أهمية سقارة كتراث عالمي
أهمية سقارة كتراث عالمي


خبير آثار يكشف أهمية سقارة كتراث عالمي وأسرار التحنيط في مصر القديمة 

محمد طاهر

السبت، 27 مايو 2023 - 10:31 م

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار أن ممفيس ومقبرتها حظيت بتقدير عالمى كتراث عالمى استثنائى مدرج باليونسكو عام 1979 لثلاثة معايير، الأول والثالث والسادس باعتبارها شاهدًا فريدًا على معتقدات خاصة بالعمارة الجنائزية فى عهد مصر القديمة واستثنائيًا على حضارة المصريين القدماء ككل،

كما اقترنت المنطقة بأحداث كثيرة على مدار تتويج الملوك بممفيس واحتلت أهمية استثنائية لأول حضارة عرفت على وجه الأرض لأن ممفيس عاصمة مصر من 2700 إلى 2150 قبل الميلاد، ولعبت دورًا بارزًا فى تاريخها حتى العصر الرومانى حتى أن تتويج الإسكندر تم فى ممفيس كما تعد فى حالة حفظ جيدة وهناك صيانة وقائية دورية، كما تمثل قيمة استثنائية لما توفره من موارد ناتج الدخل السياحى.

وأشار الدكتور ريحان إلى عملية التحنيط في مصر القديمة من خلال دراسة أثرية للباحث الآثاري خالد ناصر عبد الهادي تكشف عن ما توصل إليه العلماء عن آثار التحنيط. بعنوان "التحنيط في مصر القديمة"

وقد تمكن الباحثون من التعرف على أسرار التحنيط عن طريق كتابات المؤرخين الذين زاروا مصر والمعلومات التي قدمها العلم الحديث من خلال الاطلاع على المومياوات وتحليلها وما عثر عليه في القبور من أدوات وعقاقير تستخدم في التحنيط.

 

في الدولة القديمة كان يتم التحنيط بتفريغ البطن ثم ملأه بالتوابل والراتينج ثم يلف الجسد بالكتان وفي الدولة الوسطى استخدمت الصموغ ذات الرائحة والتوابل والراتينج وبإزالة المخ والأعضاء الداخلية ثم ينقع في مادة النطرون لمدة 70 يومًا .

 

وينوه الدكتور ريحان إلى أن التوابيت والنعوش كانت أحد الطرق للحفاظ على الجثة من خلال وضعها داخل وعاء من خشب أو قش مجدول وهو يسمى بالتابوت، ويقوم المحنطون بغسل المتوفي وتنظيفه من الأوساخ بوضعه في حوض الغسل، وتعتمد في هذه المرحلة على مناظر مقبرة (جحوتي حتب) بالبرشا (القرن 20 ق.م) يليها نزع المخ والأحشاء بامتصاص الماء في جسم المتوفي ونزع الأحشاء على حده ليجففها، وقد نزع المخ ثم أعضاء البطن والصدر, وكانت بمثابة أولي خطوات التحنيط التي كان يتبعها المصري القديم قبل الغسل والتطهير.

 

وكانت طريقة نزع المخ تتم من خلال العظمة المصفوية أو من فتحة خلف العنق حيث يستخدم المحنط آلة نحاسية طويلة ويحسرها داخل جمجمة المتوفي ويحرك الطرف الآخر الموجود خارج الجسد ويقوم بقطعه قطع صغيرة ليخرجها من فتحتي الأنف والفم وعند الانتهاء من تفريغ الجمجمة من النسيج يقوم بوضع سائل مستخرج من أشجار الصنوبر من خلال ادخاله عن طريق الأنف.

 

ويتابع الدكتور ريحان طبقًا للدراسة بأن استخراج الأحشاء كانت تتم بإخراج القلب والرئتين والمعدة والأمعاء والكبد والكليتين عن طريق شق فتحة في الجانب الأيسر من البطن، ويضع هذه الأعضاء في ملح النطرون ويدهنها بزيت الأرز ويلفها بالكتان ويضعها في الآنية الكانوبية، ثم يقوم بإرجاع القلب والكليتين في جسد المتوفي لأن القلب له دور في العالم الآخر كوضع النبات.

 

ثم تأتى مرحلة وضع مواد الحشو وكانت تقوم هذه المرحلة بالدور الذي قصد اليه المحنط في حال اكتمال 70 يومًا وكانت مواد الحشو المؤقتة عبارة عن المواد توضع في جسد الميت ولا تنزع منه لأنها تقتل البكتيريا ولكن تنزع من الجسد بعد عملية التجفيف.

 

وهي ثلاثة أنواع من لفافات الكتان وهي لفافات بها ملح النطرون لتمتص المياه، ولفافات كتان تمتص السوائل المتبقية ( لفافات كتان تضم مواد عطرية ) وايضا مواد الحشو الدائمة وهي مواد حشو تبقى للأبد ومنها ملح النطرون، نشارة الخشب، المر والقرفة، لفافات كتانية 

ويوجد مواد حشو تحت الجلد وهي توضع تحت جلد الميت تعطي الجسد ملامحه عندما كان حيًا لتستطيع الروح التعرف عليه، توضع في الطبقة الوسطى من البشرة هي الآدمة ومن هذه المواد: الطين ،الكتان، الرمال، نشارة الخشب، زبدة وصودا هذه المواد توضع من خلال فتحات في الذراعين والساقيين والظهر.

 

وأردف الدكتور ريحان أن مرحلة التجفيف حيث يلقي المحنط كميات كبيرة من ملح النطرون على جسد الميت لمد 40 يومًا لتخليص الجسم من وزن الجسد وهو الماء، وتخليصه أيضا من الأطعمة التي تناولها المتوفي وملح النطرون يتكون من كربونات وبيكربونات وكلوريد وسلفات الصوديوم لذلك كان يلعب دور مهم في عملية التجفيف، وفي هذه المرحلة كان المتوفي يوضع على سرير حجري مائل وفي أعلى سطح السرير توجد قناة تتجمع فيها المياه من الجسد ثم تتجمع في حوض أسفل السرير، بعد انتهاء مدة التجفيف يقوم المحنط بإزالة ملح النطرون واستخراج مواد الحشو المؤقتة.

 

ثم تاتى مرحلة صب الزيوت والدهون و تعالج هذه الخطوة التغيرات الجسدية بعد التجفيف مثل لون الجسد واحتراق أنسجة الجلد وانكماش الدهون أسفل الجلد، ويقوم المحنط بصب سائل أبيض مغلي وهو الراتنج على جسد الميت، والمواد المستخدمة في هذه الخطوة الراتنج ،زيت الأرز، دهان مرحت ،شمع النحل، زيت التربيتين، ولقد استغرق المحنط عشرة أيام للقيام بدهن الميت ولفه بالكتان والملابس، وبعد انتهاء المحنط من صب الزيوت يقوم بغلق فتحات الجسد مثل العيان ،الاذنين ،فتحتا الأنف والفم بالضغط على العينين لتسقط ويضع فوقها قشرة بصل لمنع البكتريا ويسد فتحتي الأذن والأنف بأقراص الراتنج ، ويعالج الفم بملئه بالكتان ثم يلصق الشفتين بشمع النحل، أما فتحة التحنيط تخوف المحنط من دخول الأرواح الشريرة فكان يلصق على الفتحة تميمة العين الحامية (عين حورس) أما شفتا الفتحة قام بتخييطها بأوتار الكتان وإلصاقهما بشمع النحل.

 

ثم نأتى لآخر مراحل التحنيط وهى التكفين بعد وضع صبغ الوجه ووضع الباروكات والصنادل والحلي يقوم الكاهن (سشمو) بعد ذلك بلف الجسد أسبوعين بالكفن ويصاحب كل لفة قراءته تعويذة وتهدف هذه المرحلة إلى توفير حماية إضافية للجسد لمنع التحلل ، يلون الكفن باللون الأحمر وتنتهي خطوات التحنيط بوضع القناع على وجه المتوفي ومن ثم يقوم المشرف على قراءة التعاويذ من كتاب الموتى ودفن الجسد المحنط.

وكانت تتم عملية التحنيط في معبد خاص وهو معبد التحنيط الذي يوجد فيه الأدوات اللازمة للتحنيط والآلات الحادة وأنواع الزخارف وغيرها، ويقسم هذا المعبد إلى ثلاثة أقسام وهي القسم الأول مكان يسمح للأقارب المتوفي بالدخول فيه للاتفاق مع رئيس المحنطين، القسم الثاني مكان خاص بالمحنطين فقط ، القسم الثالث مكان لتسليم الجثة المحنطة إلى ذويها.

اقرأ أيضا: «الرُمان في مصر القديمة بين التصوير والدلالة الدينية» في محاضرة بمكتبة الإسكندرية

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة