محكمة النقض
محكمة النقض


هلاوس ما قبل الجريمة.. مصدر قضائي: وضع المتهم تحت الملاحظة من سلطة النيابة والمحكمة

أخبار الحوادث

الجمعة، 26 مايو 2023 - 10:57 م

■ كتبت: منى ربيع

منذ أيام أصدرت محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار السعودي يوسف الشربيني رئيس المحكمة، وعضوية وسام ماهر السيد احمد، عبدالله عبدالله مطاوع، السيد عبده منصور، قرارها بإحالة متهم أنهى حياة جاره داخل مسجد أثناء أداء صلاة الجمعة في قرية ميت السودان مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، إلى مستشفى العباسية للكشف على سلامه قواه العقلية، وتحديد جلسة سبتمبر القادم لاستكمال المحاكمة.

ومن هنا كان السؤال لماذا قررت المحكمة وضع المتهم تحت الملاحظة؟ ومتى يكون للمحكمة الحق في ذلك؟ ومتى تقرر عدم مسئولية المتهم عن ارتكاب جريمته؟، هذا ما سوف نجيب عنه في السطور التالية.


القضية تعود احداثها إلى شهر سبتمبر من العام الماضي عندما أبلغ الأهالي عن قيام شخص بالهجوم على آخر داخل المسجد أثناء أداء صلاة الجمعة وطعنه عدة طعنات بسلاح أبيض على مرأى ومسمع من الجميع. 

على الفور انتقلت قوة أمنية من مباحث مركز شرطة دكرنس لمكان البلاغ محل الواقعة، وتبين مصرع الشربيني عوض المتولي، بطعنات متفرقة على يد صابر. ف. ع. ع. 35 عاما، يقيمان بقرية ميت السودان دائرة المركز، وتمكنت قوات الأمن من إلقاء القبض على الجاني وإحالته للنيابة العامة. 

انتهت النيابة في تحقيقاتها إلى أن المتهم صابر. ف. ع. ع. فلاح، 35 عاماً، قتل المجني عليه الشربيني عوض المتولي، عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على إزهاق روحه، وأعد لذلك سلاحًا أبيض سكين وتوجه اليه، حيث مكان تواجده داخل إحدى دور العبادة، واستل السلاح الأبيض حوزته من بين ملابسه مباغتًا إياه بعدد من الطعنات استقرت في رقبته، تاركًا إياه مضرجًا في دمائه، محدثًا ما قد حل به من إصابات والموضحة في تقرير الصفة التشريحية، وأحرز بغير ترخيص سلاحًا ابيض «سكينتين» المستخدمين فى تنفيذ الجريمة وقررت النيابة إحالة المتهم إلى محكمة جنايات المنصورة، واثناء المحاكمة طلب محامي الجاني أثناء دفاعه أمام هيئة المحكمة بتوقيع الكشف الطبي على المتهم وبيان مدى سلامة قواه العقلية والنفسية، بعد أن قدم تقريرًا لأخصائي نفسي يفيد فيه؛ أن المتهم يعاني من مرض وراثي عبارة عن اضطرابات ونوبات نفسية وعصبية.

اقرأ أيضًا | الأمن العام يضبط عاطل يتاجر فى المواد المخدرة بالدقهلية

◄ سلطة القاضي
ومن تلك القضية كان السؤال متى تقرر المحكمة وضع المتهم تحت الملاحظة ؟ هل يكون ذلك بناء على طلب الدفاع؟ ام بناء على رؤية المحكمة؟
لتكون الاجابة أن قرار المحكمة يكون بناء على رؤيتها وقناعتها ثم بناء على طلب الدفاع إذا رأى ذلك لكن المحكمة هي صاحبة الكلمة الأولى مثلما قالت محكمة النقض في حيثيات حكمها بإعدام محمد عادل قاتل الطالبة نيرة أشرف عندما طعن دفاعه على حكم محكمة الجنايات وعدم استجابتها بعرضه على الطب النفسي لمدى سلامة قواه العقلية؛ هنا ردت محكمة النقض قائلة في حيثيات حكمها: إن المحكمة شددت على أن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص بها محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين لسلامة الحكم إذ ما أثار المتهم هذا الدفاع؛ أن تجري تحقيقًا من شأنه بلوغ غاية الأمر فيه فإذا لم تعين خبيرًا للفصل في هذا الدفاع إثباتًا أو نفيًا تعين عليها أن تتناول هذا الدفاع وترد عليه من واقع التحقيقات التي تمت في الدعوى وموقف المتهم منها لا سيما عند استجوابه أو مناقشة الأدلة في مواجهته ومن الظروف السابقة على الواقعة وترتيبه لارتكابها وتدبيره لاقترافها وكيفية ارتكابها وتوقيت ارتكابها والأداة المستخدمة وطريقة استخدامها وصولاً إلى النتيجة التي ابتغاها من النشاط الإجرامي الذي اقترفه. 

وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية ومن أوراق الدعوى تمتع الطاعن بالوعي والتمييز والقدرة على حسن الإدراك وسلامة التدبير العقلي وقت ارتكاب الجريمة وذلك من واقع مسلك الطاعن وأفعاله وأقواله سواء ما كان سابقا على الطعن والذبح أو أثناء ارتكاب واقعة الطعن والذبح أو من بعد مقارفته للجريمة – من أقواله بالتحقيقات واعترافه بالجريمة وسلوكه أثناء المعاينة التصويرية واعترافه بقتل المجني عليها أثناء عرض ما تم تصويره من وقائع الطعن والذبح عن طريق الكاميرات الخاصة بالجامعة – ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم ردًا على هذا الدفاع من أن الطاعن كان محافظاً على شعوره وإدراكه ومستقرًا نفسيًا ولا يعاني من أي اضطراب نفسي وقت الحادث يكون كافيًا وسائغًا ومنعاه ولا محل له. 

هذا فضلاً عن أن المرض العقلي والاضطراب النفسي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية وعلى ما جرى به نص المادة ٦٢ من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي يعدم الشعور والإدراك، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية، فإن ما انتهى إليه الحكم من سلامة حالته العقلية والنفسية وصحة إدراكه بدرجة تتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحاً في القانون، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير في الدعوى تحديدا لمدى تأثير المرض النفسي على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها وقائع الدعوى.

◄ قرار النيابة
ويؤكد مصدر قضائي؛ أن المتهم بعد ارتكابه للجريمة يتم عرضه على النيابة العامة وإذا رأت إخضاعه للفحص النفسي أو اذا طلب دفاعه ذلك فهي في البداية تقرر حبسه ومن ثم إحالته للمستشفى الصحة النفسية لبيان مدى سلامة قواه العقلية ويظل تحت الملاحظة وهو على ذمة القضية حتى تكتب اللجنة الطبية تقريرها ولم يحدد القانون مدة محددة لذلك حتى يتسنى للجنة الطبية كتابة تقريرها وهذا الامر ايضا قد يحدث امام المحكمة ولها الحق في إحالته إذا طلب المتهم أو دفاعه، وإذا ثبت مرضه اثناء ارتكاب الجريمة يكون قرار النيابة أو المحكمة بألا وجه لإقامة الدعوى لانعدام مسئوليته الجنائية. 

واذا تم إيداعه يظل تحت الملاحظة والعلاج في القسم الجنائي حتى شفائه بعدها تقوم اللجنة الطبية بكتابة تقريرها وعرضه على النيابة العامة وإذا تأكد للنيابة شفاءه تصدر قرار بأنه لامانع من خروجه.

وهناك أشخاص يتم إيداعها مستشفى الصحة النفسية من قبل النيابة العامة إذا رأت أنه يخشى من خطورته على حياة المواطنين أو الممتلكات دون أن يرتكبوا جريمة وذلك إذا تم ضبطهم من قبل الشرطة أو تم الابلاغ عنهم وهؤلاء يخضعون ايضا لنفس الإجراءات حيث يتم وضعهم تحت الملاحظة حتى كتابة اللجنة الطبية تقريرها.

فيما اكد شعبان سعيد المحامى بالنقض؛ أن قانون الإجراءات الجنائية نظم ذلك حيث أكدت المادة 338 منه على أنه إذا احتاج التحقيق مع المتهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة فحص حالة المتهم من حيث الاضطراب النفسي والعقلي ومدى تأثيرها عليه يتم إيداع المتهم بناء على أمر من محكمة الأمور المستأنفة في إحدى منشآت الصحة النفسية الحكومية لمدة لا تزيد عن 45 يوما ويقوم تكليف المجلس الإقليمي للصحة النفسية بندب 3 من الأطباء النفسيين لفحص حالة المتهم وإعداد تقرير عن حالته النفسية والعصبية وقت ارتكاب الجريمة وخطة علاجه لو ثبتت إصابته بالمرض النفسي أو العقلي ويجوز للمحكمة تجديد مدة إيداع المتهم بالمنشاة الصحية لمدد بحيث لا تزيد مدة الإيداع عن ثلاثة أشهر.

ويجوز إذا لم يكن المتهم محبوسًا احتياطيًا أن يؤمر بوضعه تحت الملاحظة في أي مكان آخر.

وفي حال إذا ما ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب اضطراب عقلي طرأ بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده.

ونصت المادة 339 على أنه يجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتهما الحبس إصدار الأمر بحجز المتهم في إحدى المستشفيات المعدّة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله.

وفي الحالة المنصوص عليها في المادتين 338 و339 تخصم المدة التي يقضيها المتهم تحت الملاحظة أو في الحجز من مدة العقوبة التي يحكم بها عليه.
أما إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو حكم ببراءة المتهم وكان ذلك بسبب اضطراب عقلي، فإنه وفقا للمادة 342، تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس بحجز المتهم في إحدى المستشفيات المعدة للأمراض النفسية إلى أن تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه، وذلك بعد الاطلاع على تقرير مدير المستشفى وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه لازمًا للتثبت من أن المتهم قد عاد إلى رشده.

◄ متابعة
فيما أكدت دكتورة إيمان عبد الله استشارى الطب النفسي قائلة؛ للاسف في مصر لا يوجد وعي بالمرض النفسي وانه من خلال عملها قد تحدث انتكاسة للمرضى أو يصابون بالمرض مرة أخرى وذلك لعدم التزامهم بالتعليمات الطبية والمتابعة وعدم تناول الادوية بشكل منتظم، وأن المرض النفسي مثله مثل أي مرض يحتاج لمتابعة مستمرة حتى لا يعاود مهاجمة العقل مرة أخرى،هناك لجنة طبية بمستشفى الامراض النفسية والعصبية تلاحظ المتهم ليلا ونهارا وتكتب تقريرها بحالته وتقديمه للمحكمة وفي بعض الاحيان يتم مناقشة الطبيب النفسي.

واضافت؛ انه من المستحيل ادعاء المرض النفسي للهروب من الجريمة، وفي الوقت ذاته لا يُسمح بخروج مريض لم يتم شفاؤه، فهنا يجب عرض تقرير بحالته على النيابة العامة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة