صورة موضوعية
صورة موضوعية


مخابرات فرنسا صادرت 25 مليون يورو من الصناديق المشبوهة..

بعد الضربة الأمنية لمحفظة الإخوان التمويلية.. خبراء فرنسيون يكشفون: القادم أسوأ| خاص

أخبار الحوادث

الجمعة، 26 مايو 2023 - 10:22 م

■ كتبت: مي السيد

 


- المفكر السياسي الكسندر دال فال:

يجب حظر هذه الجماعة نهائياً في فرنسا

أجهزة المخابرات الفرنسية لديها قائمة طويلة من الأهداف لضربها مالياً

- الباحث الجيوسياسي رونالد لومباردي:

◄ تجفيف المنابع المالية للإخوان لا يزال مستمرًا

◄  ضربة موجعة لتجفيف منابع الإخوان ومصادر قوتهم المالية.. وهناك المزيد

◄ على فرنسا إعادة تقييم علاقاتها الدبلوماسية مع الدول التي تمول الجماعة

«ضربة موجعة لتجفيف منابع الإخوان ومصادر قوتهم المالية.. وهناك المزيد».. بهذه الكلمات وصف خبراء سياسيون، العملية الأمنية التى وجهتها المخابرات الفرنسية الداخلية لمحفظة تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدين في الوقت ذاته أن أجهزة المخابرات الفرنسية مازال لديها قائمة طويلة من الأهداف الإخوانية لضربها ماليًا، مشددين على أنه لابد على الحكومة الفرنسية أن تذهب أبعد من ذلك، وتحظر الجماعة نهائيًا، كما فعلت العديد من الدول على رأسها بالطبع مصر. 

منذ أيام كشفت المخابرات الداخلية الفرنسية عن ضربة قوية وجهتها ضد محفظة تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، حيث حددت ما لا يقل عن 20 صندوق مشبوه مرتبط بالإسلام السياسي، تم تأسيسها في عام 2008 لتوجيه الأموال الخاصة نحو الأنشطة ذات الاهتمام العام، إلا أنه تم استثمار الأموال بشكل غير قانوني.

ومن بين الـ 20 صندوقًا علق الأمن 8 منهم، بينهم 4 وفقًا للتحقيقات توصلت التحريات القضائية إلى ضرورة حلها،  مشيرين إلى أن البعض احتفظوا بمبالغ في خزائنهم، وفي بعض الأحيان تجاوزت علامة المليون يورو، وأن إجمالي الأموال المصادرة بلغ 25 مليون يورو.

فور الكشف عن تلك العملية، تناثرت الأسئلة المهمة حول مدى جودة تلك الضربة؟.. وهل هناك المزيد من التحركات؟.. وإلى أين تذهب تلك الأموال بعد مصادرتها؟.. وما دلالات تحرك المخابرات الداخلية الفرنسية من مرحلة الاعتقال والغلق إلى مصادرة الأموال؟.. وهو ما تحدثت فيه أخبار الحوادث مع كتاب وسياسيين فرنسيين.

فى البداية قال الكسندر دال فال الكاتب والمفكر السياسي الفرنسي الشهير؛ إن حكومة ماكرون هى الأكثر تصميمًا وعلى مدى 40 عاما ضد هذه الجماعة الإرهابية، وبناء على طلب أجهزة المخابرات الفرنسية، قررت الحكومة تسريع هجومها والذى بدأ فى عام 2019، بضرب الإخوان المسلمين بشدة على المستوى المالى، أصبحت فرنسا ثانى دولة فى أوروبا الغربية بعد النمسا، التى تأخذ مثل هذا الإجراء.

اقرأ أيضًا | صحيفة بوليتيكو: أوكرانيا هي «النقطة العمياء» في تفاخر ماكرون بقوته العسكرية

وأضاف؛ أن وعى حكومة ماكرون يعود إلى صدمة اغتيال البروفيسور باتى التى ارتكبها شاب شيشانى طالب اللجوء السياسي، وبعد حملة شيطنة وتحريض أطلقها الإخوان الإرهابية في فرنسا، فهذه الاستفاقة التي تمت ضد هؤلاء الذين ينتمون لتيار الإسلام السياسي، جاء بناء على طلب مباشرة من قبل المديرية العامة للأمن الداخلى (DGSI) التى حددت حوالى عشرين من المصادر المالية المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية.

وتابع متحدثا؛ بأن كل هذا هو استمرار منطقى لحرب ماكرون ضد الانفصالية المجتمعية التى أطلقها منذ عام 2019 والتى يعتبر إخوانها المتطرفين الإسلاميين الأكثر خطورة والأكثر اختراقا.

◄ قائمة طويلة
وعن تواصل تلك العمليات خلال الفترة المقبلة أكد المفكر السياسى الشهير؛ أنه يمكن أن يكون هناك المزيد من العمليات من هذا النوع لأن أجهزة المخابرات الفرنسية لديها قائمة طويلة من الأهداف لضربها ماليا وقد حذرت من هذا الخطر لسنوات ولكن قبل هجوم صموئيل باتى، لم تفهم الحكومات الفرنسية التي تعاقبت تعصب الإخوان المسلمين وصلتهم بالعنف الجهادى.

وشدد دال فال على أنه إذا أرادت الدولة المضى قدما، فيجب على ماكرون يوما ما أن يحظر الإخوان تماما وكذلك على أوروبا كلها أن تنتبه لهذا الخطر، وهيكلة الجمعيات الخيرية التى تمول العديد من مشاريع الإخوان في أوروبا وكذلك منظماتهم التى لا تزال عديدة للغاية.

◄ هجوم قانوني
وحول إمكانية استعادة الإخوان تلك الأموال مرة أخرى، أشار ألكسندر أنه ينتظر معرفة ما إذا كانت العدالة ستثبت المصادرة، لأن الإخوان لديهم العديد من المحامين وقادرون على شن هجوم قانونى واستعادة الأموال المحجوزة فى حالة وجود خلل فى الإجراءات، مؤكدًا أن هذه الأموال يجب أن تكون مخصصة لعائلات ضحايا الإرهاب والجمعيات والمراكز التى تناضل من أجل إسلام معتدل فى فرنسا وضد التعصب الدينى للإخوان، وبالتالى من أجل تعليم المسلمين حتى يفهموا أن الخطر هو الإخوان.

◄ بداية حقيقية
وأكد المفكر الفرنسي؛ أن هذه العملية تعتبر بالفعل بداية هجوم حقيقى ضدهم وهو ثمرة ثلاثين عامًا من العمل من قبل خبراء، لافتًا إلى أنه نبه إلى الخطر من قبل أجهزة المخابرات ، لكن للأسف، حتى ماكرون والرئيس شيراك وساركوزى وهولاند لم يفعلوا شيئًا أبدا.

وأشار قائلا؛ «الآن سيكون من الضروري الذهاب إلى أبعد من ذلك ولن يكتمل شيء حتى يتم حظر الإخوان، لأنهم ما زالوا أحرارا، ومراكز تدريب ومدارس وهم موجودون بشدة فى الإسلام الرسمى لفرنسا.. وهذه هى المشكلة الحقيقية.

◄ توعية المسلمين الفرنسيين
وعن دلالات انتقال الأمن من مرحلة الاعتقال والإغلاق إلى مرحلة مصادرة الأموال أكد؛ أنه إذا أردنا أن نسلك طريق النمسا، الدولة الوحيدة التى ضربت من قبل جماعة الإخوان الإرهابية والمليارات التركية على المحفظة، يجب أن نطرد من فرنسا جميع الممثلين والأئمة المرتبطين بها، لأنهم بالأساس من جنسية أجنبية، ويمنعون من الوعظ والتعليم لمن لا يتم ترحيلهم بسبب الفرنسيين، حتى يوقفوا عملهم فى التعصب وغسيل الأدمغة.

وكشف دال فال؛ أن الهدف الوحيد لهذه الجماعة فى أوروبا هو منع اندماج المسلمين من خلال حملهم على الاعتقاد بأن كل الغربيين بلا أخلاق وبلا دين، لافتًا أنه فى الواقع الأمر عكس ذلك تماما، الأوروبيون متسامحون بغباء لدرجة أنهم رحبوا بأعداء حضارتهم على أرضهم وقوانينهم.

◄ منظمة إجرامية
من جانبه أكد رولاند لومباردى، الباحث الجيوسياسى والمتخصص فى الشرق الأوسط، والمسؤول السابق فى المخابرات الداخلية الفرنسية قائلا؛ أنه منذ خريف عام 2021، فى اليوم التالى للقانون الذى يؤكد احترام مبادئ الجمهورية، المعروف باسم قانون الانفصالية، بدأ وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، بمثابة «توكسين» يوجه المحافظين بالفرز فى كل أموال الوقف، لذلك قررت الحكومة الفرنسية بشكل فعال تسريع حربها ضد جماعة الإخوان وهذه المرة ضربت جماعة الإخوان المسلمين بشدة فى المحفظة الخاصة بها.

ولفت لومباردى إلى أن هذه العملية أمر غير مسبوق، لأنه حتى الآن بدت هذه المنظمة غير قابلة للمس عمليًا فى أوروبا وفرنسا، فى حين أنها أخطر منظمة إرهابية لأنها الأقدم والأكثر ثراءً والأفضل تنظيما، لذا فهى بداية جيدة، لأن ضرب المحفظة المالية لمنظمة إجرامية كانت دائما أفضل طريقة لإيقاف أنشطتها من المال، سواء فى الجريمة المنظمة أو الإرهاب، هو دائما عصب الحرب.. المزيد من المال تعنى.. المزيد من الملاحقات الأمنية.

ولسوء الحظ - طبقا لرئيس تحرير الحوار « le Dialogue « - فإنه لا يزال أعضاء هذه المنظمة السياسية والدينية المتطرفة يقدمون من قبل بعض «الخبراء» الغربيين، بدافع السذاجة أو الأيديولوجية، على أنهم إسلاميون «معتدلون»، لكن المختصين الحقيقيين فى الأمر سيقولون لكم كلمات لن نتوقف عن تكرارها وهى أن جماعة الإخوان المسلمين بالتأكيد أكثر خطورة من منظمات إرهابية لأنهم انتشروا، في كل انحاء العالم خاصة في أوروبا.

◄ التحقيقات لا تزال طويلة
وحول وجود المزيد من التحركات خلال الفترة المقبلة حول أنشطة الجماعة، أكد الباحث لومباردى فى جامعة إيكس مرسيليا قائلا؛ إن التحقيقات لا تزال طويلة ودقيقة وجارية، ويتم إجراؤها داخل قلب آلية تمويل مبهمة بقدر ما هى معقدة.. فهي تجعل من الممكن توثيق الملفات وتغذيتها وتنفيذ «أعمال العرقلة» بتكتم، وقد تم بالفعل تعليق ثمانية صناديق من أصل 20 صندوقًا مستهدفًا، تظهر أربعة منها بالفعل أدلة على استدعاء قضائى مع الرغبة فى حلها.

وتابع: «تم إعطاء خمسة صناديق أخرى إشعارًا رسميًا للاستجابة لأوجه القصور المرتبطة بالتمويل المبهم، هذا هو الحال بشكل خاص في مؤسسة الإخوان، التى أنشئت فى عام 2015 فى سان دوني، أو تعليم التنوع والثقافة، لافتا إلى أنه قامت منظمتان رعاية أخريان أيضا بحل نفسيهما بعد تمحيصها، بما في ذلك صندوق فى أورليان.. ففى المجموع، تم بالفعل تجميد ما يقرب من 25 مليون يورو فى مختلف الصناديق.

وعن موقف الأموال التى تم تجميدها ومصادرها، وإلى أين تذهب، قال: «لست متأكدًا ولكن يبدو لى أنه نفس الإجراء المتبع فى تفكيك شبكات تهريب المخدرات وغسيل الأموال والاحتيال والتحقيق فيها، يجب إعادة تخصيص مبالغ المصادرة لمختلف أجهزة الدولة المعنية مثل الشرطة والدرك ووزارة العدل والجمارك وهنا فى هذه الحالة أيضا الأجهزة المسئولة عن مكافحة التطرف».

كما أكد رولاند لومباردى،  أن الوقت مازال مبكرا لقياس العواقب الملموسة للجمعيات، فالعقبات حديثة العهد وهذه الهياكل تستفيد من مصادر أخرى لتمويلها الحالى. ومع ذلك ، وفقا لمصادرى الشخصية، فإن تأثير هذه الإجراءات الأولى قد تم بالفعل اختباره من قبل بعض قادة الجمعيات أو المديرين التنفيذيين لجماعة الإخوان الإرهابية الذين يشكون بالفعل من ذلك، بشكل خاص أو علنى.

◄ الحد من نفوذهم
وردًا على سؤال حول مدى تأثر الإخوان المسلمين بتلك العملية أجاب لومباردى، الذى كان مسئولا كبيرا فى مكافحة الإرهاب والتجسس والأمن السيبرانى، قائلا: « كما نعلم ، فإن تهديد الإرهاب أو العنف الناجم عن النزعة الانفصالية الإسلامية سوف يستمر ما دامت المصفوفة الأيديولوجية التى تغذيها موجودة، لذلك سيكون من المناسب الحد بسرعة من نفوذ «الإخوان» من خلال التجريم، وحظر تنظيم الإخوان المسلمين بشكل صريح وبسيط (بجميع أشكاله ومع جميع الجمعيات التابعة له)، كما فعلت العديد من الدول العربية.

متابعا؛ «ذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين تعتبر منظمة إرهابية من قبل العديد من الدول فى المنطقة العربية الإسلامية - مصر والإمارات والسعودية وسوريا والبحرين ومؤخرا جزر القمر. فى الواقع، هم يعرفون من يتعاملون معه ولا يمكن أن يشتبه بارتكابهم «الإسلاموفوبيا».. وبغض النظر عن العالم العربى، بدأت دول أخرى تدرك الخطورة العالمية المترامية الأطراف لهذه المنظمة، مثل باراغواى قبل بضعة أشهر ولكن قبله أيضا، حظرت روسيا (الوهابية / السلفية والإخوان المسلمون هناك منذ التسعينيات).

◄ النمسا دولة شجاعة
وأشار رئيس تحرير  le Dialogue أن دولة النمسا هي الوحيدة في أوروبا، الشجاعة لتقرر، بعد هجمات فيينا فى عام 2020، إدراج هذه الجماعة «الأخوان  المسلمين» السياسية والدينية فى قائمة المنظمات الإرهابية، أما فى أماكن أخرى مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا على سبيل المثال، فإن الإخوان وجمعياتهم راسخة ويعيشون فى سعادة مثل الأسماك فى الماء.

ووفقًا للاستخبارات الإقليمية، يوجد لدى جماعة الإخوان 50000 إلى 55000 مؤيد مع 130 إلى 150 مكانا للعبادة و 18 مبنى تعليميًا تابعًا بشكل مباشر وحوالى 280 حركة ورابطة محلية.

ناهيك عن شبكة تعليمية تنتقل من الكليات والمدارس الثانوية إلى التعليم العالي، مع المعاهد الأوروبية للعلوم الإنسانية، عبر اتحاد وطنى للتعليم الإسلامى الخاص، تم إنشاؤه فى عام 2014.

ويأمل لومباردى فى معرض حديثه أن يكون سياسيو فرنسا، قد فهموا أخيرا وأن هذه التحقيقات وهذه المصادرة للأموال ليست سوى البداية، مطالبا بتجريم هذه المنظمة، لأن ذلك يمنعها من العمل على أراضينا وبالتالى يجعلها غير صالحة للعمل، وذلك بتهميشها وحرمانها من أتباع محتملين جدد وكذلك مساهمات جديدة.

◄ مازالوا أغنياء
وكشف لومباردى عن السبب الرئيسي وراء العملية، مؤكدًا أن جماعة الإخوان رغم ذلك ما زالت غنية جدا، بفضل المساهمات والتبرعات التى قدمها مئات الآلاف أو حتى الملايين من الأعضاء والمتعاطفين فى جميع أنحاء العالم وأيضا بفضل الدعم السياسى والمالى لبعض البلدان، فبدون المال، لم يعد بإمكان الإخوان المسلمين الاستمرار فى هذه الحرب الأيديولوجية التى يشنوها لا ضد الغرب وحده، ولكن أيضا ضد العالم الإسلامى. لذلك يجب ضرب المحفظة الحقيقية، واقصد هنا بنك التقوى والحسابات المصرفية المجهزة جيدا لقادة الإخوان فى الملاذات الضريبية.

واختتم رولاند لومباردى المسئول الأمنى والباحث الأكاديمى فى الشرق الأوسط حديثه قائلا؛ «بصفتى مسؤول كبير سابق فى المديرية العامة للأمن الداخلى، أطالب بمواصلة الضغط على دول أجنبية معينة، وإعادة فحص علاقاتنا الدبلوماسية معهم كونهم يستغلون الانفصالية الإسلامية، أو حتى الانفصالية المجتمعية، لأغراض سياسية محلية، واتخاذ كل الإجراءات لإقناعهم بأن هذا الإستغلال سيضرهم أكثر مما ينفعهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة