السلطان هيثم بن طارق والرئيس السيسي
السلطان هيثم بن طارق والرئيس السيسي


العلاقات العُمانية المصرية... نموذج خاص وحيوية إستراتيجية

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 22 مايو 2023 - 09:07 ص

- رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق وأخية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تشكل " رافعة سياسية " قوية للسلام والإستقرار الإقليمي والدولي

-  العلاقات العمانية المصرية نموذج للعلاقات العربية العربية التي تتسم بالثبات والعمق والمناعة ضد المتغيرات الإقليمية والدولية

ـ تنسيق مصر عماني دائم بما يخدم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية

- التاريخ المشترك ومعالم الشراكة الحالية، يؤشران لمستقبل واعد للعلاقة المصرية العمانية

- الدعم المتبادل، والإمتنان للتاريخ المشترك، والرغبة في توسيع التعاون المستقبلي ركائز أساسية للعلاقات العمانية المصرية

- الصحابي  عمرو بن العاص إصطحب معه عدد من القبائل العمانية الى مصر، وسلطنة عمان هي الدولة الوحيدة التي أتخذت موقف ضد إحتلال نابليون بونابرت لمصر

- السلطان قابوس زار مصر بعد أسابيع من حرب أكتوبر، ورفض قطع العلاقات مع مصر بسبب إتفاقية كامب ديفيد

 

السلطان هيثم بن طارق والرئيس السيسي

تتميز العلاقات العُمانية المصرية بالخصوصية والتفرد والثبات والعمق على مدار تاريخها الممتد لنحو 3500 عاماً منذ أيام حتشبسوت ـ  ظفار ، وحتى يومنا هذا ، وهناك أسباب كثيرة لهذه الخصوصية أبرزها تبني الشعبين وقيادة البلدين  رؤية واحدة تجاه تثبيت أركان الإستقرار والسلام في المنطقة والعالم ،كما تتمتع  العلاقات العُمانية المصرية " بالحيوية الاستراتيجية"، الأمر الذي منحها " المناعة والحصانة " في مواجهة أي متغيرات إقليمية أو دولية ،لهذا تعد العلاقات العُمانية المصرية نموذج للعلاقات العربية العربية القائمة على الدعم المتبادل والمصالح المشتركة و البحث عن حلول سياسية وسلمية لمختلف القضايا الإقلمية والدولية بدعم كامل من جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق " حفظه الله "، وأخية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتؤكد صفحات التاريخ، ومسارات الحاضر، وأفاق المستقبل، أن الشراكة الوثيقة  التي جمعت الشعبين العُماني المصري لم تقتصر فقط على التنسيق السياسي والتبادل التجاري والثقافي،  بل كانت دائما شراكة في القيم والمعاني وبناء الحضارة الإنسانية ، وأن العلاقات العُمانية المصرية ظلت على مدار  التاريخ  "الرافعة الأقوى" نحو صياغة مفهوم عالمي يعلي من قيم السلام والإستقرار والإزدهار والرفاهية لكل أبناء المسكونة، ولعل هذه الفلسفة العميقة منذ ألاف السنين  هي الأساس اليوم  في توجهات البلدين الشقيقين للعمل على بناء إقليم عربي وشرق أوسط ، بل وعالم خال من كل أنواع النزاعات والخلافات ، حيث تنظر القاهرة ومسقط دائماً الى الحلول السياسية والدبلوماسية بإعتبارها الوسيلة الوحيدة لحل أي صراع ينشأ في أي منطقة من أقاليم  العالم المختلفة

هذه المعاني والقيم هي التي أسس عليها  جلالة السلطان قابوس بن سعيد " طيب الله ثراه " ، سلطنة عمان المعاصرة، وهي ذات المعاني والقيم التي يحرص عليها ويعززها كل يوم جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق،" حفظه الله " مع أخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

السلطان قابوس طيب الله ثراه مع الرئيس السيسي

 

مواقف تاريخية بين البلدين الشقيقين لا تُنسى

من يطالع صفحات العلاقات التاريخية بين مسقط والقاهرة يتأكد له أنها علاقات متجذرة تستند إلى تاريخ طويل وواقع تتشابه أدواته وأهدافه بين الشعبين والقيادتين، فمنذ أن  وثقت مصر  والملكة حتشبسوت علاقاتها مع  ظفار العُمانية ، وجد كل شعب نفسه في الشعب الآخر، وتشير النقوش المكتوبة على جدران معبد الدير البحري في مدينة الأقصر بأن الملكة حتشبسوت زارت بالفعل ظفار، ومن وقتها ظل الانسجام والتشاور والتفاهم والتنسيق والتعاون المشترك أساس الرؤية التي يتبناها كل طرف تجاه الطرف الأخر ، خاصة أن الكثير من القبائل العمانية جاءت مع الصحابي عمرو بن العاص في فتح مصر، وعاشوا في مصر، وعاشت مصر فيهم،  ويتجلى الدعم المتبادل بين البلدين الشقيقين في مواقف لا تعد ولا تحصى ، لكن على سبيل المثال فإن  سلطنة عُمان هي الدولة الوحيدة في العالم التي إتخذت موقف عملى على الأرض ضد الحملة الفرنسية على  مصر، فقد أوقف سلطان بن أحمد سلطان عمان عام 1798، مفاوضاته مع فرنسا التي كانت تمهد لعقد معاهدة تعاون ملاحي بحري بين فرنسا وعُمان، وأعلن احتجاجه الرسمي على اعتداء فرنسا على دولة عربية مسلمة، وطوال التاريخ القديم والحديث ظل التشاور والتواصل والزيارات المتبادلة سمة رئيسة في العلاقات العُمانية المصرية، فقد زار السلطان برغش بن سعيد مصر ١٨٧٥، حينما كان في طريقه إلى بريطانيا، وتجول في مدن السويس والإسماعيلية وبورسعيد، والتقى بالخديوي إسماعيل، ودارت بينهما مباحثات دبلوماسية، تمخضت عن عقد اتفاق لتنسيق العمل المشترك في منطقة القرن الأفريقي، كما زار السلطان تيمور بن فيصل مصر عام ١٩٢٨ أثناء عودته من أوروبا، ونزل في الإسكندرية التي أحبها وأقام فيها لما يقرب من عشرين يوما، كما زار السلطان سعيد بن تيمور القاهرة في أبريل 1942، والتقى بالملك فاروق، كما أن سلطنة عُمان كانت من أوائل الدول التي وقفت مع مصر ضد العدوان الثلاثي عام 1956 ، ومحفور في ذاكرة المصريين أيضاً الموقف العُماني عندما رفضت مسقط قطع علاقاتها مع القاهرة عقب توقيع مصر لإتفاقية " كامب ديفيد " عام 1978 ، والجميع يتذكر  أيام وأجواء المقولة الشهيرة للسلطان قابوس - طيب الله ثراه: "إن مصر لا تقاطع ولا تعزل ولا تموت بسبب موقفها" ، كما أن مصر كانت من أوائل الدول التي زارها السلطان قابوس في  ديسمبر ١٩٧٢، وقد استقبله الرئيس الأسبق أنور السادات، ومنح جلالته قلادة النيل العظمى،  كما منح وسام الجمهورية لجميع أعضاء الوفد المصاحب لجلالته،كما كان جلالته من أوائل القادة الذين زاروا مصر عقب حرب أكتوبر بأسابيع قليلة عندما زار القاهرة في ٢٤ نوفمبر ١٩٧٣.

السلطان قابوس بن سعيد مع الرئيس السادات رحمهم الله

على الجانب الآخر كانت مصر داعمة بقوة لسلطنة عُمان وتوجهها نحو الإستقلال، وكانت مصر من أوئل الدول التي إعترفت بإستقلال سلطنة عُمان عام 1972، وإحتفل البلدين العام الماضي بمرور 50 عاماً على إقامة  العلاقات الدبلوماسية بين مسقط والقاهرة، كما كان لمصر دورها المعروف  في المساهمة في النهضة العُمانية الحديثة  عبر جيل من المعلمين والكوادر في مختلف المجالات التنموية.

تنسيق كامل وآفاقا واسعة لمستقبل مزدهر لسلطنة عُمان ومصر

اليوم يمتد جسر العلاقات بين البلدين ليربط الماضي بالحاضر، ويصنع آفاقا واسعة لمستقبل مزدهر للبلدين، بقيادة جلالة  السلطان المعظم  هيثم بن طارق، وأخية  فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، فاليوم هناك تنسيق كامل بين الزعيمين في كافة الملفات الإقليمية والدولية ، والتشاور  بينهما مستمر في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر  الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها ، وقد تجلت " المساحات المشتركة " و" الرؤية الواحدة "  في الزيارات الرفيعة بين البلدين الشقيقين ، ومنها زيارتين للرئيس عبد الفتاح السيسي لسلطنة عُمان ، الأولى كانت في 4 فبراير 2018 إلتقى خلالها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد " طيب الله ثراه".

 كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مرتين بجلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق " حفظه الله " ، اللقاء الأول كان خلال الزيارة الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي  لمسقط  في 27  يونيو 2022، بينما اللقاء الثاني كان خلال قمة أبو ظبي السداسية في 18 يناير الماضي، وهذه اللقاءات يين قيادة البلدين هي التي رسخت لمستقبل العلاقات العُمانية المصرية في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية حيث تتفق رؤية جلال السلطان هيثم مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصدي للمشكلات الإقليمية والدولية، ومنها ضرورة قيام الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين على حدود 5 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتصدي للمشكلات الناجمة عن جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، خاصة ما يتعلق بضرورة إستدامة سلاسل الإمداد ، والتعاون بين الدول لمواجهة أزمات نقص الغذاء والطاقة.

 

السفير عبد الله الرحبي سفير السلطنة بالقاهرة

ارتفاع حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية عام 2022

هناك اتفاق بين البلدين بوجود  مساحة كبيرة لترقية العلاقات الإقتصادية نظرا لما يملكة البلدين من موارد ومقدرات ، خاصة في القطاعات غير النفطية، والتنوع الإقتصادي وفقاً لرؤيتي "عمان 2040" و"مصر  2030 ، وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية شهد في عام 2022م ارتفاعا بلغ ما يقارب 393 مليونا و628 ألف ريال عماني مقارنة بـ217 مليونا و742 ألف ريال عماني في عام 2021.

وسجلت قيمة الصادرات العمانية إلى مصر ارتفاعا من 157 مليونا و515 ألف ريال عماني في عام 2021 إلى 298 مليونا و77 ألف ريال عماني في عام 2022م، في حين بلغت قيمة الواردات العمانية في مصر 95 مليونا و551 ألف ريال عماني في عام 2022 مقارنة بـ60 مليونا و227 ألف ريال عماني في عام 2021.

كما بلغ عدد الشركات المصرية المستثمرة في سلطنة عمان في عام 2020 نحو 744 شركة بإجمالي رأسمال مستثمر بلغ أكثر من مليار و856 مليون دولار أمريكي ، ويملك البلدين فرص كبيرة للإرتقاء بالتعاون الإقتصادي خاصة في مجالات مثل الطاقة المتجدّدة والصناعة والأمن الغذائي والتعدين والصناعات التحويلية والنقل  والصناعات الدوائية ، كما تملك سلطنة عمان فرص إستثمارية واعدة في المناطق الاقتصادية والموانئ والتشريعات الجاذبة للاستثمار، وهو ما دفع المستثمرين المصريين للإستثمار في عمان في مجالات مثل صناعة الأسمدة والبلاستيك الموجودة في المناطق الحرة إضافة إلى الجانب السياحي.

التعاون الثقافي وتفعيل أدوات الدبلوماسية الناعمة

دائما ما يستذكر الشعب العُماني بكل تقدير واحترام المعلم المصري الذي أسهم مع بداية النهضة العمانية في تعليم أبناء عُمان،و خلال الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس المصري إلى سلطنة عُمان في يونيو 2022 جرى التوقيع على اتفاقيات منها ما يتصل بالجوانب الثقافية والتعاون في المجالات الأكاديمية، كما يدرس الجانبان حاليا 7 اتفاقيات لها علاقة بالاقتصاد والثقافة والتعاون في مجال الوثائق والتراث من حيث الترميم والآثار إضافة إلى التعاون الأكاديمي بين الجامعات العُمانية والجامعات المصرية، وتضع سفارة سلطنة عمان في القاهرة التعاون الثقافي بين البلدين في مقدمة أولوياتها حيث أطلقت سفارة سلطنة عمان في القاهرة منذ عامين صالون أحمد بن ماجد الثقافي بهدف التعريف بالإرث الثقافي والحضاري للإنسان العماني، كما أن عدداً من جمعيات المجتمع المدني في سلطنة عمان سيكون لها نشاط خلال شهر يونيو المقبل

المؤكد أننا أمام مصفوفة واسعة من مجالات التعاون السياسي والإقتصادي وأيضاً الثقافي والتعليمي وهو ما يقول أن العلاقات المصرية العمانية ينتظرها مستقبل واعد وأفاق غير مسبوقة من التعاون والشراكة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة