الأحد، 14 مايو 2023 - 07:40 م

أرقتنى طويلًا تلك الفجوة المروعة بين ذاك التدفق المذهل، وهذا الخذلان المعيب، فانهمار المواهب على مختلف الأصعدة، وكثرة الزهور التى طرحتها التربة المصرية الخصبة خلال العقود الماضية كشف عجزًا مجتمعيًا عن مواكبة الانثيال الإبداعى على شتى الأصعدة، وأقول مجتمعيًا لأن المؤسسات القومية لم تكن منوطة وحدها باحتضان تلك المواهب المتدفقة، فانتشار المواهب المصرية فى الميادين كلها فاق التصور، وكثرة المتميزين فى مختلف الحقول أذهل المراقبين، وأنا منهم منذ شرفت بالإشراف على صفحتىْ بريد القراء فى جريدة «أخبار الأدب» التى تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم، فمنذ يوم مهمتى الأول هالنى كم الرسائل المتدفقة التى تحمل إبداعًا رائعًا على بريدنا بصورة لم يتوقعها أحد، وقد بدا هذا مبكرًا جدًا حيث انطلقت مهمتى فى «أخبار الأدب» منذ تأسيسها فى يوليو 1993، واستمرت سنوات، ولم يقف الأمر عند حد أعتاب «أخبار الأدب»، بل تعمق الشعور لديَّ، وتأكد لى عمق الهوة حين شرفت بالإسهام فى تأسيس مسابقة مرموقة لتنشيط الذاكرة الوطنية، وتشجيع المبدعين فى شتى دروب الأدب بالتعاون مع إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة ..

مدرسة الوطنية التى تثبت دومًا أنها تساند التفوق والنبوغ دائمًا فى أى مجال، وقد شرفت بالتحكيم فى الدورات المتعاقبة للمسابقة التى رصدت لها القوات المسلحة جوائز سخية احتفاءً بالإبداع وتكريمًا للنبوغ، وقد هالنى بحق كم النصوص المتدفقة على بريد المسابقة فى نسخها المتتابعة فى القصة والشعر، ولكن للأسف سرعان ما كنت أعود إلى هاجسي، ولذلك حلمت طويلًا بآلية تتبناها مؤسساتنا القومية المعنية تتميز بالدوام واتساع الفرص، وشمول شتى ميادين الإبداع، وظل الأمر يؤرقنى سنوات حقًا، حتى تصدت جائزة الدولة للمبدع الصغير إلى تحقيق حلمي، حيث انفردت هذه الآلية-التى ترعاها السيدة انتصار السيسى قرينة السيد رئيس الجمهورية-بسمو درجاتها ورقى مكانتها، فلأول مرة يقف المبدعون الصغار إلى جانب الأفذاذ الكبار فى شتى المجالات على صعيد واحد، فالمبدع الصغير الفائز يتوج بجائزة تحمل اسم الدولة نظمت وفق قانون دائم يتسم بالرسوخ والثبات، تمامًا كالمبدع الكبير أو العالم البارز الذى يحوز جائزة الدولة التقديرية، أو جائزتها للتفوق، مما يشجع الصاعدين على مواصلة الطريق الشاق مهما تطلب ذلك من جهد وعرق وتضحيات.