أم الطفل ..الطفل وشقيقته الضحية
أم الطفل ..الطفل وشقيقته الضحية


قتل واحدة وعذب التاني

أب يقيد طفليه بسلاسل حديد ويعذبهما بالنار والكرابيج والسكاكين

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 01 يونيو 2023 - 04:48 م

الشرقية: إسلام عبدالخالق

..كانت أجسادهما ترتعد بهستريا.. ودموعهما لا تتوقف..
كانا الصغيران يعلمان جيدًا ما تحمله اللحظات والدقائق وربما الساعات المقبلة، الأب وزوجته يغلقان عليهما الغرفة، ويطلبان منهما خلع ملابسهما كاملة، الأب يمسك بالكرباج والعصا، بينما تجلس زوجته على الأرض امام «وابور الجاز»، وتضع السكين على النار حتى يحمر تمامًا.
لحظات قليلة وتبدأ رحلة التعذيب..


الأب يربط طفليه بالسلاسل الحديدية، ثم يوجه لهما ضربات الكرباج بكل قوته لتشق الجلد، وتمزع لحم الصغيرين، ثم يستكمل رحلته بتوجيه ضربات قاتلة بالعصا، وعندما تتعب يديه، يمسك بالسكين الذى تحول لونه الى الأحمر بفعل النار، ليكوى لهما جسدهما دون شفقة او رحمة.
وفى المرة الأخيرة، ماتت الصغيرة، بينما تم نقل شقيقها الأصغر إلى المستشفى..


ما الذى يدفع أب ان يعذب فلذة اكباده بهذه البشاعة حتى الموت؟، ومن اين جاء بهذا القلب الذى يضاهى الحجر فى قسوته؟، هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذا التقرير.
بابا.. كلمة بسيطة توازي وحدها مشاعر الأمان في الدنيا كلها، ينطقها صاحبها وهو يعرف أن والده حتمًا لن يخذله، أو كما قيل ويُقال دومًا حين يموت الواد ينكسر غطاء وسند وظهر الابن، لما لوجود الأب وقيمته من أهمية، وكذلك رابط الدم والعصب الذي لا تصف متانته أعتى الكلمات وأدقها معنى.

لكن ما جرى وشهدته قرية الشرابية التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة مشتول السوق في محافظة الشرقية أمر غريب على النفس البشرية بأسرها؛ فمن يُصدق أن الأب من الممكن أن يفتك بابنته وفلذة كبده ويُعذبها ببشاعة ووحشية غير آدمية بالمرة لا لشيء إلا لأنها قد جاءت الدنيا تُعاني من فرط في الحركة تُمثل إعاقة لم تخترها أو يكون لها يد فيما وُلدت به، حتى انتهى بها المطاف قتيلةً على يد والدها بعدما تفنن وزوجته في تعذيبها وشقيقها الأصغر المعاق هو الآخر، وكأن ذنب الطفلين أنهما كانا بمثابة الابتلاء الذي لم يصبر والدهما عليه أو على تحمله أو يطيقهما وإعاقتهما.
عشرة اعوام

والآن نعود الى حيث البداية.. حيث شهدت قرية الشرابية التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة مشتول السوق في محافظة الشرقية جريمة مروعة؛ بعدما أقدم أب وزوجته على تعذيب طفلته المعاقة حتى الموت، وطال التعذيب والتعدي كذلك الشقيق الأصغر للطفلة، المعاق أيضًا، إذ أخذ الزوجان في تعذيب الطفلين بعيدًا عن أعين والدتهما حتى فارقت الطفلة الحياة فيما كُسر أنف الطفل وتعرض لواحد من أبشع أنواع التعذيب داخل منزل والده.

قبل نحو عشرة أعوام ارتبط الأب المتهم بزوجته الأولى وأم طفليه، في زيجة لم يمر منها العام الأول حتى رزقهما الله بطفلتهما الأولى «سدن» التي جاءت إلى الدنيا تُعاني من إعاقة لا يد ولا حيلة لها فيها، حيث كانت الصغيرة تُعاني من فرط حركة، وكبرت مع الأيام وما أن أتمت عامها الثالث حتى حضر إلى الدنيا شقيقها الأصغر الذي أنجبته والدتها معاقًا هو الآخر إعاقة بارزة في ذراعه الأيسر، وسط ثناء من الأم على ما ابتلاها الله به، إلا أن الأب لم يكن لديه أية ذرة من ذاك الرضا وبدلًا من أن يحمد الله ويحتسب ويصبر ترك زوجته وراح يبحث عن أخرى للزواج منها.
زواج جديد

تقول الأم المكلومة: «ربنا رزقنا بطفلين وكنت حامدة وشاكرة فضل ربنا وراضية وعايشة، بس جوزي مكانش راضي وفضل يعايريني ويقول إني بخلف عيال عيانة، وبعدها سابني وراح اتجوز غيري، لكن العيال فضلت بيننا عنده شوية وعندي شوية».

وتابعت الأم حديثها لـ«أخبار الحوادث»: «عمره ما كان حنين على عياله، والله الناس الغريبة ممكن يبقى قلبها حنين على العيال وهو لأ، لغاية ما حصل اللي حصل ولقيت حد من هناك بيكلمني ويقول لي إلحقي عيالك».

وأردفت: «يرضي مين اللي حصل في عيالي دا، بنتي اتبهدلت واتحرقت قبل ما تموت على إيده هو ومراته، وابني كمان قصوا شعره وكانوا بيكووه بالنار.. حسبي الله ونعم الوكيل في الظالم».
الأم المكلومة أكدت على أنها كانت على استعداد لأن تعيش رفقة زوجها في أقصى الظروف ولم تكن لتنفصل عنه يومًا: «لما ربنا كرمنا بـ هاشم ولقى عنده إعاقة سابني وأنا مكنتش عايزة الطلاق لكنه قال عليا بخلف عيال عيانة»، وأضافت في انهيار: «محدش له في نفسه حاجة والعيال رزق من عند الله وهو بدل ما يحمد ربنا على الرزق ده قتل واحدة وعذب التاني.. منه لله هو ومراته».
حياة قاسية

وتابعت والدة الطفلة المقتولة على يد والدها خلال حديثها لـ «أخبار الحوادث»، أنها كانت قد تركت منزل الزوجية منذ نحو 7 سنوات، ومنذ ذلك الحين وهي تقيم في منزل أسرتها، مشيرةً إلى أنها رفضت أن تطلب الطلاق من زوجها أو حتى اللجوء إلى القانون برفع دعوى طلاق ضده: «مرضيتش أعمل حاجة وكنت عاوزة أشيل مسؤولية عيالي وأربيهم بالحلاله بس منه لله أبوهم، عمري ما كنت أتخيل إني هشوف ولادي في الحالة اللي شوفتهم ووصلوا لها وعمل فيهم كل دا».

وأضافت: «أبوهم عمره ما كان بيبعت لهم مصاريف ولا حتى بيصرف عليهم، كنت خايفة عليهم منه ومن مراته علشان متبهدلهمش، لغاية ما حصل اللي حصل».
يوم الجريمة

وعن يوم الواقعة، قالت الأم المكلومة: «جالي تليفون من زوجة شقيق زوجي قالت لي بنتك ماتت ونقلوها المستشفى، جريت لقيت بنتي في المستشفى وابني زوجة أبوه حابساه ومعذباه وحرقت جسمه هو وبنتي اللي ماتت وكان جوزي ومراته كتفوا ولادي وضربوهم بالخرطوم وبالعصاية، واللي عرفته من ابني إنهم كانوا بيسخنوا السكينة على النار وبيحرقوه هو وأخته بيها.. يرضي مين اللي اتعمل في عيالي ده، دول أطفال تعبانين وعندهم إعاقة.. مش طالبة غير حق عيالي والقصاص من أبوهم ومراته منهم لله».
بلاغ للأمن

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بشأن ما تبلغ لمركز شرطة مشتول السوق بورود إشارة من مستشفى مشتول السوق المركزي بوصول الطفلة «سدن إ هـ»، تبلغ من العمر 9 سنوات، جثة هامدة، وشقيقها «هاشم إ هـ»، يبلغ من العمر 6 سنوات، مصابًا بآثار لحروق في أنحاء متفرقة بالجسد.

على الفور، انتقل رجال مباحث مركز شرطة مشتول السوق بقيادة وإشراف المقدم محمود مرتاح رئيس المباحث، إلى مسكن أسرة الطفلين بناحية عزبة سعد التابعة لكفر الشرابية في نطاق ودائرة مركز شرطة مشتول السوق، وتبين من التحريات الأولية أن الطفلة وشقيقها يعانيان من إعاقة، وأن والد الطفلة منفصل عن والدتهما ومتزوج من أخرى، فيما تبين وجود آثار عدة حروق في جسد الطفلة وأن الطفلين قد تعرضا لتعذيب داخل منزل والدهما وزوجته.

كما تبين مقتل الطفلة وحدوث إصابة شقيقها على يد والدهما وزوجته، وذلك داخل منزل الأب وزوجته، حيث أن والدهما منفصل عن والدتهما منذ سنوات، فيما تبين وجود آثار تعذيب في جثة الصغير وجسد شقيقها، وجرى ضبط الأب وزوجته المتهمين وبالعرض على وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وبالعرض على النيابة العامة في مركز شرطة مشتول السوق قررت انتداب أحد الأطباء الشرعيين لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، والاستعلام عن حالة الطفل المصاب، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة، وأمرت بحبس الأب المتهم وزوجته على ذمة التحقيقات.
وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقررت حبسهما على ذمة التحقيقات، قبل صدور قرار قاضي المعارضات بـ تجديد الحبس في الموعد القانوني لمدة خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة