■ السفارة الأمريكية تحت الإنشاء فى لبنان
■ السفارة الأمريكية تحت الإنشاء فى لبنان


محلل صيني: واشنطن تهتم بموقع لبنان الجغرافي

السفارة العسكرية الأمريكية في بيروت!

آخر ساعة

الإثنين، 05 يونيو 2023 - 10:06 م

■ كتبت: دينا توفيق

فوق تلال منطقة عوكر الواقعة على بعد 13 كم شمال بيروت، تتمركز الرافعات لأعمال الإنشاء بالسفارة الأمريكية الجديدة، التى تغطى أكثر من 43 فدانا، بتكلفة تبلغ مليار دولار، ما أثار الدهشة لأنها تأتى فى الوقت الذى يواجه فيه لبنان انهيارًا اقتصاديًا.

مثلما أثارت الصور التى نشرتها السفارة فى بيروت عبر حسابها على تويتر، حيث نشرت صورًا تظهر تسارع عملية بناء السفارة مع التعليق «الأمور تتقدم فى مجمعاتنا الجديدة»، تساؤلات ومؤامرات وبعض السخرية نتيجة لحجمه الهائل.

أعلنت الولايات المتحدة عن خطط لبناء السفارة الجديدة عام 2015 والمجمع قيد الإنشاء منذ ذلك الحين. تساءل الكثيرون عن سبب احتياج الولايات المتحدة إلى بناء ما سيكون ثانى أكبر موقع دبلوماسى فى العالم، بعد السفارة الأمريكية فى بغداد، بالنظر إلى أن الدولة الواقعة على البحر المتوسط التى تضم ما يقرب من ستة ملايين نسمة تواجه حاليًا أزمة مالية. وبحسب ما ذكره موقع مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، يشير ضخامة حجم السفارة فى بلاد الأرز إلى أن الولايات المتحدة ليس لديها خطة للتخلى عن دورها فى الشرق الأوسط فقط، بل يسلط الضوء أيضًا على الصعوبات التى تواجهها القوة العظمى.

وستُحاط السفارة الجديدة فى بيروت بجدران خرسانية شاهقة وأسوار من الأسلاك الشائكة. «هل هذه سفارة أم قاعدة عسكرية؟«تساءل مستخدمو تويتر عندما تمت مشاركة صور المشروع. من الواضح أن الأمن هو العامل المهيمن، كما هو الحال الآن فى جميع أنحاء العالم.

■ التصميم النهائي للسفارة الأمريكية فى لبنان

حتى فى لندن، التى تعتبر أقل خطورة بكثير من عواصم مثل بغداد أو بيروت، هناك خندق مائى يمتد حول السفارة. ووفقًا للمجلة البريطانية، فإن تركيز الولايات المتحدة على الأمن له جذوره وأسبابه عندما يتعلق الأمر ببناء سفارات فى لبنان.

فى أبريل 1983، تعرضت السفارة الأمريكية في بيروت لانفجار سيارة مفخخة أمامها، ما أسفر عن مقتل 63 شخصًا من بينهم ثمانية من عملاء وكالة المخابرات المركزية، وتدمير جزء كبير من المبنى.

حينها اتهمت الحكومة الأمريكية حركة حزب الله بأنهم وراء التفجير ومقتل الأمريكيين. وبعد حادثة تفجير السفارة تم نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلى بيروت الشرقية ولكن الموقع الجديد تعرض أيضًا إلى استهداف بسيارة مفخخة أخرى فى 20 سبتمبر 1984 وأسفر عن مقتل 241 من مشاة البحرية الأمريكية و 58 جنديًا فرنسيًا. مما دفعت تلك الهجمات إلى تركيز واشنطن بشكل كبير على الأمن عند تصميم وبناء سفاراتها.

وفى تقرير لوزارة الخارجية، تم تقنين هذا المبدأ عام 1985 من قبل الأميرال المتقاعد حديثًا «بوبى راى إنمان». تضمنت سلسلة من الإرشادات للمبانى الدبلوماسية الأمريكية وللعاملين فيها. وقيل إن المرافق يجب أن تقع داخل محيط واحد جيد الدفاع بعيدًا عن المناطق المكتظة بالسكان.

◄ اقرأ أيضًا | أمريكا تؤكد استعدادها لمواصلة العمل مع الدنمارك لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا

ويقول مساعد وزير الخارجية السابق «إليوت أبرامز»، إن تهديد الإرهاب يمثل مشكلة حقيقية للسفارات الأمريكية، لكن العزلة والمظهر الشبيه بالحصن للسفارات الأمريكية يعطى انطباعًا سيئًا. ولا يتوقع سكان بيروت المحليون الاستفادة من الصرح الجديد.

وتحت عنوان: «ما الفائدة التى ستعود على الولايات المتحدة من بناء ثانى أكبر سفارة على مستوى العالم فى بلد صغير مثل لبنان؟» كانت افتتاحية صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية، التى وصفت ما يحدث بأنه إشارة قوية لإظهار أن الولايات المتحدة متواجدة فى الشرق الأوسط وباقية، من خلال مركز قيادة جديد ضخم بشكل مبالغ فيه، خاصة فى وقت تتكشف فيه انفراجة وعملية سلام مزدهرة فى المنطقة من جراح تسببت فيها واشنطن.

يرى الأستاذ فى معهد دراسات الشرق الأوسط فى جامعة شنغهاى الدولية للدراسات «دينج لونج»، أنه لا تهتم الولايات المتحدة بأن يكون الاقتصاد اللبنانى فى حالة اضطراب منذ عام 2019 أو أن ما يقرب من 80% من اللبنانيين يعيشون فى فقر. لكنها تهتم بموقع لبنان الجغرافى - على الحدود مع سوريا من الشمال والشرق وإسرائيل من الجنوب.

ويعتقد الخبراء أن لبنان، باعتباره مركزًا جيوسياسيًا تقليديًا للشرق الأوسط وخطًا أماميًا للصراع العربى الإسرائيلى، تنظر الولايات المتحدة إلى بلاد الأرز على أنها معقل حدودى لاحتواء حزب الله وإيران. وفى الوقت نفسه، يمكن لواشنطن أيضًا أن تراقب عن كثب الوجود العسكرى الروسى فى سوريا.

فيما يرى الخبير العسكرى الصيني «سونج تشونج بينج»، أنه عند الانتهاء من عملية البناء، ستكون الولايات المتحدة قادرة ليس فقط على جمع قدر كبير من الاستخبارات العسكرية من الشرق الأوسط عبر السفارة الجديدة، ولكن أيضًا اعتبارها قاعدة مهمة لقوات العمليات الخاصة الأمريكية.

وأشار الخبير العسكرى الصينى إلى أن هذه السفارة ستساعد فى تنظيم الثورات الملونة فى دول الشرق الأوسط للإطاحة بالأنظمة المناهضة للولايات المتحدة وتعزيز قوى المعارضة الموالية للولايات المتحدة.

وقال: «بدلا من تعريفها على أنها سفارة، فهى أقرب إلى مقر أمريكي». ولم يتأثر المشروع على ما يبدو بانسحاب الأمريكى من الشرق الأوسط. ولم يتلاش هوسها وعزمها على التدخل فى الشئون الإقليمية والحفاظ على هيمنتها فى الشرق الأوسط. تعمل واشنطن على تعزيز وسائلها الدبلوماسية والاستخباراتية وغيرها من وسائل قوتها الناعمة فى المنطقة. ولكن لم يعد هذا هو السبيل لإنقاذ الهيمنة الأمريكية، ولا يمكن أن يثير المزيد من المشاكل فى الشرق الأوسط أو أى جزء من العالم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة