الكاتب مؤمن خليفة
الكاتب مؤمن خليفة


بدون أقنعة

رفضت الدكتوراه الفخرية!

مؤمن خليفة

الأربعاء، 24 مايو 2023 - 01:18 ص

منذ نحو أربعة أعوام أتصل بي صديق عزيز طالبا مني ضرورة الحضور إلي أحد الفنادق الشهيرة لتكريمي ومنحي شهادة دكتوراه فخرية مع عدد من نجوم الفن .. سألت صديقي عن الجهة المانحة لهذه الشهادات فأبلغني أنها إحدى مراكز التدريب والاستشارات وتتبع المجتمع المدني وتنوي إطلاق برنامج تدريبي موسع وأنه رشحني لدي هذه الجهة باعتباري من الإعلاميين ونقاد المسرح الذين وضعوا بصمات في المهنة .. كان من الطبيعي أن أعتذر عن قبول الدعوة لأنني لا أمتلك ما يؤهلني لنيل " دكتوراه فخرية" ولست صاحب مشروع ثقافي مهم يعطيني الحق في الحصول عليها .. ألح علي صديقي في حضور الاحتفال ولو استطعت الكتابة عنه يكون هذا في صالحه باعتباره مسئولا عن الدعاية والإعلام للجهة المانحة.

المهم ذهبت إلي الحفل وتم تقديم فقرة غنائية ثم بدأ التكريم وقد هالني ما رأيت .. فقد تم تكريم سيدتان لا مهنة لهما ولا أي إنجاز لهما علي الإطلاق ترتديان ملابس فاضحة تكشف أكثر مما تستر .. ثم نودي علي تكريم بعض الفنانين مطربين وممثلين حصلوا علي " الدكتوراه الفخرية" في ثانية .. خرجت من الحفل مستاء وسألت صديقي عن السيدتان اللاتي تم تكريمهما وحيثيات هذا التكريم فعلمت أنهما تحملتا نفقات الحفل كاملا ودفعتا للفندق حجز القاعة والمشروبات وميداليات ودروع التكريم التي وزعت في الحفل وأن بعض المكرمين دفعوا مبالغ لقاء تكريمهم.. من هنا أيقنت أن هذه عملية "نصب مقننة" وأن أصحاب الجهة المانحة يعرفون طريقهم جيدا وأنهم يدفعون إيجار المقر والمطبوعات من خلال هذا النوع من التكريم وكذلك دفع مكافآت بعض ممن يعملون معهم وأن هناك مبالغ يتم دفعها علي كل " رأس" وأن هذه الجهة المانحة تعطي شهادات سفراء نوايا حسنة للأمم المتحدة للبعض يكتبونها في كروت شخصية بديلا عن الوظيفة.

هذه الظاهرة أو تلك "النصباية" بدأت تنتشر في مصر بعد مؤامرة "الربيع العبري" وحصول المجتمع المدني والأهلي علي امتيازات جديدة تحت دعوة إفساح المجال أمام تلك الجمعيات والجهات للعمل في مصر بغرض تحسين الصورة الذهنية أمام الغرب.

المشكلة أن عدد هذه الجهات تضاعف عدة مرات وامتدت أثاره إلي اختراق الكثير من النقابات المهنية وأصبحت وظيفة " السفير" إلي أدني مستوي لها بعد أن كانت تقتصر علي السلك الدبلوماسي.. نعم أستطيع أن أقدم لكم شهادة بأنني سفير للنوايا الحسنة للأمم المتحدة التي لن تعترض مطلقا لأنها لا تعلم عنها شيئا بالطبع. 

الغريب أن هناك إقبالا من معظم المشاهير علي هذه الشهادات الوهمية التي تسيئ إلي السلك الجامعي في مصر وهناك بعض الشخصيات تتواصل مع هذه الجهات للحصول علي درجة الدكتوراه الفخرية ويقع في هذا الفخ بعض النواب حيث تستخدم أسمائهم ستارا لجذب المزيد من " الزبائن" بغرض الحصول علي المال .. لقد كتبت عن هذه الظاهرة ودور عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني في تفاقمها ولم يتحرك أحد لوضع حد لها.. هذه مسئولية وزارة التعليم العالي ووزارة التضامن الاجتماعي وقبلهما الدكتور رئيس الوزراء فلا ينبغي أن نترك هذه الجمعيات تعطي صفات ووظائف غير حقيقية لكل من يدفع وأنه بالتنسيق معهما يجري تقنين لكل هذا .. فلا يصح أن يحصل " بلطجي وتاجر مخدرات" علي شهادة من إحدى هذه الجهات وعليها عدة أختام بمنصب " سفير نوايا حسنة" وحاصل علي شهادة دكتوراه وهو الذي ترك مقاعد الدراسة ولم يلتحق بالجامعة الله يرحمه .

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة