آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

آمال عثمان تكتب: يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

آمال عثمان

الجمعة، 26 مايو 2023 - 06:06 م

لم يكن أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، فقيراً مثل أبى ذر الغفاري، أو أبي هريرة، لكنه كان أفضل منهما، ولم يعذب كثيراً مثل بلال أو ياسر أو سمية، لكنه كان أفضل منهم، ولم يصب بدنه فى الغزوات مثل طلحة، وأبى عبيدة، وخالد بن الوليد، لكنه كان أفضل منهم، لم يقتل شهيداً فى سبيل الله، مثل عمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وسعد بن معاذ، لكنه كان أفضل منهم.

فما هو السر الذى صنع له هذه المكانة العظيمة؟!، يقول بكر بن عبد الله المزني: ما سبقهم أبو بكر بكثرة الصلاة أو الصيام، ولكن بشيء وقر فى قلبه، إنها أعمال القلوب، تلك التى بلغت بأبى بكر رضى الله عنه إلى حيث لا تبلغ الآمال والهمم، وجعلت إيمانه بعد إيمان النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، فالإيمان عمل قلب، وقول لسان، وفعل الجوارح والأركان، ولكل عبادة، حقيقة وصورة، فصورة الصلاة الركوع والسجود وبقية الأركان، أما لبها فهو الخشوع، وصورة الصيام الكف عن المفطرات، من الفجر إلى الغروب، وجوهره التقوى، وصورة الحج السعى والطواف والوقوف بعرفة، ومزدلفة، ورمى الجمرات، وحكمته تعظيم شعائر الله، وصورة الدعاء رفع اليدين واستقبال القبلة، وألفاظ المناجاة والطلب، وزبده الافتقار إلى الله، وصورة الذكر التسبيح والتهليل والتكبير والحمد، وصميمه إجلال الخالق ومحبته وخوفه ورجاؤه.

إن الأعمال لا تتفاضل بصورها، إنما تتفاضل بما فى القلوب، والشأن فى أن إعمال القلوب، قبل إعمال الجوارح، ويقول الله تعالى فغداً إنما (تبلى السرائر)، ويحصل (ما فى الصدور)، وغداً لا ينجو (إلا من أتى الله بقلب سليم) ، ولا يدخل الجنة إلا (من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب)، لذا قال الصحابي عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إن أبا بكر أحبنا إلى رسول الله، وكان خيرنا وسيدنا، ولو وزن إيمان أبى بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم، وقدمه الرسول صلى الله عليه وسلم على سائر البشر، بعد النبيين والمرسلين، بقوله: «ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين، أفضل من أبى بكر».

لقد اجتهدنا فى صور الأعمال وعددها، وقول اللسان وعمل الجوارح، وأهملنا لبها وجوهرها وهو «القلب».. اللهم اجعلنا من أهل القلوب الشاكرة، والنفوس الطاهرة، والوجوه المستبشرة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة