فى تسريبات ما عرف باسم «وثائق پنما» ظهر اسم إسرائيل 52٫475 مرة! وسجلت الوثائق أسماء 600 شركة على علاقة بإسرائيل و850 مساهماً إسرائيلياً فى شركات مختلفة بخلاف بعض البنوك.

صحيح لم يظهر اسم أحد الساسة الحاليين أو السابقين فى الوثائق، لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية لم تشأ أن تفوت الفرصة دون الإشارة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يمتلك حسابا بفرع البنك الملكى الاسكتلندى فى جزر الـ«كانال» التى توفر ما يسمى بالغطاء الضريبى لعملائها.

الصحيفة فى إشارتها هذه تتحمل وحدها صحة المعلومة ولا تنسبها لوثائق پنما لكنها أدرجتها بصنعة لطافة وسط أحد تقاريرها عن فضيحة الوثائق.

الاقتصاد الخفى

على الرغم من أن كثيراً من الأسماء الإسرائيلية الواردة فى الوثائق ليست مشهورة على مستوى الجمهور الإسرائيلى إلا أن الفضائح التى كشفتها وثائق بنما فيما يتعلق بإسرائيل تتجاوز مسألة التهرب الضريبى وغسيل الأموال، فمثل تلك الجرائم ليست ذات خطورة جنائية فى الدولة العبرية بالقدر الذى يتصوره البعض.

لكن الأهمية التى تحظى بها تلك الوثائق بسبب أنها تلقى الضوء على ما يمكن تسميته بالاقتصاد الخفى لإسرائيل، كما أن ما انكشف بالوثائق عن أدوار سرية وتورط بعض الحاخامات فى صفقات تم بأموال أصحابها الاستيلاء على أراض عربية وضمها للمستوطنات اليهودية يفضح مصادر تمويل هذه الصفقات المشبوهة التى نسبت لرجال أعمال يهود دون التقصى حول حقيقة عملياتهم المالية.

فقد ذكرت الصحيفة أن الوثائق المسربة كشفت عن معطيات مهمة حول صفقة القدس العقارية المزورة مع الكنيسة الأرثوذوكسية فى سنة 2002. وتضمن هذا الاتفاق بنودا يتم بموجبها التخلى عن أراض فى مدينة القدس لصالح إسرائيل ضمن «عقد إيجار» مدته 999 سنة، وقد رعت شركة «الأراضى المسيحية فى إسرائيل» المملوكة لشركة «موساك فونسيكا» البنمية هذا الاتفاق، الذى فشل فى النهاية؛ بسبب خلافات عديدة.

هناك أسماء بارزة من أهم المحامين ورجال الأعمال البارزين مثل المحامى دوڤ ڤايسجلاس مدير مكتب رئيس الوزراء السابق أريئيل شارون وهو المالك الوحيد لشركة «تالافيل جلوبال» التى سجلت فى مايو 2012، لكن تم رهن كافة أسهمها فى ديسمبر من العام نفسه بقرض من بنك ريفايزن فى فيينا. وهناك أيضاً رجل الأعمال دان جرتلر امبراطور الماس والتعدين الإسرائيلى الذى ورد اسمه اكثر من مائتى مرة بالوثائق وهو صديق شخصى للزعيم الكونجولى السابق چوزيف كابيلا وممول رئيسى لشراء السلاح والحروب الداخلية فى ذلك البلد الأفريقي.

وتذكر هآرتس ان الوثائق أظهرت صيغة عقد بين الملياردير الإسرائيلى وشركة اسمها كوليرى رسورسز تعمل فى مجال الاستشارات لصفقة تعدين بالكونجو وتبين ان مديرها هو اسحق أبو حصيرة ابن الحاخام المليونير ديڤيد ابو حصيرة. وتضيف هآرتس فى تقريرها أن مئات الشركات ورجال الأعمال الإسرائيليين البارزين مدرجون فى قوائم پنما المسربة، منهم رجال الأعمال عيدان عوفر، اودى انچل وتيدى ساجى والمحامين يعقوب اينروط وأنهم جميعاً مسجلون كمديرين واصحاب شركات اقيمت فى دول الحصانة أو الغطاء الضريبي.

حصانة ضريبية

جدير بالذكر ان اقامة شركات فى بلاد مصنفة كدول حصانة ضريبية لا يعد فى حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلى طالما ان الضرائب عن هذه الشركات يتم دفعها.

من ثم فإن الذى يجب ان يخشى من التسريبات المتهربون من الضرائب وغاسلو الأموال. وقد بادر رئيس مصلحة الضرائب الإسرائيلية بتصريح ان المصلحة ستقوم بمراجعة الوثائق المسربة فى فضيحة پنما وستقوم بمقارنتها بالإقرارات الضريبية للشركات والأفراد الواردة اسماؤهم فى الوثائق.

المحامون الإسرائيليون يطعنون على هذا التصريح بالتشكيك فى قدرة مصلحة الضرائب على استخدام المعلومات المسربة ضد اصحابها حتى لو ظهر منها شبهات بالتهرب الضريبي. وقال خبير ضرائب بأحد مكاتب المحاماه انه من الصعب الجزم بمغزى التسريبات لأن كثيراً من رجال الأعمال يلجأون لإخفاء نشاطاتهم لأسباب مختلفة وليس بالضرورة ان تكون جنائية.

لكن من جانب آخر فإن كشف التسريبات عن تحويل حجم كبير من الأموال دون مبرر اقتصادى يشير إلى أنه قد لايكون نشاطاً مشروعاً. وفى اسرائيل يوجد تقليد للتصالح الضريبى يسمح للمتهربين بالإفصاح الطوعى عن دخولهم التى أخفوها من قبل ودفع الضرائب عنها دون تقديمهم للمحاكمة. فى هذا الصدد أبلغت شركة موساك ڤونسيكا الپنمية التى تسربت منها كافة الوثائق فرعها فى اسرائيل برسالة صوتية فى الأسبوع الماضى أن ملفات تم سرقتها بعد اختراق أنظمة حواسيبها وأن أى معلومات يتم استخدامها من هذه الملفات سيكون بمثابة سرقة معلومات.

ويبدو هذا التحذير بمثابة الخطوة الأولى فى خطة الشركة البنمية لدعم عملائها وحماية سرية نشاطاتهم.