معرض زكريا أحمد
معرض زكريا أحمد


حكاية فنان| حواديت زكريا أحمد.. عنعنة أم حقيقة ؟

د. طارق عبدالعزيز

الخميس، 18 مايو 2023 - 06:28 م

 

 

ليس هناك كائن من الكائنات سواء أكان إنسانًا أم حيوانًا أم نباتًا أم حتى جمادًا، لا ينطوى على قوة حيوية خاصة به، وهناك عبارات واعتقادات نرددها ونؤمن بها، لكن يصعب علينا فهم مغزاها: السحر والأدوية السحرية والأعمال والأرواح ..

وبالتأمل سنجد أن أغلبها طقوس غريبة وعجيبة، وإن سألت أصحابها عن مقاصدها لقالوا لك: انها تعمل على إطالة الحياة، وتحمينا من القوى التى تسعى لتحطيمنا، وتقينا المكروه ..!!

الفنان "زكريا أحمد".. استطاع بفكره وثقافته وأدواته أن يجسد لنا فى معرضه الأخير "حواديت" الذى أقيم بقاعة صلاح طاهر بساحة دار الأوبرا بعضًا من هذه الحكايات والاعتقادات والأساطير، حيث يمكن وصف تجربته بالانفتاح البصرى والبصائرى ..

التراث وحكاياته

 وقبل الخوض فى تجربة الفنان "زكريا أحمد" الفنية نتعرف أولًا على سيرته الذاتية، فهو فنان أكاديمى– من مواليد عام 1958-  يعمل أستاذًا متفرغًا بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة - جامعة المنيا، بعد أن كان وكيلًا للكلية، أقام العديد من المعارض في مدن إيطالية مثل "روما – نوتونو – ميلانو – فينياتا – فينسيا – فلورنسا" ..، وفى مدن أمريكية مثل "نيوجيرسى – نيويورك – كالفورنيا"، بخلاف معارضه فى أسبانيا "مدريد"، النمسا "فينا" ، انجلترا "لندن"، فرنسا "باريس - كان – مونتكارلو" ... إضافة إلى عدة معارض جماعية وفردية فى مصر، حصد العديد من الجوائز وشهادات التقدير أهمها: الجائزة الكبرى فى معرض "باربرينى" بروما، وجائزة صالون الشباب الرابع.

تأثر زكريا بالتراث وحكاياته منذ الوهلة الأولى عندما تعمق فى القراءة منذ صغر سنه لكبار الأدباء والكتّاب أمثال: نجيب محفوظ ويحيي حقى والغيطانى وأنيس منصور، وقبل ذلك إيمانه بعظمة وثقافة وعلوم المصريين القدماء، الذين كانوا يمارسون السحر فى شئون حياتهم حفاظًا على أرضهم بجانب عبادتهم للآلهة.. 

مفهوم العنعنة

بصرف النظر عن الشق التشريحى الأكاديمى المتعارف عليه .. نجح الفنان بخطوطه التعبيرية وأسلوبه السريالى  فى أن يسبح بنا فى حياته الخاصة المجهولة، حيث عالم المخلوقات الفضائية والخرافات والاعتقادات التى ورثناها عن آبائنا وأجدادنا بمفهوم "العنعنة" وهى كلمة ذات مغزى ومعنى يندرج تحتها مفهوم النقل عن فلان مثل: "أخبرنى، أو حدثنى، أو أنبأنى، أو سمعت، .. هكذا توارثنا معتقدات الخرافات جيلًا بعد جيل ..، وكما ذكر رمسيس يونان فى كتابه "دراسات فى الفن" وهو يتحدث حول فن محمد ناجى أول مصور أنجبته مصر الحديثة، يقول: فى كل لوحة فنية عنصران جوهريان قد نسميهما "القالب والمضمون" أو "النظام والخيال" أو "العقل والعاطفة" أو" الحكمة والوجدان" .. ونفضل نحن أن نسميهما "العنصر المعمارى والعنصر الغنائى"..

عوالم الأشباح

وبالغوص فى حكايات الفنان زكريا أحمد ومضمونها نلحظ أنه استعان بكل هذه المسميات والعناوين، فقد نجح من خلال الوجدان أن يصف ما يجول فى خاطره وينطلق به في خياله وفكره..، فقد نقل لنا مشاهد عدة متأثرًا بالحب والعاطفة..

الرموز ومجموعته اللونية التى يستخدمها لها دلالات خاصة فى تكويناته المفعمة بالحياة والحركة، فما زال يحنو إلى الماضى والتراث القديم .. الطيور والحيوانات والشخوص التى اختزلها فى ذاكرته من زياراته المتعددة للمعابد المصرية ورؤيته للنحت الغائر والنقوش الهيروغليفية التى تحكى لنا قصصًا وطقوسًا دينية، فاستلهم منها حكايات عن عوالم الأشباح والجان والأرواح ، لقد لعبت تلك المعطيات دور البطولة فى حواديته .. والسؤال الذى يراودنى: هل كل هذه المعطيات مجرد حكايات وحواديت فقط..؟ أم أنها أحلام، ومطامح، وخيال، وآمال حققها على أسطح لوحاته بأعماق تعبيرية وألوان فلكلورية..

استطاع الفنان من خلال فنه  إخراج رموزه الفنية المظهر الموضوعى مثل الحصان والقط والبومة، وتحويل أبطاله من الشخوص الثابتة إلى مادة مطاطية وتوظيفها فى تناسق بصرى واضح.. لنلحظ مع كل حكاية الارتباط بالحركة وكأنك أمام مسرح معد خصيصًا لعرض هذه الحواديت.. 

ومن جهة أخرى تجد أنك أمام خطوط سيريالية وألوان ناصعة أصلية، يكتنفها فى عمومها بعض الغموض والمتناقضات.. لكننا سنبقى فى النهاية ننتظر بشغف الإفصاح عن سر تلك الحواديت فى عالم الفنان.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة