كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كرم جبر يكتب: الإعلام!

كرم جبر

الجمعة، 26 مايو 2023 - 06:58 م

لم يعد الإعلام خاضعاً لرقيب يجلس فى شقة مكيفة فى جاردن سيتي، ويصدر أوامره بالحجب والمنع والشطب.. تلك صورة قديمة من سنوات طويلة وعفا عليها الزمن، ورغم ذلك يحاول البعض تصديرها لواقع الإعلام الآن.

ولم يعد الإعلام ثلاث صحف وقناتين «خمسة وتسعة» وينتهى الإرسال عند منتصف الليل كما كان فى الستينات والسبعينات، فمصر تمتلك ترسانة ضخمة من القنوات والصحف التى تعمل 24 ساعة فى اليوم.

ولم يعد الإعلام حكراً على الإعلاميين، بل حق لكل مواطن، فى بلد مثل مصر فيها 75 مليون حساب فيس بوك غير تويتر وتيك توك وانستجرام ويوتيوب وغيرها، وهذا يعنى ان كل مصرى «تقريباً» يمتلك وسيلة إعلامية يكتب ويبث فيها ما يشاء ويتواصل مع الناس ليل نهار.

الإعلام هو الوظيفة الوحيدة التى لا يشترط من يمارسها أن يحصل على شهادة معينة، فالأطباء والمحامون والمهندسون وغيرهم، يكتبون فى الصحف، ولا يستطيع غير المختص ان يمارس مهنتهم، ويظهرون فى البرامج ولهم صفحات تعمل بحرية كاملة ودون رقابة، وهكذا غيرهم من كل المهن.. ورغم ذلك يحاول البعض أن يختزل الكيان الإعلامى الكبير فى صور قديمة لم تعد قائمة.

الإعلام «التقليدي» موجود بقوة فى آلاف القنوات والصحف والمواقع المرخصة القومية والخاصة، وعادت إليه القوة المؤثرة بعد سنوات من الضعف والانحدار، وأصبح الأشهر والأكثر انتشارا ومشاهدة، وليس عدلاً ولا إنصافاً الانتقاص من دوره دون أسباب موضوعية.
 انظروا للصورة:

أجيال جديدة من شباب الاعلاميين والمذيعين والمذيعات أعادوا الاعتبار للإعلامى المصري، ويملأون الشاشات والصحف والمواقع بحيوية ونشاط، ولم يحدث أن تم ضخ دماء جديدة بهذا الشكل من قبل.

أما عن المستقبل فالقادم مذهل فى ظل الثورة التكنولوجية الخامسة القادمة بسرعة، وقوامها الذكاء الاصطناعى الذى يحدث مزجاً لأول مرة بين الآلة والإنسان ليتكاملا، بخلاف الثورات السابقة التى استبدلت الآلة مكان الإنسان.

وهذا معناه ضرورة الاستعداد تحسبا لاختفاء كثير من وسائط الإعلام بشكلها الحالي، وظهور أشكال أخرى جديدة، صحيح أن الإعلام كمحتوى سيظل باقياً، ولكن وسائله ستختلف تماماً، مثلما كان الراديو ثم التليفزيون ثم الموبايل ثم الإنترنت، وهكذا، وبعد خمس سنوات أو أكثر قليلاً، يقولون : سيصبح الإنترنت «نكتة سخيفة».

لا مجال للرقابة والقيود والمصادرة والمنع والحجب، إلا فى حدود معينة وبضوابط قانونية شديدة التعقيد،ولن يكون الإعلام  حكراً على الإعلاميين، بل كالماء والهواء، ويدخل البيوت من الأبواب والشبابيك وعبر الجدران المصمتة.

مواجهة الثورة التكنولوجية تكون "الوعى.. الوعى.. الوعى" والقانون، ونظرة إلى المستقبل لنحدد بموضوعية وتجرد: أين نحن الآن !.. أين نريد أن نصل؟.. كيف نصل إلى هناك؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة