أبو الهول
أبو الهول


أبو الهول (3).. صدق أو لا تصدق.. الفراعنة هم أول من نقبوا على تمثال أبو الهول

محمد الشماع

الجمعة، 09 يونيو 2023 - 03:07 م

قبل البدء في سرد قصة اكتشاف تمثال أبو الهول لابد من معرفة بعض الحقائق التاريخية، وأهمها أن تاريخ المصريين القدماء ينقسم إلى قسمين، الأول هو عصر الأسرات الذي يبدأ من سنة 3000 قبل الميلاد تقريباً ويستمر حتى دخول البطالمة إلى مصر قبل عصر بداية التقويم الميلادي بقرون قليلة، وعصر ما قبل الأسرات، والذي وفقاً لتقديرات الباحثين وعلماء المصريات قبل سنة 3000 قبل الميلاد، وغير محدد بداية بكل تأكيد. 

أغلب الترجيحات تقول إن أبو الهول تم نحته (وهو اللفظ الأدق) بين عامي 2525 و2532 قبل الميلاد، ما يعني أنه نُحت في عصر الأسرات، ولكن سليم حسن عالم المصريات الكبير في كتابه «أبو الهول» قال إن الفراعنة هم أول من اكتشفوا تمثال أبو الهول، ما يعني أن أبو الهول كان بالنسبة للفراعنة أثر مدفون في الرمل، وهم من اكتشفوه، والشاهد التاريخي على تنقيب المصريين القدماء عن أبو الهول يعود لعهد تحتمس الرابع، وهو أحد ملوك الأسرة الـ18، وقد كُتب على لوحة من الجرانيت  ووضعت قريباً من صدر أبو الهول.

اقرأ أيضا:أبو الهول (2) من كسر أنفه؟.. محمد صائم الدهر أم نابليون أم عوامل التعرية

أما ما هو مكتوب على اللوحة هو إنجازات عملية التنقيب التي تمت في هذا العهد، وأبرز إنجاز هو إزالة الرمال حول التمثال، فضلاً عن وضع حواجز تحفظه من هجوم جديد للرمال.

ثاني عملية تنقيب عن أبو الهول حدثت في عهد رمسيس الثاني، أحد ملوك الأسرة الـ19، وقد قام المنقبون حينها بعملية إصلاحات بسيطة، إلا أن علماء المصريات يؤكدون أن عمليات الإصلاح أو الترميم التي حدثت في عهد رمسيس الثاني هي المسؤولة عن حالة أبو الهول التي صارت أكثر تدهوراً من آثار أخرى تنتمي إلى نفس الزمن الذي نُحت فيه أبو الهول.

سليم حسن يؤكد أن عمليات التنقيب عن أبو الهول كانت مستمرة طوال الدول المتعاقبة، ومنها وقت الإغريق والرومان، وكانت عمليات التنقيب لا تعدو كونها محاولة لإزالة الرمال من حوله. 

الغريب أن المؤرخ هيرودوت صاحب جملة «مصر هبة النيل» والذي جاء إلى مصر أيام الاحتلال الفارسي سنة 525 قبل الميلاد تجاهل أبو الهول في كتاباته، وتحدث فقط عن الأهرامات، رغم قربها الشديد من أبو الهول، فهل لم ير هيرودوت، أبو الهول، بسبب رمال قد غمرته تماماً؟ أم تجاهله عن عمد!


عالم المصريات الكبير سليم حسن في كتابه يرجح أن هيرودوت لم ير أبو الهول لسبب من ثلاثة: الأول هو أن رمالاً قد غمرته تماماً، والثاني أن محاولات الدول المتعاقبة لإصلاح وترميم التمثال بنت حوائط وحواجز منعت هيرودوت من رؤيته، وهذا لم يكن مستبعداً تماماً، لأن الشواهد التاريخية تؤكد وجود حواجز حمت أبو الهول من الرمال لسنوات طويلة من بعد الميلاد.


أما السبب الثالث من وجهة نظر سليم حسن هو أن أبو الهول لم يكن مكانه بالقرب من الأهرامات، وأنه تم نقله بعد زمن هيرودوت من مكان ما إلى مكانه الحالي، وهو سبب ربما يكون مستبعداً بشكل كبير.


أبو الهول نفسه كتمثال تحول في سنوات ما بعد الميلاد إلى صنم وثني، يحج إليه الكثيرون، وهو ما استدعى البعض لإصلاحه والإبقاء عليه، ولكن بعد انتهاء الوثنية في القرن الرابع الميلادي  أُهمل أبو الهول تماماً، وغطته الرمال لفترة طويلة من الزمن.


محاولات التنقيب وكشف أسرار أبو الهول استمرت لسنوات طويلة، بل أن أهم المحاولات كانت مع نهايات القرن الـ18 وبدايات القرن الـ19 والنصف الأول من القرن الـ20، واحتوت على مفاجآت كثيرة، نوردها في الحلقات التالية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة