه الأندلس

معاناة يومية يعيشها سكان منطقة الأندلس بالتجمع الخامس بسبب ضعف المياه وانقطاعها بشكل منهجى ومستمر دون أن يخرج مسئول واحد فى جهاز القاهرة الجديدة ليقدم تبريرا منطقيا لهذه الأزمة المزمنة التى تعانى منها مئات الأسر بصورة حولت حياتهم فى واحدة من أرقى التجمعات السكنية إلى جحيم.
فمن يقول إن السكان الذين وضعوا تحويشة عمرهم فى شقق سكنية تجاوزت حاجز الأصفار الستة بكثير يعيشون حياة سكان المناطق العشوائية وينتظرون سيارات شركة المياه يوميا وهم يحملون الجرادل وزجاجات المياه فى مشهد مزرٍ اختفى من المناطق العشوائية نفسها ليعود للظهور فى التجمع الخامس.
وكلما توجه السكان إلى جهاز المدينة يخرجون وهم يحملون وعود المسئولين بحلول جذرية للمشكلة بدون أن تجد هذه الوعود طريقها للتنفيذ على أرض الواقع.


ولا أعلم حقيقة كيف يستطيع أى مسئول أن يرتاح فى بيته وهناك طفل عطشان لا يجد نقطة مياه تروى عطشه.
وكيف يتناول طعامه فى منزله بشهية مفتوحة وهناك عشرات السيدات فى مطابخهن عاجزات عن إعداد وجبة طعام لأطفالهن بسبب انقطاع المياه المستمر.
لا أبالغ إذا قلت إن تواجد المياه فى حنفيات الأندلس لا يتجاوز ساعتين يوميا، فهل هذه المدة كافية لاحتياجات أى أسرة فى حياتها اليومية؟
ولا أبالغ إذا قلت إن المحظوظ فقط من يفتح الحنفية ويجد المياه تنزل منها فى مشهد يروى القلوب قبل البطون.
لذلك أوجه الدعوة لرئيس جهاز القاهرة الجديدة ليمضى يوما كاملا فى منطقة الأندلس ونرى كيف يتحمل التعايش مع هذه المشكلة على أرض الواقع.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة